ملفات وتقارير

إعلاميون فلسطينيون: افتقدنا التأثير في الرأي العام

الإعلام العربي وغياب التأثير
الإعلام العربي وغياب التأثير
في ظل مشاهد الحرب والدمار الذي تخلفه آلة الحرب الإسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة منذ أربعة أيام، برز دور الإعلام الفلسطيني والإسرائيلي في الحشد والاستقطاب، كل يحاول نقل وجهة نظره والدفاع عن مواقفه، وكسب الرأي العام الداخلي والعالمي؛ فكيف كان أداء الإعلام الفلسطيني والإسرائيلي في هذه الحرب؟

يرى أستاذ الصحافة بجامعة النجاح الدكتور فريد أبو ضهير، أن الإعلام الفلسطيني يلعب دورا مهما في تغطية الحرب، ويبدو ذلك من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، وفي متابعة الأحداث أولا بأول ومناقشتها.

يضاف إلى ذلك "الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية التي تتابع الأحداث عن كثب، وتقدم المعلومات أولا بأول. من الواضح أن مواقع التواصل الاجتماعي على المستوى الفلسطيني هي سيدة الموقف، وهناك تلاحم كبير مع أهل غزة في هذه المعركة، وهناك صعود كبير لخيار المقاومة لدى قطاعات واسعة من الناس في ظل الجرائم التي ترتكبها اسرائيل".

ولكن هذا لا يعني حسب أبو ضهير، أنه لا يوجد ثغرات في المتابعة الإعلامية الفلسطينية والعربية، فمثلا "كانت الجزيرة في الحرب على غزة 2012 تقدم قصصا إنسانية، وتتابع معاناة الناس بشكل مفصل، ولكن هناك تراجع هذه المرة في هذا النوع من التغطية الإعلامية. كذلك، قيام بعض المواقع والناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعرض صور مريعة لأشلاء الشهداء أمر غير مقبول، ولا يحقق أي هدف".

أما آلية عمل وسائل الإعلام الإسرائيلية فيرى أبو ضهير في حديث لـ"عربي21"، "أنها تعمل بهدوء تام، وهناك سيطرة على الإعلام، ومنع لنشر معلومات حول مواقع سقوط الصواريخ والخسائر والتحركات العسكرية. "وهذا يعد مستوى عاليا من الأداء في ظل الأزمات. ويترك الإعلام الإسرائيلي مساحة واسعة للرأي والتحليل، الأمر الذي يساعد على فهم ما يدور من أحداث".

وأضاف: "الجانب الإسرائيلي معني بمخاطبة الجمهور الإسرائيلي، وكذلك الرأي العام الغربي، ولا يهمل بالطبع الجانب العربي. ومع أنه خطاب مرتبك في كثير من الأحيان، إلا أن هناك ضعفا في استغلال هذا الارتباك من جانب الإعلام العربي".

الصحفي الإسرائيلي "جندي"

ومن خلال قراءته للإعلام الإسرائيلي، اعتبر المدون والمحلل للشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، أن "الصحفيين الإسرائيليين في الحروب هم جنود بزي مدني ويحملون الميكرفون بدلاً من البندقية، ويحاولون تصوير دولة الاحتلال الإسرائيلي على أنها هي من يتعرض للهجوم وليس قطاع غزة الذي تلقى عليه أطنان من المتفجرات، فالإعلام الإسرائيلي يعمل تحت عنوان واحد هو: دولة تحت النار".

 في المقابل يرى أبو علان في حديث لـ"عربي21"، أن "الإعلام الفلسطيني يغطي الأحداث، ولكن لا يصل للخارج بشكل فعال لنقصان التغطية باللغات الأجنبية، وبالتالي فإن الرواية الفلسطينية لا تصل للعالم أجمع، وهناك إخفاق فلسطيني في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي باللغة الإنجليزية، وقيام البعض بنشر صور مزورة على أنها من غزة، وهي ليست كذلك، ما جعل الإعلام الإسرائيلي والإعلام المناصر للاحتلال يستغلها ضدنا".

الإعلام الإسرائيلي موحد وقت الحرب

الباحث في شؤون الإعلام عاطف شقير، يرى أن الجبهة الإعلامية الفلسطينية تخضع في بعض الأحيان للاعتبارات السياسية والارتباطات الإقليمية والدولية، و"تلفزيون فلسطين الذي يتبع مكتب الرئيس يتأثر بالضغط الأمريكي على سياساته وتغطيته الإعلامية، فمؤخراً  منع برانامج (لأجلكم) الذي تذيعه الإعلامية منال سيف من البث والذي يتبنى آهات الأسرى ومعاناتهم بناء على ضغوط من الجانب الإسرائيلي والأمريكي".

ويضيف أنه "في هذه الحرب الدائرة على غزة هاشم، أبقى تلفزيون فلسطين للحظة من الزمن على دورته الرمضانية دون أن يقوم بالتغطية المطلوبة التي أثارت حفيظة الإعلاميين على مستوى الوطن، وبعد الخطاب الأخير للرئيس محمود عباس الذي دعا فيه الشعب الفلسطيني إلى الصبر والصمود، قام تلفزيون فلسطين بتغطية الأحداث في قطاع غزة على قدر عزيمته".

وأشار شقير إلى فضائيتي "الأقصى" و"فلسطين اليوم"، بالقول: "الفضائيتان متماسكتان في خطابهما الإعلامي الذي يدعو إلى الصمود والوقوف في وجه مخططات الاحتلال، وقد سخرت الفضائيتان كل إمكاناتهما الفنية والتقنية من أجل دعم المقاومة الفلسطينية، وبث الأشرطة التي من شأنها رفع الروح المعنوية للمقاومين وللشعب الفلسطيني الذي يخوض أشرس معاركه مع المحتل الإسرائيلي، وهذا ما تجلى أيضا في بث المؤتمرات الصحفية للقادة العسكريين التي ترفع همم ومعنويات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات".

أما فيما يتعلق بالجبهة الإعلامية الإسرائيلية، يقول شقير لـ"عربي21": "هي جبهة متماسكة زمن الحرب والصراعات، إذ يقف الإعلاميون الإسرائيليون موقف الجندي الذي يدافع عن مواقف قيادته وأهدافها في الحرب، ولا يرون إلا بالعين الأمنية والنظرة العسكرية للأمور، إذ يرون أن من واجبهم الدفاع عن مصالح إسرائيل القومية أمام الإرهاب والعنف الموجه ضدهم".

ولكن برأيه، "هذه الأصوات تبدأ بالردح والنقد وتوجيه اللوم إلى السياسين حينما تضع الحرب أوزارها، وذلك من أجل أخذ العبر والدروس المستفادة من الحروب التي تشنها إسرائيل. خلاصة القول، أن الجبهة الإعلامية الفلسطينية متماسكة إلى حدا ما، ولكن تؤثر عليها المصالح والضغوط الخارجية، أما في إسرائيل فالجبهة الإعلامية متماسكة زمن الحرب ولكن حالها يختلف بعد الحرب".

ضعف الإعلام الفلسطيني في الحشد

بدوره اعتبر الإعلامي خالد معالي في حديث لـ"عربي21"، أن "الحرب الإعلامية قوية كما هي الجبهة العسكرية، فالإعلام الفلسطيني حقق تقدما خلافا للحربين الماضيتين، حيث الحرب النفسية على سكان دولة الاحتلال من خلال بث الرسائل لهم بالرحيل ومن خلال نشر الصور حول جرائم قتل الأطفال".

إلا أن المطلوب برأي معالي هو "الوصول إلى الشارع الغربي والتأثير عليه لوقف الدعم لدولة الاحتلال من خلال الضغط على حكوماتها. الإعلام الفلسطيني يفتقر لحشد الدعم الخارجي، سواء الغربي أم العربي والإسلامي لدعم غزة، حيث إن ما يلزم الغرب من رسالة إعلامية هي غير ما يلزم العالم العربي والإسلامي، وهذا ما يفتقر له الإعلام الفلسطيني  خلال الحرب الدائرة".

ويؤخذ على "الحرب الإعلامية" فلسطينيا بحسب معالي "عدم وجود خطة إعلامية استراتيجية للحرب على غزة تكون فاعلة ومحددة الأهداف، خاصة في تعرية إجرام الاحتلال".
التعليقات (0)