سياسة عربية

ميل لبنانيين لداعش مرتبط بتدخل حزب الله في سوريا

حادثة فندق الحمراء كشفت وجود خلايا نائمة في لبنان - أرشيفية
حادثة فندق الحمراء كشفت وجود خلايا نائمة في لبنان - أرشيفية
قال خبراء في شؤون الأمن والحركات الإسلامية إن لبنان لا يشكل حاليا أي بيئة حاضنة للجماعات التكفيرية، رغم سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مؤخرا على مساحات واسعة من العراق وسوريا وإعلانه "دولة الخلافة"، وكذلك اكتشاف العديد من "الخلايا الإرهابية" في لبنان.

ولفت هؤلاء الخبراء في تصريحات إلى وجود "حالة تعاطف" مع "داعش" في لبنان على خلفية قتال "حزب الله" في سوريا الى جانب قوات نظام بشار الأسد، لكن لا يمكن مقارنتها بالبيئات الحاضنة الواسعة الخارجة عن مناطق سيطرة الدولة في العراق وسوريا، دون أن يعني ذلك توقف العمليات الانتحارية التي عادت لتستهدف الساحة اللبنانية مجددا منذ حوالي أسبوعين بعد "هدنة" دامت حوالي 4 أشهر في البلاد، بحد قولهم.

وقال الشيخ السلفي بلال دقماق، رئيس جمعية "اقرأ" (خيرية إسلامية غير حكومية) وأحد المقربين من الجماعات المتشددة، إن "جبهة النصرة وداعش لم يتدخلا بعد بشكل فعلي في لبنان، لكنهما قريبا سيتدخلان بالشأن اللبناني، وسنترحم على أيام كتائب عبدالله عزام"، في إشارة الى الكتائب التي تعلن مسؤوليتها عن العديد من الهجمات الانتحارية في لبنان وتتوعد "حزب الله" بالمزيد.

وحذر دقماق من أن "النصرة" و"داعش" حين يبدآن عملياتهما في لبنان، فإنها ستشمل كل البيئات المتعاطفة مع "حزب الله"، و"لن تقتصر على المناطق ذات الغالبية الشيعية فقط"، مشيرا إلى أن هذين التنظيمين "ينفذان هجمات انتحارية كبيرة باستخدام كميات من المتفجرات قد تصل إلى ألف كلغ".

ويقود "حزب الله" الشيعي تحالف "8 آذار" المساند للنظام السوري ويعد "التيار الوطني الحر" المسيحي برئاسة النائب ميشال عون من أبرز حلفاء الحزب.

ورأى دقماق أن إعلام "قوى 8 آذار" لعب "دورا كبيرا وناجحا في قلب الصورة"، بحيث أصبحت مدينتي صيدا وطرابلس جنوبي وشمالي لبنان "وكرين للإرهاب، بينما الإرهاب الحقيقي موجود في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب والبقاع"، حيث معاقل "حزب الله"، لأنه هو الذي يرسل آلاف المقاتلين الى سوريا "لقتل الاطفال وهدم البيوت والمشاركة في معركة ليست معركته وعلى ارض ليست أرضه، وهذه هو قمة الإرهاب".

وتابع أن "إرهاب داعش سببه إرهاب حزب الله وأمثاله"، مشددا على "وجود مناصرين لداعش والنصرة في لبنان بسبب الظلم الممارس بحق أهل السنة" في كل من العراق "بسبب إجرام" رئيس الوزراء نوري المالكي، وسوريا وكذلك لبنان "الذي يتعرض أهل السنة فيه للظلم" منذ سنوات، بحد قوله. 

وحذر دقماق من أن كل هذا يحول لبنان إلى "بيئة حاضنة" لداعش خصوصا مع تدخل حزب الله في سوريا والعراق، معتبرا أنه إذا استجاب الحزب لدعوات الخروج من سوريا فإنه "سيخفف من وطأة الهجوم عليه أو ربما لن يكون المستهدف الأول".

ورأى أنه "لا فرق بين داعش والنصرة والقاعدة في الأهداف والرؤية بل بوسائل التعاطي مع الأمور"، وانتقد إعلان الخلافة من قبل "داعش"، واصفا إياها بأنها "خطوة مستعجلة وليست في وقتها ولا أعتقد أنها مناسبة الآن، فليس هناك من مقومات دولة أو مقومات توفير الأمن لهذه الدولة".

وفي هذا السياق، رأى أمين حطيط العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والخبير العسكري المقرب من حزب الله أن "إعلان دولة الخلافة من قبل "داعش" ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة لها، أثرت سلبا على البيئة الحاضنة للجماعات التكفيرية في المناطق ذات الثقل السني في لبنان".

وقال حطيط إن "إعلان هذه الخلافة وتهديدات الجماعات التكفيرية بإقحام لبنان في أتون الحرب المذهبية في المنطقة أثارت قلقا عند البيئة السنية، كما أشعلت الخلافات بين الجماعات السلفية نفسها، ما أدى بدوره إلى ضعف البيئة الحاضنة للتكفير والجماعات الإرهابية".

وأوضح أنه منذ "بدء الحراك السوري كانت المناطق ذات الثقل السني والمخيمات الفلسطينية تشكل بيئة حاضنة للجماعات التكفيرية وأدت سواء في الشمال أو البقاع دورا مهما لمصلحة تأمين المأوى والملاذ الآمن لهذه الجماعات".

لكنه أضاف أن هذا الوضع تغير مع وصول تيار المستقبل، الذي يقود تحالف "14 آذار" المناصر للثورة السورية ويرأسه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، إلى السلطة، في إشارة إلى مشاركة وزراء من تيار المستقبل في الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء تمام سلام شهر شباط/فبراير الماضي بعد أن تم إقصاء الحريري نفسه عن الحكم في العام 2011، والذي بات يعيش خارج لبنان بسبب تهديدات أمنية ضده.

واعتبر حطيط أن "العديد من قيادات تيار المستقبل ولأسباب عديدة غلّبوا النزعة السلطوية على النزعة الطائفية" وبالتالي خفت البيئة الحاضنة في مناطق نفوذ هذا التيار وأكثرها ذات غالبية سنية.

وأوضح أنه مع ذلك فإن "بعض المناطق ذات النزعة السلفية ما زالت توفر بيئة حاضنة واضحة مثل جزء من (بلدة) عرسال (على الحدود الشرقية مع سوريا) وطرابلس ومناطق من عكار (الشمالية) والمخيمات الفلسطينية"، رغم أن هذه البيئة "لا تمثل أكثر من 10-15% في المناطق ذات الثقل السني وبالتالي 5-7% من مجمل الأراضي اللبنانية".

واستبعد حطيط استمرار المخيمات الفلسطينية في القيام بلعب دور "ملاذ آمن للخلايا الإرهابية" في لبنان ذلك أنه "بعد إعلان الدولة الإسلامية لن يكون الفلسطينيون قادرين على تحمل تكلفة البقاء كبيئة حاضنة للإرهاب".

وشدد في الوقت نفسه على أن مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، وهو أكبر المخيمات في لبنان، "لن يكون ‘نهر بارد‘ آخر"، في إشارة إلى المعارك التي خاضها الجيش اللبناني ضد تنظيم "فتح الإسلام" المتشدد في العام 2008 حتى القضاء عليه في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال البلاد.

ولفت حطيط إلى أنه لا مقارنة بين المخيمين حيث إن "التوازنات العسكرية داخل مخيم عين الحلوة وكذلك الإجراءات الأمنية من قبل الجيش خارجه تمنع أي انفلات أمني".

وأبدى حطيط اطمئنانه للوضع الأمني اللبناني الذي وصفه بالـ"متماسك"، وقال "قد يهتز لكنه لن يسقط".

ومن جانبه، قال مصدر قضائي مطلع على التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية اللبنانية، بخصوص "الخلايا الإرهابية" التي تهدد وتستعد لتنفيذ هجمات انتحارية في البلاد، بعد توقيف شخصين مؤخرا إثر مداهمة فندقين ببيروت، إن "التحقيقات مع موقوفي الخلايا الإرهابية أثبتت أن لبنان ليس أرضا خصبة للجماعات التكفيرية وداعش".

وكان الأمن اللبناني نجح في توقيف فرنسي في أحد فنادق بيروت اعترف بانتمائه لـ "داعش" وأنه كان ينتظر الأوامر لتنفيذ عمل انتحاري، وبعدها بأيام داهم الأمن فندقا آخر لاعتقال إرهابيين اثنين فجر أحدهما نفسه، بينما أشارت التحقيقات مع الثاني إلى أنهما كان سينفذان هجومين انتحاريين بمنطقة الضاحية الجنوبية للعاصمة، ذات الغالبية الشيعية والمعقل الرئيسي لحزب الله.

وأوضح المصدر أن غياب هذه البيئة الحاضنة جعلت "عناصر الخلايا (الإرهابية) في لبنان يتنقلون بصعوبة كبيرة ولا يجدون مساعدة هامة".

لكنه أقر بسعي هؤلاء في هذه المرحلة إلى "خلق أرض خصبة حتى إذا أرادت داعش لاحقا دخول لبنان"، مشيرا إلى أنهم "فشلوا حتى الآن بذلك وهناك رفض من الناس".

وأضاف أنه حتى "المتعاونين مع داعش" مثل الفلسطيني نعيم عباس، الذي أوقفته القوى الأمنية منذ أشهر وكان مسؤولا عن نقل السيارات المفخخة إلى لبنان وتوزيعها على الانتحاريين وتحديد الأهداف لهم، "يفعلون ذلك مقابل المال حيث يتلقون مبالغ مالية كبيرة وليس عن عقيدة أو إيمانا منهم بمشروع داعش".

ولم يخف المصدر وجود تعاطف مع "داعش" على "مستوى الأفراد لكن ليس كبيئة حاضنة وشعب"، نتيجة "الشحن الطائفي" بالإضافة إلى "مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا" وبشكل علني منذ أوائل العام الماضي.
التعليقات (0)