ملفات وتقارير

كيف ساعد داعش قوات الأسد لدخول "الشيخ نجار" بحلب؟

داعش ترك مدينة الشيخ نجار الصناعية للنظام - أرشيفية
داعش ترك مدينة الشيخ نجار الصناعية للنظام - أرشيفية

على حين غرة، انسحب عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من قرى تحيط بمدينة الشيخ نجار الصناعية شمال شرق حلب، لتتقدم قوات النظام السوري داخل المنطقة التي عجزت عن إحراز أي تقدم فيها منذ شهور، حيث سيطرت على قسم كبير من هذه المدينة الصناعية.

وتقع هذه المدينة الصناعية التي تعد أكبر المدن الصناعية السورية على بعد 15 كلم شمال شرق حلب، بين محوري طريق الباب القديم وطريق المسلمية القديم، وتمتد على مساحة 4412 هكتارا. وهي تطل على أحياء حلب الشرقية والشمالية، كما تطل على ريف حلب الشمالي. وكل هذه المناطق خاضعة لسيطرة الثوار.

وبعد هذه التطورات، قال سكان في شرق حلب إنهم بدؤوا بالرحيل من المنطقة. وأبلغ أحد السكان في حي طريق الباب "عربي21" أن جيرانه غادروا منازلهم بالفعل باتجاه الريف، في حين قال إنه يفكر بالمغادرة إلى تركيا لأن الوضع لم يعد آمنا.

وتفيد المعلومات أن قوات النظام السوري أطبقت على المدينة الصناعية من ثلاث جهات، بعدما تسللت إليها من قرى شامر والمقبلة والرحمانية والشيخ زيات والزرزور. وكانت هذه القرى، وهي تلال مرتفعة تحيط بالمدينة الصناعية من الشرق والجنوب، تحت سيطرة عناصر داعش التي انسحبت من المنطقة فجأة لتسمح لقوات الأسد بالمرور. وترافق ذلك مع قصف جوي عنيف على المدينة الصناعية. كما شمل القصف أحياء حلب الشرقية، لا سيما مساكن هنانو والصاخور التي قصف فيها أيضا مشفاها الميداني، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا والمصابين.

وتنقسم المدينة الصناعية إلى ثلاث فئات، وقد سيطرت قوات النظام الخميس على الفئة الثالثة التي تقع من جهة الشرق، ثم تقدمت باتجاه الفئة الأولى غربا، وهو ما يعني السيطرة على جنوب المدينة الصناعية والمحاذية لها مثل مناشر الحجر والقرى التي انسحب منها داعش، فيما لا تزال الفئة الثانية التي تقع على مقربة من الفئة الأولى شمالا خارج سيطرة النظام في مرمى النيران. وتفيد المعلومات بأن قوات الأسد بدأت باستهداف مخيم الحندرات للاجئين الفلسطينيين شمال حلب بالقذائف.

وكانت المدينة الصناعية إحدى أكثر المناطق تحصينا بالنسبة للثوار، ولذلك اتخذت فيها مقر للمجلس المحلي لحلب، كما تمركزت فيها مؤسسات إعلامية ثورية.

وفي حال سيطرت قوات النظام السوري على المنطقة بشكل كامل، فإن ذلك سيعني قطع طريق رئيسي للثوار عند المدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب وصولا إلى الحدود التركية شمالا. كما أن النظام السوري سيستغل الطبيعة المرتفعة للمنطقة لنصب مدافعه وقصف مناطق شمال وشرق حلب.

وفي وقت سابق، تمكنت قوات الأسد من فك الحصار عن سجن حلب المركزي الذي كانت تفرضه الفصائل المقاتلة منذ نحو سنة، إضافة إلى السيطرة على قرى مثل البريج وحيلان، وبالتالي قطعت خطا آخر لإمداد الثوار في حلب.

وتشهد مدينة حلب معارك مستمرة منذ صيف تموز/ يوليو عام 2012. وتنقسم السيطرة على أحيائها بين النظام في الأحياء الغربية، والثوار الذين يسيطرون على الأحياء الشرقية. أما الريف، فتتقاسمه الفصائل المقاتلة (في الشمال والغرب) وداعش (في الشرق).

وكانت قوات الأسد قد بدأت هجومها العكسي أواخر العام الماضي بعدما استعادت، مدعومة بعناصر من حزب الله وميلشيات شيعية أخرى، السيطرة على بلدة السفيرة جنوب حلب، وبالتالي فتح خطوط الإمداد الرئيسي من حماة جنوبا، لتتقدم وتفك الحصار عن مطار حلب الذي تستخدمه الآن كمصدر أساسي للإمداد، ومنه تم التقدم شمالا باتجاه المدينة الصناعية، في محاولة من جانب النظام السوري للإطباق على مدينة حلب وحصارها، مثلما حصل مع المناطق الأخرى.

وبينما يُتهم داعش بأنه سمح لقوات بالمرور إلى مدينة الشيخ نجار الصناعية، بدأ التنظيم بمحاولة التوسع في ريف حلب الشرقي في مناطق تخضع لسيطرة الثوار أو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، بعد سيطرته على ريف دير الزور (شرق) بالكامل، بما في ذلك كبرى الحقول النفطية، واستقدام تعزيزات من العراق إلى المنطقة.
    
وأحكم التنظيم الخميس؛ سيطرته على قرية "زور مغارة" التابعة لمدينة جرابلس قرب الحدود التركية، عقب اشتباكات مع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، استخدم فيها التنظيم أسلحة ثقيلة، ثم قام برفع رايته في المنطقة، حيث يمكن لسكان قضاء "قارقامش" التركي رؤيتها.

والجمعة سيطر داعش على قريتي الزيارة والبياضة المجاورتين لقرية زور مغارة، والتابعتين لمدينة عين العرب (كوباني)، بعد معارك مع قوات الاتحاد الديمقراطي الكردي.

وفي المقابل، شنت طائرت النظام السوري غارات على مناطق يسيطر عليها الثوار في ريف حلب، وشمل القصف مارع وتل رفعت ومناطق محيطة بالأتارب.

ويقضي سكان مدينة حلب شهر رمضان تحت ظروف معيشية صعبة، بسبب القصف الجوي والبري الذي تنفذه قوات النظام السوري على وسط المدينة.

وتعرّض قسم كبير من مساجد المدينة إلى أضرار جسمية، كما لا تقام الصلوات فيها، بسبب الهجمات التي تنفذها طائرات ودبابات الجيش السوري ضد الأحياء الواقعة تحت سيطرة الثوار في حلب.  

وتفيد مصادر محلية أن قوات الأسد قامت بتدمير بعض المساجد الواقعة سواء على خطوط الجبهات أو حتى بعيدا عنها، فيما ينظر سكان المدينة باستياء وغضب لاستهداف قوات النظام لمآذن الجوامع بحجة إمكانية تمركز قناصين فيها.

يذكر أن قرابة 2000 جامع دُمّرت بالكامل أو تعرضت للضرر في سورية نتيجة القصف، منذ 15 آذار/ مارس 2011.

وتهاجم قوات الأسد الأحياء الواقعة تحت سيطرة الثوار في حلب بالبراميل المتفجرة على مدار الساعة. ويقل نشطاء إنه بات من المستحيل رصد أي شخص في العديد من المناطق بالمدينة، في حين باتت قوات النظام باتت تستهدف وسائط النقل العامة وتقاطعات الشوارع فيما يبدو محاولة لدفع الناس للرحيل أو الضغط عليهم لكي يقبلوا بعقد هدنة أو "مصالحات" كما حدث في مناطق أخرى في ريف دمشق وحمص.
التعليقات (0)