أثار إعلان تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام-
داعش" إقامة الخلافة الاسلامية ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة على هذه الدولة، الكثير من علامات الاستفهام وردود الفعل والمخاوف والتوقعات المستقبلية.
فبعض المواقف شككت بهذا الإعلان وتحدثت عن وجود جهات دولية وإقليمية تقف وراء "داعش" وهي تريد دفع المنطقة نحو صراع مذهبي كبير، في حين شككت العديد من القيادات والحركات الاسلامية بشرعية هذا الإعلان واعتبرت أن إعلان إقامة الخلافة لا يتم بهذا الأسلوب، في حين أن أوساطا مراقبة اعتبرت أن هذا التطور سيكون له تداعيات خطيرة جيو-سياسية واستراتيجية وعسكرية لان هذه الدولة تمتلك قدرات عسكرية ومالية وبشرية كبيرة وهي قادرة على فرض سيطرتها على مساحات واسعة على الارض، واذا نجحت هذه الدولة في تثبيت واقعها على الأرض في ظل عدم وجود قوى دولية أو
إقليمية غير قادرة أوغير راغبة على مواجهتها فهذا يعني اننا سنكون أمام واقع تقسيمي جديد في المنطقة مما يمهد لقيام دولة كردية ودول طائفية ومذهبية اخرى في المنطقة وهذا هو الحلم الصهيوني منذ سنوات طويلة.
لكن كيف تنظر الاوساط الاسلامية في لبنان لما حصل ؟ وماهي الاحتمالات المتوقعة في المرحلة المقبلة؟
مصادر قيادية اسلامية في لبنان تعتبر : أن ماجرى من إعلان للخلافة الاسلامية من قبل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) يشكل تطورا خطيرا على مستوى كل المنطقة وبغض النظر إذا كانت (داعش) تتحرك بقرار ذاتي أو أن هناك جهات إقليمية ودولية تقف ورائها، فإن هذا الاعلان سيفتح الباب في المنطقة على صراع مذهبي- عرقي – قومي كبير لأننا سنكون أمام دولة سنية تحيط بها دولة كردية وقد نكون أيضا أمام دول شيعية وعلوية في العراق وسوريا، إضافة لوجود الجمهورية الاسلامية الايرانية التي ينظر اليها الكثيرون أن لديها مشروعا شيعيا أو فارسيا للسيطرة على المنطقة، بغض النظر عن دقة هذا الوصف، ويحيط بكل ذلك دول أخرى تواجه تحديات مختلفة كالأردن والسعودية وتركيا.
وتضيف المصادر: كل هذا الواقع سيفتح الباب أمام صراعات مذهبية-عرقية-
قومية وسيكون الكيان الصهيوني (ومن ورائه أميركا ) المستفيد الاول من هذه الصراعات لأن ذلك سيمهد لقيام الدولة اليهودية وطرد الفلسطينيين من أراضي 1948 وبعض مناطق الضفة الغربية باتجاه الاردن كي يكون هذا البلد مع بعض الأراضي الفلسطينية " الكيان الفلسطيني المستقبلي"، كما ستتحول المنطقة الى ساحات صراعات مذهبية وعرقية مستمرة ولا أحد يعرف إلى أين سنصل بعد ذلك.
لكن هل هناك خيارات أخرى لمواجهة هذا الاحتمال؟ تجيب المصادر القيادية الاسلامية: أن قطع الطريق أمام هذا السيناريو الخطير للأوضاع في المنطقة يتطلب الاسراع في البحث عن تسوية شاملة تشمل كل ملفات المنطقة وخصوصا على صعيد الاوضاع في سوريا والعراق بحيث يتم تقديم تنازلات كبيرة من الأطراف الاساسية لوقف الصراع في هذين البلدين والعمل من أجل إعادة بناء السلطة وإشراك جميع المكونات الاساسية في هذا المشروع، وكل ذلك يتطلب اتصالات سريعة بين الدول الاساسية في المنطقة وخصوصا ايران والسعودية وتركيا ومصر للبحث عن حلول سريعة لمختلف الازمات ودراسة كيفية تجاوز هذه الازمة ومحاصرة تنظيم (داعش) قبل ان يمتد خطره الى كل دول المنطقة.
ومع أن المصادر القيادية الاسلامية تعترف بصعوبة هذا الحل أو التسوية بسبب تداخل العوامل الدولية والاقليمية والمحلية في الصراعات القائمة وازدياد الحالة المذهبية والطائفية في المنطقة واستمرار الصراع العسكري في سوريا والعراق، فان هذه المصادر تؤكد على ضرورة المسارعة في الاتصالات واللقاءات بين مختلف الاطراف الفاعلة في المنطقة لان فرصة الحل لا تزال موجودة اليوم اما اذا تصاعد الصراع المذهبي في الايام المقبلة فاننا سنكون امام مخاطر كبرى لا احد يعلم الى اين ستوصلنا.