قالت دراسة أعدها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أنه وفي أعقاب سيطرة المقاتلين من تنظيم "الدولة الإسلامية في
العراق والشام" (داعش) على مدينة الموصل قبل أسبوعين وتصويب أنظارهم على العاصمة العراقية بغداد، عرض زعيم "
حزب الله" اللبناني حسن نصر الله إرسال مقاتلين إلى العراق للمساعدة في مواجهة المدّ الجهادي، الأمر الذي قد يكون له أثر كبير في العراق نظراً إلى عمليات الحزب الخاصة وأنشطته التدريبية في البلاد سابقاً وعلاقاته الوثيقة مع "
فيلق القدس"
الإيراني النخبوي.
نوايا وقدرات
وبحسب الدراسة التي أعدها ماثيو ليفيت ونداف بولاك فقد قال حسن نصر الله: "نحن مستعدون أن نقدم شهداء في العراق خمسة أضعاف ما قدمنا بسوريا فداءً للمقدسات"، مشيراً إلى أنّ المقدسات العراقية "أهم بكثير" من المقدسات الشيعية في
سوريا.
كما خلُص تقرير وضعته الحكومة الأسترالية عام 2009 إلى أنّ "حزب الله أنشأ في العراق قدرات متمرّدةً شاركت في عمليات اغتيال وخطف وتفجير، وقد تمّ إنشاء وحدات حزب الله بتشجيع وموارد من قبل "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني".
وسوف يطلب "فيلق القدس" على الأرجح مبادرةً مماثلة من الحزب حالياً لمساعدة الحكومة العراقية بزعامة الشيعة، الأمر الذي يحوّل هذه القدرات ضدّ "داعش" إلى فوائد بعيدة الأثر على الميليشيات الشيعية العراقية كما يحتمل.
من جهته استبعد الكاتب اللبناني قاسم قصير في حديث لـ"عربي 21" أن يتدخل الحزب في العراق بإرسال عناصر بشرية مؤكدا أن العراق لا ينقصه العنصر البشري نهائيا وأن التدخل قد يكون استشاريا ولوجستيا في الوقت الحالي على الأقل، وأن تركيز الحزب حتى الآن على الحل السياسي.
وقال قصير إن المعركة في سوريا تختلف عنها في العراق حيث لا يوجد للعراق امتداد طبيعي مع لبنان كما هو الحال في سوريا وأن التدخل في سوريا جاء تدريجيا وعلى مراحل ولم يكن تدخلا مباشرا.
غير أنه أكد أن الحزب لديه مبرراته للتدخل في العراق كحماية المقدسات الشيعية والمراقد إلى جانب اعتبار المعركة على أرض العراق وسوريا معركة واحدة لأن العراق يمثل "طريقا" بين إيران وسوريا.
النشاط السابق في العراق
وتشير الدراسة إلى أنه ابتداء من عام 2003، طلب "فيلق القدس" الإيراني خدمات "حزب الله" للمساعدة على زيادة نفوذ طهران في العراق. وتحقيقاً لهذه الغاية، أنشأ "حزب الله" الوحدة 3800، التي كان الغرض الوحيد منها دعم الجماعات المسلحة الشيعية العراقية في استهداف القوات المتعددة الجنسيات المتمركزة في البلاد. وقدّم "حزب الله" أيضاً الأموال والأسلحة للميليشيات العراقية، ولكن كانت مساهمته الأكثر خطورة في مجال العمليات الخاصة. ووفقاً لتقرير لوزارة الدفاع الأمريكية من عام 2010، قدّم الحزب اللبناني لهذه الميليشيات "التدريب والتكتيكات والتكنولوجيا لإجراء عمليات الخطف وعمليات الوحدات الصغيرة التكتيكية" وشملت التدريبات المقدمة من "حزب الله" أيضاً "استخدام العبوات الناسفة اليدوية الصنع المتطورة، مطبّقاً الدروس المستفادة من عملياته في جنوب لبنان."
الوضع الراهن
أما في الوضع الراهن فقالت الدراسة إنه ومنذ انسحاب القوات الأمريكية والقوات المتعددة الجنسيات من العراق، تمّ وضع الوحدة 3800 للعمل في أماكن أخرى في المنطقة، وفي اليمن بشكلٍ رئيسي. وقد ساعد أفراد "حزب الله" و"فيلق القدس" الحوثيين على محاربة الحكومة. وتشير التقارير الواردة من وزارة الخزانة الأمريكية وصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنّ عناصر "حزب الله" و"فيلق القدس" قاموا بتنسيق عملياتهم في اليمن، إذ كان "حزب الله" مسؤولاً عن تحويل الأموال وتدريب المسلحين الشيعة، بينما كان "فيلق القدس" مسؤولاً عن نقل أسلحة متطورة مثل الصواريخ المضادة للطائرات.
قائد الوحدة 3800
وإلى جانب تفرّعها إلى اليمن، تلقت الوحدة 3800 – بحسب المعهد- المزيد من التعزيز لقدراتها وهيبتها في العام 2012، عندما تم تعيين الحاج خليل حرب، وهو قائد في "حزب الله" منذ فترة طويلة ومستشار مقرب لحسن نصر الله، لقيادتها.
والحاج خليل عميل ذو خبرة، وقد شغل مناصب رئيسية عدة، وخاصة في مجال العمل مع منظمات "إرهابية" أخرى والإشراف على العمليات الخاصة، وقد شغل منصب نائب قائد الوحدة العسكرية المركزية لـ "حزب الله" في جنوب لبنان في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، سافر حرب إلى إيران مرات عدة بحكم دوره كمنسّق بين "حزب الله" والفلسطينيين وطهران. وبعد أن وقفت الاستخبارات الأمريكية على دوره في اليمن واتّضح لها ذلك، فرضت الوكالة عقوبات عليه في آب/أغسطس 2013 بسبب تاريخ أعماله الطويل.
وختمت الدراسة بالقول إن الحرب في سوريا تتطلب التزاماً كبيراً من "حزب الله" من ناحية الأفراد والأسلحة، وقد فقد الكثيرون من مقاتلي الحزب حياتهم بالفعل من خلال مساعدتهم لنظام الأسد. ولكن بالنظر إلى استعداده لتلبية دعوة إيران للمساعدة في سوريا، فإنّ "حزب الله" قد يلبّي الدعوة للقتال في العراق أيضاً. وقد بدأ حسن نصر الله بالفعل بتمهيد الطريق لتبرير هذه المشاركة من خلال التذرع بنفس العذر الفارغ المتمثل بـ "الدفاع عن الشيعة والأماكن المقدسة الشيعية."