حول العالم

وفاة المفكر المغربي المنجرة بعد عقود من الإهمال

المفكر المغربي الراحل المهدي المنجرة - أرشيفية
المفكر المغربي الراحل المهدي المنجرة - أرشيفية
عن عمر ناهز 81 سنة توفي بالرباط الجمعة، العالم والمفكر المغربي والمنظر المستقبلي المهدي المنجرة، في صمت بعد صراع طويل مع مرض "باركنسون" دام لسنوات، وسط إهمال رسمي لم يبدده غير الاحتفاء الوطني والشهرة والألقاب التي تعدت كل الحدود القارية، لرجل تنبأ بأحداث كبرى قبل وقوعها كالحرب على العراق.

هكذا أزف رحيل المنجرة عالم الدراسات المستقبلية الذي يعتبر أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية، الذي رصعت أكتافه بأكثر من جائزة دولية ووطنية في أكثر من بلد، جال كثيرا في دهاليز المنظمات الدولية وبلغ بداخلها أسمى المناصب، وفق من عرفوه.

الأيقونة المنجرة الذي رأى النور بالعاصمة المغربية الرباط، أتم دراسته الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية، وساهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس خلال أربعين سنة أكبر معهد للأبحاث المستقبلية والاستراتيجية في العالم، كما أنه تولى عمادة الجامعات اليابانية في التسعينيات، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية مستقبلية للعديد من الدول الأوروبية.

واعتصر قلوب ملايين الناس من العامة والخاصة بالداخل كما بالخارج، الألم لفقدان أحد من يعتبرونه من مفاخر المغرب الحديث وأعمدته العلمية، وما أكدته عائلته من معاناته من حالة صحية جد حرجة خلال الأشهر القليلة الأخيرة ضمن سنوات لا يغادر فيها فراشه، حيث لم يكن  يستطيع معها التحرك ولا الكلام، وهو الأمر الذي منع عددا من مُحبيه ومعهم الأساتذة داخل وخارج المغرب، من اللقاء به والاطلاع عن قريب على أوضاعه.   

اشتهر المنجرة بكونه المؤلف الذي نفدت طبعة كتاب له في اليوم الأول من صدورها، واعتبرت كتبه الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و1990.

كما أنه عرف بمواقفه المثيرة للجدل الموجهة لعدد من المنظمات الدولية، التي جال كثيرا في دهاليزيها، عربيا ودوليا. 

حصل المنجرة بعد الدراسة في الولايات المتحدة، على الإجازة في الكيمياء والعلوم السياسية، وتولى مهمة مدير الإذاعة والتلفزيون المغربي سنة 1954، إضافة إلى شغل عدة مناصب علمية رفيعة، وساهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وحاز جوائز علمية وطنية ودولية كبرى. 

"المنجرة لم يمت".. هذا حديث المحزونين عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، ويجمع المعزُّون على أن الفقيد رحل جسدا وبقي روحا وعلما بمواقفه المعادية للصهيونية، وكتبه المناصرة للحرية والعدالة بين الإنسانية.
 
وقبل عدة شهور أطلق عدد من الطلاب والباحثين والأساتذة الجامعيين من محبي الراحل، حَملَة إلكترونية لمساندة عالم المستقبليات المغربي المنجرة، بعد دخوله في حالة صحية حرجة، وهي الدعوة التي انطلقت تحت اسم "معا من أجل تكريم الدّكتور المهدي المنجرة بالمغرب"، واختارت يوم 13 آذار/ مارس يوما عالميا للاحتفاء بالمنجرة، وتطالب من خلاله بفكّ الحظر والمنع وإزالة التهميش الذي يطاله نتيجة مواقفه الوطنية. 

يشار إلى أن المنجرة كان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية والأكاديمية الأفريقية للعلوم والأكاديمية العالمية للفنون والآداب، وألف العديد من الكتب والدراسات في العلوم الاقتصادية والسوسيولوجيا، ومختلف قضايا التنمية والعلاقات الدولية؛ وتبقى من أهم مؤلفاته "نظام الأمم المتحدة" (1973) و"من المهد إلى اللحد" (1981) و"الحرب الحضارية الأولى" (1991) و"حوار التواصل" (1996)، و" عولمة العولمة" (1999)، و"انتفاضات في زمن الذلقراطية" (2002) و"الإهانة في عهد الميغاإمبريالية" (2004)، و آخرها كتاب "قيمة القيم" (2007).
التعليقات (0)