ملفات وتقارير

دراسة لمعهد واشنطن: هل تنزلق ليبيا إلى حرب أهلية؟

أوصى المعهد أمريكا بالتركيز على الحوار ولجنة الستين بمسعاها لإحلال الوفاق
أوصى المعهد أمريكا بالتركيز على الحوار ولجنة الستين بمسعاها لإحلال الوفاق
قال الباحث في  معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى اليميني، أندرو أنجل، إن الصراع الدائر في ليبيا بين القوى الإسلامية، وتحالفات أخرى متصارعة معها منذ مدة طويلة، تحول لعمل عسكري تركز في بنغازي وطرابلس، وهو الأمر الذي بات يجر البلاد إلى مستنقع الحرب الأهلية.

وأكد أنجل، في مقال نشره المعهد على موقعه الإلكتروني، أن "الجنرال السابق خليفة حفتر بدأ في 16 أيار/ مايو بما سماه معركة "كرامة ليبيا" في بنغازي بهدف "تطهير المدينة من الإرهابيين". وجاء هذا التحرك بعد ثلاثة أشهر من إعلانه عن انقلاب لم يستطع تنفيذه. ومنذ الجمعة قامت وحدات من الجيش موالية لحفتر بمخالفة أوامر اللواء الركن سالم العبيدي الذي سمى العملية "انقلابا". كما قامت قوات موالية أخرى بالزنتان بإيصال العملية لطرابلس مما يقرب البلد إلى شفير حرب أهلية ويعقد الجهود الأمريكية لإحداث استقرار في ليبيا ما بعد القذافي". 

 وأضاف الكاتب أن "الخلاف الرئيسي بين الإسلاميين وغيرهم يكمن في ادعاء كل منهما أنه كان القلب الحقيقي لثورة عام 2011. وقد هيمنت الفصائل الإسلامية مثل الإخوان الملسمين وحزبهم العدالة والبناء وكتلة الوفاء لدماء الشهداء على المؤتمر الوطني العام منذ صيف 2013؛عندما مرروا بالقوة قانون العزل السياسي الذي يحظر كل أعضاء نظام القذافي، حتى اللذين شاركوا في الثورة من المشاركة في الحكومة لمدة عشر سنوات. وهو ما تسبب في طرد عدد من أعضاء ائتلاف القوى الوطنية الأكثر علمانية من المؤتمر الوطني العام.

كما أن موظفي الحكومة من الدرجات المتوسطة إلى العليا تم تهميشهم، كما تم تحييد الجيش وخول المؤتمر المليشيات الإسلامية شبه الرسمية والغير رسمية حماية البلاد". 

وبحسب انجل "تعمل القوى الإسلامية تحت وزارة الداخلية ورئيس الأركان العبيدي ويؤيدون رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين. كما أن الوحدات القوية تضم (درع ليبيا) على مستوى ليبيا وهناك ألوية متطرفة في بنغازي وألوية مختلفة في شرق طرابلس مثل غرفة عمليات ثوار ليبيا ووحدات من اللجنة الأمنية العليا. فيما تعمل القوى الأخرى بشكل عام تحت وزارة الدفاع، وتمثلهم قوات ليبيا الغربية مثل ألوية القعقاع ومدني والصاعقة. كما أن دعاة الفيدرالية مثل إبراهيم الجذران يعادون الإسلاميين أيضا". 

وأشار الكاتب "كان من المقرر حسب الدستور انتهاء صلاحيات المؤتمر الوطني العام في 7 شباط/ فبراير، ولكن المؤتمر مددها حتى نهاية العام. وقبل التمديد هددت القوى المناوئة للإسلاميين في الزنتان، والتي تعارض قانون العزل السياسي والتيار الإسلامي بشكل عام، بحل المؤتمر الوطني العام، ومنذ ذلك الحين أدى التصويت المشكك في صحته إلى طرد رئيس الوزراء السابق علي زيدان في 11 آذار/ مارس، واستبداله بالمرشح المدعوم ن الإسلاميين أحمد معيتيق".

وأوضح "في 18 أيار/ مايو هاجمت قوات الزنتان المؤتمر الوطني العام، وحاولت حجز المندوبين وحل المؤتمر بالقوة، وقال محمد الحجازي المتحدث باسم حفتر لتلفزيون ليبيا الأحرار، هذا البرلمان يؤيد الكيانات الإسلامية المتطرفة والهدف هو اعتقال الإسلاميين الذي يلبسون ثياب السياسية".

ونبه الكاتب إلى أنّ " الناس قد سخروا في ليبيا من إعلان الانقلاب في 14 شباط/ فبراير لضعفه. ولكن الضابط المسرح والذي قاد سابقا قوات القذافي في حرب تشاد الكارثية يراه بعض الليبيين النسخة الليبية من عبدالفتاح السيسي، وتعافى من نكسته بالتوجه إلى شرق ليبيا حيث سافر من سرت إلى طبرق بالقرب من الحدود المصرية متعكزا على معاداته للإسلاميين، ويجند الجنود الساخطين وأبناء القبائل. ومن الأشياء التي يتهم فيها الإسلاميين في المؤتمر الوطني العام هو إعاقة تعافي الجيش، وعدم فعل شيء لمواجهة حملة الإغتيالات ضد أعضاء المؤسسة الامنية. كما أنه تحدث عن إنشاء مخيمات لمحاربة الإرهاب وكسب تأييد القوات في قواعد الطيران في لبرق وبنينا وطبرق". 

ووفقا لأنجل "كان تحرك حفتر الأخير في بنغازي ضد الإسلاميين موجه ضد أنصار الشريعة في ليبيا والتي تعتبرها أمريكا منظمة إرهابية وميلشيات اسلامية أخرى . وبحسب قناة "الجزيرة" فإن قوات حفتر تتضمن قوات جوية وحوالي 6000 جندي ومؤيدين قبليين أقاموا حواجز خارج بنغازي. وكرد فعل قرر المؤتمر الوطني فرض منطقة حظر للطيران فوق بنغازي ولكنن بقليل من الجدوى فالتهديد الحقيقي يأتي من الأسلحة المضادة للطائرات بما فيها منظومات الدفاع الجوي المحمولة التي تمتلكها ألوية 17 فبراير".

وأضاف الكاتب "جاءت عملية حفتر بعد مناوشات بين الصاعقة وقوات أنصار الشريعة في ليبيا بما في ذلك هجوم انتحاري وهو تصعيد لم تعتد ليبيا على مشاهدته واغتيال مدير المخابرات العامة في بنغازي، إبراهيم السنوسي في اليوم التالي لظهوره على التلفاز، ليقول إن هناك مؤامرة إسلامية وقد أدى القتال بين الصاعقة وأنصار الشريعة إلى نوع من التعاون العسكري مع ميلشيا جذران".

وعن مدى التنسيق بين حفتر مع الفصائل الأخرى قال الكاتب "ليس واضحا مدى التنسيق بين حفتر وجذران وقائد الصاعقة ونيس بوخمادة على مدى الأيام القليلة الماضية، ولكن الجهتين أيدتا ما قام به حفتر في 19أيار/ مايو. فمنذ أن بدأت الحملة قامت وحدات الصاعقة بضرب أنصار الشريعة في مناطق سيدي فرج والحواري والغرشة وتيكا من بنغازي ودعت كل الليبيين للتظاهر لدعم، هذا التحرك الوطني لحماية الوطن".

ونوه الكاتب إلى أن التوتر في طرابلس كان سائدا قبل تحرك حفتر، حيث كان اختطاف الإسلاميين لدبلوماسيين مثل السفير الأردني من مجموعة طالبت بإطلاق سراح أحد أعضاء القاعدة في مدينة عادة ما تجنب ما يحصل في بنغازي. وقد برر إبراهيم المدني قائد ألوية المدني عملية حفتر واتهم غرفة عمليات ثوار ليبيا بالاختطاف و "بقتل وتدمير ليبيا". 

وذكر الكاتب أنّه "في 18 أيار/ مايو قام وفد يسمي نفسه "قيادة الجيش الليبي"، بقيادة رئيس الشرطة الكولونيل مختار فرنانا من الزنتان، بقراءة بيان على تلفزيون ليبيا الأحرار، دعا فيها إلى تعليق المؤتمرالوطني العام وتسليم لجنة كتابة الدستور من 60 شخصا مقرها البيضة، زمام الأمور وتفعيل الجيش والشرطة وتجديد عملية الحوار الوطني، وعودة الليبيين النازحين، ووعد البيان بألا تصبح ليبيا مهدا للإرهاب".

وأشار إلى تصريحات فرنانا التي قال فيها إن عملية حفتر لم تكن "انقلابا ولكنها تعبر عن رغبة الشعب في إنهاء المؤتمر الوطني العام". وبينما قالت صفحة الفيس بوك الممثلة لكتائب القعقاع والصواعق والمدني إن المحاولة التي تمّت ليس لها أي أهداف قبلية، وليست محاولة للاستيلاء على السلطة، ولكنها معركة ضد المجلس التشريعي الذي "فقد شرعيته ويهمش الجيش ويؤيد الميليشيات الإرهابية". بينما سمتها غرفة عمليات ثوار ليبيا انقلابا. وبينما تلتقي قيادات الزنتان مع حفتر في الأهداف إلا أن مدى التنسيق بينهما غير واضح، وقد يعارض الزنتانيون أي محاولة من حفتر لينصب نفسه زعيما سياسيا لهذه المعركة. 

وخلص أنجل إلى نتيجة مفادها أنّ "هذه الهجمات الأخيرة تعقد مهمة أمريكا في تهدئة الأوضاع في ليبيا ويعقد مهمة الموازنة الصعبة بين البحث عن الاستقرار والعملية الديمقراطية الصاخبة. ومع أنه من مصلحة واشنطن أن يهزم المتطرفون إلا أن أفعال حفتر والفيديراليين وميليشيات الزنتان التي تعارض المؤتمر الوطني العام، تقوض شكليا المؤسسة الليبية التمثيلية الأساسية بغض النظر عن مدى التمزق الذي وصلت إليه هذه المؤسسة. ولذلك على المسؤولين الأمريكيين وغيرهم أن يفكروا في التركيز على لجنة الستين لكتابة الدستور المنتخبة والحوار الوطني بدلا من المؤتمر الوطني العام لأنهما (اللجنة والحوار) قد يوفران الوسيط الأفضل لمساعي الوفاق". 
التعليقات (0)