ملفات وتقارير

غضب متصاعد بمصر لإصدار حكم بعودة الحرس الجامعي

طلاب الجامعات المصرية بين فكي أجهزة أمن الدولة والحرس الجامعي - ا ف ب
طلاب الجامعات المصرية بين فكي أجهزة أمن الدولة والحرس الجامعي - ا ف ب
تصاعد الغضب في مصر من حكم محكمة الأمور المستعجلة الثلاثاء بعودة الحرس الجامعي، إذ نظم آلاف الطلاب في الجامعات مظاهرات ومسيرات عدة تندد بالحكم، فيما أعلن عدد من أساتذة ومسؤولي الجامعات، وأعضاء أندية التدريس واتحادات الطلاب، وناشطون سياسيون، رفضهم إياه. ومن جهتها أعلنت الحكومة المؤقتة التزامها الحياد، وطلب وزير التعليم العالي تدخل المحكمة الدستورية العليا للفصل في الأمر.

حكم المحكمة

فاجأت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين، الرأي العام في مصر الثلاثاء، بإصدار حكمها باستمرار تنفيذ حكم أول درجة بعودة الحرس الجامعي إلى الجامعات، وقبول الاستشكال العكسي المقدم من صاحبة الدعوى المحامية تهاني إبراهيم، لتأييده، وإلزام المسؤولين في الدولة بسرعة تنفيذه.

وكانت تهاني حصلت على حكم من المحكمة بعودة الحرس، وقدمت استشكالا عكسيا ضد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية، تطالب فيه الدولة بتنفيذ الحكم بعودته.

وزعمت المحكمة في أسباب حكمها، التي وُصفت بأنها "مسيسة"، أن "الشعب المصري لم يهنأ بثورة 30 يونيو لقيام بعض من طلاب الإخوان بترويج أن ما حدث في 30 يونيو، هو انقلاب عسكري، وليس تصحيحا لمسار ثورة 25 يناير. وعلى إثر ذلك بدأت سلسلة لا نهائية لها من التظاهرات والاعتصامات التي اتسمت بالعنف والفوضى، وتعطيل العملية التعليمية، الأمر الذي يقتضي عودة الحرس الجامعي لحفظ الأرواح والأمن، ولتقاعس الحكومة عن اتخاذ إجراء سريع وحاسم يعالج الأوضاع القائمة بصفة موقتة، حتى تستقيم، وتعود لسيرتها الأولى، ويستطيع الطلاب ممارسة حياتهم الدراسية بصورة طبيعية غير مهددة بسبب أفعال غير مسؤولة".


وتعليقا على الحكم، أكد السفير حسام القاويش المتحدث باسم الحكومة المؤقتة، في مداخلة هاتفية مع فضائية "الحياة" الثلاثاء، أن مجلس الوزراء يلتزم الحياد ويحترم أحكام القضاء ولا يعلق عليها، على حد تعبيره.

ومن جهته، قال الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، في تصريحات لصحيفة "المصري اليوم": "إن هذا الحكم موجه للدولة في تنفيذ الحكم، وليس موجها لجامعة القاهرة، أو أي جامعة أخرى"، مشيرا إلى أن الجامعات ليس لديها سلطة في رفض أو قبول الحكم، وإنما هي من سلطات الدولة، بإلزام وزارة التعليم العالي بتطبيقه حال الموافقة عليه.

لكن الدكتور وائل الدجوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي قال في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن الوزارة ستنفذ الحكم طالما أنه لا يتعارض مع أحكام أخرى، مشيرا إلى أن هذا الحكم يتعارض مع حكم سابق بإلغاء الحرس الجامعى، وإلى أن الوزارة تنتظر قرار المحكمة الدستورية العليا للفصل بين الحكمين لتنفيذ ما تقره في أقرب وقت، حسبما قال.

مظاهرات.. ومسيرات

استقبل الكثيرون من طلاب الجامعات حكم المحكمة بالغضب. ونظم طلاب المدينة الجامعية في الأزهر مظاهرات داخل حرم المدينة الثلاثاء اعتراضا على القرار، مرددين هتافات ضد وزارة الداخلية والقضاء وإدارة الجامعة.

وفي جامعة عين شمس تظاهر الطلاب أيضا، وقطعوا الطريق أمام الجامعة، ومنعوا مرور السيارات، وأشعلوا النيران في إطاراتها، ورددوا هتافات معادية لقادة الجيش والشرطة.

وفي جامعة القاهرة، أعرب هشام إسلام رئيس اتحاد طلاب الجامعة عن استيائه من تدخل الشرطة لدى الجامعة، وطالب بعدم تنفيذ الحكم إلا في حدود ضيقة جدا على أن يلتزم الأمن بتأمين الجامعات من الخارج فقط. 

واتفق إسلام فوزي رئيس اتحاد طلاب جامعة حلوان مع هشام، على عدم دخول الشرطة الجامعة نهائيا لأن هناك قانونا ينظم عمل الجامعة.

كما نظم عدد من الطلاب بجامعة المنيا الأربعاء، سلسلة بشرية بعد انتهاء الامتحانات أعقبتها مسيرة طافت بكليات الجامعة، ونددت بعودة الحرس الجامعي.

اتحادات طلابية ترفض

وأكد محمد عبد الرحمن هلال، رئيس لجنة الحقوق والحريات باتحاد طلاب جامعة القاهرة، رفض اتحاد الطلبة لعودة الحرس الجامعي مرة أخرى، وأوضح أن الاتحاد يوافق على عودة الحرس لكن خارج الجامعة، تجنبا لدخول البلطجية والأسلحة.

وأبدى عبد السلام صلاح رئيس اتحاد طلاب كلية الإعلام بجامعة الأزهر، رفضه لعودة الحرس الجامعي، مؤكدا أنه يشكل ضغطا على النشاط الطلابي بالجامعة، ويحول الجامعة لمديرية أمن تتحكم في نشاط الطلاب.

وأعلن إبراهيم أسامة، أمين اللجنة الاجتماعية العليا باتحاد طلاب جامعة عين شمس، رفضه لعودة الحرس الجامعي للجامعات مرة أخرى، مؤكدا أن العصر الذي تشهده مصر الآن أسوأ من أي عصر آخر نظرا لعدم وجدود سياسة تقبل الرأي الآخر.

وفي جامعة الإسكندرية قال محمود رضوان، رئيس اتحاد الطلاب بالجامعة: "إن عودة الحرس الجامعي يسبب كارثة على الدولة والنظام والطلاب، وسيزيد من الاحتقان داخل جامعة الإسكندرية بين الطلاب والأمن".

وأضاف في تصريحات صحفية أن "الطلاب لن يسمحوا بعودة الحرس الجامعي مرة أخرى داخل الجامعات، لما لهم من تاريخ أسود مع الطلاب داخل الكليات"، مشيرا إلى "أن الأمر ليس النظر في أحكام القضاء، لأن هناك حكما قضائيا في كفر الشيخ بإعادة تدريب الأمن الإداري، ودون العودة الحرس الجامعي، وهناك الكثير من أحكام بشأن الحرس الجامعي".

وفي جامعة أسوان، أكد مصطفى عثمان، رئيس اتحاد طلاب جامعة أسوان، رفضه للقرار، مشيرا إلى أن قرار عودة الحرس الجامعى يتعارض مع ثقافة الطالب الجامعي، باعتباره نوعا من أدوات القمع لحرية الطلاب، قائلا إن هناك بدائل مقترحة للحرس الجامعي، لتحقيق الاستقرار داخلها، ومنها زيادة عدد أفراد الأمن المدني بالجامعة، وتدريبهم على التعامل مع الأحداث.

ونوادي تدريس ترفض

وفي السياق نفسه، قال الدكتور عمر السباخي، رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بالإسكندرية،"إن عودة الحرس الجامعي سيزيد من حالة الاحتقان بين الطلاب والشرطة".

وفى الشرقية، أعرب أعضاء هيئة التدريس عن استيائهم من عودة الحرس الجامعي مرة أخرى، وطالبوا بضرورة تقنين وضعه بحيث لا يتدخل بالشأن الجامعي، ويكون وظيفته حماية المنشآت.

وأساتذة جامعة يعارضون

من جهته، رفض الدكتور نبيل نور الدين رئيس جامعة سوهاج عودة الحرس الجامعى للجامعة، مؤكدا احترامه لأحكام القضاء.

وقال نور الدين: "ننتظر انعقاد المجلس الأعلى للجامعات لدراسة حيثيات الحكم"، وأضاف: "لا أؤيد عودة الحرس الجامعى بنظامه القديم قبل 25 يناير، ولكنني أطالب بوجود شرطة متخصصة للجامعات لحماية المنشآت فقط دون التطرق لأي أشياء أخرى".

وقال الدكتور ماجد القمري، رئيس جامعة كفر الشيخ، إن عودة الحرس الجامعي بالشكل السابق لما قبل ثورة 25 يناير غير مقبول، وإن تدخله بالشكل السابق يتنافى مع الحرية والاستقلالية المفروضة للجامعة، ونطالب بالحراسة فقط للمنشآت مع تفعيل البروتوكول -الموقع بين وزارة التعليم العالي ووزارة الداخلية- مع الداخلية حال وقوع أي أعمال شغب. 

وأكد الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب في جامعة عين شمس، أن حكم الأمور المستعجلة بعودة الحرس الجامعي غير قانوني، وغير دستوري لأن هناك حكما سابقا من القضاء الإداري يقضي بعدم عودته، ولأن المحكمة غير مختصة، وبالتالي حكمها باطل، وهو والعدم سواء، وهو غير موجود بأي جامعة في العالم.

وأضاف أن نتيجة دخول الشرطة للجامعة يزيد من الإصابات بين الطرفين، ويجعل حالة من الثأر بين الشرطة والطلاب مستمرة، وأن الحل في ذلك هو تفعيل القانون والحوار مع الطلاب.

وناشطون يرفضون

وقال محمد فوزي، منسق حركة "تحرر"، والمنشق عن حملة "تمرد"، إن عودة الحرس الجامعي تمثل حربا على "ثورتي يناير و30 يونيو، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن القرار سيزيد من حالة الاحتقان، وسيعمل على زعزعة الأمن، وعدم الاستقرار، لافتا إلى أن "القرار سياسي في المقام الأول وليس قانونيا". 

ومن جهته، قال الإعلامي محمد القدوسي، في صفحته على "فيسبوك"، إن عودة الحرس الجامع تعني عودة أمن الدولة للجامعات، ومزيدا من انحدار التعليم وانهيار وتطفيش النوابغ .

وقال أحمد بقري، نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، في صفحته على "فيسبوك" أيضا: "كلما جاء مستبد حكم بعودة الحرس الجامعي، وكل مرة ينتصر الطلاب على الطاغية".

هناك من يؤيد الحكم

يُذكر أن عددا من الطلاب وأساتذة الجامعات ومسؤوليها، أعلنوا –في المقابل- تأييدهم لحكم محكمة الأمور المستعجلة المذكور، بعودة الحرس الجامعي، بزعم أنه جاء لحماية الطلاب وهيئة التدريس والمنشآت داخل الجامعات، وللتعامل مع العنف والشغب الذي تشهده الجامعات المصرية، على حد تعبيرهم.
التعليقات (0)