صحافة دولية

واشنطن بوست: إضرابات العمال تتوسع وتهدد السيسي

إضرابات العمال في مصر شوكة في حلق السلطات الحالية - (أرشيفية)
إضرابات العمال في مصر شوكة في حلق السلطات الحالية - (أرشيفية)

يواجه الرئيس الجديد لمصر بعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة الاضطرابات العمالية، حيث توسعت إضرابات العمال المصريين من القاهرة وحتى السويس، مطالبين بأجور جيدة وتحسين أوضاع العمل لديهم. 

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها السبت، إن وتيرة المظاهرات العمالية في زيادة مستمرة، والحراك العمالي المستمر أدى لشل العمل في خدمات البريد ومصانع النسيج وحتى في المستشفيات. 

وأشارت الصحيفة إلى محاولة الحكومة التي تعاني من نقص في المال قمع هذه المظاهرات، حيث يظهر حالة من السخط الذي لا يزال يغلي بين العمال المصريين والطبقة العاملة، والذي قد يتطور إلى حركة معارضة صلبة للإدارة المدعومة من العسكر. 

ونقلت الصحيفة عن أحمد محمود الذي يرأس الفرع المحلي لاتحاد النقل العام في القاهرة قوله: "يشرب رجال الأعمال دم الشعب، والشخص المسؤول عن كل هذا هو المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي". 

ووزير الدفاع السابق المشير السيسي قاد انقلابا العام الماضي ضد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وقام في شهر شباط/ فبراير الماضي بتحشيد قوات الجيش وإرسال حافلات لإحباط إضراب عمال النقل العام.

ويضم حلفاء السيسي عددا كبيرا من رجال الأعمال الذين أُثروا في السنوات التي قضاها الرئيس المخلوع حسني مبارك، حاكما على مصر. 

وكان محمود قد خاطب المحتجين في تظاهرة نظمها عمال البريد قائلا: "الجيش والشرطة أقوى منا، ولكن حركتنا ستنتشر في وجه الحكومة المؤقتة".

ورغم أن الإضرابات المتفرقة في مصر لا تربط مطالبها بالوضع السياسي العام في البلاد، إلا أن تظاهرات عمال نسيج المحلة الكبرى في بداية القرن الحالي عبدت الطريق أمام حملة التظاهرات التي قادت للإطاحة بنظام حسني مبارك عام 2011، كما أن الإضرابات لعبت دورا في إضعاف نظام الرئيس مرسي، وفق الصحيفة.

أحزاب في خدمة الدولة

ونقلت الصحيفة عن خبراء سياسيين قولهم إن سنوات من تحكم الدولة المصرية بالحركة العمالية والنقابات أثّر على قدرتها لتنظيم نفسها بطريقة فاعلة وعلى المستوى الوطني. 

وقال الناشط في حركة الاشتراكيين الثوريين حسام الحملاوي، إن الفدرالية المصرية لاتحادات التجارة، والتي أنشئت عام 1957 "عملت دائما كذراع للنظام وأحبطت إضرابات العمال"، من خلال الوقوف مع النظام ضد مطالب العمال. 

ومن جهته قال محرر موقع "جدلية" -الذي ينشره معهد الدراسات العربية في واشنطن- هشام سلام، إن مطالب العمال عادة ما عوقتها الأحزاب المقربة من النظام، والتي تدعي أنها تتحرص نيابة عن العمال، ولكنها "عملت على إسكات العمال".

وتابع: "لهذا فعضوية الاتحادات المقربة من النظام لا تتجاوز 3.8 مليون شخص من قوة العمل المصرية، التي تبلغ 27 مليون عامل (...) وكانت هذه الاتحادات قد صادقت على ترشيح السيسي نفسه لانتخابات الرئاسة، ما يعني أن هناك عددا كبيرا جدا من العمال ممن لا ينتمون للحركة العمالية".

مطالب العمال

وفي السياق ذاته قالت الصحيفة إن مطالب العمال تتركز في إضراباتهم على أجور عالية، وفي بعض الحالات تطبيق الحد الأدنى من الأجور.
 
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي فشلت حكومة حازم الببلاوي المؤقتة بالوفاء بوعودها ورفع أجور العمال إلى 172 دولار من 100 دولار، وعوضا عن هذا منحت ثلث عمال الخدمة المدنية علاوة على الراتب.

كل هذا رغم أن ربع المصريين يعيشون تحت خط الفقر، ويحصلون على دخل سنوي لا يتجاوز 540 دولارا، وذلك حسب إحصائيات الحكومة الرسمية. 

ولم يعد الكثير من المصريين قادرين على شراء احتياجاتهم الرئيسية بسبب ارتفاع الأسعار الخيالي وزيادة التضخم، إضافة لتراجع أسعار العملة المصرية والاحتياطي المصري من العملة الأجنبية. 

ونقلت عن عامل مخضرم في البريد أسامة راشد قوله: "لا نستطيع الاعتماد على راتب في الشهر" حيث يتلقى 143 دولارا في الشهر.

وقال راشد الذي تظاهر مع زملائه أمام مقر الحكومة إلى جانب عمال النقل، إن الحكومة تأكل من رواتبهم من أجل الإنفاق على زيهم الرسمي، والكراسي والمرواح في الصيف، والتي عادة لا تتحقق. 

ونقلت عن فاطمة رمضان قولها إن الاعتقالات تخيف العمال لكنها تعزز قدرتهم على التحدي.

تهديدات في السويس

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش المصري قام بقمع العمال في منطقة السويس، التي تعتبر شريان الحياة للاقتصاد المصري، وهذا مؤشر على الطريقة التي سيتعامل فيها نظام السيسي بعد الانتخابات في حال فوزه. 

ففي آب/ أغسطس قامت الشرطة العسكرية باقتحام اعتصام نظمه عمال شركة فولاذ خاصة في منطقة القناة والذين كانوا يحتجون على فشل الشركة الوفاء بتعهداتها حول أجور العمل، وتحسين إجراءات السلامة. وفي الشهر الماضي ساعدت قيادة الجيش في السويس على التخلص من قيادة عمالية لمصنع محلي للسيراميك - كليوباترا.

ففي 3 آذار/ مارس الماضي استدعى الجنرال المصري محمد شمس قادة الصف الأول والثاني من قادة نقابات العمال، وهددهم بفتح ملفات تحقيق في نشاطاتهم من قبل المخابرات إن لم يوقعوا على أرواق استقالاتهم من شركة السيراميك "كليوباترا"، بحسب الصحيفة. 

وقالت الصحيفة إن مالك المصنع، محمد أبو العنين كان من حلفاء مبارك الأقوياء. 

وقال للصحيفة إن قادة العمال أجبروه على توقيع اتفاق عام 2012، لتحسين أجور العمال. واتهم قادة العمال بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، "دائما يطلبون المال، إنهم مجرمون". 

ولكن قادة العمال في الشركة أكدوا أن المستشارين المقربين من شمس وأبو العنين هددوا بإحضار زوجات وأطفال قادة العمال لمقر الشركة، حتى يوقعوا على الاستقالة. 

ونقلت عن أيمن نوفل، أحد الذين اجبروا على الاستقالة قوله: "ظلوا يقولون لنا إن لم نوقع فسنذهب للسجن". 

واختتمت الصحيفة بالقول نقلا عن رمضان إن "الجيش مثل أي جهاز في الحكم لا يريد إضرابات، والسيسي لو أصبح رئيسا فسيقوم بقمع العمال، وهذا يعني ثورة أخرى".
التعليقات (0)