انقضى الأسبوع الأول من حملة الدعاية لانتخابات الرئاسة بالجزائر يوم 17 إبريل/نيسان، على وقع عزوف شعبي عن تجمعات المترشحين لم يعرف له مثيل مقارنة مع الاستحقاقات الانتخابية السابقة، وينشط حملة الدعاية خمسة مترشحين في الميدان في مواجهة سادسهم وهو مرشح النظام عبد العزيز
بوتفليقة.
وأسبوع من حملة الدعاية الانتخابية، التي بدأت الثالث من آذار مارس الجاري وتنتهي يوم 14 من إبريل نيسان المقبل، عانى فيه المترشحون الأمرين، بسبب عجزهم عن حشد الناخبين إلى قاعات التجمعات بمختلف المحافظات، وسط عزوف شعبي غير مسبوق.
واتهم مرشح
انتخابات الرئاسة، علي فوزي رباعين، وهو رئيس حزب "عهد 54" نشطاء حملة الرئيس المترشح، بالضغط على الموظفين بالمحافظات من أجل الالتحاق بقاعات التجمعات الانتخابية من أجل إعطاء انطباع بنجاح تجمعات هي في الأصل فاشلة.
ولم يظهر الرئيس المترشح في أي تجمع انتخابي، كما كان مأمولا من أتباعه ومن المعارضة على حد سواء من أجل معرفة إن كانت له الأهلية لقيادة البلاد فترة رئاسية رابعة.
لكن مستشاره الخاص واحد نشطاء حملته الانتخابية، عبد العزيز بلخادم، قال الجمعة، إنه "ليس من الضرورة أن ينشط بوتفليقة في حملته الانتخابية، لأن التباري بين المتنافسين يكون بالبرامج وليس الأجساد" وتابع: "مادام هناك من يروج لبرنامج الرئيس فهذا يكفي والرئيس بصحة جيدة سوى ما تعلق بتأهيل على مستوى رجله اليسرى".
وقال رباعين في اتصال مع "عربي21": "هناك استغلال فاحش لوسائل الدولة في الحملة الانتخابية لصالح الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة"، وكان رباعين ألغى تجمعا بمحافظة سوق أهراس، شرق
الجزائر بمجرد ما دخل قاعة التجمعات ولاحظ صور عبد العزيز بوتفليقة ملصقة على جدران القاعة معتبرا أن "الأمر كان مدبرا".
وظهرت فوارق بين إمكانيات المترشحين في حملات الدعاية، بين حشد دعائي كبير لصالح الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، وإمكانات متواضعة لباقي المترشحين الخمسة، وينشط في حملة بوتفليقة شخصيات سياسية وحزبية ووطنية بارزة، منهم وزراء ومستشارون برئاسة الجمهورية.
ويتقدم هؤلاء كلا من الوزير الأول السابق عبد المالك سلال وهو مدير الحملة، وعمار سعيداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وعبد الأقدر بن صالح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني قوة سياسية بالبلاد، وعمار غول رئيس حزب" تجمع أمل الجزائر" وعمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية" علاوة على مدير ديوان الرئيس أحمد اويحي ومستشاره الخاص عبد العزيز بلخادم.
وحسب المراقبين، فانه عندما يعقد أحد المرشحين تجمعا انتخابيا، يتم عقد خمسة تجمعات لصالح عبد العزيز بوتفليقة.
وأكبر برهان على الفوارق، وجود أعمدة كثير مخصصة لإلصاق صور المترشحين في الشوارع، ليس بها إلا صور الرئيس المترشح المنتهية ولايته، حيث ألصقت صوره في الخانات المخصصة لها كما ألصقت في الخانات المخصصة لمنافسيه.
ويُتهم نشطاء حملة الرئيس، باستغلالهم وسائل الدولة في تجمعاتهم، وطالب المترشح موسى تواتي، رئيس "الجبهة الوطنية الجزائرية" المعارضة، في تجمع انتخابي له اليوم بمحافظة قالمة شرق البلاد، بـ"محاسبة الحكام بشأن تسيير البلد والنفقات العمومية" وقال إن ما يحدث بمثابة "فساد".
ويرى جيلالي سفيان، رئيس حزب" جيل جديد" المعارض والمنسحب من السباق الرئاسي، أن "فتور الحملة الانتخابية، مرده نجاعة دعاوى المقاطعة التي أطلقتها أحزاب المعارضة"، وقال جيلالي لـ"عربي21": "لقد ساهمت دعوى المقاطعة في إفشال التجمعات الانتخابية خاصة للرئيس المترشح".
وتابع جيلالي" قيل لنا إن المترشح عبد العزيز بوتفليقة قد جمع خمسة ملايين توقيع لتزكية ترشحه لدى المجلس الدستوري، فأين هؤلاء الموقعون ولماذا لم يظهروا في التجمعات الانتخابية التي يقيمها ممثلو الرئيس المترشح"، مؤكدا تعرض نشطاء الدعاية الانتخابية للرئيس المترشح إلى الطرد من التجمعات في الكثير من الأحيان".
لكن عضو في المكتب السياسي في حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم أكد لـ"عربي21" أن" المقاطعة السياسية التي تبنتها المعارضة ليست سببا في العزوف الانتخابي" وتابع: "دوما في الأسبوع الأول من الحملات الانتخابية يكون هناك عزوف، لكن بدءا من الأسبوع الثاني يبدأ التوافد على قاعات التجمعات وهو ما أتوقعه هذه المرة".
بيد أن جيلالي سفيان يؤكد أن "الشعب الجزائري يعرف أن نتائج الانتخابات محسومة لصالح بوتفليقة وستقدم وزارة الداخلية أرقاما ضخمة عن المشاركة الشعبية ونسبة نجاح الرئيس المترشح يوم 18 نيسان/إبريل المقبل.
وتعرض عبد المالك سلال، الوزير الأول السابق و مدير الحملة الدعائية لعبد العزيز بوتفليقة، الخميس، إلى هجوم شنه عاطلون عن العمل عندما هم بالخروج من القاعة التي ألقى بها خطابا انتخابيا بمحافظة ورقلة ، جنوب الجزائر.
واعترض هؤلاء العاطلون عن العمل، سلال عند مخرج القاعة ورموه بالحجارة.
ومحافظة ورقلة هي أكثر المحافظات التي شهدت احتجاجات عارمة من قبل الشباب احتجاجا على البطالة، وسوء توزيع الثروة بين الشمال والجنوب.
ويعاني شباب الجنوب من ممارسات شركات النفط الأجنبية التي ترفض توظيف شباب المنطقة وتستقدم الموظفين من الشمال، وحتى من توظفهم من الشمال لا تعرض عليهم أجورا محترمة، مثلما قال ياسين زايد لـ"عربي21" وهو مدير فرع الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بمحافظة الأغواط غير بعيد عن ورقلة.
لكن سلال أكد للشباب المحتج في إطار الدعاية الانتخابية أن الدولة "ستجبر هذه الشركات على توظيف شباب المنطقة أولا". غير أن المحتجين رفضوا أن يكونوا مادة لحملة دعائية تشوبها وعود لن تتحقق مثلما رددوا في مظاهراتهم.
ولاحظت تقرير إعلامية أن ملفات "الفساد" غير مطروحة في تجمعات المترشحين رغم الجدال السياسي الذي شهده الملف، قبل أسابيع قليلة.
وسألت "عربي21" رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير عن خلفيات إقصاء ملف "الفساد" من مادة الدعاية الإعلامية، لدى المترشحين فقال: "ليس مكافحة الفساد الملف الوحيد الذي تم إقصاؤه من الخطابات رغم أسبقيته كمادة انتخابية، ولكن أيضا استقلالية العدالة وعمل المؤسسات ودور الجيش في السياسة وهي الملفات التي طرحت بإلحاح في الآونة الأخيرة، لكنها همشت بمجرد أن بدأت حملة الدعاية الانتخابية"، وأضاف غشير" يجب التطرق إلى هذه الملفات في ما تبقى من أيام الحملة".