سياسة دولية

لقاء "أوباما نتنياهو" بعيون فلسطينية

الدكتور أنيس فوزي قاسم - أرشيفية
الدكتور أنيس فوزي قاسم - أرشيفية
رغم أجواء الترقب والمتابعة التي سادت الأوساط الإعلامية والسياسية، قبيل زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض ولقائه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، فإن الكثيرين لم يتوقعوا أن يحمل هذا الحدث جديدا لصالح "عملية السلام" المتعثرة مع الفلسطينيين. 

وحول الأبعاد السياسية لزيارة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، واجتماعه برئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، قال أستاذ القانون الدولي، الدكتور أنيس فوزي قاسم، لصحيفة "عربي21"، إن "قراءتي للموضوع تستند إلى مقولة (احذروا أمريكا، فما دخلت أرضًا إلا أفسدتها ودمّرتها)، وإنّ أكبر همّ للإمبريالية الأمريكية هو التسويق لإسرائيل باعتبارها دولة يهودية يجب الاعتراف بها".

وأضاف أن "الهم الفلسطيني لم يكن يوما ذا أولوية لدى أمريكا".

 وتساءل المفكر والحقوقي والسياسي الفلسطيني: "هل المشكلة هي أن الفلسطينيين وغيرهم لا يعترفون بالكيان الإسرائيلي كدولة للشعب اليهودي، أم أن المشكلة الفعلية هي أن إسرائيل ترفض الاعتراف بحق وجود دولة للشعب الفلسطيني؟".

ولفت إلى أن "موضوع المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية بمتعلقاته، ما كان ليستهلك من مدة اللقاء بين أوباما ونتنياهو في الكونغرس أكثر من دقيقتين، في حين أن موضوع البرنامج النووي الإيراني له الأحقية في أن يستحوذ على الثماني والثلاثين دقيقة المتبقية من مدة الاجتماع".

وأكد قاسم أن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، بحسب الأجندة الأمريكية، "لا يشكل همّا ذا شأن، وهو أمر يأتي، من حيث الأولوية، في المرتبة العاشرة، في وقت يشكل فيه الملف الإيراني الهمّ الأول في تلك الأجندة، لأن إيران باتت دولة قوية ودائمة التطوير لقدراتها، وهذا مرعب للإمبريالية الأمريكية بكل امتداداتها في العالم".

وأوضح أن "إسرائيل" تشكل الذراع الشرق أوسطي الرادع للولايات المتحدة، الذي يقف في وجه التمدد الإيراني ويحد من خطره، كما أن "إسرائيل" نفسها لها مصلحة كبرى في تجريد إيران من قواها النووية.

أوباما ونتنياهو يكرران معزوفتيهما

يشار إلى أن الرئيس الأمريكي، عمد في هذا اللقاء، إلى تكرار معزوفته المعهودة، وهي دعوته نتنياهو إلى اتخاذ ما أسماها "قرارات صعبة" من أجل السلام في الشرق الأوسط، مشددا على الالتزام الأمريكي القوي والثابت بـ "أمن إسرائيل". 

وكذلك كان الحال لدى رئيس وزراء الاحتلال، الذي لم يحِد بدوره عن تكرار معزوفته الخاصة به، متهربا من "استحقاقات السلام"، عبر التركيز على ما أسماه "الخطر النووي الإيراني"، محملا الفلسطينيين مسؤولية تعثر السلام، برفضهم الاعتراف بـ "يهودية إسرائيل".

أوباما يناشد

 وفي ختام اللقاء، دعا الرئيس الأمريكي الاثنين، نتنياهو إلى اتخاذ قرارات "صعبة" من أجل السلام في الشرق الأوسط، لكن الأخير رد بأن الفلسطينيين لم يفوا بالتزاماتهم في هذه العملية.

 وذكر أوباما أمام الصحافيين في مستهل اجتماع مع نتنياهو في المكتب البيضوي، أن المهلة المحددة لانتهاء المفاوضات المباشرة بين الطرفين تقترب -بحسب ما اتفق عليه لدى انطلاقها في تموز/ يوليو الماضي- وهي في التاسع والعشرين من نيسان/ أبريل المقبل. وقال: "سيكون من الضروري اتخاذ بعض القرارات الصعبة".

 من جهته، اعتبر نتنياهو أنه بخلاف إسرائيل فإن الفلسطينيين لم يقوموا بما هو ضروري في هذا الملف. 

وقال: "حتى الآن، فككت إسرائيل" مستوطنات وأفرجت عن مئات "الإرهابيين" الفلسطينيين، مضيفا أن "إسرائيل قامت بما يتوجب عليها القيام به، وأنا متاسف لقول ذلك. إلا أن الفلسطينيين لم يقوموا بالمثل"، على حد تعبيره.

أولويات نتنياهو

وقبل أن يتطرق إلى مفاوضات السلام، تحدث نتنياهو أولا عن إيران، مؤكدا لأوباما أن الملف النووي للجمهورية الإسلامية يمثل التحدي "الأكبر" الذي يواجهه البلدان.

 وقال نتنياهو إن "التحدي الأكبر من دون أدنى شك هو منع إيران من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية"، داعيا إلى تفكيك كامل للمنشآت النووية الإيرانية. 

وجاء اللقاء بين أوباما ونتنياهو في غمرة الأزمة الأوكرانية، وهي إحدى أسوأ الأزمات التي تواجه الرئيس الأمريكي منذ توليه منصبه، علما بأن أوباما يواجه أصلا صعوبة في إقناع نتنياهو بالوفاء بالتزاماته على صعيد عملية السلام مع الفلسطينيين. 

 وفي حديث نشرته "مجموعة بلومبرغ" الإعلامية الأحد، لخص الرئيس الأميركي موقفه من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لم تتوصل إلى حله أجيال من القادة والدبلوماسيين الأمريكيين. 
وقال أوباما: "عندما أتحدث إلى "بيبي" (لقب نتنياهو)، هذا لب ما سأقوله له: "إن لم يكن الآن فمتى؟ وإن لم يكن أنت، السيد رئيس الوزراء فمن يكون؟ كيف سيحل ذلك؟". 

ومع تكرار تأكيد دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل، قال الرئيس الأمريكي محذرا: "إذا وصل الفلسطينيون إلى الاستنتاج بأن قيام دولة فلسطينية تتمتع بالسيادة إلى جانب (إسرائيل) لم يعد ممكنا، فعندئذ ستكون قدرتنا على إدارة التبعات الدولية محدودة". 

ورحب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الذي سيصل إلى واشنطن الثلاثاء بمواقف أوباما، واصفا النظرية القائلة "إن الاستيطان سيساهم في تحسين أمن إسرائيل" بأنها "وهـم".

لكن داني دايان، ممثل المستوطنين، ندّد بـ"عدم فهم" أوباما للحقائق الإقليمية وحض نتنياهو على "مقاومة ترهيب" واشنطن.
التعليقات (0)