مقابلات

عبدو لـ"عربي21": إسرائيل لن تتمكن من وقف المقاطعة

رئيس "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبدو -عربي21
رئيس "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبدو -عربي21
أعلنت "إسرائيل" الرسمية حرباً مفتوحاً على المؤسسات والتجمعات الحقوقية والشعبية الأوروبية المنادية بفرض مقاطعة على تل أبيب رداً على عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني ولإصرارها على التنكر للحقوق الوطنية لهذا الشعب.

لقد أطلق رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو أول أمس الإثنين العنان لآلة الدعاية "الإسرائيلية" واليهودية في أرجاء العالم للتصدي للجهود التي تبذل لإقناع المزيد من القطاعات الأوروبية للانضمام لحملات المقاطعة ضد "إسرائيل"، عندما دعا إلى مواجهة المؤسسات التي تشرف على تنظيم حملات المقاطعة في أوروبا باعتبار سلوكها سلوكاً ينبع من دوافع "لاسامية"، في حين اعتبر وزير اقتصاده نفتالي بنات حملات المقاطعة "إرهاباً اقتصادياً".

تدرك "إسرائيل" تبعات حملات المقاطعة، حيث أوضح وزير المالية يئير لبيد خطورة الأوضاع التي يمكن أن تصل إليها "إسرائيل" جراء المقاطعة، عندما قال إن "جيب كل مواطن إسرائيلي سيتأثر بالمقاطعة في حال واصلت إسرائيل سلوكها الحالي تجاه المفاوضات مع الفلسطينيين".

إحدى المؤسسات  الأوروبية الرائدة في مجال تنظيم الحملات المنادية بفرض المقاطعة على "إسرائيل" بسبب إصرارها على مواصلة الاستيطان، هو "المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان".

"عربي 21" التقت مدير "المرصد" الدكتور رامي عبدو، وأجرت معه حواراً حول آفاق ومستقبل حملة المقاطعة ضد "إسرائيل"، حيث أكد عبدو أن قدرة "إسرائيل" على مواجهة حملات المقاطعة باتت محدودة، بسبب انضمام مؤسسات أوروبية وازنة إلى الجهد، مؤكداً أن النجاحات التي حققتها الجهات المنظمة لحملات المقاطعة جاءت نتاج جهد منظم ومدروس ومتواصل.

وهذا نص الحوار:

عوامل نجاح حملات المقاطعة

س1: كيف تقيم فرص نجاح التحركات "الإسرائيلية" في محاصرة موجة المقاطعات التي تفرضها مؤسسات أوروبية مهمة؟

ج1: في تقديري، لن تتمكن "إسرائيل" من السيطرة على زخم المقاطعة الذي يتسع، وتنضم إليه المزيد من الشرائح المجتمعية والمؤسسية في أوروبا، حيث باتت مؤسسات على علاقة بالدوائر الحكومية تشارك في مقاطعة "إسرائيل"، مثل صناديق التقاعد والبنوك، وهذا سيشجع المزيد من المؤسسات على الانضمام لحملة المقاطعة، ويجعلها أكثر جرأة على اتخاذ موقف ضد السياسات "الإسرائيلية"

الموجهة ضد الشعب الفلسطيني.

س2: ما سر نجاح التحرك الذي تقوده المؤسسات والمنظمات الداعمة للحق الفلسطيني في اقناع المزيد من المؤسسات الأوروبية بمقاطعة "إسرائيل"؟

ج2: يمكن القول إن المؤسسات والمنظمات الداعمة للحق الفلسطيني تعتمد أسلوب العمل المنظم وتنظم حملات بشكل دوري وعلى مدى أسابيع محددة، وتعتمد على مبدأ التعاون فيما بينها وتعمل على تبادل المعلومات من أجل زيادة فاعلية تحركاتها وجعلها أكثر نجاعة.

 ومن الواضح أن التحول الإيجابي على صعيد جهودنا قد تحقق في أعقاب تحولين أساسيين، وهما: القرار الذي اتخذه البرلمان الأوروبي بمقاطعة البضائع التي تنتجها المستوطنات؛ فضلاً عن قرار المفوضية الأوروبية بعدم التعاون مع مؤسسات تستثمر في المستوطنات.

 لقد أحدث هذان التطوران تحولات مهمة منحت شرعية للدعوات المنادية بفرض مقاطعة على "إسرائيل" عقاباً على سلوكها ضد الشعب الفلسطينين وهذا ما أسهم في دفع الكثير من الشركات والمؤسسات لمقاطعة "إسرائيل" امتثالاً لقرارات المؤسسات الأوروبية الرسمية، على اعتبار أن هذه المؤسسات تخشى العقوبات في حال تجرأت على تحدي القرارات التي يتخذها البرلمان الأوروبي، حيث أنه سيكون بالإمكان رفع دعاوى ضدها أمام محكمة العدل الأوروبية، علاوة على أن الشركات الأوروبية تأخذ بعين الاعتبار المخاطر السياسية الناجمة عن تحديها قرارات المؤسسات الأوروبية الرسمية.

دور الرأي العام الأوروبي

س3: هل ثمة تحولات طرأت على توجهات الرأي العام الأوروبي أسهمت في تسهيل مهمتكم؟

ج3: من الواضح أن هناك توجهات واضحة للرأي العام الأوروبي ضد السياسات "الإسرائيلية" المتبعة ضد الشعب الفلسطيني، حيث إن استطلاع للرأي العام نظمته شبكة "BBC" أظهر بوضوح إن "إسرائيل" تمثل بالنسبة للأوروبيين الدولة الأكثر عدوانية، حيث أن 14% من البريطانيين فقط على سبيل المثال ينظرون لإسرائيل بشكل إيجابي.

أسس الموقف الرسمي الأوروبي تجاه "إسرائيل"

س4: هل ثمة هناك توافق بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية في الإتحاد الأوروبي تجاه سياسة المقاطعة ضد "إسرائيل"؟

ج4: لقد نشب نزاع بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية الأوروبية حول هذه القضية، حيث اتهمت المؤسسات التشريعية المؤسسات التنفيذية بأنها لا تطبق القرارات التي تتخذها بشأن "إسرائيل"، وهذا ما دفع البرلمان الأوروبي عام 2012 إلى إصدار ميثاق ينظم العلاقة مع إسرائيل، حيث تضمن الميثاق 21 بنداً تتناول السياسات التي يتوجب على المؤسسات التنفيذية في الاتحاد الأوروبي الالتزام بها في التعامل مع إسرائيل. إن الاتحاد الأوروبي ينظر بخطوة شديدة لتحدي "إسرائيل" له وعدم تعاطيها بشكل جدي مع حل الدولتين، وهو الحل الذي يرى الأوروبيون أنه الأفضل، حيث أنهم ينفقون مليارات الدولارات من أجل انجاحه. وفي الوقت ذاته، غضب الأوروبيون بسبب إصرار "إسرائيل" على تجاهل الاتحاد الأوروبي كوسيط بينها وبين السلطة الفلسطينية وفضلت الوسيط الأمريكي.
المس بشرعية "إسرائيل" الدولية

س5: ما جوهر تأثير المقاطعة الأوروبية على "إسرائيل"؟

ج5: على الرغم من أن الخسائر المادية التي تتكبدها إسرائيل جراء المقاطعة الأوروبية ليست كبيرة، إلا أن تل أبيب تنظر إليها بخطوة بالغة، لأنها تسهم في تآكل مكانتها في أوروبا وتمس بشرعيتها في العالم بشكل عام، وهذا يفسر الحساسية الكبيرة التي تنظر بها إسرائيل للمقاطعة، كما عبر عن ذلك نتنياهو بشكل صريح وعلني، وتصويرها على أنها سلوك لاسامي. يعي نتنياهو أن التحولات على موقف أوروبا تجاه "إسرائيل" ستؤثر على بقية العالم، وهذا سيمس بمكانتها الدولية، وهذا يبرز أهمية وحيوية الجهود الهادفة لإقناع المزيد من القطاعات في أوروبا للانضمام لحملات مقاطعة "إسرائيل".

س6: ما الذي يجعل التأثير المادي للمقاطعة على "إسرائيل" محدوداً؟

ج6: يتوجب علينا أن نتذكر أن الكثير من القطاعات في أوروبا لازالت تصوغ تصوراتها الذهنية تجاه "إسرائيل" متأثر بالمحرقة، علاوة على  تأثير طابع مكونات المجتمعات الإسرائيلي، وحقيقة أن الكثير من الإسرائيليين هم من أصول أوروبية وهو ما يجعل هناك تواصل عضوي بين الجانبين. ومما لا شك فيه أن التباينات الأيدلوجية في أوروبا تساعد "إسرائيل" على المناورة، على اعتبار أن الأحزاب اليمينية والحكومات التي يهيمن اليمين في أوروبا لا تتعاون مع الدعوات لفرض المقاطعة على "إسرائيل". ولا يمكن أن نتجاهل حقيقة أن أوروبا في كثير من الأحيان تحتاج "إسرائيل" سيما على صعيد المعرفة التكنلوجية والتطوير الصناعي والعسكري.
التعليقات (0)