ملفات وتقارير

الأوبرزيرفر: العالم العربي لا يشهد ربيعا بل ثورات مجهضة

رأت الصحيفة أن المشهد من القاهرة قاتم - أرشيفية
رأت الصحيفة أن المشهد من القاهرة قاتم - أرشيفية
خصصت صحيفة "الأوبزيرفر" افتتاحيتها لمناقشة الربيع العربي وماذا حصل له، وقالت الصحيفة إن الذكرى الثالثة للثورة المصرية مناسبة جيدة للنظر في دروس ما عرف في حينه بـ"الربيع العربي" وكان لحظة أو لحظات مفعمة بالأمل، فقد اعتبر مناسبة تشبه انهيار الشيوعية في أوروبا عام 1989. 

وهذه الأيام أقرب تشبيه للوضع العربي هو عام 1848، وهو العام الذي أطلق عليه "عام الثورات" –كما تقول-. 

وهذا الوصف -كما تقول- يناسب مصر التي بدأت فيها الثورة قبل ثلاثة أعوام وتبعتها ثورة مضادة سريعة، تماما كما حدث في أوروبا عام 1848؛ حيث عادت الدولة العميقة لحسني مبارك مع الجيش لحكم مصر.

وتقول الصحيفة إن المشهد من القاهرة قاتم، حيث شهدت يوم الجمعة موجة من التفجيرات التي ضربت العاصمة؛ مما جلب العنف الذي يغلي في شمال سيناء إلى مركز البلاد.

 وأشارت إلى أن النظام الحالي عزز مناخا من الخوف ضد ناشطي الإخوان المسلمين وقادتهم وضد الصحفيين الذين استهدفوا وزُجوا في السجون، وبناء على اتهامات لا أساس لها.

وتضيف الصحيفة أن الصورة مختلفة وقاتمة في سورية وليبيا أيضا؛ فلم يؤد التدخل الأجنبي الذي أطاح بالرئيس معمر القذافي إلا إلى ولادة دولة ضعيفة وعنف ودولة ممزقة أدت مشاكلها إلى التأثير في مشاكل جيرانها كما حدث في مالي.

 "وبالنسبة لسورية فقد دخلت في دوامة حرب أهلية دموية وطويلة، وأدت إلى عمليات لجوء وتشريد واسعة للدول الجارة لسورية، وأشعلت حربا بالوكالة بين السنة والشيعة في المنطقة، وأصبحت عاملا يفاقم العنف في كل من العراق ولبنان".

وترى الصحيفة أنه من المبكر الحكم على محادثات السلام في سويسرا، مستدركة بأن الضرر على حياة السوريين قد حدث وكان كبيرا. 

وبينت أن النقطة المضيئة الوحيدة في دول الربيع العربي هي تونس التي استطاعت إدارة المرحلة الإنتقالية لما بعد الثورة بنجاح معقول، وبقليل من العنف رغم اغتيال ناشطين معروفين في تونس. 

وتقول الصحيفة إن هذا الوضع في العالم العربي يجب ألا يثير الدهشة؛ لأن تاريخ الثورات –وفق تقديرها- يشير إلى فشلها أكثر من نجاحها. 

وكما تشير الباحثتان إريكا تشينويث وماريا ستيفان، فتاريخ الثورات يقترح أن الثورات السلمية لديها فرصة للنجاح كليا أو جزئيا من الثورات المسلحة. 

وما حدث في سورية وليبيا يعزز هذه الإطروحة؛ فالمعارضون السلميون للنظام أسرعوا لحمل السلاح، "وتظل سورية من أكثر الفصول قتامة من الربيع العربي؛ حيث سقط لحد الآن أكثر من  130 ألف شخص، والسلام يبدو بعيدا، على الرغم من المفاوضات الجارية في جنيف".

 وذهبت الصحيفة إلى أن المجتمع الدولي يتحمل بعضا من المسؤولية لما حدث في سورية، موضحة أن وجه هذه المسؤولية نابع من اعتقاد أن انتشار الديمقراطية، وتوسع الحقوق قد يؤدي إلى الازدهار، اعتقاد يبدو ليس صحيحا، كما اشار تقرير فريدم هاوس (بيت الحرية) الأخير الذي كشف عن تراجع الحريات في 27  دولة في العام الماضي.

وترى أن المحاولات لوقف العنف في سورية اتسمت بالعجز، متابعة: "باستثناء حالات بسيطة مثل جهود الأخضر الإبراهيمي، فقد تعامل المسؤولون الغربيون البارزون مع الأزمة السورية بطريقة متغطرسة، وقامت جهودهم على الأماني، مثل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون ونظيرها البريطاني ويليام هيغ، إذ دفعا باتجاه الاعتراف بالمجلس الوطني السوري".

ووفق الصحيفة، فإن نجاح محادثات السلام يقتضي جمعا بين عدد من العوامل الهامة؛ أولها وأهمها الحوافز القوية من أجل المعاقبة لتحقيق السلام. 

ومن الأسباب الأخرى التي تدفع على وقف العنف –كما تقول الصحيفة- وتضم تقليديا خسارة الدعم المحلي، او حظر الدعم او فكرة أن خصمك يخسر الحرب. 

وتنبه الصحيفة على أن السلام يجب أن يكون شاملا؛ إذ لا تستطيع حل النزاع من خلال الحديث مع الأطراف التي تعترف بها. 

وتؤكد أن مؤتمرات السلام مساحة للتوسط بين المتنازعين الذين يدفعون العنف المسلح؛ ولهذا يجب الاعتراف أن مؤتمر سلام فاشل يعني زيادة في العنف –بحسب قولها-.

 وتتساءل الصحيفة عن سبب انعقاد المؤتمر بعد كل هذا، مبينة أن جمع الأطراف المتنازعة أمر نبيل، لكن دعوة إيران وسحب الدعوة منها يؤثر في فرص نجاح المؤتمر، خاصة أنها من أكبر الداعمين لبشار الأسد وحزب الله. 

واستغربت لعدم إيقاف روسيا -الداعم الثالث للمؤتمر بعد أمريكا والأمم المتحدة-  تدفق السلاح للأسد، مشددا على أنها زادت من شحنه.

 وفي جانب آخر، تقول الصحيفة إن هناك الجماعات التي استفادت من المواد التي قدتها دول الخليج، ومن عدم استعداد الدول الجارة مثل تركيا لوقف تدفق المقاتلين والأسلحة لساحة المعركة.

وقالت إن الاعتراف المتأخر بأهمية الانقسام الطائفي، وأثره في تشكيل الصراع، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير (في واحد من أحقاده الجديدة التي نقلتها عنه، حيث قال إن أصل الصراعات في العالم العربي والإسلامي ديني الطابع) الذي لعب دورا انقساميا، خطوة يرحب بها من أن الصراع في المنطقة معقد. 

واستدركت بأن الحديث عن الدين، وتحديد دين معين (الإسلام) إن أخذنا بعين الاعتبار الدول التي تشهد نزاعا قد يكون مضللا، مدللة على هذا بكون النزاع في منطقة العالم العربي، وفي مرحلة ما بعد الربيع العربي، لا ينبع فقط من الدين أو العرق أو الطائفة، بل من الخلافات الجهوية كما في ليبيا بين الشرق والغرب، او بين  مدن بعينها كما في مصر بين المركز والأرياف.

وخلصت الصحيفة إلى أن الثورات تتسم بالفوضى وطول المدة، "وتتحرك أماما بشكل متقطع"، مضيفة: "في الوقت الذي فشلت فيه ثورات عام 1848 في عام واحد، فإن أفكارها عاشت طويلا".

وختمت قائلة: "كما لخص اليكس توكفيل المزاج حول هذه الثورات بقوله لا شيء أجمل من أن تكون حرا، ولكن لا شيء أصعب من استخدام شيء غير الحرية".
التعليقات (0)