حقوق وحريات

تقرير لمركز "ميمو": كارثة إنسانية في مخيم اليرموك

مخيم اليرموك(أرشيفية)- ا ف ب
مخيم اليرموك(أرشيفية)- ا ف ب
حذر تقرير نشره مركز مراقبة الشرق الأوسط "ميمو" في لندن من الكارثة الإنسانية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق. ونقل التقرير عن المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة "أونروا" كريستوفر غانيس قوله إن "التقارير عن وفاة البعض نتيجة الجوع مثيرة للقلق". 

وجاء التقرير الذين أعدته هنريت يوهانس تحت عنوان "المجتمع الفلسطيني: فرق تسد"، وناقشت فيه الكاتبة وضع المخيم منذ تحوله إلى ساحة معركة بين المعارضة والحكومة السورية. وقالت إن ستة من تسع مخيمات فلسطينية في سورية تحولت لساحة حرب وجزء من إستراتيجية الحرب المرعبة التي يستخدمها النظام، مما أدى إلى حالة من الجوع والحرمان والبؤس التي انتشرت بين سكانه. وأقيمت حوله العديد من نقاط التفتيش والحواجز بشكل أصبح فيه من المحال على سكان المخيم الخروج والحصول على مساعدات الأمم المتحدة. 

وقال غانيس "منذ دخول المسلحين المخيم في أيلول/ سبتمبر لم تعد الأونروا قادرة على توزيع المواد الغذائية على سكانه، وقامت بفتح نقطة توزيع خارج المخيم في حي الزاهرة، حيث كان الأهالي يخرجون ويأخذون حصصهم .. أما الآن فقد صار الأمر مستحيلا"، نظرا للحصار المفروض عليه.   وعليه، يتعرض ما بين 18- 20 ألف لاجيء فلسطيني لخطر الجوع والموت.

وأصبحت قضية الفلسطينيين في مخيم اليرموك جزءا من لعبة النظام الذي يحاول السيطرة على القضية الفلسطينية منذ النكبة، حيث قام الرئيس حافظ الأسد وابنه بشار بمحاولة التحكم بالفلسطينيين وسكان المخيم. وينقل التقرير عن المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان كيف دعا النظام بعد انتفاضة سورية ربيع 2011 سكان المخيم إلى الزحف نحو الجولان، حيث قتل بعض من استجاب لنداءات ممثلي النظام والفصائل، وعندما جرت مظاهرات واحتجاجات أثناء تشييع جثامين القتلى قامت "الجبهة الشعبية- القيادة العامة" بإطلاق النار على المتظاهرين وجرحت 40 منهم. وأصبحت الجبهة الشعبية امتدادا لذراع النظام داخل المخيم. ويقول الفلسطينيون إن النظام استخدم المطالب الشرعية للفلسطينيين في محاولته لقمع الانتفاضة.

ونقلت يوهانسون عن غانيس قوله إن الأونروا تحاول جهدها التصدي لمأساة فلسطينيي اليرموك، مضيفا أن المرة الوحيدة التي سمحت فيها السلطات لموظفي الأمم المتحدة بالدخول، كانت لحقن الأطفال ضد مرض شلل الأطفال، "ومنذ تلك الفترة علمنا أن بعض السكان رحلوا نحو جنوب دمشق، وهذه أخبار سعيدة، ولكنها قد تكون لمرة واحدة". وأضاف "نواصل في تصريحاتنا العلنية مطالبة كل الأطراف المتنازعة باحترام القوانين الدولية ورفع الحصارعن المدنيين".

ويرى التقرير أن الحرب في سورية تركت أثرا كبيرا على اللاجئين الفلسطينيين، حيث يعيشون فرقة ويواجهون بعضهم البعض. كل هذا على الرغم من حس التضامن والوطنية الذي يتسم به ذلك المجتمع. ويرى التقرير أن طبيعة الحرب بالوكالة التي تجري في سورية قد تركت أثرها على واقع المجتمع الفلسطيني وقسّمته، بعد أن كان متحدا حول الهدف الواحد.
 
ويقول غانيس إن الإنتفاضة السورية تعتبر أكبر أزمة يعانيها الفلسطينيون داخل مخيمات سورية، إذ أنها جلبت كل مظاهر غياب الوطن، والتأثر بالعوامل الخارجية بحيث جعلت الفلسطينيين كما تقول الكاتبة مثل "الدمى تحرك بخيوط". ويقول غانيس إن الفلسطينيين في سورية يواجهون مستقبلا فقدوا فيه حس الأمن.

وعن الجهود التي تقوم بها الأونروا، قال إنها تؤكد على أهمية الإستثمار في صلابة الفلسطينيين وتقوم بحملة لجمع 17.4 مليون دولار للقيام بمساعدة الفلسطينيين المشردين، حيث ستركز الحملة على مشاريع صغيرة، وعلى التدريب المهني وإعادة اعمار ما هدمته الحرب وتوفير فرص العمل.

ويشير التقرير إلى أن الفلسطينيين يعانون من نقص حاد في المياه والكهرباء والطعام والخدمات الصحية وغيرها. وتأثروا كثيرا بفقدانهم فرص العمل التي كانت تعتبر عماد حياتهم، فقد زاد مستوى الفقر في سورية وبين الفلسطينيين كانت معدلاته أكثر. ويواجه الفلسطينيون الذين فروا إلى المخميات الفلسطينينة في لبنان والمزدحمة أصلا وضعا صعبا، خاصة أن الخدمات قليلة والفرص أقل، ويواجهون مواقف عدائية من السكان المحليين بسبب التنافس على فرص العمل وقلتها.

وأجبرت المواجهات بين الحكومة ومقاتلي المعارضة في منطقة دمشق وريفها الآلاف على الرحيل إلى لبنان، وبعضهم انتقل إلى الحسينية وكفر الشيخ ومناطق أخرى. ويظل هؤلاء هم الأكثر حاجة بين المشردين.

وفي الوقت الذي لم يعد هؤلاء وغيرهم من المحاصرين في المخيمات قادرين على الحصول على الخدمات الطبية بسبب الحصار، إلا أن الاونروا استعانت بالخدمات الطبية المتنقلة، والتثقيف عبر الفضائيات لتخففيف المعاناة الصحية عنهم، كما قامت بتوزيع حصص مالية على اللاجئين، خاصة من الذين فروا إلى لبنان، وقدمت لهم بعض المساعدات الطبية، وأغطية وملابس.

وفي الوقت الذي تدعو فيه منظمات الإغاثة إلى حل سياسي ودائم، يرى غانيس أن الفلسطينيين يحتاجون لهذا الحل العادل أكثر من غيرهم، وإلا فإن معاناة أهالي مخيم اليرموك ستتواصل.
التعليقات (0)