حقوق وحريات

في سجن 5 العراقي ينشغل الجلادون بعمليات الإعدام

صورة من تنفيذ الإعدام بحق صدام حسين (يمين)، و أحمد عمر عبد القادر أحد المحكومين بالإعدام في العراق (يسار)- أ ف ب أرشيفية
صورة من تنفيذ الإعدام بحق صدام حسين (يمين)، و أحمد عمر عبد القادر أحد المحكومين بالإعدام في العراق (يسار)- أ ف ب أرشيفية
قالت صحيفة "ديلي تلغراف" نقلا عن ناشطين في حقوق الإنسان في العراق وقاض سابق أن معظم حالات الإعدام، وما أكثرها في العراق تتم بناء على أدلة واهية أو بعد انتزاع اعترافات من المعتقلين بالتعذيب.
 ويقول التحقيق الذي كتبه كولين فريمان أن الحكومة، وإن زعمت أن عقوبة الأعدام والأرقام العالية هي رادع ضروري للإرهاب، فإن سياستها تزيده سوءا. 
وقال ناشطو حقوق الإنسان إن عام 2013 هو الأسوأ من ناحية العمليات الإرهابية منذ عام 2008، وبلغ عدد القتلى هذا العام 6200 جراء التفجيرات والعمليات الإنتحارية.
وأضافوا أن سياسة الإعدامات  تهدد بتغذية المشاعر الطائفية، لأنها تُستخدم بطريقة غير متناسبة ضد السنّة الذين يدعم بعضهم تنظيم القاعدة الذي يشن حاليا حربا على الحكومة التي يتسيّدها الشيعة في بغداد.
وقالت الصحيفة إن غرف الإعدام نشيطة في العراق، وكفيلة بتعليم الجلاد طرقها بعد مهزلة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2006.  وقال إن كل حالات الإعدام تتم خلف جدران معسكر فايف، السجن الأمني في بغداد، حيث تنشط الحركة في غرف الإعدام التي يمشي إليها من صدرت عليهم الأحكام مشيتهم الأخيرة،وهناك يتم وزنهم وقياس طولهم.
وتؤخذ المعلومات بعد ذلك وتقارن بالكشوفات التي تشير  إلى طول الحبل الواجب استخدامه في المقصلة، وإن كان قصيرا ولا يؤدي لسقوط المحكوم عليه بالموت، أو يجعله معلقا بين الحياة والموت، وقد يكون الحبل طويلا مما يؤدي إلى قطع رأسه كما حدث في العديد من الحالات التي لم يعرف فيها الجلادون طرق وفنون الإعدام.
 ويقول فريمان إن أعداد الذين صدرت عليهم أحكام الموت قد تضاعفت، فهناك 1400 شخص ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام وفي هذا العام أعدمت الحكومة العراقية 132 شخصا، وهو أكبر رقم يسجل في العراق منذ أعيد العمل بقانون الإعدام عام 200، وعودة العراق للوضع الذي كان عليه في عهد صدام حسين، كأشهر بلد في العالم يستخدم عقوبة الإعدام.
 ومن هنا تقوم وزارة العدل في كل شهر أو أشهر بالإعلان عن المجموعة القادمة تحت فرع من فروع موقعها على الإنترنت يعرفه القاريء من صورة المقصلة. 
ويقول التقرير إن صدام كان أول شخص يسقط من المقصلة في "كامب 5" الذي استخدم كمركز للتحقيق معه من قبل المحققين الأمريكيين قبل نقله إلى كامب جاستيس"، مضيفا أنه "وفي الوقت الذي لم يكن هناك أحد يشك في ذنب صدام، فهذا لا يمكن سحبه على الكثيرين ممن لحقوا به إلى المقصلة". 
ونقل التقرير عن محلل ملف العراق في منظمة "هيومان رايتس ووتش" إرين ايفرز أن "هناك ربط واضح بين إعلانات الإعدام وتصاعد العمليات الإنتحارية"، ويبدو أن الإعدامات تقوم باستفزاز العنف لا وقفه على حد قولها.
 ومن بين حالات المحكومين التي تبنت أمنستي الدفاع عنها تلك المتعلقة بمحمود عمر عبد القادر، الذي اعتقل أثناء مواجهات مع الشرطة عام 2006 بعد الإشتباه بقيامه بصناعة المتفجرات.
 وتقول والدته التي طلبت عدم ذكر اسمها إن ابنها وجد نفسه وسط إطلاق نار عندما كان في السوق. لكن هذا لم ينفع كثيرا عندما وقّع على اعتراف تم انتزاعه من بالإكراه من قبل وحدة الذئب داخل مراكز الشرطة العراقية المعروفة بطرقها في التحقيق والتعذيب.
وتقول والدته إن تلك الوحدة "قامت بسكب الشاي الساخن على كتفيه ثم فركتها بالملح"، مشيرة إلى صورة على هاتفها النقال مأخوذة من تقرير للطبيب، وأضافت "ثم حفروا يديه وركبتيه بالدريل".
وتقوم والدته بزيارته مرة كل شهرين، وتتحدث إليه من خلال القضبان الحديدية، حيث يجلس وهو يلبس زي المحكومين بالإعدام ويداه ورجلاه مكبلتان. ولا تعرف أية زيارة من زياراتها ستكون الأخيرة له، مضيفة إنهم "لا يقومون في العادة بإبلاغ العائلات مقدما عن موعد تنفيذ الحكم، وأحيانا يخبرونها بعد تنفيذ الحكم". وفي بعض الأحيان "ذهبت عائلات محكومين لزيارتهم ليقال لهم إنهم أعدموا. 
ويقول النقاد لهذه السياسة إن المحكوم عليهم لا  تحترم كرامتهم الإنسانية في الساعات الأخيرة لهم، فالحكومة العراقية لا تعلن عن الطريقة التي يتم فيها تنفيذ الحكم ولا الإجراءات، ولا من سيقومون بالتنفيذ او المسؤولين الذين لهم علاقة به.
 ولكن ناشطي حقوق إنسان سمح لهم بدخول زنازين المحكومين لغرض البحث، قيل لهم إنه عندما يتم نقل المجموعة لغرف الإعدام، فان من ينتظرون دورهم عادة ما يشاهدون رفاقهم يعدمون قبلهم. ويقولون إن غرف النساء حيث تعتقل فيها 40 إمرأة يسمع صوت المقصلة وهي تتحرك بوضوح فيها . 
وسؤال كم من هؤلاء الذين أعدموا تم تنفيذ الحكم عليهم ظلما أمر مفتوح للنقاش، حيث يقول ضابط أمريكي  ساعد العراقيين في إعادة تنظيم الإجراءات القضائية بين 2003- 2010 إنه خلافا لما يقوله ناشطو حقوق الإنسان، فالشرطة العراقية تتخير بذكاء من تعتقل  "فمعظم هؤلاء الأشخاص متورطون بالإرهاب بطريقة أو بأخرى، والعملية ليست جمع عشوائي، والتفكير بهذا الاتجاه أمر فيه نوع من الإتهام"، لكن الوضع كما يقول، مختلف في الحالات التي تتعامل معها وزارة العدل، والتي لا تسيطر عليها الولايات المتحدة كثيرا. 
 ويقوم القضاة الذين يتعرضون لمحاولات الاغتيال من المسلحين والضغط من الحكومة بالاعتماد في الحماية على فرق مكافحة الإرهاب، مما يؤثر في النهاية على حياديتهم، كما يقول قاض سابق تعرض لثلاث محاولات اغتيال.
 ويوضح القاضي السابق إن وزارة الداخلية اعتبرته متسامحا لأنه يريد إعادة فحص كل حالات المحكومين بالإعدام ممن صدرت الأحكام عليهم بناء على اعترافاتهم، ويضيف "كنت أجد نسبة 60 % من الإعترافات انتزعت بعبر التعذيب لدرجة احتاجت فيها الشرطة إلى قاض آخر إن أرادت المصادقة على الإعدام. 
ونقلت عن سامي العسكري، المستشار لرئيس الوزراء نوري المالكي أن عائلات الضحايا عادة ما تتهم الحكومة بالتهاون، ولذلك "نحتاج إلى ردع"، مضيفا "هذه ليست لندن، هنا ساحة حرب ونريد الإنتصار". وفي الوقت الحالي لا تزال والدة عبد القادر تنتظر، حيث تم إعدام زميله في الزنزانة محمد صالح عبيد. وتظهر صورة الأخير في كيس نايلون بعد أن طلب من عائلته القدوم وأخذ الجثة. وتقول إن 3 من زملاء ابنها أعدموا، مضيفة "أناشد العالم، وباراك أوباما وأي شخص، أن يساعدوني".


.
التعليقات (0)