مقالات مختارة

لبنان نحو العرقنة

علي حمادة
1300x600
1300x600
تتراكم المؤشرات المقلقة على الساحة اللبنانية والتي تدفعنا الى الاعتقاد ان لبنان لن يبقى ساحة مضبوطة الى أمد بعيد. والمؤشرات التي نتحدث عنها لا تحصى، لكننا نختار في ما يأتي عدداً منها للإضاءة على خطورة المرحلة:

1 – لقد رمى تورّط "حزب الله" في الحرب السورية بثقل هائل على التركيبة اللبنانية والتوازنات الداخلية الدقيقة، بحيث أنه شكّل القطيعة النهائية والتامة بين الزعم أن الحزب لبناني وحقيقة أنه تنظيم إقليمي بكوادر وجمهور لبناني. العقل الآمر مقيم في طهران وشريك له، وأما الأعضاء المنفّذة ففي لبنان، وأدى دفع لبنانيين جرى تنظيمهم وتدريبهم وتسليحهم باعتبار أنهم سيقاتلون إسرائيل دفاعاً عن لبنان، الى القتال في سوريا، الى إحداث صدع وطني كبير، لن تتأخر مفاعيله الدراماتيكية في الظهور.
2 – بين الرد السوري على تورّط "حزب الله" في قتل السوريين، وبداية اتجاه شرائح من اللبنانيين أصابهم اليأس من إمكان التعايش مع ما يعتبرونه ظلم "حزب الله" التنظيم المذهبي الطائفي الإقليمي الإمرة، يترسخ وضع "لبنان الساحة" مرة جديدة، وقد أثبتت عودة السيارات المفخخة من هنا وهناك أن لبنان دخل عملياً مرحلة تصفية الحسابات وتفجير سفارة إيران لن يكون الأخير.
3 – إن أحد أخطر مظاهر التوتر الطائفي والمذهبي الذي تعاظم حقيقة بعد عام 2005، وبعد غزوات 7 و11 أيار، وتوجيه الاتهامات الى قيادات من "حزب الله" بالضلوع في قتل الرئيس رفيق الحريري، أن الساحة السنية التي حورب ولا يزال الاعتدال الغالب فيها بلا هوادة، بدأت تشهد تعاظماً في مظاهر التشدد والتطرّف إزاء تصرفات "حزب الله". وبدلاً من سعد الحريري الذي يمثل الشارع العريض المعتدل والميثاق عند السنة، نشهد بروز شارع اعتراضي غاضب وثائر بفعل يأسه من امكان التعايش مع مشروع "حزب الله" بصيغته الأكثر صلفاً. ونحن نرى في تفجير السفارة الإيرانية أخيراً، وقد تبيّن أن لبنانياً من عائلة مرموقة ومحترمة اشترك في العمل الانتحاري، أمراً خطيراً للغاية.
4 – من الإشارات الخطيرة أيضاً ما حصل في الجامعة اليسوعية، وقد اتخذ مضموناً طائفياً مؤكداً بعدما عمد طلاب "حزب الله" الى التصرّف في الجامعة الكاثوليكية مثلما دأبوا على التصرّف في الجامعات الأخرى في المناطق التي يهيمنون عليها من الجامعة اللبنانية الى الاميركيتين. وفي المرة المقبلة (وسوف تكون مرة مقبلة) ستسيل دماء في اليسوعية لا محالة.
5 – مؤشر آخر الى أن لبنان متجه الى انفجار كبير، وانهيار الدولة ومؤسساتها بشكل شبه تام، وانهيار هيبة المؤسسات الأمنية والعسكرية (الجيش ليس استثناء)، وترسخ فكرة في إذهان اللبنانيين مفادها أن الدولة لا تحميهم من الميليشيا. ونحن نشهد راهناً مستويات مخيفة من الكلام الطائفي العدائي في كل اتجاه.
هذه عينة من المؤشرات المخيفة. والمؤسف أن لبنان ينزلق يوماً بعد يوم في العرقنة.
(النهار 30 نوفمبر 2013)
التعليقات (0)