سياسة دولية

إعادة محاكمة مجرمي حرب البوسنة بقانون "أكثر رأفة"

نبش قبر جماعي في بلدة توماسيكا في البوسنة يوم الاثنين الماضي (أ ف ب)
نبش قبر جماعي في بلدة توماسيكا في البوسنة يوم الاثنين الماضي (أ ف ب)

سيعود مئات من مجرمي الحرب الصرب المحكومين من قبل القضاء المحلي في البوسنة لارتكابهم جرائم حرب خلال الحرب في التسعينيات من القرن الماضي؛ الى المحاكم لإعادة محاكمتهم بموجب قانون "أكثر رأفة" بعد قرار محكمة أوروبية، على الرغم من اعتراض الناجين وأسر الضحايا المسلمين المستائين.

وقالت هاتيديا محمدوفيتش، وهي من سربرينيتسا وقتل ابناها وزوجها في المجزرة التي ارتكبتها قوات صرب البوسنة وراح ضحيتها حوالي ثمانية آلاف مسلم في تموز/يوليو 1995: "انها فضيحة". وأضافت: "عار على القضاة الذين يكافئون الإبادة ويواصلون معاقبة الضحايا. نحن مستاؤون وخائفون لأنهم بدأوا الافراج عن أسوأ الجلادين".

ومنذ تشرين الأول/ اكتوبر، أفرجت الغرفة المكلفة جرائم الحرب في محكمة الدولة في البوسنة عن 12 رجلاً كانوا محكومين لارتكابهم جرائم حرب. وقتل في البوسنة أكثر من 100 ألف شخص.


وكان احد هؤلاء غورام داميانوفيتش، العسكري الصربي البوسني السابق، محكوماً بالسجن أحد عشر عاماً ولجأ إلى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان. وقد رأى حينذاك أنه كان يجب ان يحاكم وفق قانون جزائي كان مطبقاً خلال حرب البوسنة (1992-1995) أكثر رأفة من قانون أقر في 2003 وحوكم على أساسه.

وينص القانون الجديد على عقوبة بالسجن لمدة تراوح بين عشر سنوات و45 عاماً لجرائم الحرب، بينما كان القانون السابق يقضي بالسجن بين خمس سنوات و15 عاماً او الاعدام الذي يمكن استبداله بعقوبة السجن 20 عاماً. ولكن بما ان عقوبة الاعدام لم تعد تطبق في البوسنة، بقي القانون السابق أكثر رأفة.

ورأت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان في تموز/ يوليو ان داميانوفيتش محق وأكدت انه ما كان على القضاء البوسني "تطبيق قانون العقوبات الصادر في 2003 بمفعول رجعي".

وحاكمت محكمة الدولة في البوسنة التي أنشئت في 2003 بمشاركة كبيرة من قبل الاسرة الدولية، مئات من مجرمي الحرب الذين ارتكبوا جرائم محدودة للتخفيف من أعباء محكمة الجزاء الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة.

وقال دارغومير فوكوي، وهو قاض بوسني في هذه المحكمة، انها كانت تضم عدداً من القضاة الدوليين في بداياتها لكن آخر هؤلاء رحل في 2012. وأضاف: "عند تدشين الغرفة المكلفة جرائم الحرب، استبقت مدعية محكمة الجزاء الدولية حينذاك كارلا ديل بونتي الى حد ما هذه المشاكل (...) بشأن منع تطبيق قوانين بمفعول رجعي". لكنه أضاف أنه حتى القضاة الدوليون لم يشككوا في صحة تطبيق القانون الجديد.

وبعد قرار المحكمة الاوروبية، اعترف القضاء البوسني بأنه ارتكب الخطأ نفسه في قضايا اخرى وبدأ إلغاء العقوبات والافراج عن المدانين، ومعظمهم من الصرب.

وقال القاضي فوكوي ان 110 احكام تتعلق "بمئات الاشخاص" صدرت حتى اليوم بموجب قانون العقوبات الصادر في 2003.

وصرح محام متخصص بملفات جرائم الحرب دوسكو توميتش لوكالة فرانس برس ان عشرات من دعاوى الاستئناف الاخرى قدمت.

وطلبت النيابة توقيف الذين أفرج عنهم من جديد، خصوصا بسبب احتمال "هروبهم من البلاد"، بانتظار صدور أحكام جديدة عليهم.

ولا يشكك احد في مسؤولية هؤلاء في جرائم حرب، لكن آراء القضاة مختلفة في ما يتعلق بتتمة هذه الاجراءات القضائية.

وقال المحامي توميتش: "في ما يتعلق بموكلي، سأعرض على النيابة التفاوض حول العقوبة فقط طبقاً لقانون العقوبات السابق".

لكن القاضي فوكوي يرى انه سيكون من الضروري على الارجح تقديم "أدلة مهمة من اجل تحديد العقوبة" في محاكمات ستجري من جديد.
التعليقات (0)