سياسة عربية

في ذكرى اعتداء الأيام الثمانية على غزة

معركة "حجارة السجيل" - أرشيفية
معركة "حجارة السجيل" - أرشيفية
شن الكيان الإسرائيلي هجومًا عسكريا واسعا على قطاع غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، قال إنه للقضاء على البنية التحتية للفصائل المسلحة في القطاع، وأطلق عليه اسم عملية "عامود السحاب"، فيما أسمته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ "حرب حجارة السجيل".

بدأ الهجوم يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وانتهى بتوقيع اتفاق تهدئة بوساطة مصر يوم 21 نوفمبر 2012.

وكانت البداية باغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، في غارة شنتها القوات الإسرائلية على وسط مدينة غزة، لتعلن على الفور كتائب القسام الاستنفار العام في صفوف عناصرها في جميع أرجاء قطاع غزة للرد على اغتيال نائب قائدها.

عقب اغتيال الجعبري شنت القوات الإسرائيلية سلسلة غارات مكثفة استهدفت ما قال الجيش الإسرائيلي إنه مخازن لصواريخ ومواقع تابعة لفصائل مسلحة فلسطينية، وأسفرت عن استشهاد تسعة فلسطينيين وإصابة 90 آخرين بجروح مختلفة معظمهم من المدنيين.

في المقابل، قصفت فصائل المقاومة الفلسطينية مستوطنات ومواقع ومدنا إسرائيلية محيطة بقطاع غزة بعشرات من صواريخ "غراد" وكاتيوشا"، وقذائف الهاون.

وأعلنت كل من كتائب القسام، وألوية الناصر صلاح الدين (الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية)، وسرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) بشكل منفصل عن قصف أهداف إسرائيلية محاذية لقطاع غزة بعشرات من القذائف الصاروخية.

منذ ساعات الهجوم الأولى، أخلت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة جميع مقراتها الأمنية، ونشرت كافة عناصرها في الطرقات والشوارع القريبة من تلك المقرات تحسباً لقصفها من قبل الطائرات الإسرائيلية. وأقام عناصر الأجهزة الأمنية حواجز عسكرية في محيط مقراتهم ومنعت الفلسطينيين من الاقتراب منها.

واجتمعت العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية بمدينة غزة، وهددت في بيان صدر عقب اجتماعها برد "موجع وقاسٍ" على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدة أن "جريمة" اغتيال نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري لن تمر "دون عقاب للكيان الإسرائيلي".

وفي السياق، دعا مسؤول العلاقات الدولية في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسامة حمدان (المقيم في لبنان)، إلى أن يكون موقف مصر من الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة على قدر ثورتها (ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011).

وأكد حمدان أن المقاومة الفلسطينية متواجدة في الميدان وسترد على الهجوم الإسرائيلي بالشكل المناسب.

لم يكد اليوم الأول للهجوم على قطاع غزة ينتهي حتى أعلنت كتائب القسام الساعة 23:57 بالتوقيت المحلي (21:57 بتوقيت جرينتش) عن قصفها لمدينة "تل أبيب" وسط الكيان الإسرائيلي بثلاثة صواريخ "محلية الصنع"، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ فصائل المقاومة الفلسطينية.

في المقابل، نفت القناة الإسرائيلية الثانية ما جاء في بيان القسام وقالت إن "هذه حرب إعلامية تخوضها حركة حماس".

وفي اليوم الثاني 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، واصل الجيش الإسرائيلي هجومه على قطاع غزة، وشمل غارات بطائرات حربية ومروحية واستطلاع، وقذفًا بالمدفعية، والزوارق الحربية.

وفي صباح اليوم، أعلنت كتائب القسام مجدداً عن قصف مدينة "تل أبيب" بصاروخين من نوع "فجر 5"، إيراني الصنع، وميناء يافا (وسط الكيان الإسرائيلي) بصاروخ من النوع ذاته. كما أعلنت سرايا القدس عن قصفها "تل أبيب" بصاروخ من نوع "فجر 5".

واعترف الكيان الإسرائيلي لأول مرة بسقوط صواريخ على مدينة "تل أبيب"، وقال الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن أضراراً لحقت بالشبكة الخلوية في "تل أبيب" جراء سقوط ثلاثة من الصواريخ الفلسطينية عليها.

نتيجة لخطورة الأوضاع جراء الهجمات الإسرائيلية، أعلنت كل من حكومة غزة (التي تديرها حركة حماس)، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بقطاع غزة عن إغلاق كافة مؤسساتهما التعليمية.

قبل نهاية اليوم الثاني، أعلنت كتائب القسام عن استهداف طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ أرض جو أثناء إغارتها على القطاع، وكانت هذه المرة الأولى التي يعلن فيها تنظيم فلسطيني عن استهداف طائرة إسرائيلية. كما أعلنت القسام إسقاطها طائرة استطلاع من النوع الحامل للصواريخ.

لم تعلق السلطات الإسرائيلية على خبر استهداف الطائرة الحربية، إلا أنها اعترفت بفقدان طائرة الاستطلاع.

انتهى اليوم الثاني بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 20 فلسطينيا وإصابة 180 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وفي اليوم الثالث 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، بدأ الكيان الإسرائيلي في شن غارات مكثفة على قطاع غزة تواصلت ختى نهاية اليوم.

قبل أن تبزغ شمس يوم الجمعة، أعلنت القسام مجدداً عن قصف "تل أبيب" بصاروخ من نوع "فجر 5"، وقصف مدينة القدس بصاروخ محلي الصنع يحمل اسم "M75".

اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بـ "سقوط صاروخ فلسطيني في منطقة مفتوحة خارج مدينة القدس دون أن يؤدي ذلك لوقوع إصابات".

وفي صباح اليوم، وصل رئيس الوزراء المصري (السابق) هشام قنديل إلى القطاع على رأس وفد كبير ضم وزراء وقيادات أمنية في زيارة استغرقت ثلاث ساعات أعلن خلالها تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني.

والتقى قنديل رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية، وزار مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، حيث نقل إليه المئات من ضحايا الهجمات الإسرائيلية.

وتزامنت زيارة قنديل لمجمع الشفاء مع استشهاد فلسطينيين، أحدهما طفل، إثر غارة إسرائيلية على منطقة النزلة في منطقة جباليا بقطاع غزة.

وكان من أبرز ما قال قنديل، إن "مصر ستقف بجانب أبنائها في فلسطين إلى غاية استرجاع حقوقهم المسلوبة (..) ما شاهدته اليوم في غزة وما شاهدته في المستشفى لا يمكن السكوت عليه".

 وأعلن أن زيارته بداية لزيارات رسمية وغير رسمية لوفود مصرية أخرى.

مع انتهاء اليوم الثالث أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن قصفها بعشرات الصواريخ مدنا ومستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع، أبرزها: بئر السبع، وأسدود، وأوفوكيم، وسديروت، والعين الثالثة.

 انتهى اليوم الثالث بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 31 فلسطينياً وإصابة أكثر من 285 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء، بحسب وزارة الصحة في غزة.

في اليوم الرابع 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، كثّف الكيان الإسرائيلي من قصفه قطاع غزة في اليوم الرابع للعدوان، واستهدف في بداية اليوم أكبر مقرات الشرطة الفلسطينية غرب مدينة غزة (الجوازات) بأربعة صواريخ ما أدى إلى اشتعال حريق ضخم في المقر، والتسبب بأضرار بالغة في المباني والمنازل المحيطة به.

وشن الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 غارة على منطقة الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية؛ ما أدى إلى تدمير عدد كبير منها.

وكان الحدث الأبرز في اليوم الرابع للهجوم استهداف القوات الإسرائيلية مقر الحكومة الفلسطينية في مدينة غزة المكون من أربعة طوابق وتدميره بالكامل، دون أن يؤدي القصف لوقوع أي إصابات في صفوف الفلسطينيين.

و انتهى اليوم الرابع بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 49 قتيلاً وأكثر من 465 جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين.

وفي اليوم الخامس  18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ارتكب الكيان الإسرائيلي مجزرة بحق عائلة الدلو بعد أن قصفت منزلها في حي النصر؛ ما أدى إلى مقتل 11 فرداً من العائلة بينهم ستة أطفال وثلاث سيدات، وإصابة أكثر من 20 آخرين من ذات العائلة.

 واستهدفت القوات الإسرائيلية بناية يستخدمها صحفيون للتغطية الإخبارية، ما أدى إلى إصابة 13 صحفياً بينهم ثلاثة من طاقم وكالة الأناضول.

واستهدف الجيش الإسرائيلي في ذات اليوم، بناية أخرى للصحفيين، ما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم بجروح مختلفة، فضلا عن تنفيذ نحو 60 غارة في أقل من ساعتين في أنحاء متفرقة من مدن قطاع غزة.

وأُعلن في اليوم الخامس عن جهود تبذل لتهدئة الأوضاع في غزة، وأعلن مكتب رئاسة الحكومة بقطاع غزة عن إجراء إسماعيل هنية اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي تباحثا خلالها الجهود المبذولة لفرض التهدئة.

في نهاية اليوم، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى 67 قتيلاً بينهم 23 طفلاً وست سيدات وثمانية مسنين، إضافة إلى أكثر من 591 جريحاً بينهم 16 صحفياً، ومسعف، و255 طفلاً وامرأة.

وفي اليوم السادس 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، عقد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل مؤتمراً صحفياً في القاهرة، قال فيه إن "قطاع غزة وقف شامخاً في وجه آلة الإرهاب والقتل والتدمير الإسرائيلية وكل من يدعمها ويتواطأ معها". 

وأضاف مشعل: "من يعتدي على فلسطين يقبر فيها ولا ينتصر على شعبها كما لم تنتصر كل جحافل الغزاة على شعوبنا العربية والإسلامية منذ سنين".

وعادت القوات الإسرائيلية، واستهدفت في اليوم السادس للهجوم، بناية يستخدمها صحفيون لتغطية أحداث الهجوم؛ ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة ثمانية آخرين، ليرتفع عدد الصحفيين المصابين إلى 24 صحفياً.

مع نهاية اليوم السادس، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى 100 فلسطيني وإصابة 770 آخرين.

وفي اليوم السابع 20 تشرين الثاني/ نوفمبر/ تشرين 2012، كانت زيارة أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية التركي، إلى قطاع غزة.

والتقى داود أوغلو رئيس الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة إسماعيل هنية، وعددا من مسؤولي الحكومة وزاروا مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، ومنزل عائلة الدلو التي قتلت القوات الإسرائيلية 11 من أفرادها في قصف استهدف منزلهم.

ووثقت الكاميرات إجهاش أوغلو بالبكاء في مشفى الشفاء، لحظة مراقبته لبكاء أب فلسطيني ينعى ابنته الشابة التي قتلت جراء قصف الجيش الإسرائيلي لمنزلها.

في هذا اليوم أيضا، زار القطاع وزراء خارجية مصر والسودان ولبنان والعراق والسلطة الفلسطينية وتونس والأردن والكويت والمغرب وقطر والسعودية.

وقصفت القوات الإسرائيلية في هذا اليوم مبنى البنك الوطني الإسلامي (التابع لحركة حماس) في مدينة غزة بصاروخين؛ ما أدى إصابة إصابة أربعة أطفال فلسطينيين.

وبثت قناة الأقصى التابعة لحركة "حماس" تسجيلاً للقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، قال فيه إن "العدو سيدفع ثمنا باهظا لحجم الجريمة الشنعاء التي ارتكبها ضد القائد الجعبري والشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، مؤكداً على أن قيادة القسام في حالة انعقاد دائم تتابع سير المعركة، وتتابع كل أمورها على مدار الساعة.

وعقب مغادرة وفد وزراء الخارجية، قتلت القوات الإسرائيلية اثنين من الصحفيين الفلسطينيين، بعد استهدافها سيارتهما في مدينة غزة.

في نهاية اليوم، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية إلى 146 قتيلاً، وألف ومائة جريح.

وفي اليوم الثامن 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، واصلت المقاتلات الإسرائيلية قصف أهداف متفرقة بكثافة في قطاع غزة.

مع حلول ساعات المساء، فجر أحد المقاومين تابع لكتائب القسام عبوة ناسفة داخل حافلة إسرائيلية في "تل أبيب"؛ ما أسفر عن إصابة 10 إسرائيليين بينهم خمسة إصابات في "حالة خطيرة".

عقب عملية تفجير الحافلة، أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن توقيع اتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" يبدأ سريانه الساعة الـ 21 بالتوقيت المحلي و(19 تغ) من مساء الأربعاء، ويشمل وقف الهجمات من الجانبين، وتسهيل حركة المعابر والسكان.

مع دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ، خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مسيرات عفوية جابت شوارع وطرقات محافظات قطاع غزة؛ احتفالاً باتفاق التهدئة الذي اعتبروه "انتصاراً للمقاومة الفلسطينية".

أصدر رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية تصريحاً، قال فيه إن "الحكومة راضية باتفاق التهدئة الذي تم توقيعه بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" بوساطة مصرية".

وأضاف: "راضون عن هذا الاتفاق وفخورون بصمود شعبنا الفلسطيني ومقاومته التي أثبت قدرتها على حماية شعبنا وردع الاحتلال".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن العدد الإجمالي لضحايا الهجوم الإسرائيلي بلغ ألفًا و383 فلسطينيا بينهم 161 شهيدًا وألف و 222 جريحاً.

وقال الجيش الإسرائيلي في نهاية الهجوم إنه شن 500 غارة، فيما أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن قصف جنوب ووسط الكيان الإسرائيلي بأكثر من 2823 قذيفة صاروخية، منها 11 صاروخا سقطت في مدينتي القدس و"تل أبيب".

وبينما لم يعلن الجانب الإسرائيلي عن الرقم الإجمالي لضحايا هجمات الفصائل الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط ستة قتلى (عسكريين اثنين، وأربعة مدنيين)، فضلا عن 240 جريحا، وإسقاط طائرة استطلاع واحدة.

محللون عسكريون رأوا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فشلت في تحقيق كافة ما أعلنت عنه من أهداف استراتيجية للحرب على غزة، فيما كشفت غبار المعركة على المستوى الفلسطيني، تحقيق المقاومة للعديد من المنجزات ذات الطابع الاستراتيجي، راكمت من قوة الموقف الفلسطيني المتجه نحو التحرير.

ورغم حجم الخسائر المادية التي ألحقتها آلة الحرب الإسرائيلية بالبنى التحتية في قطاع غزة، وما قتلته من أطفال ونساء، إلا أنَّ ما حققته المقاومة الفلسطينية، كان مفاجأة أذهلت العالم والكيان الإسرائيلي. شن الكيان الإسرائيلي هجومًا عسكريا واسعا على قطاع غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، قال إنه للقضاء على البنية التحتية للفصائل المسلحة في القطاع، وأطلق عليه اسم عملية "عامود السحاب"، فيما أسمته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ "حرب حجارة السجيل".

بدأ الهجوم يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وانتهى بتوقيع اتفاق تهدئة بوساطة مصر يوم 21 نوفمبر 2012.

وكانت البداية باغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، في غارة شنتها القوات الإسرائلية على وسط مدينة غزة، لتعلن على الفور كتائب القسام الاستنفار العام في صفوف عناصرها في جميع أرجاء قطاع غزة للرد على اغتيال نائب قائدها.

عقب اغتيال الجعبري شنت القوات الإسرائيلية سلسلة غارات مكثفة استهدفت ما قال الجيش الإسرائيلي إنه مخازن لصواريخ ومواقع تابعة لفصائل مسلحة فلسطينية، وأسفرت عن استشهاد تسعة فلسطينيين وإصابة 90 آخرين بجروح مختلفة معظمهم من المدنيين.

في المقابل، قصفت فصائل المقاومة الفلسطينية مستوطنات ومواقع ومدنا إسرائيلية محيطة بقطاع غزة بعشرات من صواريخ "غراد" وكاتيوشا"، وقذائف الهاون.

وأعلنت كل من كتائب القسام، وألوية الناصر صلاح الدين (الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية)، وسرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) بشكل منفصل عن قصف أهداف إسرائيلية محاذية لقطاع غزة بعشرات من القذائف الصاروخية.

منذ ساعات الهجوم الأولى، أخلت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة جميع مقراتها الأمنية، ونشرت كافة عناصرها في الطرقات والشوارع القريبة من تلك المقرات تحسباً لقصفها من قبل الطائرات الإسرائيلية. وأقام عناصر الأجهزة الأمنية حواجز عسكرية في محيط مقراتهم ومنعت الفلسطينيين من الاقتراب منها.

واجتمعت العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية بمدينة غزة، وهددت في بيان صدر عقب اجتماعها برد "موجع وقاسٍ" على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدة أن "جريمة" اغتيال نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري لن تمر "دون عقاب للكيان الإسرائيلي".

وفي السياق، دعا مسؤول العلاقات الدولية في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسامة حمدان (المقيم في لبنان)، إلى أن يكون موقف مصر من الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة على قدر ثورتها (ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011).

وأكد حمدان أن المقاومة الفلسطينية متواجدة في الميدان وسترد على الهجوم الإسرائيلي بالشكل المناسب.

لم يكد اليوم الأول للهجوم على قطاع غزة ينتهي حتى أعلنت كتائب القسام الساعة 23:57 بالتوقيت المحلي (21:57 بتوقيت جرينتش) عن قصفها لمدينة "تل أبيب" وسط الكيان الإسرائيلي بثلاثة صواريخ "محلية الصنع"، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ فصائل المقاومة الفلسطينية.

في المقابل، نفت القناة الإسرائيلية الثانية ما جاء في بيان القسام وقالت إن "هذه حرب إعلامية تخوضها حركة حماس".

وفي اليوم الثاني 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، واصل الجيش الإسرائيلي هجومه على قطاع غزة، وشمل غارات بطائرات حربية ومروحية واستطلاع، وقذفًا بالمدفعية، والزوارق الحربية.

وفي صباح اليوم، أعلنت كتائب القسام مجدداً عن قصف مدينة "تل أبيب" بصاروخين من نوع "فجر 5"، إيراني الصنع، وميناء يافا (وسط الكيان الإسرائيلي) بصاروخ من النوع ذاته. كما أعلنت سرايا القدس عن قصفها "تل أبيب" بصاروخ من نوع "فجر 5".

واعترف الكيان الإسرائيلي لأول مرة بسقوط صواريخ على مدينة "تل أبيب"، وقال الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن أضراراً لحقت بالشبكة الخلوية في "تل أبيب" جراء سقوط ثلاثة من الصواريخ الفلسطينية عليها.

نتيجة لخطورة الأوضاع جراء الهجمات الإسرائيلية، أعلنت كل من حكومة غزة (التي تديرها حركة حماس)، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بقطاع غزة عن إغلاق كافة مؤسساتهما التعليمية.

قبل نهاية اليوم الثاني، أعلنت كتائب القسام عن استهداف طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ أرض جو أثناء إغارتها على القطاع، وكانت هذه المرة الأولى التي يعلن فيها تنظيم فلسطيني عن استهداف طائرة إسرائيلية. كما أعلنت القسام إسقاطها طائرة استطلاع من النوع الحامل للصواريخ.

لم تعلق السلطات الإسرائيلية على خبر استهداف الطائرة الحربية، إلا أنها اعترفت بفقدان طائرة الاستطلاع.

انتهى اليوم الثاني بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 20 فلسطينيا وإصابة 180 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وفي اليوم الثالث 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، بدأ الكيان الإسرائيلي في شن غارات مكثفة على قطاع غزة تواصلت ختى نهاية اليوم.

قبل أن تبزغ شمس يوم الجمعة، أعلنت القسام مجدداً عن قصف "تل أبيب" بصاروخ من نوع "فجر 5"، وقصف مدينة القدس بصاروخ محلي الصنع يحمل اسم "M75".

اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بـ "سقوط صاروخ فلسطيني في منطقة مفتوحة خارج مدينة القدس دون أن يؤدي ذلك لوقوع إصابات".

وفي صباح اليوم، وصل رئيس الوزراء المصري (السابق) هشام قنديل إلى القطاع على رأس وفد كبير ضم وزراء وقيادات أمنية في زيارة استغرقت ثلاث ساعات أعلن خلالها تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني.

والتقى قنديل رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية، وزار مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، حيث نقل إليه المئات من ضحايا الهجمات الإسرائيلية.

وتزامنت زيارة قنديل لمجمع الشفاء مع استشهاد فلسطينيين، أحدهما طفل، إثر غارة إسرائيلية على منطقة النزلة في منطقة جباليا بقطاع غزة.

وكان من أبرز ما قال قنديل، إن "مصر ستقف بجانب أبنائها في فلسطين إلى غاية استرجاع حقوقهم المسلوبة (..) ما شاهدته اليوم في غزة وما شاهدته في المستشفى لا يمكن السكوت عليه".

 وأعلن أن زيارته بداية لزيارات رسمية وغير رسمية لوفود مصرية أخرى.

مع انتهاء اليوم الثالث أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن قصفها بعشرات الصواريخ مدنا ومستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع، أبرزها: بئر السبع، وأسدود، وأوفوكيم، وسديروت، والعين الثالثة.

 انتهى اليوم الثالث بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 31 فلسطينياً وإصابة أكثر من 285 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء، بحسب وزارة الصحة في غزة.

في اليوم الرابع 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، كثّف الكيان الإسرائيلي من قصفه قطاع غزة في اليوم الرابع للعدوان، واستهدف في بداية اليوم أكبر مقرات الشرطة الفلسطينية غرب مدينة غزة (الجوازات) بأربعة صواريخ ما أدى إلى اشتعال حريق ضخم في المقر، والتسبب بأضرار بالغة في المباني والمنازل المحيطة به.

وشن الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 غارة على منطقة الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية؛ ما أدى إلى تدمير عدد كبير منها.

وكان الحدث الأبرز في اليوم الرابع للهجوم استهداف القوات الإسرائيلية مقر الحكومة الفلسطينية في مدينة غزة المكون من أربعة طوابق وتدميره بالكامل، دون أن يؤدي القصف لوقوع أي إصابات في صفوف الفلسطينيين.

و انتهى اليوم الرابع بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 49 قتيلاً وأكثر من 465 جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين.

وفي اليوم الخامس  18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ارتكب الكيان الإسرائيلي مجزرة بحق عائلة الدلو بعد أن قصفت منزلها في حي النصر؛ ما أدى إلى مقتل 11 فرداً من العائلة بينهم ستة أطفال وثلاث سيدات، وإصابة أكثر من 20 آخرين من ذات العائلة.

 واستهدفت القوات الإسرائيلية بناية يستخدمها صحفيون للتغطية الإخبارية، ما أدى إلى إصابة 13 صحفياً بينهم ثلاثة من طاقم وكالة الأناضول.

واستهدف الجيش الإسرائيلي في ذات اليوم، بناية أخرى للصحفيين، ما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم بجروح مختلفة، فضلا عن تنفيذ نحو 60 غارة في أقل من ساعتين في أنحاء متفرقة من مدن قطاع غزة.

وأُعلن في اليوم الخامس عن جهود تبذل لتهدئة الأوضاع في غزة، وأعلن مكتب رئاسة الحكومة بقطاع غزة عن إجراء إسماعيل هنية اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي تباحثا خلالها الجهود المبذولة لفرض التهدئة.

في نهاية اليوم، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى 67 قتيلاً بينهم 23 طفلاً وست سيدات وثمانية مسنين، إضافة إلى أكثر من 591 جريحاً بينهم 16 صحفياً، ومسعف، و255 طفلاً وامرأة.

وفي اليوم السادس 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، عقد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل مؤتمراً صحفياً في القاهرة، قال فيه إن "قطاع غزة وقف شامخاً في وجه آلة الإرهاب والقتل والتدمير الإسرائيلية وكل من يدعمها ويتواطأ معها". 

وأضاف مشعل: "من يعتدي على فلسطين يقبر فيها ولا ينتصر على شعبها كما لم تنتصر كل جحافل الغزاة على شعوبنا العربية والإسلامية منذ سنين".

وعادت القوات الإسرائيلية، واستهدفت في اليوم السادس للهجوم، بناية يستخدمها صحفيون لتغطية أحداث الهجوم؛ ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة ثمانية آخرين، ليرتفع عدد الصحفيين المصابين إلى 24 صحفياً.

مع نهاية اليوم السادس، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى 100 فلسطيني وإصابة 770 آخرين.

وفي اليوم السابع 20 تشرين الثاني/ نوفمبر/ تشرين 2012، كانت زيارة أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية التركي، إلى قطاع غزة.

والتقى داود أوغلو رئيس الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة إسماعيل هنية، وعددا من مسؤولي الحكومة وزاروا مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، ومنزل عائلة الدلو التي قتلت القوات الإسرائيلية 11 من أفرادها في قصف استهدف منزلهم.

ووثقت الكاميرات إجهاش أوغلو بالبكاء في مشفى الشفاء، لحظة مراقبته لبكاء أب فلسطيني ينعى ابنته الشابة التي قتلت جراء قصف الجيش الإسرائيلي لمنزلها.

في هذا اليوم أيضا، زار القطاع وزراء خارجية مصر والسودان ولبنان والعراق والسلطة الفلسطينية وتونس والأردن والكويت والمغرب وقطر والسعودية.

وقصفت القوات الإسرائيلية في هذا اليوم مبنى البنك الوطني الإسلامي (التابع لحركة حماس) في مدينة غزة بصاروخين؛ ما أدى إصابة إصابة أربعة أطفال فلسطينيين.

وبثت قناة الأقصى التابعة لحركة "حماس" تسجيلاً للقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، قال فيه إن "العدو سيدفع ثمنا باهظا لحجم الجريمة الشنعاء التي ارتكبها ضد القائد الجعبري والشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، مؤكداً على أن قيادة القسام في حالة انعقاد دائم تتابع سير المعركة، وتتابع كل أمورها على مدار الساعة.

وعقب مغادرة وفد وزراء الخارجية، قتلت القوات الإسرائيلية اثنين من الصحفيين الفلسطينيين، بعد استهدافها سيارتهما في مدينة غزة.

في نهاية اليوم، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية إلى 146 قتيلاً، وألف ومائة جريح.

وفي اليوم الثامن 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، واصلت المقاتلات الإسرائيلية قصف أهداف متفرقة بكثافة في قطاع غزة.

مع حلول ساعات المساء، فجر أحد المقاومين تابع لكتائب القسام عبوة ناسفة داخل حافلة إسرائيلية في "تل أبيب"؛ ما أسفر عن إصابة 10 إسرائيليين بينهم خمسة إصابات في "حالة خطيرة".

عقب عملية تفجير الحافلة، أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن توقيع اتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" يبدأ سريانه الساعة الـ 21 بالتوقيت المحلي و(19 تغ) من مساء الأربعاء، ويشمل وقف الهجمات من الجانبين، وتسهيل حركة المعابر والسكان.

مع دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ، خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مسيرات عفوية جابت شوارع وطرقات محافظات قطاع غزة؛ احتفالاً باتفاق التهدئة الذي اعتبروه "انتصاراً للمقاومة الفلسطينية".

أصدر رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية تصريحاً، قال فيه إن "الحكومة راضية باتفاق التهدئة الذي تم توقيعه بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" بوساطة مصرية".

وأضاف: "راضون عن هذا الاتفاق وفخورون بصمود شعبنا الفلسطيني ومقاومته التي أثبت قدرتها على حماية شعبنا وردع الاحتلال".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن العدد الإجمالي لضحايا الهجوم الإسرائيلي بلغ ألفًا و383 فلسطينيا بينهم 161 شهيدًا وألف و 222 جريحاً.

وقال الجيش الإسرائيلي في نهاية الهجوم إنه شن 500 غارة، فيما أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن قصف جنوب ووسط الكيان الإسرائيلي بأكثر من 2823 قذيفة صاروخية، منها 11 صاروخا سقطت في مدينتي القدس و"تل أبيب".

وبينما لم يعلن الجانب الإسرائيلي عن الرقم الإجمالي لضحايا هجمات الفصائل الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط ستة قتلى (عسكريين اثنين، وأربعة مدنيين)، فضلا عن 240 جريحا، وإسقاط طائرة استطلاع واحدة.

محللون عسكريون رأوا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فشلت في تحقيق كافة ما أعلنت عنه من أهداف استراتيجية للحرب على غزة، فيما كشفت غبار المعركة على المستوى الفلسطيني، تحقيق المقاومة للعديد من المنجزات ذات الطابع الاستراتيجي، راكمت من قوة الموقف الفلسطيني المتجه نحو التحرير.

ورغم حجم الخسائر المادية التي ألحقتها آلة الحرب الإسرائيلية بالبنى التحتية في قطاع غزة، وما قتلته من أطفال ونساء، إلا أنَّ ما حققته المقاومة الفلسطينية، كان مفاجأة أذهلت العالم والكيان الإسرائيلي. شن الكيان الإسرائيلي هجومًا عسكريا واسعا على قطاع غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، قال إنه للقضاء على البنية التحتية للفصائل المسلحة في القطاع، وأطلق عليه اسم عملية "عامود السحاب"، فيما أسمته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ "حرب حجارة السجيل".

بدأ الهجوم يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وانتهى بتوقيع اتفاق تهدئة بوساطة مصر يوم 21 نوفمبر 2012.

وكانت البداية باغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، في غارة شنتها القوات الإسرائلية على وسط مدينة غزة، لتعلن على الفور كتائب القسام الاستنفار العام في صفوف عناصرها في جميع أرجاء قطاع غزة للرد على اغتيال نائب قائدها.

عقب اغتيال الجعبري شنت القوات الإسرائيلية سلسلة غارات مكثفة استهدفت ما قال الجيش الإسرائيلي إنه مخازن لصواريخ ومواقع تابعة لفصائل مسلحة فلسطينية، وأسفرت عن استشهاد تسعة فلسطينيين وإصابة 90 آخرين بجروح مختلفة معظمهم من المدنيين.

في المقابل، قصفت فصائل المقاومة الفلسطينية مستوطنات ومواقع ومدنا إسرائيلية محيطة بقطاع غزة بعشرات من صواريخ "غراد" وكاتيوشا"، وقذائف الهاون.

وأعلنت كل من كتائب القسام، وألوية الناصر صلاح الدين (الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية)، وسرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) بشكل منفصل عن قصف أهداف إسرائيلية محاذية لقطاع غزة بعشرات من القذائف الصاروخية.

منذ ساعات الهجوم الأولى، أخلت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة جميع مقراتها الأمنية، ونشرت كافة عناصرها في الطرقات والشوارع القريبة من تلك المقرات تحسباً لقصفها من قبل الطائرات الإسرائيلية. وأقام عناصر الأجهزة الأمنية حواجز عسكرية في محيط مقراتهم ومنعت الفلسطينيين من الاقتراب منها.

واجتمعت العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية بمدينة غزة، وهددت في بيان صدر عقب اجتماعها برد "موجع وقاسٍ" على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدة أن "جريمة" اغتيال نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري لن تمر "دون عقاب للكيان الإسرائيلي".

وفي السياق، دعا مسؤول العلاقات الدولية في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسامة حمدان (المقيم في لبنان)، إلى أن يكون موقف مصر من الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة على قدر ثورتها (ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011).

وأكد حمدان أن المقاومة الفلسطينية متواجدة في الميدان وسترد على الهجوم الإسرائيلي بالشكل المناسب.

لم يكد اليوم الأول للهجوم على قطاع غزة ينتهي حتى أعلنت كتائب القسام الساعة 23:57 بالتوقيت المحلي (21:57 بتوقيت جرينتش) عن قصفها لمدينة "تل أبيب" وسط الكيان الإسرائيلي بثلاثة صواريخ "محلية الصنع"، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ فصائل المقاومة الفلسطينية.

في المقابل، نفت القناة الإسرائيلية الثانية ما جاء في بيان القسام وقالت إن "هذه حرب إعلامية تخوضها حركة حماس".

وفي اليوم الثاني 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، واصل الجيش الإسرائيلي هجومه على قطاع غزة، وشمل غارات بطائرات حربية ومروحية واستطلاع، وقذفًا بالمدفعية، والزوارق الحربية.

وفي صباح اليوم، أعلنت كتائب القسام مجدداً عن قصف مدينة "تل أبيب" بصاروخين من نوع "فجر 5"، إيراني الصنع، وميناء يافا (وسط الكيان الإسرائيلي) بصاروخ من النوع ذاته. كما أعلنت سرايا القدس عن قصفها "تل أبيب" بصاروخ من نوع "فجر 5".

واعترف الكيان الإسرائيلي لأول مرة بسقوط صواريخ على مدينة "تل أبيب"، وقال الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن أضراراً لحقت بالشبكة الخلوية في "تل أبيب" جراء سقوط ثلاثة من الصواريخ الفلسطينية عليها.

نتيجة لخطورة الأوضاع جراء الهجمات الإسرائيلية، أعلنت كل من حكومة غزة (التي تديرها حركة حماس)، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بقطاع غزة عن إغلاق كافة مؤسساتهما التعليمية.

قبل نهاية اليوم الثاني، أعلنت كتائب القسام عن استهداف طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ أرض جو أثناء إغارتها على القطاع، وكانت هذه المرة الأولى التي يعلن فيها تنظيم فلسطيني عن استهداف طائرة إسرائيلية. كما أعلنت القسام إسقاطها طائرة استطلاع من النوع الحامل للصواريخ.

لم تعلق السلطات الإسرائيلية على خبر استهداف الطائرة الحربية، إلا أنها اعترفت بفقدان طائرة الاستطلاع.

انتهى اليوم الثاني بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 20 فلسطينيا وإصابة 180 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وفي اليوم الثالث 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، بدأ الكيان الإسرائيلي في شن غارات مكثفة على قطاع غزة تواصلت ختى نهاية اليوم.

قبل أن تبزغ شمس يوم الجمعة، أعلنت القسام مجدداً عن قصف "تل أبيب" بصاروخ من نوع "فجر 5"، وقصف مدينة القدس بصاروخ محلي الصنع يحمل اسم "M75".

اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بـ "سقوط صاروخ فلسطيني في منطقة مفتوحة خارج مدينة القدس دون أن يؤدي ذلك لوقوع إصابات".

وفي صباح اليوم، وصل رئيس الوزراء المصري (السابق) هشام قنديل إلى القطاع على رأس وفد كبير ضم وزراء وقيادات أمنية في زيارة استغرقت ثلاث ساعات أعلن خلالها تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني.

والتقى قنديل رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية، وزار مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، حيث نقل إليه المئات من ضحايا الهجمات الإسرائيلية.

وتزامنت زيارة قنديل لمجمع الشفاء مع استشهاد فلسطينيين، أحدهما طفل، إثر غارة إسرائيلية على منطقة النزلة في منطقة جباليا بقطاع غزة.

وكان من أبرز ما قال قنديل، إن "مصر ستقف بجانب أبنائها في فلسطين إلى غاية استرجاع حقوقهم المسلوبة (..) ما شاهدته اليوم في غزة وما شاهدته في المستشفى لا يمكن السكوت عليه".

 وأعلن أن زيارته بداية لزيارات رسمية وغير رسمية لوفود مصرية أخرى.

مع انتهاء اليوم الثالث أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن قصفها بعشرات الصواريخ مدنا ومستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع، أبرزها: بئر السبع، وأسدود، وأوفوكيم، وسديروت، والعين الثالثة.

 انتهى اليوم الثالث بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 31 فلسطينياً وإصابة أكثر من 285 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء، بحسب وزارة الصحة في غزة.

في اليوم الرابع 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، كثّف الكيان الإسرائيلي من قصفه قطاع غزة في اليوم الرابع للعدوان، واستهدف في بداية اليوم أكبر مقرات الشرطة الفلسطينية غرب مدينة غزة (الجوازات) بأربعة صواريخ ما أدى إلى اشتعال حريق ضخم في المقر، والتسبب بأضرار بالغة في المباني والمنازل المحيطة به.

وشن الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 غارة على منطقة الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية؛ ما أدى إلى تدمير عدد كبير منها.

وكان الحدث الأبرز في اليوم الرابع للهجوم استهداف القوات الإسرائيلية مقر الحكومة الفلسطينية في مدينة غزة المكون من أربعة طوابق وتدميره بالكامل، دون أن يؤدي القصف لوقوع أي إصابات في صفوف الفلسطينيين.

و انتهى اليوم الرابع بارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى 49 قتيلاً وأكثر من 465 جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين.

وفي اليوم الخامس  18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ارتكب الكيان الإسرائيلي مجزرة بحق عائلة الدلو بعد أن قصفت منزلها في حي النصر؛ ما أدى إلى مقتل 11 فرداً من العائلة بينهم ستة أطفال وثلاث سيدات، وإصابة أكثر من 20 آخرين من ذات العائلة.

 واستهدفت القوات الإسرائيلية بناية يستخدمها صحفيون للتغطية الإخبارية، ما أدى إلى إصابة 13 صحفياً بينهم ثلاثة من طاقم وكالة الأناضول.

واستهدف الجيش الإسرائيلي في ذات اليوم، بناية أخرى للصحفيين، ما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم بجروح مختلفة، فضلا عن تنفيذ نحو 60 غارة في أقل من ساعتين في أنحاء متفرقة من مدن قطاع غزة.

وأُعلن في اليوم الخامس عن جهود تبذل لتهدئة الأوضاع في غزة، وأعلن مكتب رئاسة الحكومة بقطاع غزة عن إجراء إسماعيل هنية اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي تباحثا خلالها الجهود المبذولة لفرض التهدئة.

في نهاية اليوم، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى 67 قتيلاً بينهم 23 طفلاً وست سيدات وثمانية مسنين، إضافة إلى أكثر من 591 جريحاً بينهم 16 صحفياً، ومسعف، و255 طفلاً وامرأة.

وفي اليوم السادس 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، عقد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل مؤتمراً صحفياً في القاهرة، قال فيه إن "قطاع غزة وقف شامخاً في وجه آلة الإرهاب والقتل والتدمير الإسرائيلية وكل من يدعمها ويتواطأ معها". 

وأضاف مشعل: "من يعتدي على فلسطين يقبر فيها ولا ينتصر على شعبها كما لم تنتصر كل جحافل الغزاة على شعوبنا العربية والإسلامية منذ سنين".

وعادت القوات الإسرائيلية، واستهدفت في اليوم السادس للهجوم، بناية يستخدمها صحفيون لتغطية أحداث الهجوم؛ ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة ثمانية آخرين، ليرتفع عدد الصحفيين المصابين إلى 24 صحفياً.

مع نهاية اليوم السادس، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى 100 فلسطيني وإصابة 770 آخرين.

وفي اليوم السابع 20 تشرين الثاني/ نوفمبر/ تشرين 2012، كانت زيارة أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية التركي، إلى قطاع غزة.

والتقى داود أوغلو رئيس الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة إسماعيل هنية، وعددا من مسؤولي الحكومة وزاروا مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، ومنزل عائلة الدلو التي قتلت القوات الإسرائيلية 11 من أفرادها في قصف استهدف منزلهم.

ووثقت الكاميرات إجهاش أوغلو بالبكاء في مشفى الشفاء، لحظة مراقبته لبكاء أب فلسطيني ينعى ابنته الشابة التي قتلت جراء قصف الجيش الإسرائيلي لمنزلها.

في هذا اليوم أيضا، زار القطاع وزراء خارجية مصر والسودان ولبنان والعراق والسلطة الفلسطينية وتونس والأردن والكويت والمغرب وقطر والسعودية.

وقصفت القوات الإسرائيلية في هذا اليوم مبنى البنك الوطني الإسلامي (التابع لحركة حماس) في مدينة غزة بصاروخين؛ ما أدى إصابة إصابة أربعة أطفال فلسطينيين.

وبثت قناة الأقصى التابعة لحركة "حماس" تسجيلاً للقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، قال فيه إن "العدو سيدفع ثمنا باهظا لحجم الجريمة الشنعاء التي ارتكبها ضد القائد الجعبري والشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، مؤكداً على أن قيادة القسام في حالة انعقاد دائم تتابع سير المعركة، وتتابع كل أمورها على مدار الساعة.

وعقب مغادرة وفد وزراء الخارجية، قتلت القوات الإسرائيلية اثنين من الصحفيين الفلسطينيين، بعد استهدافها سيارتهما في مدينة غزة.

في نهاية اليوم، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية إلى 146 قتيلاً، وألف ومائة جريح.

وفي اليوم الثامن 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، واصلت المقاتلات الإسرائيلية قصف أهداف متفرقة بكثافة في قطاع غزة.

مع حلول ساعات المساء، فجر أحد المقاومين تابع لكتائب القسام عبوة ناسفة داخل حافلة إسرائيلية في "تل أبيب"؛ ما أسفر عن إصابة 10 إسرائيليين بينهم خمسة إصابات في "حالة خطيرة".

عقب عملية تفجير الحافلة، أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن توقيع اتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" يبدأ سريانه الساعة الـ 21 بالتوقيت المحلي و(19 تغ) من مساء الأربعاء، ويشمل وقف الهجمات من الجانبين، وتسهيل حركة المعابر والسكان.

مع دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ، خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مسيرات عفوية جابت شوارع وطرقات محافظات قطاع غزة؛ احتفالاً باتفاق التهدئة الذي اعتبروه "انتصاراً للمقاومة الفلسطينية".

أصدر رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية تصريحاً، قال فيه إن "الحكومة راضية باتفاق التهدئة الذي تم توقيعه بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" بوساطة مصرية".

وأضاف: "راضون عن هذا الاتفاق وفخورون بصمود شعبنا الفلسطيني ومقاومته التي أثبت قدرتها على حماية شعبنا وردع الاحتلال".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن العدد الإجمالي لضحايا الهجوم الإسرائيلي بلغ ألفًا و383 فلسطينيا بينهم 161 شهيدًا وألف و 222 جريحاً.

وقال الجيش الإسرائيلي في نهاية الهجوم إنه شن 500 غارة، فيما أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية عن قصف جنوب ووسط الكيان الإسرائيلي بأكثر من 2823 قذيفة صاروخية، منها 11 صاروخا سقطت في مدينتي القدس و"تل أبيب".

وبينما لم يعلن الجانب الإسرائيلي عن الرقم الإجمالي لضحايا هجمات الفصائل الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط ستة قتلى (عسكريين اثنين، وأربعة مدنيين)، فضلا عن 240 جريحا، وإسقاط طائرة استطلاع واحدة.

محللون عسكريون رأوا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فشلت في تحقيق كافة ما أعلنت عنه من أهداف استراتيجية للحرب على غزة، فيما كشفت غبار المعركة على المستوى الفلسطيني، تحقيق المقاومة للعديد من المنجزات ذات الطابع الاستراتيجي، راكمت من قوة الموقف الفلسطيني المتجه نحو التحرير.

ورغم حجم الخسائر المادية التي ألحقتها آلة الحرب الإسرائيلية بالبنى التحتية في قطاع غزة، وما قتلته من أطفال ونساء، إلا أنَّ ما حققته المقاومة الفلسطينية، كان مفاجأة أذهلت العالم والكيان الإسرائيلي، وكان أكبر بكثير مما حققته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. 
التعليقات (0)

خبر عاجل