ملفات وتقارير

مركز لمكافحة المخدرات لـ "عربي21": مصانع أدوية تحوّلت لمعامل كبتاجون.. و"بابلو اسكوبار سوريا" جنّد المئات

وتدر صناعة المخدرات وتصديرها مليارات الدولارات لدمشق المفروض عليها عقوبات أمريكية - جيتي
وتدر صناعة المخدرات وتصديرها مليارات الدولارات لدمشق المفروض عليها عقوبات أمريكية - جيتي

اشتعلت جبهة حدودية بين بلدين جارين في الشرق الأوسط، استخدمت فيها طائرات حربية، وخلفت قتلى وجرحى وسط ارتفاع وتيرة المواجهات بين الطرفين، لكنه احتدام غير مرتبط بالأحداث المشتعلة بالمنطقة، مثل غزة وحدود لبنان مع الأراضي الفلسطينية التي تحتلها "إسرائيل"، إنما حرب موازية تخوضها القوات الأردنية ضد مهربي المخدرات في سوريا.

الثلاثاء، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مخابرات إقليمية أن طائرات حربية أردنية نفذت أربع غارات داخل سوريا، في تكرار للهجمات التي تهدف إلى استهداف مزارع ومخابئ يُشتبه بأنها تعود لمهربي مخدرات مرتبطين بإيران.

تأتي هذه الغارات في إطار تصاعد الجهود الأردنية لمكافحة تجارة المخدرات بعد الاشتباكات الأخيرة مع أفراد يُشتبه في انتمائهم إلى جماعات مسلحة تتبع إيران. وقد أسفرت تلك الاشتباكات عن العثور على مجموعة من الأفراد الذين كانوا يحملون كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات عبر الحدود السورية.

وتتهم الحكومة الأردنية والدول المتضررة، حزب الله اللبناني وفصائل موالية لإيران بالوقوف وراء زيادة حالات التهريب عبر الحدود. في حين تنفي إيران وحزب الله هذه الاتهامات وتصفها بأنها مؤامرة غربية على سوريا.

اظهار أخبار متعلقة




 
وأكدت مصادر لموقع "السويداء 24" السوري شن ثلاث غارات على تجار مخدرات بارزين في بلدتي الشعب وعرمان بمحافظة السويداء بالقرب من الحدود الأردنية. واستهدفت الغارة الرابعة مزرعة قريبة من قرية الملاح.

كانت الغارات السابقة قد استهدفت مواقع مماثلة في السويداء، حيث يُشتبه أن الحدود تشهد العديد من عمليات التهريب.

ويشهد تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن تزايدا ملحوظا في الآونة الأخيرة، ورغم التشديد الأمني من قبل الحكومة الأردنية على كامل الشريط الحدودي والتوعد بالضرب بيد من حديد من العاهل الأردنيّ وإحباط العديد من محاولات التسلل التي أفضت بمجملها إلى اشتباكات مسلحة بين المهربين والحكومة إلا أن الأمر ما زال في تزايد مستمر.

"الأمن القومي الأردني في خطر"



من جهته، قال المدير التنفيذي للمركز السوري لمحاربة المخدرات، حسن جنيد، إن "سوريا أصبحت بؤرة لتهريب المخدرات والأسلحة إلى المملكة، لا سيما من قبل الفصائل المدعومة من طهران والتي باتت مسؤولة عن مشاريع التهريب برمتها"، مبينا أن المملكة "باتت بوابة لتهريب الأمفيتامين المُصنع في سوريا إلى دول الخليج"، في ظل مخاوف تحول المملكة إلى مقر وممر بذات الوقت، كما قال.

وحول الجهات التي تقف وراء عمليات التهريب، أضاف جنيد لـ "عربي21": "تفيد التقارير التي يعمل عليها المركز السوري لمحاربة المخدرات أنّ جماعة حزب الله اللبناني والفرقة الرابعة والميليشيات المسلّحة المدعومة من إيران تقف وراء عمليات التهريب إلى الأردن وذلك وسط تواطؤ من الحكومة السورية".

اظهار أخبار متعلقة





وتابع: "تعي المملكة الأردنية خطر التواجد الإيراني على حدودها مع سوريا، لا سيما بعد تراجع النفوذ الروسي في سوريا، إذ تحاول إيران بسط سيطرتها على الحدود الاردنية السورية لتوسيع مشروعها في المنطقة". 

وأشار إلى أن المملكة "تعمل بجهد وبجميع السبل السياسية والعسكرية لضبط عمليات التهريب، إلا أن النظام السوري يقوم بتسخير أجهزة الدولة لدعم عمليات تهريب المخدرات""، حسب قوله.

"بابلو اسكوبار سوريا جنّد المئات"


ولوحظ في الفترة الأخيرة قيام مجموعات كبيرة بشن حملات التهريب على حدود المملكة، وهو ما يضع استغلال السكان المحليين في خانة الشك.

حول ذلك، أوضح مدير المركز السوري لمكافحة المخدرات، أن "أعداد المهربين في ازدياد، إذ يتم تجنيد المئات من الرجال والنساء من قبل التجار والمروجين".

وأردف لـ "عربي21": "وبرز هذا جليّا بعد مقتل مرعي الرمثان، الذي يعتبر بابلو اسكوبار سوريا، في غارة جوية خاصة شنّها سلاح الجو الأردني على منزله في مايو 2023".

اظهار أخبار متعلقة



 

ومضى يقول إن "مرعي الرمثان كغيره من التجار قام بتجنيد المئات من عمال النقل الذين بمجملهم من أبناء المنطقة الحدودية، بغية تسهيل عملية التخزين والنقل والتهريب التي تتم غالباً عبر الحدود الأردنية".

كما يعود سبب ازدياد أعداد المهربين إلى "استغلال النظام السوري والميليشيات الإيرانية انهيار الاقتصاد في سوريا عن طريق إغراء أبناء المناطق الحدودية بشكل خاص فئة الشباب من 18 إلى 35، فدخل المواطن السوري حسب تقارير دولية لا يتجاوز 30 دولار شهريا". 

وأوضح جنيد أن "عملية تهريب واحدة تتيح ما قدره آلاف الدولارات، الأمر الذي يعتبر محل إغراء للشباب السوريين. بهذه الطريقة يستطيع النظام السوري وإيران تجنيد عدد كبير من الشباب لتنفيذ عمليات تهريب المخدرات". 


اظهار أخبار متعلقة





من جانب آخر، لفت جنيد إلى أن "الشمال السوري بدوره ليس بمنأى عن ذلك كله، إذ يتم التنسيق بين  شخصيّات نافذة في فصائل المعارضة السورية، والمهربين في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، لإدخال المخدرات إلى الداخل التركي".

وبشأن الوجهة الأبرز للمخدرات، ذكر: "لعل السعي لإيجاد حل لتزايد نسبة التعاطي بين شباب المملكة السعودية أحد أبرز أسباب التقارب بين المملكتين، فسوريا أصبحت السوق التجاري الأول لهذه الآفة التي باتت المتنفس الوحيد لاقتصادها المتهالك، ورغم الجهود المبذولة والحملات الصارمة والجادّة لمحاربتها، ما زالت السلطات السعودية تضبط كميات هائلة من المخدرات المهرّبة إلى داخلها وفي موانئها وسط تورط شخصيات نافذة في النظام السوريّ المدعوم إيرانيا".  


اظهار أخبار متعلقة



 

واستبعد جنيد إمكانية إحصاء الكميات المنتجة للمخدرات داخل سوريا، قائلا: "بعد أن نجح حزب الله بالتعاون مع حكومة النظام السوري في جعل سوريا مركزا إقليميا لإنتاج وتهريب المواد المخدّرة، بات من العسير بمكان إحصاء الكميات المنتجة والتي تتجاوز قيمتها ملايين الدولارات".

"مصانع الأدوية تحولت لمعامل مخدرات"


وبخصوص السبب وراء القدرة الإنتاجية العالية لدى دمشق، أوضح جنيد أنه "تتوافر في مناطق سيطرة النظام السوري كل العوامل المساعدة لضمان استمرار هذه التجارة الرائجة، فمن مختبرات التصنيع إلى معامل خاصة للتخزين وصولاً إلى طرق بريّة وجويّة مؤمنة لتصريف هذه السموم على أوسع نطاق".

وبيّن أن عائدات هذه التجارة "بلغت لعام 2021 ما يتجاوز 5.7 مليارات دولار أمريكي، الأمر الذي أدى إلى زيادة المعامل والمخابر المصنعة لها تباعا".

ووفقا للمركز، يوجد حوالي 80 مصنعا كبيرا وصغيرا لصناعة المخدرات داخل سوريا، وعليه يذكر جنيد أن "أهم المصانع التي تنتج الكبتاجون تقع في اللاذقية الأمر الذي يضمن تسهيل عملية التهريب عبر ميناء اللاذقية  تحت غطاء إيراني سوري".


اظهار أخبار متعلقة



 

وأكمل حديثه بالقول: "المصانع التي تستخدم لصناعة الأدوية في حلب تحولت إلى أكبر المنشآت لتصنيع حبوب الكبتاجون وتخزينها، وامتدت هذه الآفة لتنقل العدوى لمعظم الجغرافيا السورية بما فيها ريف حماة وريف دمشق وريف السويداء".

وذكر المركز المتخصص بمكافحة المخدرات، أن "مئات الأطنان من المخدرات تُصدر من سوريا شهرياً عبر ميناء اللاذقية باتجاه أوربا وإيطاليا واليونان"، مضيفا أن "أطنان المخدرات التي قامت السلطات اليونانية بمصادرتها عام 2018 كثيرة ما سلّط الضوء على تجارة السموم التي يقتات عليها نظام الأسد، حيث وصلت أذرعه إلى العراق والأردن وصولا للإمارات والكويت والبحرين والسعودية التي باتت السوق الأول عربيا لتصريفها".

إلى جانب ذلك، رأى جنيد في خضم تصريحه لـ "عربي21"، أن "الحرب الدائرة في سوريا والانفلات الأمني الحاصل وتراخي النظام السوري المقصود خلق بيئة حاضنة لعصابات الترويج والاتجار إذ سُجلت في فبراير/شباط من عام 2022، 1580 قضية مخدرات 476 منها قضية ترويج واتجار، كما أوقف 895 مروجا وتاجرا، و2197 متهما بالتعاطي".


اظهار أخبار متعلقة





وأعلنت مديرية الإعلام العسكري في 2022، مقتل 30 مهربا خلال فترة وجيزة وضبط كمية 17.348 کف حشيش، وأكثر من 16 مليون حبة مخدرة على الحدود الشمالية مع سوريا، كما تمّ رصد 160 شبكة تعمل داخل العمق السوري.

ونقل جنيد عن مدير إدارة مكافحة المخدرات الأردني العقيد حسن القضاة حول "تفتيش صارم سيطال الشاحنات القادمة من سوريا والتي ستعتبر مدانة ما لم تثبت العكس".

 وذكر أنه "تم رصد 12.815 قضية متعلقة بالمخدرات والترويج خلال الفترة الزمنية بين مطلع عام 2021 حتى نهاية أغسطس/ آب 2022، تورط بها 19.000 شخص".

وقال مسؤولون أردنيون إن المملكة حصلت على وعود بمساعدات عسكرية أمريكية لتحسين الوضع الأمني، وقد قدمت الولايات المتحدة بالفعل نحو مليار دولار لإنشاء نقاط حدودية منذ بدء الصراع السوري في 2011.

التعليقات (0)