سياسة دولية

هل الولايات المتحدة على موعد مع خسارة الحرب البحرية أمام الحوثيين؟

السماح للحوثيين بإغراق السفن المتجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي يعني فقدان ماء الوجه بالنسبة للولايات المتحدة- جيتي
السماح للحوثيين بإغراق السفن المتجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي يعني فقدان ماء الوجه بالنسبة للولايات المتحدة- جيتي
نشر موقع "معهد الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية الدولية" تقريرًا، تحدث فيه عن عدم القدرة على المقارنة بين الإمكانات العسكرية الذي يمكن أن يتحول إلى وهم خطير بالنسبة للغرب.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الوضع في البحر الأحمر؛ حيث هدّد الحوثيون، الذين استولوا على السلطة في اليمن، بإغراق أي سفن مرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، أثار رد فعل طبيعيا.

ويضيف الموقع أن الولايات المتحدة أعلنت عن نيتها "إظهار القوة" كجزء من تحالف دولي قوي، لإعادة "النظام القائم على القواعد" إلى المنطقة. في الواقع؛ قد يشكل تنفيذ مثل هذه الخطة تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة في ظل عدم استقرار التحالف. ففي حال وافقت عشرين دولة على المشاركة في مشروع واشنطن؛ أعربت فقط الولايات المتحدة وبريطانيا واليونان على استعدادها لتقديم السفن.

كذلك، رفضت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا تسليم سفنها إلى القيادة الأمريكية، معربة عن الاستعداد للخضوع فقط لقيادة الناتو والاتحاد الأوروبي. وعليه؛ فإن الصراع المحتمل سوف يقع إلى حد كبير على عاتق الولايات المتحدة.

بعد الحرب العالمية الثانية؛ طورت الولايات المتحدة قواتها البحرية بهدف تهديد العدو باستمرار. آنذاك كانت البحرية الأمريكية عبارة عن أسطول استكشافي يعتمد بشكل ضئيل على البنية التحتية الساحلية والداخلية للحصول على الدعم اللوجستي في البحر.

ومع ذلك؛ في نهاية الحرب الباردة، خفضت البحرية الأمريكية من قدراتها الاستكشافية وبدأت في الاعتماد بشكل أكبر على قواعد الحلفاء والأقمار الصناعية. وبفضل التطور في أنظمة الأسلحة أصبحت أنظمة الإطلاق العمودي العنصر الرئيسي في الدفاع الجوي والحرب المضادة للغواصات والضربات الأرضية.

اظهار أخبار متعلقة


وبحسب الموقع، ففي التسعينيات؛ فقدت الولايات المتحدة تدريجيًّا اهتمامها بإصلاح السفن وتطوير القواعد الساحلية ومراكز الخدمات اللوجستية، مما أدّى إلى تدهور المهارات الأساسية لأسطول الحملة، مثل البحث والإنقاذ وإصلاح الأضرار القتالية بشكل خطير.

الجدير بالذكر، أن كل مدمرة أمريكية تحمل حوالي 90 صاروخًا، مهمتهم الرئيسية حماية حاملة الطائرات الأمريكية التي تحملهم. وفي المقابل؛ يمتلك الحوثيون الكثير من الصواريخ، فضلًا عن الفخاخ الخداعية وعدد هائل من الطائرات دون طيار. بعد المعركة؛ يتعين على المدمرة الانسحاب إلى أقرب ميناء لإعادة الشحن مرفقة بالجسم المدافع، أي حاملة الطائرات.

يترتب عن محافظة الحوثيون على وتيرة الهجمات وامتلاك إمدادات ثابتة من الطائرات دون طيار والصواريخ ارتفاع تكاليف الحفاظ على وجود بحري بما في ذلك تكلفة تشغيل السفن من بعيد إلى عشرات المليارات من الدولارات.

وفي حين تبلغ تكلفة كل صاروخ من صواريخ إيجيس ما لا يقل عن 500 ألف دولار، تمتلك الولايات المتحدة إمدادات محدودة من صواريخ الدفاع الجوي هذه ولا تملك القدرة الصناعية الحالية لإنتاج صواريخ جديدة بسرعة لتسديد النقص.

وأورد الموقع أنه من غير الصائب اختزال تقييم الصراع في عدم التماثل في تكلفة الأموال بين الحوثيين والولايات المتحدة، مع التركيز على شؤون البحرية. ففي حال نجح الهجوم بطائرة دون طيار؛ قد يؤدي ذلك إلى غرق سفينة تبلغ قيمتها 50 مليون دولار على الأقل، وقد تكون قيمة الشحنة أكبر بكثير.

اظهار أخبار متعلقة


ورغم التأكيد في العديد من المناسبات على تناقض الوضع وتباين الإمكانيات وضعف الحوثيون مقارنة بالولايات المتحدة؛ غير أنهم في هذه اللحظة قادرين على إلحاق هزيمة حساسة بالولايات المتحدة في البحر. وإلى حين تجميع فريق العملية، تقوم شركات الشحن بتغيير مساراتها، والابتعاد عن البحر الأحمر إلى طريق حول أفريقيا. 

وقد حدث ذلك من قبل؛ عندما تم إغلاق قناة السويس نتيجة الحروب العربية الإسرائيلية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، إن تغيير المسار عبر رأس الرجاء الصالح من شأنه أن يزيد مدة النقل بنسبة 60 بالمئة وهو ما من شأنه أن يحول جزأً كبيراً من المشاريع والخطط.

في ظل الظروف الراهنة؛ فإن التصدي للصواريخ والطائرات دون طيار دون تدمير الأسلحة التي تطلقها أمر لا جدوى منه على الإطلاق. ونظرًا لقدرة الحوثيين على إخفاء أنفسهم ومستودع الطائرات دون طيار والصواريخ عن الولايات المتحدة، ينبغي أن لا تكون عملية التحالف بحرية فحسب، بل يجب أن تشمل عملية برية واسعة النطاق.

وبحسب الموقع، فإن السماح للحوثيين بإغراق السفن المتجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي أو المرتبطة بها يعني فقدان ماء الوجه بالنسبة للولايات المتحدة. مع العلم أن بدء عملية كبرى يعني المزيد من الضغط على سلاسل الإمداد العسكرية وتشتيت القوات بين أوكرانيا والشرق الأوسط وتايوان.

اظهار أخبار متعلقة


وفي ختام التقرير، نوّه الموقع نفسه، إلى أنه من المستبعد حل الصراع في غزة بعد رفض دولة الاحتلال الإسرائيلي جميع الخيارات الواعدة، وبأن الضغوط التي يمارسها المجتمع الغربي على دولة الاحتلال تبدو أهون الشرين مقارنة بالخيارات الأخرى.
التعليقات (0)