حقوق وحريات

الجوع يحاصر السوريين.. واحتجاجات في مناطق سيطرة الأسد

الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة سلطة بشار الأسد، دفعت جملة من الأهالي للخروج باحتجاجات- جيتي
الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة سلطة بشار الأسد، دفعت جملة من الأهالي للخروج باحتجاجات- جيتي
تعيش سوريا منذ قرابة الشهرين على إيقاع موجة جديدة من انخفاض سعر صرف العملة، فيما رفضت الحكومة السورية بحسب عدد من الخبراء الاقتصاديين، التخلي عن مشروعها الرامي إلى رفع أسعار المشتقّات النفطية، مقابل إجراء زيادة على الرواتب بنسبة 100بالمئة، بمبرر "ارتفاع فاتورة الدعم الاجتماعي إلى مستوى بات يهدّد مالية الدولة"، الأمر الذي أثار احتقانا شعبيا في عدد من المناطق.

وأوضح عدد من الخبراء الاقتصاديين، بحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، أنه "رغم أن سياسة رفع أسعار السلع المدعومة بغية تخفيض عجز الموازنة باتت سِمة عمل الحكومة الحالية منذ تسلّمها مهامها في عام 2021، إلّا أن نسبة الزيادة الكبيرة على أسعار المشتقّات النفطية، تزامنا مع تعرّض القوة الشرائية للمواطن للتآكل مجدّداً بفعل ما شهده سعر صرف الليرة من تراجع كبير أمام الدولار، أثر بشكل أعمق على الوضع المعيشي للأُسر السورية المنهكة اقتصادياً واجتماعياً وصحياً، ورفع الاحتقان الشعبي الذي بات واضحاً في خلال اليومَين الأخيرَين". 

سوريا.. السجن الكبير 
بعدما أصبح الجوع يعصر أمعاء جل سكان سوريا، أصبح حلم الهجرة بعيدا يسيطر على أكثر من 80% من شبابها، وذلك حسب تقديرات بعض المختصين في القضايا المجتمعية؛ فيما يصف جملة من السوريين البلاد بأنها باتت "سجنا كبيرا".


 أما فيما يتعلق بتأثير ارتفاع أسعار المحروقات على المعيشة داخل سوريا، قال المدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء في سوريا، شفيق عربش، إنه "لن يقف عند زيادة أسعار المواصلات، إنما سيطال جميع عناصر كلفة إنتاج الخدمات والسلع المؤثرة في حياة الفرد والمجتمع، ما ينعكس على القدرة الشرائية للأسر".

وتوقع المدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء في سوريا، أن "ترتفع أسعار السلع ما بين 10- 15بالمئة رغم أن معظم البضائع موجودة في الأسواق قبل رفع سعر المحروقات" موضحا أن "معدلات التضخم وصلت في شهر تموز/ يوليو من هذا العام إلى 170بالمئة، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 بالمئة في نهاية العام الجاري، إضافة إلى انخفاض قيمة العملة بشكل كبير نتيجة القرارات الحكومية غير المدروسة". 

وأكد المتحدث نفسه، في تصريح صحافي سابق، أن "الأرقام التي طرحت حول تكاليف الدعم متذبذبة لأن قيمة الدعم من اعتمادات الموازنة لعام 2023، سجلت 15500 مليار، واعتمادات الدعم في الموازنة 4921 مليار ليرة فقط" مستفسرا: "أين ذهب هذا الفرق؟".

اظهار أخبار متعلقة


من جهته، يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، حسن حزوري، أن "التأثير الذي سينعكس بعد رفع المحروقات على المعيشة في سوريا، سيشمل 350 مادة بنسب مختلفة، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج الصناعي والزراعي، إضافة إلى تضاعف أجور النقل الداخلي داخل المدن وبين المدن والأرياف بنسبة 100 بالمئة.

وأضاف حزوري بأن "نسبة التضخم في الاقتصاد السوري ستتجاوز نسبة زيادة الرواتب التي أقرت، بحكم أن الزيادة الصافية للرواتب والأجور هي أقل من 100 بالمئة، نتيجة خضوع الرواتب إلى نسب ضريبية عليا قد تصل إلى 18 بالمئة، وبالتالي فإن التضخم وتغير سعر الصرف سيأكل الوفورات التي ستتحقق في الموازنة، وستنعكس سلبيا على موازنة عام 2024، وسيكون الوضع أكثر صعوبة، وخاصة في ظل بقاء نفس العقلية التي ترسم السياسة النقدية والمالية دون تغيير".

وارتفع، الثلاثاء الماضي، سعر ليتر المازوت "المدعوم" من 700 إلى 2000 ليرة سورية، وسعر "أوكتان 90" المدعوم من 2500 ليرة إلى 8000 ليرة سورية للتر الواحد، و"أوكتان 95" إلى 13500 ليرة سورية لليتر الواحد، كما رفع سعر ليتر المازوت الحر للقطاع الزراعي بـ11550 ليرة سورية، وسعر المازوت الصناعي للمشافي الخاصة ومعامل الأدوية والصناعات الزراعية إلى 8000 ليرة سورية، وطن الفيول إلى 7887500 ليرة سورية وطن الغاز السائل دوكما إلى 9372500 ليرة، وسعر المازوت المخصص للأفران  الخاصة  إلى 700 ليرة.

احتجاجات متواصلة
الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد، دفعت جملة من الأهالي للخروج باحتجاجات في أماكن متفرقة من تلك المناطق، وتفاقم الأمر أكثر بعد رفع الأسعار، بالإضافة إلى زيادة نسب انتشار البطالة والفقر؛ فخرجت، الجمعة، احتجاجات في الجنوب السوري، طالبت بإسقاط سلطة الأسد، استجابة لدعوات سابقة لتنفيذ إضراب عام في جميع مناطق الأسد. 


إلى ذلك، تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، عددا من المنشورات تشمل صورا ومقاطع فيديو عن خروج العشرات في منطقة جرمانا بريف دمشق، باحتجاجات تنديداً بتدهور الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة سلطة الأسد، حيث ردّد المحتجون هتافات "ما بدنا حكي وأشعار.. بدنا ناكل يا بشار"، في إشارة منهم إلى الجوع الذي عم الأرجاء جرّاء الارتفاع المهول في الأسعار.
التعليقات (0)