سياسة عربية

أربعة أشهر عجاف.. "عربي21" ترصد تداعيات الحرب في السودان (شاهد)

فشلت عدة وساطات عربية وغربية وإفريقية بإنهاء الصراع- جيتي
فشلت عدة وساطات عربية وغربية وإفريقية بإنهاء الصراع- جيتي
دخلت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شهرها الخامس، مكلفة البلد المتعب فاتورة ثقيلة من الضحايا وأزمة إنسانية قد تصعب معالجتها في وقت قصير فضلا عن الخسائر الاقتصادية الضخمة.

"عربي21” رصدت المشهد السوداني بعد أربعة أشهر من المعارك بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو "حميدتي".

بوادر الأزمة
سيطر الجنرالان المتحاربان على السلطة بعد انقلاب في عام 2021 أطاح بالمدنيين الذين تقاسموا معهم السلطة منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

منذ بداية نيسان/أبريل الماضي تصاعد التوتر بشأن خطة لتسليم السلطة إلى المدنيين في البلاد كما توترت العلاقة بين الجنرالين حول قضية دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني.

في مطلع نيسان/أبريل تم تأجيل توقيع اتفاق سياسي يُفترض أن يعيد إطلاق مسار الانتقال الديمقراطي.

اظهار أخبار متعلقة



المشهد الميداني
اندلعت المعارك بين الطرفين في العاصمة الخرطوم صبيحة الـ 15 نيسان/ أبريل الماضي، عندما هاجمت قوات الدعم السريع مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة ومواقع حيوية أخرى داخل العاصمة.



حاولت قوات الدعم السريع، السيطرة على القصر الجمهوري، ومباني الإذاعة والتلفزيون، ومطاري الخرطوم ومروي، ومرافق حكومية أخرى.



نجحت قوات الدعم السريع بالسيطرة على مطار الخرطوم والقصر الجمهوري وعدة مقار حكومية في الخرطوم.



وكانت مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري مركز المعارك طوال الفترة الماضية، وما تزال تشهد بشكل يومي معارك متقطعة بين الجانبين.





اتسعت رقعة المعارك لتشمل إقليم دارفور معقل الدعم السريع حيث يتقاسم الطرفان السيطرة على الفاشر ونيالا والجنينة وزالنجي.

وسريعا انتقلت الحرب لكن بوتيرة أقل من العاصمة إلى مدن الأبيض وأم روابة في كردفان، كما اندلعت مواجهات ضارية في ولاية الجزيرة.





استخدم الجيش السوداني القصف الجوي والصاروخي لوقف تقدم الدعم السريع ونجح في إخراجها من أجزاء من مطار مروي بالإضافة إلى قطع طرق إمدادها عن مدن العاصمة.



إجلاء الأجانب
مع احتدام المعارك بدأت موجة إجلاء للرعايا العرب والأجانب من السودان.

وواصلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا وألمانيا ودول غربية أخرى بالإضافة إلى دول عربية عدة إجلاء رعاياها خلال أيام المعارك الأولى.


واستخدمت الطائرات للإجلاء فضلا عن الموانئ حيث وصل لميناء جدة مئات المقيمين الذين تقطعت بهم السبل وسط الاشتباكات التي اندلعت في مختلف أحياء الخرطوم.



وفي 24 من نيسان/أبريل الماضي تعرضت قافلة فرنسية لهجوم أدى لإصابة مواطن فرنسي، فيما تبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات بالمسؤولية عن الهجوم.

اظهار أخبار متعلقة



انتهاكات جسيمة
منذ اليوم الأول للمعارك وجهت الاتهامات لقوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة شملت عمليات نهب وسرقة بالإضافة لاستخدام المستشفيات ومنازل المدنيين خلال المعارك.



ونظرا لسجل الدعم السريع "الجنجويد سابقا" بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم دارفور، فقد استعاد السودانيون ذكريات تلك الحقبة بانتهاكات جديدة في مدن أخرى.



وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين، تضمنت القتل والاغتصاب بالإضافة لإدارة عمليات نهب منظمة.


في منتصف أيار/مايو الماضي اتهمت الخارجية السودانية قوات الدعم السريع باستخدام المدنيين كدروع بشرية ومنعهم من النزوح، بالإضافة لاعتلاء قناصتها أسطح البنايات السكنية.



وأضافت الوزارة في بيان، أن قوات الدعم السريع تحتل أغلب مستشفيات العاصمة وتجبر الكوادر الطبية الموجودة بها لتقديم خدمات طبية لمنسوبيها وتقوم باستخدام المستشفيات والمرافق الخدمية للأعمال العسكرية.

في تموز/يوليو الماضي اتهم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الدعم السريع بالمسؤولية عن مقتل 87 شخصا على الأقل بعضهم من عرقية "المساليت" وإثنيات أخرى، ودفنهم في مقبرة جماعية، غرب إقليم دارفور.

من جهتها نقلت شبكة "بي بي سي" في تموز /يوليو الماضي شهادات عن نساء تعرضن للاغتصاب على يد قوات الدعم السريع في مدينة الجنينة بإقليم دارفور.

ونشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية تحقيقا استقصائيا في منتصف حزيران/يونيو  الماضي عن جرائم الاغتصاب في السودان ووجهت التهم صراحة لقوات الدعم السريع.



وتطابق ذلك مع إحاطة فولكر ترك مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمجلس حقوق الإنسان في حزيران/يونيو الماضي أكد فيها أن أكثر من 50 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الجنسي والاغتصاب، وكان الجناة في جميع الحالات تقريبا من قوات الدعم السريع.



واتهمت عدة منظمات حقوقية منتصف تموز/يوليو الدعم السريع باحتجاز أكثر من 5000 شخص في ظروف غير إنسانية بالعاصمة الخرطوم.



ونقلت رويترز عن منظمات ونشطاء حقوقيين رفضت الوكالة الكشف عن هوياتهم، قولهم، "إنهم سيقدمون للأمم المتحدة موت مدنيين بسبب التعذيب على يد قوات الدعم  بالإضافة إلى المعاملة المهينة واللاإنسانية في مراكز اعتقال تلك القوات".

بدوره قرر قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان مطلع الشهر الجاري تشكيل لجنة لجرائم الحرب وحصر انتهاكات وممارسات قوات الدعم السريع.

وبحسب بيان للبرهان فإن اللجنة ستكون برئاسة ممثل النائب العام والخارجية وعضوية ممثلين لوزارة العدل والقوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة والمفوضية القومية لحقوق الإنسان.



وأضاف أن اللجنة كلفت باتخاذ كافة الإجراءات القانونية في مواجهة قيادات وأفراد الدعم السريع داخليا وخارجيا وكل من يثبت تورطه بالاشتراك أو التحريض أو المعاونة.

فاتورة الضحايا شملت حتى العاملين في مجال الإغاثة حيث أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الخميس، أن 19 عامل إغاثة قتلوا بالسودان منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وذكر بيان صادر عن المكتب أن عاملي الإغاثة قتلوا خلال 17 هجوما فيما تعرضت المرافق الإنسانية للنهب والسرقة.

مأساة إنسانية
مع امتداد المعارك لمعظم ولايات السودان عدا الشمالية والشرقية، تفاقمت معاناة السودانيين بشكل كبير بالتزامن مع شح المساعدات الدولية.

وأكدت نقابة أطباء السودان أنها غير قادرة على حصر عدد الضحايا خصوصا أن الكثير من الأسر دفنت موتاها في البيوت، لعدم إمكانية الوصول للمقابر، لا سيما في المناطق التي تشهد اشتباكات مستمرة في أم درمان والخرطوم بحري ومناطق في إقليم دارفور.



وتتحدث بعض الإحصائيات عن 4000 قتيل منذ بدء المعارك حيث اكتظت أقسام الطب العدلي بجثامين الضحايا فضلا عن انتشار الجثث في شوارع المناطق التي تشهد اشتباكات.



في ظل الحرب تعاني المستشفيات من نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية حيث عجزت المشافي والمراكز الطبية عن استيعاب الأعداد الكبيرة للجرحى بسبب الحرب.





في أحدث تقرير للأمم المتحدة صدر في العاشر من الشهر الجاري، قالت المنظمة الأممية إن أكثر من 4 ملايين شخص شردوا داخليا وخارجيا منذ بدء القتال في السودان.



وذكرت منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في السودان كليمنتين نكويتا سلامي، أن "العديد من المحاصرين بسبب القتال لم يتمكنوا، وفي بعض الحالات منعوا، من الخروج إلى أماكن آمنة.

بدوره قال مدير العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية آدم وسورنو إن 1,4 مليون شخص فروا من منازلهم منذ أواخر حزيران الماضي، مضيفا أن الكارثة في السودان باتت عميقة.



وأوضح خلال إحاطة لمجلس الأمن أن 80 بالمئة من المستشفيات في أنحاء السودان لا تعمل وإن 14 مليون طفل، أي نصف الأطفال في البلاد، يحتاجون لدعم إنساني عاجل.



والثلاثاء الماضي دعت اللجنة الدائمة المشتركة لعدد من المنظمات الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة، المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات لإنهاء الصراع المستمر بالسودان منذ 4 أشهر والذي أدى إلى مأساة إنسانية كبيرة.

وحذرت اللجنة من خروج الأمر عن السيطرة، حيث أصبح أكثر من 6 ملايين شخص في السودان على بعد خطوة واحدة من المجاعة، فيما يحتاج أكثر من 14 مليون طفل إلى مساعدات إنسانية.

وحثت الوكالات الإنسانية، طرفي النزاع على وقف القتال، وحماية المدنيين، وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات، ووقف عمليات نهب الإمدادات الإنسانية، وعدم استهداف عمال الإغاثة، والمنشآت المدنية، والبنية التحتية، لافتة إلى أن تلك الأعمال يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.


جهود الوساطة
فشلت عدة مبادرات عربية وأفريقية بوقف النزاع في السودان، وكانت الوساطة الأمريكية السعودية أبرز تلك المبادرات.

وتستضيف مدينة جدة السعودية المفاوضات بين وفدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ مطلع أيار/مايو الماضي.



وتهدف المبادرة إلى خفض التصعيد، وتهيئة الأرضية اللازمة للحوار، وتمديد الهدنة وصولا إلى وقف دائم لإطلاق النار، كما تتضمن الالتزام بحماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، فضلا عن إنشاء لجنة لمراقبة وقف النار تتكون من ممثلين من الوساطة وطرفي الصراع.



وعلقت السعودية أواخر أيار/مايو الماضي مفاوضات جدة بين طرفي النزاع السوداني ثم عاد الجانبان للمفاوضات منتصف تموز/يوليو الماضي.

وفي ذات السياق أعلنت منظمة "إيغاد" الأفريقية في أبريل/نيسان الماضي، عن مبادرة لوقف القتال وافق عليها الجيش السوداني، وتلخصت في تمديد الهدنة وصولا إلى إيقاف القتال، وإيفاد ممثلين لطرفي الصراع إلى جوبا عاصمة جنوب السودان للتفاوض حول تفاصيل المُبادرة.

من جهته أعلن الاتحاد الأفريقي نهاية أيار/مايو الماضي عن خارطة طريق لحل الصراع بالسودان، تضمنت وقفا فوريا ودائما للأعمال العدائية وحماية المدنيين، واستكمال العملية السياسية الانتقالية.

ومنتصف تموز/يوليو المنصرم استضافت مصر قمة لدول جوار السودان لتسوية النزاع السوداني سلميا، بحضور مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني.



وكانت المبادرة التي قدمها مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في الـ 15 من الشهر الجاري أحدث المبادرات لحل الأزمة.

وأعلن في خطاب متلفز عن خارطة طريق تستند على الوقف الفوري لإطلاق النار والتحضير لحوار شامل يمهد لمرحلة انتقالية بإشراف السلطة التنفيذية للخروج من الأزمة التي يعاني منها السودان.

في المقابل رفضت قوات الدعم السريع المبادرة قائلة إنها لا تعترف بسلطة عقار، كما أنها ملتزمة بمنبر جدة وبالمبادرة الأمريكية السعودية لإنهاء الصراع في البلاد.

وتوصل الطرفان  عدة مرات خلال الأربعة أشهر الماضية لإعلان هدنة إنسانية لكنها سرعان ما تنهار، ويتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار.

اظهار أخبار متعلقة



أصابع خارجية
مع اندلاع المعارك توجهت أصابع الاتهام لقوى إقليمية بتأجيج الصراع في السودان، خدمة لأهدافها في البلد المثقل بالحروب.

ووجهت الاتهامات للإمارات بالتدخل في الأزمة السودانية خصوصا أن لها علاقة وثيقة بحميدتي زعيم قوات الدعم السريع التي توظف جزءًا منها في حرب اليمن. 

وهناك عدة مصالح للإمارات في السودان، تتمثل باهتمامها بمناجم الذهب، وبناء ميناء أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر لتوسعة سيطرتها على موانئ المنطقة الممتدة من القرن الأفريقي إلى البحر الأحمر. 

لم توجه الخرطوم اتهاما صريحا لأبو ظبي بالتدخل بشؤون البلاد، لكن الجيش السوداني أعلن العثور على أسلحة إماراتية بحوزة قوات الدعم السريع.



وذكرت مواقع تتبع رحلات الطيران أنه خلال أيار/مايو وحزيران/يونيو الماضيين ازدادت وتيرة الرحلات الجوية من الإمارات مرورا بأوغندا وصولا إلى تشاد، حيث اتهمت الإمارات بتزويد الدعم السريع بالعتاد عبر مجموعة فاغنر المنتشرة في أفريقيا الوسطى.

في العاشر من آب/أغسطس الجاري كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن إرسال الإمارات لشحنات من الأسلحة إلى قوات الدعم السريع تحت غطاء المساعدات الإنسانية.

وقالت الصحيفة في تحقيق لها، إن هناك وثائق كشفت عن وصول الأسلحة عبر طائرة مساعدات إماراتية هبطت في أوغندا خلال حزيران/ يونيو الماضي، إذ تم الإعلان حينها أن الطائرة محملة بالمساعدات الإنسانية.



ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أوغنديين قولهم إنهم عثروا على عشرات الصناديق البلاستيكية الخضراء في مخزن شحن الطائرة المليء بالذخيرة والبنادق الهجومية والأسلحة الصغيرة الأخرى، بدلاً من المواد الغذائية، والإمدادات الطبية المدرجة في بيانات الطائرة.

وكانت الأسلحة التي اكتشفت مطلع حزيران/ يونيو في مطار عنتيبي جزءًا من جهد قامت به الإمارات،
لدعم الجنرال "حميدتي" في الحرب ضد الجيش السوداني.

في أبريل/نيسان الماضي كشف تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية عن تزويد الجنرال المدعوم من الإمارات خليفة حفتر لقوات الدعم السريع بالصواريخ عبر مجموعة فاغنر الروسية.

وقالت إن صورا للأقمار الصناعية تدعم تلك الادعاءات، حيث تظهر طائرة نقل روسية تتنقل بين قاعدتين جويتين ليبيتين رئيسيتين تابعتين للجنرال خليفة حفتر، وتستخدمهما المجموعة المقاتلة الروسية الخاضعة للعقوبات.


Image1_8202318133429822447871.jpg

في تموز/يوليو الماضي قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن المراقبة الدولية أجبرت قوات حفتر على تغيير طرق الإمداد لقوات الدعم السريع السودانية التي يقودها محمد حمدان دقلو.

وأكد سياسيون ومحللون ومصادر استخباراتية من جنوب ليبيا لـ"ميدل إيست آي" أن حفتر يشارك في إمداد الأسلحة والوقود للجماعة العسكرية التي تخوض حربًا مع الجيش السوداني منذ 15 نيسان/ أبريل.

مستقبل غامض
ومع تواصل المعارك وتمسك المتحاربين بموقفهما، يرى أستاذ العلاقات الدولية السوداني إبراهيم ناصر، "أن طرفي الصراع اقتنعا أن الحل العسكري هو الطريق الأمثل لإنهاء الأزمة، خصوصا أن جميع الأطراف حتى السياسية منها متشنجة بمواقفها".

وتابع، "أن الحسم العسكري للصراع هو المرجح، كما أن المشهد السوداني ذاهب باتجاه التأزم لا سيما أن حالة التباعد بين القوى السياسية في البلاد تدفع بهذا الاتجاه".

وحول الوضع الميداني أكد ناصر، "أن الكفة تميل لصالح الجيش السوداني في عدة مناطق خصوصا أنه استعاد زمام المبادرة الفترة الماضية".

وفي معرض حديثه عن مبادرات حل الأزمة أضاف ناصر الذي يرأس منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام في حديث لـ "عربي21”, "أن الوساطة السعودية الأمريكية نجحت في تقريب وجهات النظر بخصوص الوضع الإنساني وقوانين الاشتباك، لكنها لم تفض إلى نتائج واضحة رغم أنها نجحت مقارنة بالمبادرات الأخرى".

وأردف، "أن المبادرة الأفريقية واجهت تباينا في المواقف الأفريقية كما أن الاتحاد الأفريقي لا يمتلك رؤية كاملة وواضحة عن الوضع السوداني، فضلا عن افتقاده للآلية والأدوات في التعامل مع المشهد الراهن".

وعن المباردة التي قدمتها منظمة "الإيغاد" أكد ناصر، "أن موقف الجيش السوداني أسهم بتعليق هذه المبادرة حيث كان أطراف الصراع يطمحون بإبقاء قطار المفاوضات في جدة السعودية، بدلا من أن يكون الحل أفريقيا".

واستدرك، "أن الجيش السوداني لديه حالة من التشنج في التعامل مع الدعم السريع التي رآها جسما دخيلا تمرد على الدولة"، مشيرا إلى أن "قوات الدعم السريع تحاول الحفاظ على وضعها الراهن وهذا ما لا يمكن القبول به مستقبلا".

وردا على سؤال حول التدخل الخارجي قال ناصر، "إن خيوط التدخل الخارجي واضحة في السودان لا سيما من الإمارات التي تحاول تحشيد رأي إقليمي ضد الحكومة والجيش السودانيين فهي حاولت تغيير موقف تشاد وجنوب السودان".

وأشار إلى "تواجد محمد بن زايد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا وبالتأكيد سيكون الملف السوداني على الطاولة، وهذا من شأنه عزل السودان عن محيطه الأفريقي وبالتالي تفاقم الأزمة".

وتحدث ناصر، "عن تباين واضح في المواقف بين مصر والإمارات حول السودان هذا فضلا عن وجود جهات أخرى تشارك بطريقة غير مباشرة في الصراع مثل مجموعة فاغنر الروسية، وهذا كله يؤدي إلى استمرار الحرب واستنزاف السودان وإدخاله في حالة من الفوضى والضعف".

يتابع أستاذ العلاقات الدولية السوداني، "أن الدور العربي متناقض في السودان حيث لم تتفق الدول العربية على موقف واحد تجاه الأزمة، فالقاهرة مثلا تقف مع الجيش لكنها متخوفة من حكم الإسلاميين، كما أن السعودية لديها مخاوف أمنية وبالذات في حوض البحر الأحمر، هذا فضلا عن الإمارات الطامحة للسيطرة على الأزمات وتوسيع نفوذها في المنطقة".

في المقابل يعتقد ناصر، "أن الدول الغربية تنظر للأزمة السودانية من ناحيتين سياسية وإنسانية حيث تمتلك كل دولة أولوية في البلاد، فواشنطن مثلا لا تريد نفوذا لموسكو في المنطقة كما أن باريس ترى السيطرة على الوضع في السودان يخدمها كونها تعي أن الأزمة قد تؤدي لتأثير الدومينو في دول الساحل".

وأضاف، "أن الولايات المتحدة لا تمتلك أدوات فاعلة في البلاد لذا تدخلت على استحياء عبر وكلاء مثل مصر والسعودية ومنظمة إيغاد، لكنها تحاول عدم إعطاء مساحة لروسيا لملء الفراغ".
التعليقات (0)