ملفات وتقارير

مصر: ما حقيقة التسهيلات للمغتربين بسيارات معفاة من الجمارك؟

ارتفعت أسعارها بنسب تتراوح بين 75% و100% لجميع أنواع المركبات نتيجة القيود المفروضة على الاستيراد ونقص الدولار- عربي21
ارتفعت أسعارها بنسب تتراوح بين 75% و100% لجميع أنواع المركبات نتيجة القيود المفروضة على الاستيراد ونقص الدولار- عربي21

أقر مجلس النواب المصري مشروع قانون بمنح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين في الخارج لاستيراد سيارات للاستخدام الشخصي معفاة من الضرائب والرسوم والجمارك، في مقابل إيداع مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية يساوي قيمة تلك الرسوم لصالح وزارة المالية.

القانون الذي مرره البرلمان، الثلاثاء، ولم يستغرق إلا بضعة أيام، كانت الحكومة تقدمت بمشروعه إلى مجلس النواب منتصف الشهر الجاري بدعوى تلبية مطالب العديد من المصريين المقيمين بالخارج، حيث يتم بمقتضاه منح كل مصري له إقامة سارية في الخارج الحق في استيراد سيارة ركوب.

وبررت الحكومة مشروع القانون بأن احتفاظ المصريين بسياراتهم في الوقت الحالي من شأنه تخفيف حدة الطلب على سيارات الركوب الجديدة بما يؤدي إلى موازنة النقص الحاصل في حجم المعروض من هذه السلعة الحيوية ومن ثم مقاومة الأسعار المرتفعة في السوق المحلي.

واستعاضت الحكومة عن إعفاء سيارات المصريين المقيمين في الخارج من الضرائب والرسوم المستحقة لدى استيرادها بتحويل مبلغ مالي من الخارج بالعملة الصعبة في حساب بنكي لصالح وزارة المالية واسترداده بدون عائد بعد مرور فترة من الزمن كتعويض عن حرمان الدولة من الضرائب والرسوم المستحقة.

وتقول الحكومة المصرية إن هذه المبادرة مؤقتة، وميزة للمصري المقيم في الخارج، إذ يتعين على الراغب في استيراد سيارة سداد مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية يعادل 100% من قيمة الضرائب والرسوم المعفي من أدائها، ولا يستحق عنه عائدا، ويحول من الخارج لصالح وزارة المالية، ويسترد بعد خمس سنوات من تاريخ السداد، بذات القيمة بالجنيه المصري وبسعر صرف العملة الأجنبية المعلن وقت الاسترداد.

"الحكومة المستفيدة أولا وأخيرا"

بحسب عدد من تجار السيارات ومغتربين تحدثوا إلى "عربي21" "فإن القرار لا يهدف إلى تخفيف حدة أزمة نقص المعروض من السيارات الجديدة في مصر، بعد أن ارتفعت أسعارها بنسب تتراوح بين 75% و100% لجميع أنواع المركبات؛ نتيجة القيود المفروضة على الاستيراد، ونقص الدولار لدى البنوك المصرية، ما انعكس على تراجع مبيعات السيارات خلال الشهور الماضية بأكثر من 50%، وإنما من أجل تعزيز موارد الدولة الدولارية الشحيحة".

وقال أحد تجار السيارات بحي الدقي بالجيزة لـ"عربي21": "هذا التحرك الحكومي والبرلماني ليس بهدف معالجة أزمة نقص السيارات في البلاد بكل تأكيد، ولا يستفيد منه إلا فئة بعينها وهي المغتربون خاصة في دول الخليج حيث أن غالبيتهم يعملون ويقيمون هناك، فسوق السيارات في أزمة أسعار منذ آذار/ مارس الماضي ولم تحرك الحكومة ساكنا، والهدف هو تحصيل دولارات فقط".

في الجهة الأخرى، يقول أحد المغتربين في السعودية، ويعمل في مجال الصحة، لـ"عربي21": "هذا الإعفاء من الضرائب والجمارك والرسوم هو إعفاء اسمي، ما تقدمه الحكومة باليمين سوف تأخذه بالشمال، لأني في نهاية المطاف مطالب بوضعه بالدولار لمدة 5 سنوات ودون عوائد، وقيمة العائد على هذا المبلغ في حال تم وضعه في أحد البنوك يساوي قيمة الجمارك والضرائب".

2.5 مليار دولار حصيلة دولارية متوقعة

على سبيل المثال يتعين دفع ضرائب وجمارك ورسوم على السيارات ذات السعة 1600cc والبالغ سعرها 500 ألف جنيه 66% من سعرها أي 330 ألف جنيه، وتبلغ فوائد هذا المبلغ في البنوك المحلية لمدة 5 سنوات نحو 270 ألف جنيه سيتم حرمان المغترب منها.

وتبلغ قيمة الضرائب والجمارك على السيارات ذات السعة أكثر من 1600cc وحتى 2000cc والبالغ سعرها 500 ألف جنيه 233% من سعرها أي مليون و117 ألف جنيه، والسيارات ذات السعة أكثر من 2000cc والبالغ سعرها 500 ألف جنيه 278% أي مليون و389 ألف جنيه.

توقع وزير المالية، محمد معيط، أن تساعد المبادرة في دخول أكثر من 500 ألف سيارة إلى مصر من قبل المصريين العاملين بالخارج، وأن تفوق حصيلتها من العملة الصعبة 2.5 مليار دولار (50 مليار جنيه)، مشيرا إلى أن الخزانة المصرية سوف تضحي بإيرادات ضريبية تبلغ 20 إلى 25 مليار جنيه على الأقل جراء هذه المبادرة، التي تهدف لتعظيم موارد العملة الأجنبية للبلاد.

وشكل خروج 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية ضغطا كبيرا خلال الفترة الماضية، فاتورة واردات ما أدى إلى توليد تضخم كبير بعد أن زادت فاتورة البلاد من البترول والغذاء من 6 إلى 9 مليارات دولار.

أدوات رخيصة للتمويل

في سياق تقييمه لهذه المبادرة الحكومية، يقول خبير الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، إن "مصر من أكثر دول العالم دفعا للفوائد نتيجة ضعف الاقتصاد وعدم الثقة في أدائه بسبب السفه في عمليات الإنفاق على مشروعات كبيرة لا طائل من ورائها ولا تدعم الإنتاج وتخدم فئة قليلة من السكان 5% أدت في النهاية إلى نقص الدولار وانخفاض قيمة العملة وزيادة معدل الديون والحكومة تبحث عن طريقة رخيصة للتمويل ولا يوجد أمامها سوى هذه الطريقة".

وأوضح لـ "عربي21": "تاريخ الحكومة مع المصريين أنها لا تلتزم بما تعد أو تتفق عليه من وضع ضرائب بأثر رجعي كمخالفات البناء، وزيادة الرسوم والضرائب على أسعار الخدمات بشكل كبير، وفرض واستحداث رسوم غير معروفة أو غير دارجة دون سند قانوني أو دستوري؛ وبالتالي فإن الثقة فيها لوضع مبلغ بآلاف الدولارات لمدة 5 سنوات عملية محفوفة بالمخاطر".

وتوقع يوسف أن تكون الاستجابة لتلك المبادرة محدودة، قائلا: "لن يستفيد من تلك المبادرة إلا نسبة قليلة من المغتربين في منطقة الخليج، وماذا يفعل المغترب في سيارة وهو بالخارج ولن يستفيد منها طوال الخمس سنوات؛ العقل والمنطق يجعل الاستجابة لهذه الدعوة إهدارا للمال، لكن بالنسبة للحكومة فهي صفقة رابحة لأنها سوف تحصل على تمويل بالعملة الصعبة بصفر بالمئة فائدة".

 

التعليقات (0)