صحافة دولية

MEE: "علي بابا" و"نيوم".. تفاؤل بين الصين والسعودية

تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والسعودية - جيتي
تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والسعودية - جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا بخصوص التفاؤل الذي أصبح يحكم العلاقة بين الصين والسعودية في ظل تنامي العلاقات التجارية بينهما.


وقال الموقع إن الصين اليوم هي المشتري الرئيسي لصادرات السعودية غير النفطية، وبشكل رئيسي المواد الكيماوية، فيما تعتبر المملكة واحدة من أكبر ثلاثة بلدان يتم فيها إنفاذ مبادرة "الحزام والطريق" الصينية للإنشاء. 


وبحسب التقرير، فإن تزويد الصين السعودية بتقنيات المراقبة والاستطلاع، ومساعدتها في تطوير الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، يثير استياء واشنطن.

كما أشار الموقع إلى أن رجال الأعمال الصينيين ومتابعي الأحداث في الشرق الأوسط يعلقون آمالاً كباراً على زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى المملكة الغنية بالنفط.

وتاليا نص التقرير مترجما من "عربي21": 


عاش تشارلز لي وعمل في المملكة العربية السعودية لما يزيد على عقد من الزمن، ولكن لم يسبق له أن رأي الأعمال بهذا الازدهار الذي هي عليه اليوم.

بعبارة "فوق التصور" وبالابتسامة تعلو محياه، وصف تشارلز لي، مدير جانغلينغ موتورز، في تصريح لموقع ميدل إيست آي السرعة التي يتم بها بيع العربات التجارية الصينية داخل المملكة.

تمر المملكة العربية السعودية بانتعاش مالي بفضل ارتفاع أسعار الطاقة. ويتوقع صندوق النقد الدولي هذا العام أن يصل معدل النمو في البلد إلى 7.6 بالمئة، وبذلك يصبح واحداً من أسرع معدلات النمو في العالم.

تكرس الرياض العائدات المالية الجديدة في شراء الأسهم في سوق الولايات المتحدة، وفي تنفيذ المشاريع الكبرى المصممة لتنويع الاقتصاد في المملكة بعيداً عن النفط. يقول تشارلز لي إن مبيعات العربات ازدهرت بسبب الإنفاق على الإنشاءات وعلى تنفيذ مشاريع البنية التحتية.

تعتبر تجارة تشارلز لي في السيارات نموذجاً صغيراً للروابط الاقتصادية المتنامية بين الصين والمملكة العربية السعودية. فقد وصلت التجارة البينية في 2020 إلى 65.2 مليار دولار، ويقال إن البلدين يجريان محادثات لتسعير بعض مبيعات النفط السعودي بالعملة الصينية اليوان.

بينما تبقى الطاقة هي أساس الشراكة بينهما، حيث يشكل النفط الخام 74 بالمئة من صادرات السعودية إلى الصين، فإن الروابط الاقتصادية أخذة بالتوسع.

والصين اليوم هي المشتري الرئيسي لصادرات السعودية غير النفطية، وبشكل رئيسي المواد الكيماوية، بينما تعتبر المملكة واحدة من أكبر ثلاثة بلدان يتم فيها إنفاذ مبادرة "الحزام والطريق" الصينية للإنشاء. وما يثير استياء واشنطن أن الصين تزود الرياض كذلك بتقنيات المراقبة والاستطلاع، وتساعدها في تطوير الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.

إلا أن رجل المبيعات يلاحظ وجود حالة من التناقض. فبينما يرسم المدراء الغربيون معالم الطريق المؤدي إلى باب المملكة العربية السعودية، بهدف الاستفادة من النمو الذي تحققه المملكة، إلا أن الصين غائبة رغم علاقتها الاقتصادية القوية.

ويقول عن ذلك: "ما هو موجود اليوم أقل بكثير مما كان موجوداً قبل عشر سنين."

واجهت مشكلة مشابهة دونغني زهاو، وكيلة السفريات التي تتخذ من بيجينغ مقراً لها وتعمل في الخليج. فعندما انفتحت المملكة العربية السعودية لأول مرة على السياحة في عام 2019، كان الزائرون من الصين على رأس قائمة الوافدين.

من بيجينغ إلى شنغهاي إلى غوانزو، انتشرت في كافة أرجاء الصين مكاتب السياحة التي تروج للمملكة الثرية بالنفط. وكان وزير السياحة أحمد الخطيب قد صرح لوسائل الإعلام المحلية في وقت مبكر من هذا الصيف قائلاً: "نريد أن يأتي الصينيون."

تقول زهاو إن الصينيين "متحمسون" للمملكة العربية السعودية "ويغمرهم الفضول" لرؤية البلد، ولكنهم يجدون صعوبة بالغة في القيام بالرحلة إليها. فحالياً لا يوجد سوى رحلتين جويتين مباشرتين لربط المملكة العربية السعودية بالصين كل أسبوع، ولا تطير أي منهما إلى بيجينغ أو شانغهاي.

صفر كوفيد

على الرغم من أن معظم بلاد العالم عادت وفتحت أبوابها على الرغم من استمرار الجائحة، فقد أبقت الصين على إجراءات الحجر الصارمة وعلى القيود المفروضة على سفر مواطنيها.

يمكن من خلال ندرة المسافرين، سواء للتجارة أو للمتعة، إلى المملكة العربية السعودية رؤية كيف أثرت سياسة "صفر كوفيد" التي تنتهجها الصين على طموحات بيجينغ في توسيع رقعة بصمتها، بما في ذلك في بلدان مثل المملكة العربية السعودية، حيث يحدوها الرجاء بمنافسة الولايات المتحدة.

ما من شك في أن العلاقة الصينية السعودية تجاوزت تبعات الجائحة أكثر من غيرها. فعلى الرغم من خفض بيجينغ لاستثماراتها العالمية في خضم تباطؤ الاقتصاد محلياً، ظلت المملكة شريكاً أساسياً لها. وفي النصف الأول من عام 2022 وقعت الصين استثمارات مع المملكة العربية السعودية بقيمة 5.5 مليار دولار، متجاوزة في ذلك كل البلدان الأخرى.

ومع ذلك تعطلت بعض الصفقات. على سبيل المثال لم يزل ينتظر أن يوضع قيد التنفيذ اتفاق تم توقيعه في عام 2019 يقضي بأن تنشئ المملكة العربية السعودية محطة تكرير للنفط ومجمع للبتروكيماويات في الصين بتكلفة 10 مليار دولار.

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال شاوجين تشاي، الخبير في العلاقات العربية الصينية في جامعة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة: "بسبب سياسة صفر كوفيد الصينية، كان التقدم بطيئاً جداً. فالسفر ضروري من أجل إتمام العمليات المشتركة."

عززت تقارير مفادها أن الرئيس الصيني شي جين بينغ ينوي زيارة المملكة خلال الشهور القادمة الآمال بأن تنتهي فترة العزلة الطويلة التي دخلتها بيجينغ بسبب كوفيد، وأن بعضاً من الجوانب الأكثر واقعية في العلاقة مع المملكة الغنية بالنفط قد تتعزز أكثر فأكثر.

يعني ذلك بالنسبة لتشارلز لي من جانغلينغ موتورز ولمشغلة الرحلات السياحية دونغني زهاو التخفيف من القيود المفروضة على السفر وزيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين.

تعتقد زهاو أنه بالنظر إلى العمل الذي قامت به المملكة العربية السعودية للترويج لنفسها في الصين، فبمجرد أن يعاد فتح الحدود سوف يتدفق السائحون على البلد. وتقول: "أنا متفائل جداً بشأن مستقبل السياحة السعودية."

وتضيف إن بإمكانها تصور اليوم الذي تتطلع فيه الصين إلى المملكة العربية السعودية كوجهة سياحية لقضاء العطلة على ساحل البحر الأحمر في بيوت الإجازات. وتضيف: "لا يوجد أدنى شك في ذلك، طالما تمتعت المملكة العربية السعودية بوضع سياسي مستقر وإجراءات ميسرة للراغبين في الشراء."

مؤمنون حقاً

بينما كانت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية قد شابها الجدل الدائر حول ما إذا كان ينبغي على الزعيم الأمريكي زيارة البلد الذي تعهد بأن يحوله إلى بلد منبوذ، يرافق زيارة الرئيس الصيني المتوقعة إلى المملكة إحساس بالتفاؤل – وليس فقط لدى نخبة صناعة السياسة في وزارة الخارجية الصينية أو لدى الرؤساء المتنفذين للشركات التي تملكها الدولة.

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، يقول دينغ لونغ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى جامعة شنغهاي للدراسات الدولية: "ترى الصين فرصة سانحة في مشاريع مثل نيوم. وتتوجه الشركات الصينية إلى المملكة العربية السعودية لتوقيع عقود جديدة."

أنفينغ وان جزء من هذه الحركة، فقد وصلت إلى المملكة العربية السعودية في العام الماضي كمدير عام لمجموعة جيه أند تي إكسبريس الصينية. وفي شهر فبراير/ شباط، أعلنت الشركة عن استثمار مشترك مع صندوق الاستثمار العام السعودي. أما عملاق التجارة الإلكترونية علي بابا فسوف يبني في السعودية مدينة صناعية مزدة باللوجستيات الذكية بتكلفة تصل إلى 2 مليار دولار.

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت أنفينغ وان إنها ترى "طلباً كبيراً" على خدمات جيه أند تي اللوجستية، بينما يمضي قطاع التجارة الإلكترونية في المملكة في مسيرته محققاً مزيدا من التطور. وقالت: "نشعر أن لدى هذا السوق إمكانيات هائلة، ولكم نحن مسرورون بالتغييرات التي يسعى لإحداثها ولي العهد".

بينما جل الشركات الصينية التي تعمل داخل المملكة العربية السعودية هي شركات مملوكة للدولة، وتعمل في قطاعي الطاقة والبنى التحتية، تقول وان إن المزيد من المؤسسات الخاصة مثل جيه أند تي إكسبريس، ومع التغير الذي يطرأ على صورة المملكة، سوف تبدأ في الوصول".

وتضيف: "أعتقد أن المملكة العربية السعودية تنتقل من كونها بلداً محافظاً وتقليدياً إلى بلد يفتح أبوابه مرحباً بالزائرين".

 

اقرأ أيضا: تحذير أمريكي من برنامج سعودي صيني للصواريخ الباليستية

لقد أحدث ولي العهد محمد بن سلمان بعض الإصلاحات، فوسع من دائرة حقوق المرأة، وخفف من القيود التي تفرضها قوانين المملكة الاجتماعية المحافظة. إلا أن تلك التحركات رافقها قمع شديد بحق المعارضين، الأمر الذي جلب عليه انتقاد الغرب.

لم يعرب أي من رجال الأعمال الصينيين الذين يعملون داخل المملكة وتحدثوا إلى ميدل إيست آي عن أي قلق إزاء قضايا حقوق الإنسان في البلد.

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت إليانا إبراهيم، رئيس الجمعية الصينية العربية لتشجيع التبادل الثقافي والتجاري، والتي تتخذ من بيروت مقراً لها: "بعض البلدان لا تكف عن استخدام حقوق الإنسان من أجل لوم الصين، ولكن في حقيقة الأمر نحن نعرف الصين، والوضع فيها ليس كما يقولون".


وتضيف: "ولذلك حينما يستخدمون حقوق الإنسان للوم البلدان الأخرى، علينا أن نتجاهل ذلك".

فيما يتعلق بمشروع ولي العهد الضخم، تلك المدينة المهولة التي سوف يكلف إنشاؤها في الصحراء 500 مليار دولار، يقول تشارلز لي، الذي يمتطي موجة من المبيعات المرتفعة في أعداد العربات التجارية، إن الصينيين مؤمنون.

ويضيف: "جميع الصينيين يعتقدون بأن مشروع نيوم سوف يتحقق. ولم عساه ألا يتحقق؟"

التعليقات (0)