حقوق وحريات

2200 حالة اعتقال نفذتها مختلف الأطراف بسوريا خلال 2021

وثق التقرير ما لا يقل عن 1032 حالة اعتقال على يد النظام السوري- جيتي
وثق التقرير ما لا يقل عن 1032 حالة اعتقال على يد النظام السوري- جيتي

وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها أكثر من 2218 حالة اعتقال "تعسفي- احتجاز" خلال عام 2021 الماضي على يد مختلف الأطراف في سوريا.

وقالت الشبكة في تقريرها، إنها وثقت من بين الحالات المذكورة، اعتقال 85 طفلا و77 سيدة، مشيرة إلى أن أي انفتاح مع النظام السوري يعني تصاعد عمليات التضييق والاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري.


وأوضحَ التقرير أن "معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالبا ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة في نظام الأسد هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيدا عن السلطة القضائية".


وأشار إلى أن "المعتقل يتعرض للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويحرم من التواصل مع عائلته أو محاميه، كما تنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي، ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسريا".

 

اقرأ أيضا: التايمز: نظام الأسد يصنف كل لاجئ يعود مذنبا فيعتقله ويعذبه



ويعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال على يد أطراف النّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، حيث وثَّق ما لا يقل عن 1032 حالة على يد قوات النظام السوري، بينهم 19 طفلا و23 سيدة، و645 على يد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بينهم 59 طفلاً و7 سيدات، فيما سجَّل التقرير 420 حالة بينها 6 أطفال، و47 سيدة على يد "الجيش الوطني" المعارض، و121 حالة على يد "هيئة تحرير الشام".


وأوضح التقرير أن "عمليات الاعتقال التي نفذها الجيش الوطني كانت في معظمها بشكل جماعي، استهدفت قادميــن مــن مناطــق سيطرة النظــام السوري، وقليل منها جرت على خلفية عرقية وتركزت شمال حلب، وحـدث معظمهـا دون وجـود إذن قضائي ودون مشـاركة جهـاز الشـرطة، وبـدون توجيـه تهـم واضحة، فضلا عن شن حملات دهم واحتجاز استهدفت مدنيين بتهمة التعامل مع "قسد"، وتركزت في بعض القرى ناحية عفرين شمال غرب حلب.

 

وطلبت "عربي21" التعليق من الجيش الوطني السوري، ورفض التصريح، ولكنه وعد بإدلاء توضيح بهذا الشأن بوقت قريب للصحيفة.

مأساة متكررة

 

وللتعليق على هذه الأرقام، تحدثت "عربي21"، مع مدير مكتب "رابطة المحامين السوريين الأحرار" في هاتاي، عمار عز الدين، الذي قال إن قضية المعتقلين والمختفين قسرا كانت وما زالت من أهم القضايا في الملف السوري التي لم يحدث فيها أي تقدم على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي ومنها القرار 2254 لعام 2015.

وقال عز الدين لـ"عربي21"، إن "قرارات مجلس الأمن الدولي لم تصدر بصيغة تنفيذية فلا يوجد سوى القرار 2170 اتخذه مجلس الأمن حيال الأوضاع في سوريا تحت الفصل السابع من ميثاقه، ما يعني استخداما للقوة العسكرية في تطبيقها، ما يجعل النظام السوري غير ملزم بتطبيقها والمراوغة أو على الأقل المماطلة في تنفيذها، حتى يغير موازين القوى مع حلفائه الروس والإيرانيين لصالحه، ما يجعله بموقع لفرض قرارات جديدة على المجتمع الدولي".


وأضاف: "يعد توقيف مئات آلاف المعتقلين وحجز حريتهم بدون محاكمات أو في سياق محاكمات غير عادلة مخالفا للدستور السوري والقوانين والأعراف الدولية وخاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ما يجعل حرمانهم من حق الحرية وأحيانا حق الحياة وسجنهم تعسفيا، أمرا ينتهك حقوق الإنسان، لذلك يعد توقيف آلاف المعتقلين وحجز حريتهم تعسفيا، انتهاكا يرقى لجرائم الحرب، وفقا للقانون الدولي الإنساني".


العدد أكبر من الأرقام الموثقة


من جانبه، اعتبر مدير "المنظمة العربية الأوروبية لحقوق الإنسان" محمد كاظم هنداوي، أن الرقم الحقيقي لعدد المعتقلين في سوريا هو أكبر بكثير من الحالات التي جرى توثيقها، في ظل وجود "نظام أمني قتل ونكل بالسوريين"، منوها إلى أن المدنيين في مناطق النظام لا يصرحون بالانتهاكات التي يتعرضون لها، خوفا من ردود فعل انتقامية.


وأشار هنداوي في حديثه لـ"عربي21" إلى أن خوف الناس من نظام الأسد والملاحقة الأمنية التي يتعرض لها الذين يتكلمون عن حقوقهم حالت دون توثيق العدد الحقيقي للمعتقلين، كونه نظاما ما زال موجودا، وبالتالي المشكلة الأمنية في سوريا ما زالت موجودة.

 

وقال إن "عدد الحالات التي جرى توثيقها لا يعني بالضرورة انخفاض نسبة الانتهاكات في مناطق سيطرة النظام السوري".


وقال هنداوي إن "المجتمع الدولي غير مؤهل لمحاسبة نظام الأسد وتطبيق القانون الدولي داخل سوريا، في ظل وجود دول مجرمة داعمة للنظام السوري مثل روسيا وإيران"، مشيرا إلى أن المجتمع أمام مأزق أخلاقي كبير بسبب استمرار العنف والانتهاكات في سوريا، وأن المدنيين هم الخاسر ومستمرون في دفع "فاتورة النزاع"، على حد وصفه.


وبالحديث عن ارتفاع عدد المعتقلين في مناطق الجيش الوطني المعارض، اعتبر هنداوي أن الأمر يعود إلى أسباب عدة، أهمها غياب استقلالية السلطة القضائية، والأجندات التي تعمل عليها "سلطات الأمر الواقع" من إملاءات من الخارج والعمل بوصايا الداعمين، على حد قوله.


وأوضح هنداوي أن "الانتهاكات في مناطق المعارضة لا ترتقى إلى درجة الجريمة المنظمة، ولا تقارن بمناطق سيطرة النظام من حيث الخطورة على حياة الأفراد، وهي ناجمة بالدرجة الأولى عن حالة الفوضى التي تشهدها مناطق سيطرتها، وغياب مراقبة المنظمات الحقوقية الدولية للمشهد على الأرض، معتبرا أن أحد الحلول هو تفعيل عمل المنظمات الحقوقية على الأرض".

يشار إلى أن تقرير "الشبكة السورية" أكد "ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير 102 ألف مختف في سوريا، 85 في المئة منهم لدى النظام السوري".

 

ودعا إلى "البدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعها من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، ولا بُد من التّصريح عن أماكن احتجازهم والسّماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم بشكل عاجل".

التعليقات (0)