ملفات وتقارير

ماذا تمتلك إيران لمواجهة خطر التطبيع الإماراتي؟

تتمتع إيران بعلاقات تجارية قوية مع الإمارات- جيتي
تتمتع إيران بعلاقات تجارية قوية مع الإمارات- جيتي

تتصاعد حدة التوتر بين إيران والإمارات، عقب موافقة الأخيرة على تطبيع كامل علاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي بمباركة أمريكية، الأمر الذي وضع طهران في مواجهة تهديد خطير لأمنها القومي.

وفي حين حاول المسؤولون الإماراتيون طمأنة طهران بأن التطبيع "غير موجه ضدهم" وأنه قرار "سيادي إماراتي"، إلا أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يواصلون إطلاق تصريحات مغايرة تثير حفيظة إيران.

كان آخر هذه التصريحات ما قاله وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأحد، إن "الإمارات وإسرائيل توصلتا لاتفاق تحالف ضد إيران، لحماية المصالح الأمريكية والشرق الأوسط".

استدعت تصريحات بومبيو، إرسال طهران مجددا تهديدات لأبوظبي تحذرها من "الاستمرار في التطبيع"، و"تحملها مسؤولية أي اعتداء إسرائيلي يحدث بمنطقة الخليج"، وأنها "ستكون في دائرة الرد الإيراني على أي اعتداء". 

 

اقرأ أيضا: طهران: لا يمكن للإمارات شراء الأمن من خارج المنطقة

يثير هذا التصعيد تساؤلا حول خيارات طهران لمواجهة اتفاق التطبيع الإماراتي والذي تعتبره "خطرا استراتيجيا على أمنها القومي"، خاصة مع تعاظم المخاوف من أن يقود التطبيع إلى حضور عسكري لـ"تل أبيب"، العدو التقليدي لطهران، على أراضي جارتها الجنوبية.


وتزداد أهمية هذا التساؤل مع الأخذ في عين الاعتبار تأثر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات الأمريكية، في حين تتمتع إيران بعلاقات تجارية قوية مع الإمارات، إلى جانب تحسن ملحوظ في المباحثات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الجانبين مؤخرا.

 

الرد غير المباشر


ويقول الأكاديمي والكاتب علي نوري زادة إن إيران تعتبر اتفاق التطبيع تهديدا مباشرا لأمنها القومي ولنظامها الحاكم، الذي يعتبر نفسه في مواجهة مستمرة مع إسرائيل، رغم عدم تمكنه من توجيه ضربة لـ"تل أبيب" حتى الآن، في حين أنه تلقى ضربات منها من وقت لآخر.

 

ومستحضرا تعليق الزعيم الإيراني علي خامنئي على اتفاق التطبيع الإماراتي والذي اعتبره "خيانة عظمى"، قال نوري زادة: "خامنئي أمر بإعداد إجراءات ضد الإمارات، لكن لا نعرف إن كانت هذه الإجراءات سوف تتجاوز الحدود المسموحة، بمعنى هل إيران بصدد توجيه ضربات إلى الإمارات أم لا؟".
 
وفي حديثه لـ"عربي21" قال الأكاديمي الإيراني: "بلا أدنى شك ستقوم إيران وربما عبر المجموعات المرتبطة بها بتوجيه ضربات إلى الإمارات. لكنها لن تلجأ لخيار الرد العسكري المباشر".

ويوضح: "إيران ليست في حالة تسمح بأن تقوم بحرب ضد الإمارات، وهي تعرف جيدا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح بذلك".

ويشير إلى أن إيران تمتلك جماعات شيعية من جنسيات مختلفة، ولها موطئ قدم وتواجد في الإمارات، ويضيف: "إيران تعتقد بأن ضربات (تفجيرات) عادية في الإمارات كفيلة بأن تنهي دور أبو ظبي الاقتصادي والتجاري في المنطقة".

وهذا يرجع إلى أن طهران تعتبر أبو ظبي "الحلقة الأضعف" في الدول الخليجية، وأنها لا تستطيع أن تعتمد على الدعم الأمريكي المباشر، والدعم الفرنسي لها محدود، والسعودية لن تدخل في الحرب من أجل الإمارات، وفق حديث الأكاديمي نوري زادة.

 

دولة معادية


من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي عماد آبشناس أن إيران كانت طيلة الفترة الماضية على علم بوجود علاقات سرية بين أبو ظبي و"تل أبيب"، لكن الموقف الإيراني اختلف من الإمارات بعد التصريح بأن اتفاق التطبيع يستهدف تكوين تحالف ضد إيران.

 

اقرأ أيضا: بومبيو: أبوظبي وتل أبيب توصلتا لاتفاق تحالف ضد إيران

وقال آبشناس لـ"عربي21": "ستتصرف إيران مع الإمارات على أنها دولة معادية وتهدد الأمن القومي الإيراني. ما حدث يقود إلى تشنج وحذر أكبر في تعاطي إيران مع الإمارات".


واستبعد المحلل السياسي أن يكون الإماراتيون "يريدون هذا التوتر"، لكن "الإسرائيليين والأمريكيين يجرونهم إلى هذا المربع. ومصلحة الإمارات تقتضي ألا تدخل في هكذا متاهة"، معتقدا أن تصريحات المسؤولين في تل أبيب وواشنطن هي "للتسويق الإعلامي".

وتابع: "القدرة العسكرية والاجتماعية للإمارات ضعيفة. إضافة إلى أن الظروف الاقتصادية والسياسية في المنطقة لا تسمح للإمارات بأن تقوم بهذه المغامرة. وضعها لا يسمح لها أن تتحمل معاداة إيران عسكريا وأمنيا على الأقل".

وعن احتمال تحرك إيران عسكريا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ضد الإمارات، قال آبشناس: "كل شيء ممكن ووارد. هذا ما حصل مع أذربيجان وجورجيا عندما رأينا كيف تصرفت إيران معهم، كلاهما طلبتا من الإسرائيليين إخراج جميع قواتهم الأمنية والعسكرية من أراضيهما، كي لا تدخلا في صراع مع طهران".


وعند سؤاله حول تأثير التهديد الإيراني على وقف التطبيع الإماراتي، أجاب أبشناس: "الإمارات كان تهدف إلى دخول دول أخرى معها في علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني لكن باقي الدول لم تجاريها، وبقيت الإمارات لوحدها في هذا المشروع".

0
التعليقات (0)