اقتصاد عربي

لماذا فرض المركزي المصري قيودا على سحب الأفراد والشركات؟

انتقد خبراء اقتصاديون قرار المركزي المصري واعتبروه متسرعا وسيثير البلبلة في أوساط المصريين وسيزيد من درجة مخاوفهم- أ ف ب
انتقد خبراء اقتصاديون قرار المركزي المصري واعتبروه متسرعا وسيثير البلبلة في أوساط المصريين وسيزيد من درجة مخاوفهم- أ ف ب

انتقد خبراء اقتصاديون قرار البنك المركزي المصري، بوضع قيود على سحب الأفراد والشركات للأموال من البنوك، خاصة أنه يأتي في ظل ظرف قاس تمر به البلاد بانتشار فيروس كورونا.

وفي قرار مفاجئ، فرض المركزي المصري، الأحد، حدا أقصى لسحب الأفراد من حسابهم في البنوك المصرية يبلغ عشرة آلاف جنيه، وخمسين ألفا للشركات في اليوم الواحد.


الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" أعلنوا رفضهم للقرار، مؤكدين أنه يأتي في وقت غير مناسب، وسيسبب المزيد من البلبلة والاضطراب في حركة السوق، وسيزيد من الضغوط على المصريين، ويكشف عن حالة الفشل التي مني بها النظام في إدارة الملفات الاقتصادية، ومؤخرا ملف جائحة كورونا.

"يؤجج القلق"

وفي رؤيته للقرار، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد مطر: "من حيث الشكل فإن توقيت القرار غير مناسب، بل وغريب جدا؛ أن يصدر في ظل جائحة فيروس كورونا التي تجتاح البلاد وتصيب الناس بعدم الاطمئنان".

وأشار رئيس المركز العربي للدراسات الاقتصادية لـ"عربي21"، إلى أن السوق العالمي ومنه المصري "يعيش حالة من عدم اليقين، ومناخ الاقتصاد عالميا ومحليا مهدد، وتجارة الخدمات جميعها شبه متوقفة، وعلى رأسها السياحة والمطاعم والفنادق والنقل والطيران، وكل الأنشطة المرتبطة بهذا القطاع الكبير".

وتابع نائب رئيس المنتدى الدولي للأعمال بقوله، إن "أصحاب تلك المهن والأعمال وهذه القطاعات يعيشون حالة من القلق والبطالة، ولذا فمن الغريب أن يصدر مثل هذا القرار في هذا التوقيت".

ولفت إلى أن القرار "يزيد النار اشتعالا، ويؤجج القلق، ويثير الذعر والتخوف بين الناس، ويفاقم حالة عدم الثقة".

وأضاف أنه "من المفترض في مثل هذه الظروف أن تقوم الأنظمة الحاكمة ببث الطمأنينة، حيث قدمت حزمة إجراءات اقتصادية رائعة للحفاظ على حالة الثقة واليقين داخل السوق".


وقال الخبير المصري، إن القرار من حيث الصياغة يأتي "مخيفا جدا، فالصياغة غير مناسبة للظرف، وتقول للمودعين، إن من يملك منكم 2 أو 3 ملايين جنيه -مبلغ ليس كبيرا- إذا أردت أن تشتري شقة مثلا، فستظل تسحب هذا الرقم عشرة آلاف جنيه بعشرة آلاف جنيه".

وأضاف أنه "من حيث المضمون، فإن العمل المصرفي والسياسيات النقدية والمصرفية والمالية سياسات حساسة جدا، وأصحاب الأموال ورؤوس الأموال هدفهم الوحيد من إيداع الأموال بالبنوك هو الاطمئنان، بصرف النظر عن إن كان هناك ودائع استثمار ربحية من عدمه، وكان من الممكن أن يضع أصحاب الودائع أموالهم ببيوتهم وخزانات شركاتهم".

وتابع رئيس المركز العربي للدراسات الاقتصادية: "لكن حينما يودع المواطن العادي أو صاحب العمل أو المستثمر أمواله بالبنك، فهو بهذه الحالة يشعر أنه مطمئن كأنها ببيته يتصرف فيها بأي وقت، أما أن يكون المضمون أنك لن تتصرف بأموالك إلا بإرادتي وبالطريقة التي تريحني، فهذا أمر مخيف".

وحول دلالات القرار أكد مطر أنه يشير "لفشل النظام الحاكم  بإدراة شؤون البلاد، بل استمراره في سياسة الفشل وإدارة الأزمات، وفي إدارة جائحة كورونا، كما يعني مواصلة عدم احترام الشعب والاستعلاء على المدنيين، وتمييز الجيش وأعوانه من الشرطة والقضاء والإعلام، والتحكم بمقدرات البلاد، وترك 90 بالمئة من الشعب يتخبطون".

 وختم بالقول: "في الحقيقة القرار مسألة مخيفة، وقرار سيئ في توقيت سيئ من شخص سيئ ونظام سيئ، فالقدرة على التصرف في الأزمات الفارق فيه هنا الاطمئنان على الوديعة وتقليل الخوف لدى الناس، من عدم القدرة على التصرف".

"يوحي بأزمة قادمة"

ومن وجهة نظره، يرى الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكر الله أن هذا القرار جاء "متسرعا للغاية، وأنه بالفعل سيثير البلبلة لحد كبير في أوساط المصريين، وسيزيد من درجة المخاوف من أزمة كورونا لديهم".

وأكد الأكاديمي المصري بحديثه لـ"عربي21" أن "هذا القرار جاء لتدعيم الشكوك والمخاوف التي أصابت المصريين الفترة الماضية، بأن هناك أرقاما غير معلنة عن كثافة انتشار هذا الوباء بين المصريين، وتداعيات ذلك الاقتصادية على مصر المرحلة المقبلة".

وأضاف: "لا أرى مبررا لهذه القرارات بوضع حدود دنيا أو عليا للسحب المالي من البنوك ما يؤشر على أن هناك أزمة، ومن ثم أعتقد أنه قد يحدث أثر عكسي غير الذي قصده البنك المركزي".
وأشار رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية، إلى أن حيثيات اتخاذ القرار غير مقنعة، حيث إن "ودائع البنك المركزي وودائع الأفراد بالبنوك بالجنيه المصري، تتزايد بصورة كبيرة الفترة الماضية".

وأضاف: "منذ أيام وإثر قرار البنك المركزي التاريخي بخفض سعر الفائدة 3 بالمئة، أطلق البنك الأهلي المصري وبنك مصر شهادة ادخارية العائد عليها بقيمة 15 بالمئة، أنتجت للبنك الأهلي وحده خلال أسبوعين 15 مليار جنيه مصري".

وقال استشارى التدريب ودراسات الجدوى: "مما سبق نكتشف أن ثقة المصريين بالقطاع المصرفي كبيرة للغاية، وهناك شرائح مصرية تعتمد على القطاع المصرفي كأصحاب المعاشات والمرأة المعيلة وغيرهما، لتوفير دخل شهري ثابت عبر إدخار أموالهم بالشهادات المختلفة التي تضمن عائدا شهريا يغطي احتياجاتهم".

وتابع: "إذا الأموال متوفرة، والثقة أيضا متوفرة، والاحتياجات اعتيادية لحد كبير، ولم نلحظ الفترة الماضية انكشافا بمعنى مسحوبات غير عادية للأفراد والشركات من البنوك، والمحللون الاقتصاديون يعلمون أن هناك سعيا من الأفراد والشركات والدول للاحتفاظ بالسيولة، ولكن بمصر حتى الآن الأوضاع فيها مستقرة".

ولفت أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر إلى أنه "بالنسبة للسلع الأساسية، يوجد مخزون يكفي ثلاثة أشهر، والدولة اتخذت قرارا جيدا بعدم تصدير البقوليات لـ 3 أشهر قادمة"، مشيرا إلى أن "هذا القرار يجب أن يكون على نطاق أوسع وليس البقوليات فقط".

وأكد ذكرالله أن "مجمل الأوضاع الاقتصادية حتى الآن مطمئنة لحد ما، نعم توجد تداعيات اقتصادية ضخمة لانتشار فيروس كورونا على الاقتصاد المصري من زوايا عديدة ومتعددة، وأنه لم يتعاف، وفي أغلب عناصره هو اقتصاد ريعي، ولكن هذا القرار غير مبرر ومتسرع".

وتعجب الخبير المصري من صدور القرار قبل يوم واحد من اجتماع لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي، موضحا أنه "كان يمكن أن يصدر هذا القرار من اللجنة لا عن طريق توصية أحد نواب محافظ البنك المركزي.

وختم حديثه بالقول، إنه "قرار متسرع، وأوحى للناس أن هناك ما لا يعرفونه، وهناك ما تخبئه عنهم السلطات أو لم تصرح به بأن هناك أزمة في الطريق"، متمنيا ألا يؤدي القرار لآثار عكسية على المدى القريب".

 

اقرأ أضا: عامر: المصريون سحبوا 30 مليار جنيه من البنوك في 21 يوما



التعليقات (0)