كتاب عربي 21

730 جنيها نصيب المواطن المصري من الإنفاق الصحي السنوى

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
خلال العام المالي الحالي 2019/2020 والممتد من بداية شهر تموز/ يوليو الماضي وحتى نهاية حزيران/ يونيو المقبل، بلغت مخصصات القطاع الصحي في الموازنة المصرية 73 مليار جنيه، ليصل متوسط نصيب المواطن المصري حسب عدد السكان الحالي والذي تخطى المئة مليون شخص؛ إلى 730 جنيه خلال العام، وهو ما يوازي 46.5 دولار.

وتضمن التوزيع النسبي لمخصصات القطاع الصحي، استحواذ أجور العاملين في القطاع، من أطباء وفنيين وتمريض وموظفين، على نسبة 49 في المئة، وتوجهت نسبة 21 في المئة لشراء المستلزمات الطبية والصيانة للمعدات والمباني والأدوات الكتابية والوقود ومياه الشرب والإنارة، ونسبة 18.5 في المئة للاستثمارات التي تتجه لإنشاء المباني والأراضي والمعدات ودراسات الجدوى والبعثات، وهو ما أدى إلى عجز المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والبالغ عددها 545 مستشفى، عن توفير الأجور المناسبة للأطباء، مما أدى إلى عزوف الكثير منهم عن العمل بالمستشفيات الحكومية، والعمل إما بمستشفيات القطاع الخاص أو السفر للعمل في الخارج، مما أوجد نقصا في الأطباء دفع وزارة الصحة للاستعانة بالأطباء الذين خرجوا إلى التقاعد.

ففي عام 2016 كان يعمل في القطاع الصحي الحكومي أكثر من 103 آلاف طبيب بشري، لكن هذا العدد تقلص إلى 91 ألف طبيب في عام 2018. ويتوزع هذا العدد ما بين المستشفيات التابعة لوزارة الصحة و146 مستشفى تابعا لجهات أخرى، منها الجامعات والشرطة ومصلحة السجون والسكة الحديد والنقل العام وغيرها.

ويتضح نقص عدد الأطباء في بعض القطاعات الصحية، فالتأمين الصحي الذي يشترك به 55.6 مليون شخص، ما بين قوى عاملة ومتقاعدين وطلاب مدارس وجامعات وأطفال ونساء معيلات، ليس به سوى حوالي ستة آلاف طبيب بشري، ومرفق الإسعاف الذي يتبعه 1464 مركزا للإسعاف على مستوى المحافظات، ليس به سوى 65 طبيبا، وبالتالي يقوم المسعفون البالغ عددهم 5439 شخصا بأداء الخدمات الإسعافية.

نقص المستلزمات الطبية بالمستشفيات

ويمتد النقص في القائمين على العلاج إلى مجال التمريض حيث يعمل في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وغيرها من الجهات 194 ألف ممرض وممرضة، بنقص حوالى 40 في المئة عن الاحتياجات الفعلية، إلا أن معدل التغطية الصحية بالتمريض أفضل منه في الأطباء، حيث يبلغ نصيب كل عشرة آلاف من السكان عام 2018 نحو 22 ممرض، بينما يبلغ نصيب كل عشرة آلاف من السكان 12 طبيب بشري.

ورغم تخصيص 15 مليار جنيه لشراء السلع والخدمات بالقطاع الصحي، إلا أن تعدد بنود صرف تلك المبالغ ما بين: الصيانة ونفقات الإنارة والكهرباء ومياه الشرب والمطبوعات والأدوات الكتابية والوقود وقطع الغيار وغيرها، يقلل من نصيب الأدوات الطبية والأدوية، مما يدفع المستشفيات الحكومية إلى أن تطلب من المرضى شراء جانب من تلك المستلزمات على نفقتهم الخاصة من الصيدليات، خاصة عند الدخول لإجراء جراحات.

ورغم أن دستور 2014 الذي صدر في عهد النظام الحالي بمصر، قد نص على بلوغ الإنفاق الصحي في الموازنة نسبة 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن ذلك لم يحدث في أى من السنوات التالية لصدوره، وفي العام المالي الحالي بلغت نسبة الإنفاق الصحي إلى الناتج المحلي 1.2 في المئة فقط.

وكانت وزيرة الصحة الحالية خلال فترة عرض الموازنة على البرلمان وقبل اعتماد الموازنة، قد طالبت بزيادة مخصصات الصحة بنحو 33 مليار جنيه إضافية، حتى تستطيع التوسع بنظام التأمين الصحي الشامل بعدة محافظات، ورغم وعود لجنة الخطة والموازنة في البرلمان بزيادة مخصصات الصحة بنحو 1.9 مليار جنيه فقط.

إلا أن الرقم الإجمالي لمخصصات الصحة الوارد في قانون إصدار الموازنة، كان هو نفس الرقم الوارد في البيان المالي للموازنة عند عرضها على البرلمان دون أية زيادة، ليصل نصيب مخصصات القطاع الصحي نسبة 4.6 في المئة من إجمالي المصروفات في الموازنة والبالغة تريليون و575 مليار جنيه، مقابل نسبة 5.4 في المئة من المصروفات في الموازنة قبل أربع سنوات.

إنفاق صحي أقل بمحافظات الجنوب

ونظرا لإشراف مديريات الصحة في المحافظات على المستشفيات العامة التي عادة ما تكون بعاصمة المحافظة، والمستشفيات المركزية أي التي تكون بمراكز المحافظة، وكذلك على الوحدات الصحية الريفية، فإن موزانة مديريات الصحة هي الأقرب اتصالا ومنفعة للجمهور خاصة في القرى وأحياء المدن، والتي تكشف عن التفاوت في المخصصات ما بين المحافظات لصالح محافظات الوجه البحري.

فمحافظة دمياط البالغ سكانها 1.6 مليون خصص لها 776 مليون جنيه، بينما محافظة الفيوم في الجنوب البالغ سكانها 3.8 مليون نسمه خصص لها 670 مليون جنيه، ونفس الأمر في محافظة بني سويف في الجنوب، البالغ عدد سكانها 3.4 مليون نسمة، فقد خصص لها 659 مليون جنيه.

وظهر تدني نصيب الفرد ببعض المحافظات من الإنفاق الصحي خاصة بمحافظات الجنوب، فمحافظة سوهاج في الجنوب البالغ عدد سكانها 5.3 مليون شخص، وتضم 11 مركزا إداريا و235 قرية خُصص لها 920 مليون جنيه، ليصل نصيب الفرد بها من الإنفاق الصحي 172 جنيه خلال العام أي حوالي 47 قرشا يوميا.

وبلغ نصيب الفرد 174 جنيها بمحافظة الفيوم والتي تضم سبعة مراكز إدارية و222 قرية، و176 جنيه للفرد بمحافظة المنيا في الجنوب، والتي تضم عشر مراكز إدارية و361 قرية، و182 جنيه للفرد بمحافظة القليوبية الواقعة بالوجه البحري، والتي تضم سبعة مراكز إدارية و197 قرية.

ومن المهم الإشارة إلى أن رقم مخصصات الصحة البالغ 73 مليار جنيه في العام المالي الحالي، هو رقم تقديري للإنفاق تم وضعه عند بداية العمل بالموازنة، أي أنه قابل للزيادة أو النقص حسب المستجدات خلال العام المالي، وهو ما سيتضح من خلال بيانات الحساب الختامي للموازنة الذي يتم إعلانه بعد انتهاء العام المالي بعد أشهر.

وتشير السوابق إلى أنه خلال السنوات المالية الست من عام 2010/2011، وحتى 2015/2016 وهي آخر بيانات ختامية نشرها الجهاز المركز للإحصاء، كانت البيانات الختامية للإنفاق الصحي تشير إلى نقص في قيمة ذلك الإنفاق عما تم إعلانه بقوانين صدور تلك الموازنات، وزادت نسبة ذلك النقص إلى 6 في المئة بالعام المالي 2013/2014، وإلى نسبة 12 في المئة بالعام المالي 2014/2015.
التعليقات (1)
هيمن الخطابي
الأحد، 22-03-2020 07:02 م
الأموال والمخصصات المتدنية الموجهة للخدمات الصحية في مصر التي يدرجها كاتب المقال، يعلم نتيجتها كل متعامل مع الهيئات الطبية في مصر، فهناك مستشفيات عامة بل ومركزية وجامعية تفتقر إلى مخصصات إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي فيها، مع عدم توفر ما يكفي لمخصصات شراء وإصلاح وصيانة الأجهزة الطبية بها، فضلاً عن تدني مرتبات وأجور الأطباء وهيئات التمريض والخدمة والإدارة، ونقص معدات ومستلزمات وأدوية الوقاية والعلاج، والعاملين في المجال الطبي أعلم من غيرهم بتلك الحالة المتردية، ووباء فيروس كورونا العالمي الحالي، غير معروف على سبيل الجزم بالمدى الذي يمكن أن يصل إليه، وإن كانت المخاوف قائمة من انتشاره عالمياً على شكل موجات متتالية، والسلطات الصحية المصرية التي روجت لأكاذيب كفتة عبد العاطي لعلاج كافة انواع الفيروسات، وأجهزة كشفها التي اعلنت جهات رسمية مختصة أن المصانع الحربية صممتها وتنتجها لتغطية احتياجات مصر ولتصديرها إلى أنحاء العالم، تلك السلطات المصرية فاقدة للمصداقية أمام مواطنيها، وهي تقف عاجزة أكثر من غيرها عن توفير الحد الأدنى اللازم من العناية والرعاية لمواجهة هذا الوباء إن استفحل، ويعلم الله وحده المدى الذي يمكن أن تصل إليه الأمور خلال الأشهر القادمة.