قضايا وآراء

ماذا يحصل في الجولان السوري المحتل؟

نبيل السهلي
1300x600
1300x600

بعد إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس العام الماضي مرسوما يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حزيران / يونيو 67، صادقت الحكومة الإسرائيلية أخيراً، على تنفيذ "مشروع المراوح" الذي تهدف شركة "إنرجيكس" إقامته على الأراضي الزراعية التابعة لأهالي الجولان وفي محيط قرى مجدل شمس، مسعدة وبقعاثا. 

وينص المشروع على إقامة (35) مروحة فوق مساحة تعادل (4500) دونم محيطة بقرى هضبة الجولان السورية المحتلة، والهدف من إنشاء العنفات الهوائية توليد مزيد من الطاقة الكهربائية لسد حاجات إسرائيل المتنامية. ويندرج مشروع المراوح ضمن سياسات إسرائيل في استغلال موارد الجولان الطبيعية وحرمان أهلها منها بغرض التضييق عليهم وتهجيرهم في نهاية المطاف. 

القضم التدريجي لأراضي الجولان 

سيجعل مشروع المراوح الإسرائيلي عملَ المزارعين الجولانيين في أرضهم مستحيلاً خلال سنوات إقامة المراوح، حيث ستؤدي حركة الشاحنات والآليّات المطلوبة لنقل أجسامٍ يفوق طولها الـ(100) متر إلى أضرار جسيمة بالأشجار والأرض، إذ لن تكون حركتها ممكنةً بشكلٍ سلسٍ بين الأراضي، فضلاً عن الأضرار الصحية والبيئية التي ستلحق بأهالي قرى الجولان بعد إنشاء المراوح، كما ستعرض المراوح الهوائية الحياة البرية للخطر، مما يتسبب بانقراض أصناف عديدة من الحيوانات. والأخطر من ذلك ستتم مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي لشق الطرق وتوسيعها لمرور الشاحنات والآليات الضخمة لتنفيذ المشروع. 

سيكون لمشروع المراوح الإسرائيلي أثره الخطير على أهالي الجولان الذين يعملون بشكل رئيسي في النشاط الزراعي الذي سيتراجع، وستتحول الأراضي المصادرة إلى مناطق صناعيّةٍ تتحكم فيها شركاتُ عقارية تدار من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وفي تسابق مع الزمن تسعى إسرائيل إلى استغلال اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة، إلى مصادرة المزيد من أراضي الهضبة المحتلة بكافة الوسائل ومنها إنشاء المراوح الهوائية  لتحقيق رزمة أهداف، وفي المقدمة منها محاصرة أهالي الجولان والتضييق عليهم ومصادرة أراضيهم لدفعهم إلى الهجرة . 

تكثيف النشاط استيطاني

وفي سياق توجهات إسرائيل الاستيطانية، تمّ الكشف عن خطة إسرائيلية بعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وثيقة يقر فيها بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967. والخطة التي أعدتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تقضي بإقامة ثلاثين ألف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات الإسرائيلية المقامة بالجولان السوري، لزيادة عدد سكان مدينة كاتسرين الاستيطانية في الجولان المحتل ثلاثة أضعاف، فضلا عن إقامة مستوطنتين كبيرتين في المستقبل القريب. 

وهناك خطة إسرائيلية جاذبة، أطلق عليها اسم "نيتو غولان"، وغايتها زيادة عدد المستوطنين ليصل إلى (100) ألف مستوطن بحلول عام 2028، لإسكانهم في الهضبة، وسيتم تقديم تسهيلات ضريبية وتخفيض أسعار الأراضي وتقديم مختلف أنواع الخدمات ووسائل الرفاهية، بغية تشجيع المستوطنين على السكن في الهضبة السورية المحتلة. 

 

صادقت الحكومة الإسرائيلية أخيراً، على تنفيذ "مشروع المراوح" الذي تهدف شركة "إنرجيكس" إقامته على الأراضي الزراعية التابعة لأهالي الجولان وفي محيط قرى مجدل شمس


وأعدت وزارة الاستيطان الإسرائيلية أخيراً خطة لتشجيع الاستيطان فيها، من خلال بناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية لاستيعاب ربع مليون مستوطن يهودي بحلول 2048، وسيطلق اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مستوطنة جديدة ستقام بالجولان كتعبير عن الامتنان لاعترافه بالسيادة الإسرائيلية المطلقة على هضبة الجولان السورية المحتلة .

وقد أدت النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية التهويدية في هضبة الجولان السورية المحتلة إلى إنشاء (33) مستوطنة حتى بداية العام الحالي 2020، ويتركز فيها (25) ألف مستوطن إسرائيلي، في مقابل نحو عشرين ألف سوري في أرضهم في ست قرى سورية في الهضبة المحتلة. وتستجر إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة نحو (600) مليون متر مكعَّب من المياه سنويا، تمثل نحو ثلاثين في المائة من حاجات إسرائيل المائية السنوية الآخذة بالنمو بفعل الزيادة السكانية من جهة وجذب مهاجرين يهود من دول العالم من جهة أخرى .

إن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية في الخامس من حزيران / يونيو عام 1967، وتسارع مخططات إسرائيل لتهويد هضبة الجولان ومنها إنشاء مراوح هوائية للتضييق على أهالي الجولان وطرد أهلها منافية بمجملها للقرارات الدولية، وفي المقدمة منها  قرار مجلس الأمن رقم 497، الذي اتخذ بالإجماع في السابع عشر من كانون الأول / ديسمبر 1981، والذي يدعو إسرائيل إلى إلغاء ضم مرتفعات الجولان السورية بحكم الأمر الواقع التهويدي، ويؤكد في ذات الوقت بأن قرار إسرائيل فرض قوانينها وولايتها وإدارتها في هضبة الجولان السورية المحتلة لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني دولي.

كاتب فلسطيني مقيم بهولندا

التعليقات (0)