اقتصاد عربي

تحصين "صندوق مصر" من الطعن القضائي.. هل يشرعن الفساد؟

يبلغ رأس مال الصندوق 200 مليار جنيه (12.5) مليار دولار- جيتي
يبلغ رأس مال الصندوق 200 مليار جنيه (12.5) مليار دولار- جيتي

بات "صندوق مصر السيادي" على بعد خطوة من تحصين عقوده من الطعن القضائي، إذ ينظر مجلس النواب في مشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل قانون الصندوق بهدف "منحه مميزات استثنائية على رأسها تحصينه من الطعن على قراراته أمام القضاء، وإعفائه من الضرائب والرسوم".


وتوسعت التعديلات المطروحة في تعريف أهداف الصندوق باعتبارها "إدارة أموال وأصول الدولة والجهات والكيانات والشركات التابعة لها، أو التي يُعهد إليها إدارتها، أو حتى التي تساهم فيها"، وهو ما لم يكن موجودا في القانون القائم.


وتُقْصِر التعديلات الطعن في قرارات رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول إلى الصندوق على الجهة المالكة أو الصندوق نفسه، كما لا ترفع الدعاوى ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق، أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه، أو الإجراءات التي اتخذت استنادا لتلك العقود، أو التصرفات، إلا من أطراف التعاقد دون غيرهم.

 

اقرأ أيضا: التضخم السنوي في مصر يقفز 4.5 بالمئة خلال 3 أشهر

وتمنح التعديلات إعفاءات ضريبية، للصناديق الفرعية أو الشركات التي يساهم فيها الصندوق بنسبة تزيد على 50 بالمئة بنفس النسبة التي يشارك فيها، كما تعفي التعديلات قرارات رئيس الجمهورية بنقل ملكية أصول وجهات وشركات الدولة المستغلة أو الغير مستغلة إلى الصندوق، من رسوم الشهر.

أدوات فساد بلا رقابة

وصف الخبير القانوني والدستوري، الدكتور محمد علي المصري، التعديلات "بغير الدستورية"، وقال: "من ناحية الفقه القانوني الدستوري المقارن طبعا غير دستوري، لأن أي صندوق لابد له من رقابة من الشعب أو الجهات الرقابية المخولة لذلك".

وأضاف: "لكن العبث في الدستور وإصدار أحكام وتفسيرات من المحكمة الدستورية العليا تفسر نصوص الدستور، وتأولها، ومن ثم تفتي وتحكم (بسيادية) بعض الجهات المالية أو الإدارية، فمن الناحية العملية: إذا صدر مثل هذا التفسير عن المحكمة الدستورية فلا سبيل لطعن المواطنين أو أي جهات على هذا الصندوق".

وأوضح: "من يقوم بهذا، لا يتلاعب فقط بالقانون أو الدستور، بل يتلاعب بالنظام القانوني برمته، ويطوعه لغرضه، وبهذا يصبح القانون والدستور أداة من أدوات القمع بدلا من أن يكونا أداتين من أدوات الرقابة والمحاسبة".

السيسي والصندوق


يبلغ رأس مال الصندوق 200 مليار جنيه (12.5) مليار دولار، والمدفوع 5 مليارات جنيه (312 مليون دولار) فقط، وتجدر الإشارة إلى أن مصر لا تملك أي فوائض مالية أو ثروات كبيرة لاستغلالها وتعظيم رأس مال الصندوق.

في تموز/ يوليو 2018، أقر البرلمان المصري مشروع قانون إنشاء الصندوق السيادي، الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية في نيسان/ أبريل 2018؛ بهدف استغلال أصول الدولة، والتعاون مع المؤسسات والصناديق العربية والدولية.

ويمنح القانون رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، سلطة مطلقة في نقل أصول وأملاك الدولة، إذ ينص القانون على أن نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة إلى الصندوق أو أي من الصناديق التي يؤسسها لا يتم إلا بقرار منه.

جدل حول دور الصندوق

 

وعلق الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله بالقول: "إنه منذ البداية واسم الصندوق عليه لغط كبير، من المعروف أن الصناديق السيادية العالمية قامت على أساس وفرات من عوائد بيع مواد خام كالبترول والغاز الطبيعي وخلافه، وهذا غير موجود في مصر، وبالتالي، فإن تسميته سيادي يتنافي مع طبيعته ويمكن تسميته صندوق استثماري".

وأوضح لـ"عربي21": "الصندوق طرح على أنه سيعمل على أصول الدولة غير المستغلة وسيحاول استثمارها بمفرده أو وفق شراكات مع جهات عربية أو أجنبية، وبالتالي كان لا بد أن يخضع للقوانين الاستثمارية، أما تحصينه من الطعن فهذا ديدن النظام وليس بجديد".

 

اقرأ أيضا: "حصار القلاع".. هل ينهار قطاع الصناعة في مصر؟ (ملف)

وأشار إلى أن "بداية التحصينات كانت بتحصين العقود الإدارية التي تبرمها الدولة من الطعن، ثم تلاها مجموعات أخرى وصولا إلى تحصين الصندوق السيادي، وهو أمر خطير، وهذا يعني أن السيسي سيتحكم في كامل أصول الدولة دون رقيب أو حسيب، ويفتح بابا ضخما للفساد".

نهب الثروات بقوة القانون

سياسيا، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، إن "مصر وقعت تحت سيطرة مجموعة من اللصوص وليس فقط الخونة (...) لا توجد في حدود علمي قوانين بهذا الشكل في أي مكان في العالم تقضي فيه السلطة التشريعية على دورها وشكلها بهذا الشكل المخزي".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "أكثر النظم سفاهة تحاول الحفاظ على حد أدنى من استقلال نسبي للمؤسسات، حتى تحافظ على وجودها ذاتها، أما نحن فنرى بأن مؤسسات السلطة تسلم صلاحياتها لشخص واحد. هذه أقصر طريق لتدميرها ذاتيا".

وحذر من أنه "سيكون لهذا التلاعب بالقوانين تأثير كارثي على الشعب المصري، فبعد أن كانت السرقة تتم في الخفاء، سيبقى هناك احتمال للمحاسبة، فقد أصبحت السرقة بالقانون، ونهب الشعب مقرر بما يسمى مجلس الشعب، وستضيع أموال وثروات الأجيال الجديدة والجيل الحالي بقوة القانون".

التعليقات (1)
مصري
الثلاثاء، 11-02-2020 09:01 ص
كل تلك الاجراءات الكثيرة الواحدة تلو الاخري لن تحمي المجرمين من نيل العقاب فلابد من زوال العسكر عندما يحين قضاء الله فالدوام لله وحده سبحانه و تعالي و حينها سوف يعض الظالمون علي ايديهم .