سياسة عربية

معارضون مصريون يحذرون من آثار "صفقة القرن" على الأمن القومي

سياسيون استنكروا بيان وزارة الخارجية المصرية واصفين إياه بالمتواطئ وغير المدروس- غوغل
سياسيون استنكروا بيان وزارة الخارجية المصرية واصفين إياه بالمتواطئ وغير المدروس- غوغل

استنكر عدد من السياسيين بيان وزارة الخارجية المصرية الأخير بشأن "صفقة القرن"، واصفين إياه بالمتواطئ وغير المدروس، ومحذرين في الوقت ذاته من آثار تلك الصفقة على الأمن القومي المصري، حيث السيطرة الكاملة لإسرائيل على مقدرات المنطقة ومنها القاهرة.

وقالوا، في تصريحات لـ" عربي21"، إن بيان الخارجية المصرية يُعبر عن "توجه رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي وخيانته للأمن القومي المصري والعربي، بموافقته على هذه الصفقة وتمريره مثل هذا البيان في ظل غياب الشخصيات الوطنية بالوزارة المعروف عنها دورها الوطني وقدراتها المهنية المتميزة والقادرة علي رفض مثل هذه الصفقات".

وكانت الخارجية المصرية قد أصدرت بيانا بشان هذه الصفقة قالت فيه إن مصر تُقدر ما وصفته بالجهود المتواصِلة التي "تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يُسهم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي".

"بيان غير مدروس"

من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبد الله الاشعل: "هذا بيان غير مدروس، وتم إصداره على عجل دون أن تدرس الوزارة الآثار العميقة المترتبة على هذا الإعلان الخاص بالصفقة؛ وشيء محزن أن تدخل الخارجية المصرية بتاريخها الوطني المعروف وكوادرها المهنية لعبة المجاملة، وتخضع لإرادة التنازل من جانب الرئاسة المصرية، حيث كان البيان خاضعا لتعديلات الرئاسة وتصورها النهائي، خاصة أن الخارجية تأتي كأحد الثلاث جهات المنوط بها التعبير عن موقف الدولة الرسمي بجانب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء".

وحول إمكانية أن يكون هناك رجال بالوزارة لهم موقف، كما حدث من قبل مع وزير الخارجية الأسبق، محمد إبراهيم كامل، الذي استقال احتجاجا على اتفاقية كامب ديفيد، قال: "هذا من الصعب أن يتكرر الآن لعدة أسباب منها؛ القبضة الحديدية من جانب نظام السيسي على كل المؤسسات، ومنها وزارة الخارجية، فضلا عن تصعيد أصحاب الولاء على أصحاب الخبرة والكفاءة، وهذا لا يمنع أن هناك وطنيين بالوزارة، ولكن ليسوا أصحاب قرار، كما أن الوضع في فترة السادات مختلف عما عليه الآن من عدة أوجه؛ على الأقل كانت هناك إمكانية لتقديم الاستقالة أما الآن فهذا صعب".

واضاف الأشعل، في تصريحه لـ "عربي21": "للأسف السياسة الخارجية المصرية تعمل لصالح النظام وليس الدولة، وما يجري الآن بشأن السياسة الخارجية يأتي في هذا السياق، وللأمانة هو ما يجري أيضا في كافة الدول العربية، والشعار السائد مصلحة الحاكم ونظامه وليس مصلحة الدولة، وتبقى وزارة الخارجية حسب ما يتم توجيهها رغم ما بها من كوادر مهنية".

 

اقرأ أيضا: أحزاب وشخصيات مصرية: لن تمر "صفقة العار"

واعتبر مساعد وزير الأسبق صفقة القرن موجهة ضد مصر بالأساس، لافتا إلى أنه "من المعروف تاريخيا وأمنيا أن أمن مصر القومي يبدأ من فلسطين وليس من سيناء؛ فكون السيطرة على فلسطين فضلا عن الوضع في سيناء حاليا هذا معناه أن الأمن القومي المصري يتعرض للخطر جراء مثل هذه الاتفاقيات، خاصة صفقة القرن، والتي تهدف إلى أن تسيطر إسرائيل على الأرض ويتم طرد الفلسطينيين؛ وكان بيع تيران وصنافير هو البداية وما تلاها من خطوات مترتب عليه".

"بيان متواطئ"

بدوره، وصف القيادي بحزب البناء والتنمية، خالد الشريف، بيان الخارجية بالمتواطئ مع صفقة القرن؛ لأنه "صادر من خارجية نظام انقلاب على الثوابت الوطنية، وأصبحت الخيانة والاصطفاف مع العدو الصهيوني سلاما دافئا، والصهاينة أصدقاء وحلفاء، وفي المقابل صار أبناء الوطن من المعارضة إرهابيين"، مشيرا إلى أن "هناك ارتباطا وثيقا بين الانقلاب على الرئيس مرسي والأحداث والمجازر التي تمت عقب الانقلاب ضد الثوار والإسلاميين؛ وبين صفقة القرن التي تأتي تتويجا للانقلاب على الربيع العربي".

وأضاف الشريف، في تصريحه لـ "عربي21": "للأسف لم يعد لدينا اليوم نخبة تتصدى لما يقوم به السيسي الآن؛ فقد تم التخلص منهم إما بالسجون أو بتشريدهم خارج البلاد، وحتى تكميم أفواه من تبقى، وبالتالي الأمور صارت هكذا بحيث لا صوت يعلو على صوت السيسي وقراراته، التي تعرض مصلحة الأمن القومي المصري للخطر، كما حدث من قبل ببيع تيران وصنافير والتفريط في غاز شرق المتوسط".

وانتقد القيادي بالبناء والتنمية دور وزارة الخارجية وغياب القيادات والرجال الذين يرفضون المساس بالأمن المصري؛ كما حدث من جانب وزراء خارجية سابقين دافعوا عن مصلحة أوطانهم، مؤكدا على "صعوبة ذلك الآن؛ نظرا لإقصاء كل من له ولاء لهذا الوطن ليس في الخارجية فقط، ولكن في كافة المؤسسات".

"مُتفق عليه مع الصهاينة"

كما قال رئيس حزب البديل الحضاري، أحمد عبد الجواد، إن "موافقة السيسي على هكذا صفقة فهذا شيء ليس بغريب عليه، بل تصرف طبيعي؛ لأنه جاء بمساندة الصهاينة والأمريكان مقابل تقديم مزيد من التنازل والتوقيع على أي اتفاقيات، وتمرير أي صفقة، مقابل أن يبقى في السلطة، وهذا هو الثمن، ولعل ما جرى من بيع لجزيرتي تيران وصنافير والتفريط في حقوق مصر في شرق المتوسط وما يجري في سيناء يؤكد ذلك بوضوح".

وحول بيان وزارة الخارجية الأخير، أكد عبد الجواد لـ "عربي21"، أنه "مُتفق عليه، وفيه تنسيق بين مصر والكيان الصهيوني والإمارات؛ وتم إعلانه بهذا الشكل الذي يقر ويعترف بهذه الصفقة التي تمثل ليس فقط خطرا على فلسطين ولكن أيضا على أمن مصر القومي؛ وللأسف غاب الدور الوطني للوزارة، ولكل الوطنيين، وهو ما جعل القرار يتم تمريره بسهولة ويسر دون أي اعتراض خاصة في ظل هيمنة السيسي على الوزارة وتغييب أصحاب الكفاءة والخبرة".

التعليقات (0)