سياسة عربية

هل بدأت دمشق بإيقاف فساد "رجال أعمال" محسوبين عليها؟

اكتشاف هدر واختلاس للمال العام خلال النصف الأول من العام المنصرم بأكثر من 8 مليارات ليرة- جيتي
اكتشاف هدر واختلاس للمال العام خلال النصف الأول من العام المنصرم بأكثر من 8 مليارات ليرة- جيتي

تناولت صحيفة لبنانية إجراءات سورية تشير إلى خطوات اعتمدها النظام في سياق "تقليم أظافر بعض رجال الأعمال البارزين" الفاسدين المحسوبين عليه.


وتضمنت هذه الإجراءات "الحجز الاحتياطي واسترداد أموال من رجال أعمال كان الإعلام السوري يتجنب مجرد ذكر أسمائهم أو الإشارة إلى أنشطتهم" وفق ما وصفت "الأخبار".


ومن هذه الخطوات "فتح الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش السورية، قبل قرابة عامين، تحقيقا مستقلا يتعلق بعدم تسديد خمسة من كبار رجال الأعمال رسوما جمركية عن مستورداتهم النفطية".


وقُدّرت حينها قيمة تلك الرسوم المراد تحصيلها بأكثر من 70 مليار ليرة (التقديرات حاليا تشير إلى إمكانية ارتفاع المبلغ ليصل إلى 100 مليار ليرة).


وبحسب "الأخبار" فإن "أهمية التحقيق تكمن بورود أسماء كبيرة أثارت شكوكا لدى البعض حيال إمكانية الاستمرار في التحقيق أو وضع توصياته موضع التطبيق".

 

اقرأ أيضا: أهالي السويداء لنظام الأسد: حلو عنا بدنا نعيش (فيديو)

وأضافت أن "الشكوك تبددت بمجرد صدور قرارات مؤخرا بحجوزات جمركية، قادت إلى تسويات انتهت وفق المعلومات المتداولة إلى تسديد بعض الرسوم المراد تحصيلها".

وتمثلت الخطوة الثانية بالتحقيق السوري في "ملف المخالفات والتجاوزات المرتكبة في وزارة التربية".

وأشارت تحقيقات البعثة التفتيشية المشتركة إلى وجود فروقات سعرية خيالية في مناقصات الوزارة ما بين عامي 2016 و2018 قدرت قيمتها بأكثر من 72 مليار ليرة.

وأخذت هذه القضية أهميتها أيضا من جانب "اسم الجهة المتعهدة التي جرى تحميلها المسؤولية الكاملة عن فروقات الأسعار المكتشفة، ومطالبتها بتسديد تلك الفروقات مع الغرامات القانونية، والتي شكل مبلغها النهائي نحو 27 بالمئة من المبلغ الإجمالي".

أما ملف التحقيق الثالث فتعلق بـ"حديث حكومي عن قيام بعض المستوردين بتسعير مستورداتهم وفقا لأسعار السوق السوداء، على رغم أنها ممولة رسميا، وبالتالي تحقيق أرباح مضاعفة خلال العام الماضي".

 

وكانت بداية المواجهة في هذا الملف مع صدور "قائمة بأسماء ثمانية رجال أعمال بارزين حظِر على المصارف العامة والخاصة تقديم تسهيلات ائتمانية لهم أو تحريك حساباتهم، ثم الحجز الاحتياطي على أموال أحد أشهر هؤلاء الثمانية، وطلب منه تسديد مبلغ كبير جدا، وفعل ذلك بموجب تسوية خاصة".

وخلصت التحقيقات العديدة إلى "اكتشاف هدر واختلاس للمال العام خلال النصف الأول من العام المنصرم بأكثر من 8 مليارات ليرة"، وفق البيانات التي حصلت عليها "الأخبار".

وأفادت التحقيقات التي أجرتها الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش إلى وجوب تحصيل نحو 2.4 مليار ليرة، مقارنة بالمُكتشف عام 2018، والذي وصل إلى نحو 36.3 مليار ليرة.

أما عمليات التدقيق المالي لـ"الجهاز المركزي للرقابة المالية" فقد أفضت إلى وجود مخالفات وتجاوزات قيمتها نحو 5.7 مليار ليرة خلال النصف الأول من العام الماضي، ونحو 11.4 مليار ليرة في العام 2018.

وتقول "الأخبار": "إن الاهتمام الحكومي بملف مكافحة الفساد خلال الفترة الماضية يجعل من توقيت الإعلان عن نتائج التحقيقات مقصودا لإيصال رسالتين: الأولى لطمأنة المواطن الذي يعاني ضائقة اقتصادية إلى استمرار حضور الدولة وقدرتها على اتخاذ قرارات كبيرة تعبر عن طموحاته، وصولا إلى تغيير الصورة الذهنية المتشكّلة لديه عن مستوى الجدية في مكافحة الفساد".

والرسالة الثانية "تحذيرية موجهة إلى شريحة التجار والصناعيين، ومفادها أنه غير مسموح لأحد بتجاوز حدود معينة في استغلال الظروف الحالية لمراكمة ثروات وأرباح، والتسبب في أضرار قد تكون أخطر من تلك التي يمكن أن تنجم عن الحصار الغربي".

اقرأ أيضا: هل بإمكان النظام إنقاذ الليرة السورية من الانهيار؟


من جهته اعتبر رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية، سنان علي ديب، أن "الإجراءات الحكومية الأخيرة من حيث التوقيت والموضوع تبعث برسائل كثيرة، أهمها أن القانون فوق الجميع، وأن لمؤسسات الدولة هيبتها، خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء التي قال فيها إن الحكومة قدمت للخاص الكثير، لكنه لم يقدم بالمثل ما هو مُنتظر منه".

ويضيف ديب: "الحكومة لم تصادر ممتلكات خاصة، بل لجأت إلى الحجز الاحتياطي لأسباب مالية وقانونية، منها التهرب الضريبي، والتهرب الجمركي، وملفات فساد واضحة، في محاولة للتعاون الإيجابي، شريطة التحصيل الآمن للمبالغ المطلوبة".

ويرى الوزير السابق، نبيل الملاح، أن "الحجز الاحتياطي على بعض رجال الأعمال يدعو إلى التفاؤل بملاحقة الفاسدين، لكنه إجراء غير كاف إذا لم ينتج عنه استرداد المبالغ المنهوبة بشكل فعلي".

وشدد الملاح على ضرورة "إصدار بيان دوري بالمبالغ المستردة فعليا، منذ أكثر من 15 عاما".

وتقول "الأخبار": "الملاحظ في خطوات المحاسبة الأخيرة أنه لم يتم توقيف أي رجل أعمال على ذمة التحقيق، أو تحويله إلى القضاء، بل سُمح لهم بإجراء تسويات مالية، وتاليا العودة إلى ممارسة أنشطتهم الاقتصادية بشكل طبيعي، وبعيدا عن أي ضغوطات".

وتضيف أن "هذا يناقض تماما تحليلات البعض القائلة بوجود رغبة رسمية في إبعاد بعض رجال الأعمال عن المشهد الاقتصادي المحلي".

التعليقات (0)