ملفات وتقارير

لماذا تفضل تركيا تفاهما مع روسيا بشأن ليبيا؟

أنقرة لم تعمل على تعزيز نفوذ موسكو على الساحة الليبية، لكنها تفضله بحكم إمكانية التفاهم بين الجانبين- الأناضول
أنقرة لم تعمل على تعزيز نفوذ موسكو على الساحة الليبية، لكنها تفضله بحكم إمكانية التفاهم بين الجانبين- الأناضول

تشهد الساحة الليبية في الآونة الأخيرة انحسارا للأدوار الغربية، لحساب كل من تركيا وروسيا، بعد أن كانت أبواب مؤتمر "باليرمو" الإيطالية مغلقة أمام وفد أنقرة، نهاية عام 2018.

 

ومنذ ذلك الحين، فشلت إيطاليا وفرنسا بإنهاء الأزمة، وتأرجحت مواقفهما بين دعم الشرعية، المتمثلة بحكومة الوفاق، من جهة، والصمت على أطماع الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، من جهة ثانية، فضلا عن التنازع بين روما وباريس على النفوذ في البلد الغني بالنفط.

 

أتاح ذلك المشهد لأنقرة العودة إلى الساحة، ولكن هذه المرة بشكل مباشر وقوي، دون المرور بأي من عواصم القارة العجوز، التي لطالما حرصت على الاحتفاظ بنفوذها في مستعمراتها السابقة.

 

وأظهرت تركيا في هذا السياق اهتماما بالتفاهم مع روسيا، التي أسست بعد ظهور قوة حفتر، عام 2015، موطئ قدم قابل للتوسع، وسط حاجة شديدة لدى أنقرة لحلفاء بمنطقة شرق البحر الأبي المتوسط، في ظل صراع شرس على مواردها من الغاز الطبيعي، وانعقاد تحالفات ضدها.

 

لا مجال للتفاهم مع آخرين

 

وفي حديث لـ"عربي21"، قال المحلل السياسي التركي، حمزة تكين، إن أنقرة لم تعمل على تعزيز نفوذ موسكو على الساحة الليبية، لكنها تفضله بحكم إمكانية التفاهم بين الجانبين، نظرا لوجود العديد من الملفات المتقاطعة بينهما.


وأوضح، في المقابل، أن مصر والإمارات، اللتين تدعمان حفتر، ترفضان التفاهم مع تركيا، فضلا عن احترام الشرعية الدولية التي تتمتع بها حكومة الوفاق.

 

اقرأ أيضا: لهذا تسابق تركيا الزمن لإرسال دعم عسكري إلى ليبيا


وأضاف أن ذلك المشهد مستمر رغم استفادة القاهرة من اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين طرابلس وأنقرة، ورغم تأكيد الأخيرة مرارا استعدادها لعقد اتفاقات مع مختلف أطراف شرق المتوسط، باستثناء قبرص اليونانية، التي لا تعترف بها تركيا.


واستبعد "تكين" أن تقود التفاهمات الأخيرة بين الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، إلى دفع القاهرة وأبو ظبي إلى فتح قنوات مع أنقرة، بالنظر إلى "موقفهما المتعنت في دعم الثورات المضادة".


كما أكد على إمكانية التعويل على التفاهم مع الجانب الروسي بنزع فتيل أزمة ليبيا، وصولا إلى تسوية سياسية، مذكّرا بأن حفتر استجاب لدعوة وقف إطلاق النار التي أطلقها أردوغان وبوتين قبل أيام.


وأوضح أن تلك الاستجابة جاءت بعد أن بدأت عناصر شركة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة الانسحاب من محيط طرابلس، مرجحا أن تلك الخطوة جاءت بإيعاز من الكرملين.


وبشأن ديمومة وقف إطلاق النار، وإمكانية أن يمهد لخطوات فعلية نحو تسوية سياسية للأزمة، قال تكين إن المسار بات ممهدا لعقد مؤتمر برلين، بعد أن تأجل عدة مرات، لكنه لم يستبعد أن تحاول من وصفها بـ"دول الثورات المضادة" استعادة زمام السيطرة على حفتر وتوجيهه نحو تعقيد المشهد مجددا.

 

اقرأ أيضا: "ظلّ بوتين".. هذه أماكن انتشار مرتزقة "فاغنر" حول العالم

 

ماذا بشأن روسيا؟

 

في المقابل، قال المحلل السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف، إن موسكو تواصل التنسيق مع القاهرة وأبو ظبي في الشأن الليبي، مستبعدا أن تتجاهلهما بشكل كامل لصالح أنقرة.

 

وأضاف: "لا أعتقد أن موقف روسيا يمكن تعزيزه أكثر من ذلك، فهي تتمتع بعلاقات قوية مع طرفي الأزمة، ومع الدول المعنية بها كذلك".

 

وأعرب "أونتيكوف" عن اعتقاده بأن روسيا وتركيا لم تتوصلا بعد إلى تفاهم كامل في هذا الملف، مؤكدا أن إعلان أنقرة إرسال قوات إلى ليبيا يقلق موسكو، "ولا يمكن أن تقبل به".

 

وتابع أن ما جرى خلال زيارة بوتين إلى إسطنبول هو إطلاق دعوة مشتركة مع أردوغان لوقف إطلاق النار، وحسب، مؤكدا أنها "غير ملزمة لأي طرف"، وأن تفاهما شاملا يجب أن يقرن بعملية سياسية ووقف جميع التدخلات الخارجية.

 

يشار إلى أن قوات حفتر أعلنت وقف جميع العمليات وإطلاق النار، ابتداء من ليل السبت/ الأحد، إلا أنها تركت الباب مفتوحا لاستئنافها في حال حدوث أي خرق من جانب "الوفاق"، فيما أعلنت الأخيرة الخطوة ذاتها، استجابة لدعوة بوتين وأردوغان، وسط ترحيب أممي.

التعليقات (0)

خبر عاجل