أخبار ثقافية

ما تأثير الجهات المانحة للجوائز الأدبية على الإبداع العربي؟

انتقد شعراء وأدباء مصريين دور المؤسسات العربية والخليجية المانحة للجوائز الشعرية- قناة الآن
انتقد شعراء وأدباء مصريين دور المؤسسات العربية والخليجية المانحة للجوائز الشعرية- قناة الآن

بمناسبة يوم العالمي للغة العربية، انتقد عدد من الشعراء والأدباء المصريين دور المؤسسات العربية والخليجية المانحة للجوائز الشعرية السخية، مؤكدين أنها أصبح لها وصاية على الشعر والشعراء عبر شروطها التي تقدمها هذه الجوائز.


وأشاروا إلى الأثر السلبي الذي تركته هذه المؤسسات على الشعر والشعراء واللغة العربية وآدابها، مطالبين المؤسسات المانحة بتوجيه أموالها لخدمة الشعر العربي وتطويره.


وفي مقال له، قال الشاعر المصري الحائز على جائزة الدولة التقديرية لعام 2019، عبدالرحمن مقلد: "خدعت جوائز الخليج ومؤسساته كثيرا من الشعراء العرب بالأخص من الأجيال الشابة، وتوهمت خطأ أن الإنفاق السخي غير المحسوب على نص بعينه وشكل كتابي معروف يأتي انتصارا للغة العربية وللعروبة، فإذا بها تدفع العربي ولغته وشعره للخلف".


وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك": "لا تدري هذه الجهات بمسابقاتها ومؤسساتها المليونية وبعطاياها التي لا تنفد أنها تسلب العقل العربي قدرته على الإبداع وعلى الابتكار، وتدفعته للخمول والكسل والاتكاء على آليات جاهزة تنتج نصوصا عقيمة".

 

اقرأ أيضا: تونس.. الشعر الشفوي بين التعبيرية المقاومة والتجاهل الأكاديمي

الفائز بجائزة الشعر العربي للمركز الثقافي المصري بباريس عام 2016، أكد أن "الكثيرين سقطوا في هذه الخيبة وتركوا إبداعهم الحقيقي نظير حفنة من الدراهم سرعان ما تنفد، فيسقطون أكثر، ويسقط معه العقل العربي والوجدان العربي والثقافة العربية في المظهرية والحضيض وينتهي مشروع الحداثة العربي، ويتوه مئات الشعراء في لحاثهم الدائم، ونظل فيما نحن فيه من وبال ومن حروب وفتنة ونتدنى نظير فتات يلقيه أمراء وملوك وسادة، ويكون دورنا دور العبيد".

 

ومن أهم الجوائز العربية والخليجية الرائجة؛ "الشيخ زايد للكتّاب" (7 ملايين درهم)، و"البوكر العربية"، و"سلطان العويس الثقافية"، و"الشارقة للإبداع العربي"، من الإمارات.


وتصدر جائزة "الملك فيصل" من الرياض، و"كتارا" للرواية العربية من قطر، و"الملتقى" بالكويت، ومن مصر "نجيب محفوظ"، وثلاث جوائز حكومية للشعر والرواية والقصة القصيرة، فقدت كثيرا من بريقها.
وظهرت من أبوظبي مسابقات شعرية تلفزيونية مثل "أمير الشعراء"، و"شاعر المليون"، إلى جانب برنامج "فصاحة" من تلفزيون قطر.


وفي ظل ظهور الجوائز الخليجية السخية وقيام جوائز مثل "البوكر" و"كتارا" بترجمة الأعمال الفائزة وتحويل بعضها لأعمال درامية وسينمائية؛ تراجعت أدوار المؤسسات الثقافية في سوريا والعراق والمغرب وتونس والسودان ومصر.

 

"تخدم الممول.. ولكن"

 
وفي تعليقه حول تأثير الجهات والمؤسسات المانحة للجوائز الأدبية العربية على الشعر والشعراء واللغة العربية، ومدى صدق انتقادات بعض الشعراء المصريين لها، أكد الأديب والكاتب المصري أسامة الألفي، أنه "من الطبيعي أن توجه المؤسسات الثقافية العربية مسابقاتها".


نائب رئيس تحرير "الأهرام" الأسبق، أكد لـ"عربي21"، أن "هذه المسابقات لم تؤسس عبثا، ولكن لخدمة اتجاهات الجهات الممولة لها".


وتابع: "إلا أنه يحسب للجوائز العربية أن مصداقية الاختيار في النهاية تصب غالبا لصالح الأفضل، بعكس الجوائز المصرية التي تذهب دوما لأشخاص من شلة معينة ولا تخرج عنهم إلا نادرا".


ويرى الألفي، أن "الشعر الرصين من وسائل الانتصار للغة العربية، ولكنه ليس كل الوسائل، فالانتصار للغة (القرآن الكريم) يجب أن يكون مسؤولية الدولة والمدرسة".


وأشار إلى أن "فرنسا أصدرت قبل سنوات قانونا لحماية لغتها الوطنية يتضمن عدم استعمال غيرها بالمخاطبات وأسماء المحلات والأسواق؛ بينما لغتنا تعاني ببلادها من مزاحمة لغات أجنبية لها".


وختم بالقول: "والأدهى أن عروسا مصرية مسلمة طلبت الطلاق من زوجها لأنه أصر أن يحدثها باللغة العربية؛ فيما هي تراها لغة العوام وليست لغة الراقيات أمثالها".


"أضرَّت أكثر مما نفعت"

 
وفي رأيه حول الجوائز الأدبية، قال الشاعر والأكاديمي الدكتور شعبان عبدالجيِّد: "لا شكَّ أن الجوائز التي تمنحها المؤسساتُ أو الأفراد للأدباء، تشجع حركة الإبداع والنشر، وتخلق في ميدان الأدب جوًّا من المنافسة الفنية، تدفع الشعراء والكتَّاب إلى التجويد والتجديد؛ وهو ما رأينا آثاره في تاريخنا الأدبي القديم، حين ازدهر في بلاطات الخلفاء وقصور الأمراء وبيوتات الأثرياء".

 

اقرأ أيضا: منصة "لمّة" للإبداع تطلق نسختها الثالثة بالعاصمة عمان

مدرس الأدب والنقد بكلية التربية بأكاديمية السادات، أضاف لـ"عربي21"، أنه "ومنذ أن كانت الجوائزُ، والكلامُ لم يتوقف إلى يوم الناس، هذا عن طبيعتها وغايتها والجهات التي تموِّلها وتوجهات الحاصلين عليها، ويزيد كلما كانت الجوائز كبيرةً من الناحية المادية".


وأكد أنه "لا جدال في أن الجوائز العالمية الكبرى قد أثارت حولَها كثيراً من علامات الاستفهام؛ فهي تذهب أحياناً لمن لا يستحق، أو لمن يتبنَّى في إنتاجه أفكاراً بعينها، وكثيراً ما تحوم الشبهات حول لجان القراءة، ومخالفاتٍ أخلاقية تمر من تحت المائدة، وليس سرًّأ أن الصهيونية العالمية لها أيادٍ خفيَّةٌ وظاهرةٌ في هذا الأمر، وهو ما جعل النقاد المنصفين والقراء المستنيرين يشكُّون في مصداقيتها، ومدى ما تستحقه الأعمال الفائزة بها من تقدير".


وعن الجوائز العربية، يعتقد الأديب المصري أن "أكثرها له قيمةٌ ماديةٌ فحسب، فهي مشكلةٌ كبيرةٌ ومعقَّدة؛ فثمة الجوائز التي تمنحها كل دولة لمبدعيها من كان منهم في أول الطريق أو من اقترب من نهايته، فيما يسمى بالجوائز التشجيعية والتقديرية أو أي اسم آخر، وهذه لا تخلو من ريَبٍ وظنون، تصل إلى حد اتهام القائمين عليها بالفساد أو حتى الخيانة، وهو ما قد يكون صحيحاً في بعض الأحوال".


ويرى عبدالجيِّد، أن "المشكلة الكبرى في الجوائز الخليجية، أولاً: قيمتها المادية كبيرة ومغرية، وثانياً: كثير منها يتبرع به أشخاصٌ مياسير، كل صلتهم بالأدب أنهم يملكون بضعة ملايين من الدراهم أو الريالات، ويظنون أن ذلك قد يتيح لهم أن تذيع أسماؤهم وتتردد في المحافل والمهارج، ثم لا شيء بعد ذلك، ومثل هؤلاء لا يعنيه كثيراً من يفوز ومن يخسر".


وختم بالقول: "وفي رأيي أن مثل هذه الجوائز قد أضرَّت أكثر مما نفعت، وخلقت صراعاً مادياً وأخلاقياً بين الأدباء والنقاد، مدفوعين إلى ذلك ببريق الثراء والمجد، وهم قد يحصلون على الأول، لكن الثاني سوف يظل وقفاً على الأعمال الأصيلة التي تستحق الخلود، حتى لو لم يحصل أصحابُها على أية جائزة أو لم يفوزوا بأي شكلٍ من أشكال التقدير".

التعليقات (0)