مقابلات

عضو مستقيل من "لجنة سد النهضة" يكشف تفاصيل لـ"عربي21"

أحمد المفتي طالب بإيقاف "المفاوضات العبثية الحالية وإعادة التفاوض من جديد خلال شهرين فقط مع وقف بناء السد"- أرشيفية
أحمد المفتي طالب بإيقاف "المفاوضات العبثية الحالية وإعادة التفاوض من جديد خلال شهرين فقط مع وقف بناء السد"- أرشيفية

* بدأ العد التنازلي للغرق والعطش في مصر والسودان

 

* اجتماعات سد النهضة فاشلة بامتياز ولن تأتي بأي جديد لهذه الأسباب

 

* لابد من وقف المفاوضات العبثية الحالية وإعادة التفاوض من جديد خلال شهرين فقط على ضوء اتفاقية عنتبي

 

*  إعلان المبادئ هو استسلام بالكامل من قبل السودان ومصر وتفريط في كل حقوقهما المائية

 

*  أطالب مصر والسودان بسحب توقيعهما على إعلان المبادئ لتجريده من شرعيته المزيفة

 

*  على القاهرة والخرطوم تصعيد الأمر واللجوء إلى مجلس الأمن حال رفض إثيوبيا إعادة التفاوض

 

*  إثيوبيا لن تقبل بالتحكيم الدولي بحكم الموافقة السابقة على إعلان المبادئ

 

*  حينما تدخل الشعوب في مرحلة العطش والجفاف ستلجأ للخيار العسكري لأن السد يهدد السلم والأمن الدولي

 
قال العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، أحمد المفتي، إن "الاجتماعات التي تُعقد بشأن أزمة سد النهضة فاشلة بامتياز، ولن تأتي بأي جديد، لأنها تنحصر فقط في نقاش نقطتين فرضتهما إثيوبيا على السودان ومصر سابقا، وهما الملء الأول، والتشغيل السنوي، ولا تناقش إطلاقا أهم نقطتين، وهما أمان السد، والأمن المائي".

وشدّد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "أمر الغرق والعطش والجفاف بالنسبة لمصر والسودان أصبح بكل أسف مسألة وقت ليس إلا، وقد بدأ بالفعل العد التنازلي للغرق والعطش الذي نسير في الطريق إليه، وستكون تداعياته كارثية".

وطالب المفتي بإيقاف ما وصفها بالمفاوضات العبثية الحالية، وإعادة التفاوض من جديد خلال شهرين فقط على ضوء الـ 15 مبدأ المنصوص عليها في المادة 3 من اتفاقية عنتبي، داعيا مصر والسودان لسحب توقيعهما على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في العام 2015، وذلك لتجريده من "شرعيته المزيفة".

وأحمد المفتي هو المنسق العام للحملة الجماهيرية لدرء مخاطر سد النهضة، ومدير عام مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، وهو المستشار العام للقانون الدولي لحكومة السودان سابقا، وكان عضوا في وفد السودان لمفاوضات دول حوض النيل (1995- 2012)، ومقررا للجنة العليا المجاري المائية الدولية، إلا أنه غادر الملف بسبب موقفه من سد النهضة.

وحصل "المفتي" على العديد من الشهادات الدولية والمحلية في القانون الدولي، وصياغة التشريعات، والمعاهدات، والتحكيم، وعمل مع الكثير من المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة، ومستشار ومفاوض رئيسي في اللجان القانونية الخاصة بمياه النيل ومعاهداته.

وتاليا نص المقابلة:

 

كيف ترى الاجتماعات التي جرت مؤخرا في القاهرة بشأن مفاوضات حل ازمة سد النهضة؟

أراها كما رأيتها عام 2011 لن تأتي بأي جديد، لأنها تنحصر فقط في نقاش نقطتين فرضتهما إثيوبيا على السودان ومصر سابقا، وهما الملء الأول، والتشغيل السنوي، ولا تناقش إطلاقا أهم نقطتين، وهما أمان السد، والأمن المائي.

وقد تبقى اجتماعان لوزراء الري، أحدهما بالسودان والثاني بإثيوبيا، ولم تُحدد تواريخهما بعد، أما اجتماعات وزراء الخارجية، بعد اجتماع 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 بواشنطن، فقد تبقي ثلاثة اجتماعات كلها بواشنطن، بتاريخ 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، و13 و15 كانون الثاني/ يناير 2020.

وبما أن كل تلك الاجتماعات لن تناقش إلا موضوعي الملء الأول، والتشغيل السنوي، وتجاهلت تماما موضوعي أمان السد والأمن المائي، فهي اجتماعات فاشلة بامتياز.

إن قناعتنا كانت، وما زالت، هي أن أمر الغرق والعطش والجفاف بالنسبة لمصر والسودان، أصبح بكل أسف مسألة وقت ليس إلا، وقد بدأ بالفعل العد التنازلي للغرق والعطش الذي نسير في الطريق إليه، وستكون تداعياته كارثية.

لكن تحديدا كيف قرأت البيان الختامي لاجتماع القاهرة الذي انعقد بتاريخ 2 و3 كانون الأول/ ديسمبر الجاري وما جاء فيه؟
كالعادة، اكتنف الغموض وعدم الشفافية مخرجات هذا الاجتماع، وكأنما مياه النيل أمر يخص وزراء الري وحدهم، وليس من حق الشعوب أن تعرف حقيقة ما يدور.

فلم يفصح البيان الختامي المشترك عن ماهية المقترحات التي قال إن الوفد السوداني طرحها، وإمعانا في الغموض وعدم الشفافية لم يوضح البيان طبيعة ما وصفه بتقارب وجهات النظر بشأن ملء السد خلال السنوات المطيرة، وإذا ما لخصنا البيان المشترك فإننا سوف نكتشف بكل بساطة أنه بعد ثماني سنوات من التفاوض، تضمن كلاما غير مفهوم.

وبالتالي ما هو المأمول من مثل هذه الاجتماعات؟

صفر كبير، مثلما كانت تماما في 2011، وكما كان صفرا كبيرا منذ اليوم الأول استمر هذا الصفر حتى الآن، لأننا نسير في نفس النقاشات بهذه الطريقة دون أي تغيير، وتتم مناقشة الموضوعات الخطأ، وهذا واضح وضوح الشمس.


نفهم من كلامكم أن هذه الاجتماعات الدائرة لن تنتهي إلى حلول تنهي أزمة سد النهضة خلال منتصف الشهر المقبل كما يأمل البعض؟
لن يحدث هذا على الإطلاق بكل تأكيد للأسف، فلن تصل تلك الاجتماعات إلى أي شيء، وإذا ما وصلت إلى أفضل شيء يمكن توقعه، وهو ملء السد خلال 7 سنوات، فأنها ستكون كارثة بكل المقاييس بالنسبة للسودان ولمصر كذلك، لأن هذه النقطة قضية ثانوية وليست رئيسية، وليست لها علاقة بالنقطتين الرئيسيتين الخاصة بالاستراتيجية الإثيوبية، وهكذا حبست مصر والسودان نفسيهما في نقاش قضيتين ثانويتين.

برأيك: ما الذي قد يحدث عقب انتهاء المهلة الخاصة بتلك الاجتماعات منتصف الشهر المقبل؟
لن يحدث أي شيء جديد، فإثيوبيا ستتمسك بموقفها أكثر، وأمريكا ستضغط على مصر والسودان لإجبارهما على الموافقة والتوقيع على اتفاق قانوني، في ضوء إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في العام 2015، والاتفاق الجديد سيقنن مواد إعلان المبادئ، وقد تضغط واشنطن على أديس أبابا لتقبل بأن تكون عدد سنوات ملء السد 4 أو 5 سنوات على الأكثر، وحتى لو وافقت إثيوبيا على مد فترة ملء السد إلى 7 أو 10 سنوات فهذا أيضا يُعد ضياعا لحقوق الأمن المائي لمصر والسودان ولأمان السد، وحتما ستكون النتيجة كارثية في كل الحالات ما لم تتوقف كل هذه المفاوضات العبثية، ويُعاد التفاوض من جديد، وكأن شيئا لم يكن، بخلاف ذلك لن يحدث أي تغيير ملموس في تلك الأزمة.

وما هي قراءتك لإصرار إثيوبيا على تمسكها بمواقفها ودون تراجع أو مرونة منها بخصوص هذه الأزمة؟
هذا مفهوم ومُقدر من وجهة النظر الإثيوبية، لأنه يأتي في خدمة المصالح الإثيوبية بنسبة 100%، وكان ذلك واضحا ومُعلنا منذ اليوم الأول في أيار/ مايو 2011، بل أنه أعُلن عنه عام 1997 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان موقفا واضحا وصريحا، ولم تنتبه مصر والسودان لخطورة هذا الموقف وكارثية هذا المسار إلا مؤخرا، بعدما أضاعا كل حقوقهما.

لماذا لا يوجد تطابق في الرؤى بين الجانب المصري والسوداني في أزمة سد النهضة باعتبار أن الجانبين سيلحق بهما أضرار بالغة كما تقول؟
لأن الجانبان وقعا في شراك الاستراتيجية الإثيوبية منذ أول يوم، وذلك بعدما وافقا على المشاركة في أعمال اللجنة الفنية، وهذا هو الخطأ الكبير والفادح لهما، وكل ما حدث لاحقا تخبط وارتباك وتفريط، بينما نحن إزاء حقوق مائية وليست لجنة فنية، وبالتالي فقد كان الموقف من البداية خاطئ تماما، وفشلت مصر والسودان فشلا ذريعا بسبب تلك الأخطاء والتخبط والارتباك الذي وقعوا فيه منذ البداية.

فكيف يمكن مناقشة سد بهذه الصورة عبر "لجنة فنية"، فهذا أمر غير معهود على الإطلاق، ولدينا السد العالي في مصر لم نشهده فيه شيئا كهذا، حيث لم تتم مناقشته بلجنة فنية، بل باتفاقية سياسية عام 1959، ثم بعد ذلك تم تشييد السد بناء على هذه الاتفاقية، وفي كل العالم هذا هو الطريق الوحيد، وهذا هو الإطار القانوني المُتفق عليه، حيث أن التشييد هو المرحلة اللاحقة والأخيرة بعد الاتفاق.

لكن ما حدث مع سد النهضة أنه تم توقيع العقود في 12 آذار/ مارس 2011، ووُضع حجر الأساس لسد النهضة 2 نيسان/ أبريل 2011، أي بعد نحو مرور شهر من توقيع العقود، ثم جاءوا بعد ذلك وقالوا سنشكل لجنة فنية لسد النهضة بعدما وقعوا العقود ووضعوا حجر الأساس، ودارت عجلة البناء والتشكيل، والتي لم تتوقف حتى الآن حتى تكاد تنتهي من عملها، وبالتالي فهذا كله مضيعة عبثية للوقت، وهذا هو صلب الخطأ الكارثي الذين وقعوا فيه.

ووحدة الموقفين السوداني والمصري، طوال مفاوضات اتفاقية عنتبي (1995- 2012) - التي شاركت شخصيا فيها- حافظت على حقوقهما المائية، دون تغول على حقوق دول حوض النيل الأخرى، في حين أن موقفيهما المتباينين حول سد النهضة قد أفقد الدولتين أهم حقين، وهما أمان السد والأمن المائي.

وإثيوبيا قد تجاهلت كل التزاماتها القانونية، الدولية والإقليمية والثنائية، في تشييد سد النهضة، ولذلك كانت وجهة نظري منذ البداية أن عمل اللجنة الفنية، مهما طال الزمن، فأنه سوف يفضي إلى ضياع حقوق السودان ومصر المائية بالكامل، وهذا هو ما يحدث الآن.

وكيف تقيم الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في رعاية المفاوضات الجارية الخاصة بأزمة سد النهضة؟
عندما طلبت مصر تدخل أمريكا في تلك الأزمة العصيبة، واجتمع الدول الثلاث في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بواشنطن، طلبت منهم الولايات المتحدة العودة إلى المفاوضات، لأن أمريكا لا تستطيع التدخل بين الدول الثلاث الذين وقعوا جميعا على إعلان المبادئ، والسودان ومصر استسلموا وفرطوا في كل حقوقهم المائية، فماذا يمكن أن تفعل الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يمكنها أو غيرها فعل أي شيء مطلقا إلا بعد سحب التوقيع أولا.

وبالتالي فلم يكن أمام الولايات المتحدة إلا أن تقول للدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) أرجعوا إلى مائدة المفاوضات.

والشيء الآخر الذي فعلته أمريكا أنها حولت دورها من كونها وسيطا – كما طلبت مصر- وقالت إن دورها سيكون مراقب مثل نفس الدور الذي يلعبه البنك الدولي كمراقب لهذه المفاوضات التي توجب على مصر والسودان الالتزام بإعلان سد المبادئ، واللذين قاما بالتوقيع عليه، وأن يقوما بتنفيذه، رغم أنه لا علاقة له بالمبادئ الدولية القانونية ذات الصلة.

برأيك: كيف يمكن حل أزمة سد النهضة في ظل المعطيات الراهنة؟
ببساطة شديدة جدا، لابد بداية إيقاف المفاوضات العبثية الحالية، وإعادة التفاوض من جديد على ضوء الـ 15 مبدأ المنصوص عليها في المادة 3 من اتفاقية عنتبي، والتي تم الاتفاق عليها سابقا من جميع دول حوض النيل بعد 15 سنة من التفاوض، وبموافقة ومشاركة وتمويل 13 جهة دولية من بينها الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والبنك الدولي.

وإعادة المفاوضات على أساس تلك المبادئ الـ 15، وعلى أساس أن تنتهي المفاوضات المأمولة تكتمل إعادة التفاوض خلال شهرين فقط بشرط أن يتوقف تشييد بناء السد أثناء إعادة التفاوض كدليل جدية من طرف إثيوبيا.

والشيء الآخر قبل كل تلك الإجراءات لابد من أن تقوم مصر والسودان بسحب توقيعهما على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في العام 2015، وذلك لتجريده من شرعيته المزيفة، لأن إعلان المبادئ هو استسلام بالكامل من قبل السودان ومصر، وتفريط في كل الحقوق المائية لهما مع الإعلان أن لإثيوبيا لها الحق الكامل في بناء سد النهضة ولها الحق في توليد الطاقة الكهربائية، لكن بشرط حفظ الأمن المائي وأمان السد بالنسبة للدول أسفل النهر، وبذلك نكون قد حافظنا على حقوق كل الدول.

وإذا قبلت إثيوبيا بهذا الحل فلا مشكلة، وإذا لم تقبل فيجب على مصر والسودان اللجوء إلى الـ 13 جهة الدولية، التي ساعدتهم في مفاوضات عنتيبي، وإذا أصرت إثيوبيا على رفضها لتوسط الـ 13 جهة دولية، فعلى القاهرة والخرطوم تصعيد الأمر واللجوء إلى مجلس الأمن، لأن هذا الموضوع يهدد السلم والأمن العالميين، لأنه حتى إذا ما قبلت به الحكومات الحالية فلن تقبل الحكومات المقبلة أو الشعوب.

ولابد أن تعمل الحكومات السودانية والإثيوبية والمصرية على تعويض المواطنين المتضررين من قيام السد تعويضا عادلا، حتى بعد إعادة التفاوض.

هل هناك ما يمنع مصر والسودان من سحب توقيعهما على إعلان المبادئ؟
لا يوجد ما يمنع ذلك، فقد سحب السودان وأمريكا وروسيا سابقا توقيعهم من ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فسحب التوقيع أمر وارد.

هناك تقارير تتحدث عن مطالب مصرية بأن تشارك القاهرة في إدارة سد النهضة.. ما هي فرص نجاحها في هذه النقطة؟ وهل قد يكون له جدوى حال الوصول إليه؟
هذا لن يحدث بأي صورة من الصور، ولن توافق عليه أديس أبابا مهما فعلت أو قالت القاهرة، فإثيوبيا لن تمنح مصر أو السودان حق المشاركة في إدارة سد النهضة، لأنها تعتبر هذه القضية بمنزلة سيادة وأمن قومي لدولتها وعلى المياه المشتركة، فضلا عن أن القانون الدولي لا يقبل بذلك ولا يقره.

وبالتالي لن تقبل إثيوبيا مطلقا بإدارة مشتركة، والنص الموجود في إعلان المبادئ أن تكتفي الدول الثلاث بقواعد تشغيل سنوية، ولكن لإثيوبيا الحق في تعديلها في أي وقت، وهذه نصوص موجودة بالفعل ولا يمكن تجاوزها خاصة بعدما وقعت عليها القاهرة والخرطوم، فأنت قمت سابقا بالتوقيع على أن لأديس أبابا الحق الكامل في أن تقوم بالتشغيل فكيف تأتي اليوم وتدعي أن لك الحق في الاشتراك في إدارة السد، فهذا يعني أنك نقضت وانقلبت على إعلان المبادئ الذي لا يعطيك قولا واحدا هذا الحق.

هناك من يطرح سيناريو التحكيم الدولي كأحد الحلول لتلك الأزمة.. ما مدى واقعية ذلك؟
لا يوجد أي احتمال مطلقا أن تقبل إثيوبيا أو الشعب الإثيوبي بالتحكيم الدولي، بعد أن حصلوا على كل ما يريدون من مفاوضات سد النهضة، حتى أنه تم إلزام السودان ومصر بعدم الذهاب الي التحكيم الدولي بحكم الموافقة على إعلان المبادئ الذي يمنع اللجوء للتحكيم في المبدأ رقم 10.

كما أننا نرفض اللجوء إلى التحكيم الدولي، لأن الأمر يتعلق بحياة شعوب وادي النيل في السودان ومصر، ولا يمكن أن نضع ذلك في يد هيئة تحكيم، مع احترامنا للتحكيم في حل النزاعات الأخرى، فهذا الأمر أكبر وأخطر بكثير من التحكيم ومن القضاء، لأنهما لا يصلحان للبت في "الحق في الحياة".  

وكيف ترى دعوات البعض لتدخل عسكري مصري ضد سد النهضة حال تأزمت تلك الأزمة؟
أنا لا أفضل هذا الخيار، لأنه سيكون مشكلة كبيرة لكل الدول، وقد يهدد الاستقرار في المنطقة، لكن طال الزمن أو قصر الحكومات والشعوب في مصر والسودان حينما يدخلوا مرحلة العطش والجفاف سيصلوا إلى هذا الحل، لأن سد النهضة يهدد السلم والأمن الدولي، حتى إذا ما وقعوا اتفاقا، لأنهم بمجرد وصولهم لمرحلة العطش والجفاف حتما سيدخلون في مواجهات عسكرية مع إثيوبيا، ولذلك لابد من تدارك الوضع قبل الوصول لتلك النقطة الكارثية، فحينما تعطش الشعوب تفعل أي شيء لمحاولة البقاء على قيد الحياة حتى لو لم تتحرك الحكومات.

ومتى قد تصل مصر والسودان لمرحلة العطش والجفاف برأيك؟
هذه قضية يقدرها ويحددها المختصين والمعنيين بهذا الأمر، لكننا حتما سنصل لتلك المرحلة يوما ما.

من سيتأثر أكثر بأزمة سد النهضة مصر أم السودان؟
السودان، الذي من المفترض أن يكون سلة غذاء العالم في المستقبل، إلا أن الدولتين سيتعرضان لانهيار محقق، وجوع أكيد، وعطش مميت.

هل اتفقت الدول الثلاث على ترتيبات معينة لتفادي غرق السودان في حالة انهيار السد؟
لا، لم تتفق، ولن تتفق. ويجب علينا المطالبة بترتيبات في حالة انهيار السد، وهذا أمر وارد وليس مستحيلا، وأن نسعى لحفظ حقوقنا المائية لعدم الموت عطشا.

وإن كان لإثيوبيا الحق في تشييد منشآت مائية، سواء سد النهضة أو خلافه، فيجب أن يتم ذلك وفق الالتزامات القانونية لإثيوبيا الثنائية والإقليمية والدولية، بما يضمن عدم التسبب في أي أضرار للآخرين، وبصفة خاصة ضمان عدم انهيار السد، وفي حالة انهياره يجب على إثيوبيا أن تتخذ كافة الخطوات، على نفقتها الخاصة، التي تضمن عدم دخول مياه الانهيار إلى السودان ومصر، وتضمن الأمن المائي لهما، وتكون الاحتياجات الحالية والمستقبلية، عن طريق مشروعات زيادة إيراد المياه، وتتحمل تكلفتها كل دولة من الدول الثلاثة، بقدر استفادتها من مياه زيادة الإيراد، أو تسوي تكلفتها بترتيبات اقتسام المنافع من تلك المياه.

أخيرا.. لو عاد بك الزمن مرة أخرى هل كنت ستستقيل من عضوية اللجنة الدولية لسد النهضة؟
كل الوقائع التي تحدث يوميا تثبت أن استقالتي كانت صحيحة 100%، ولو عاد بي الزمن ألف مرة فسأكرر تلك الاستقالة.

وكانت استقالتي صرخة للشعبين السوداني والمصري كي أحذرهما من الكارثة التي تسببت فيها الحكومة السودانية والمصرية.

التعليقات (1)
احمد حلمي
الأحد، 08-12-2019 12:10 م
بعد قراءتي لهذا الموضوع أكاد أجزم بأنه لاحل سوي الحل العسكري. وبسرعة شديده لاتحمل التأجيل. وكذالك لابد من محاسبة كل المسؤولين المصريين وعلي رأسهم السيسي صاحب مقولة النيل بالنسبه لنا حياه أو موت. وكفاية لعب باقدار الشعوب. وحسبي الله ونعم الوكيل