صحافة دولية

NYT: هذا ما كشفه أبو زبيدة عن طرق التعذيب الأمريكية

تصور رسومات أبي زبيدة طرق التعذيب المختلفة التي تعرض لها في السجون السرية- نيويورك تايمز
تصور رسومات أبي زبيدة طرق التعذيب المختلفة التي تعرض لها في السجون السرية- نيويورك تايمز

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافية كارول روزنبيرغ، تتحدث فيه عن برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" للتعذيب، كما وصفه المعتقل في غوانتانامو أبو زبيدة.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن إحدى اللوحات تظهر السجين عاريا ومربوطا على عربة مدفع وجسده كله مشدود، في الوقت الذي يقوم فيه محقق بإيهامه بالإغراق، فيما هناك أخرى تظهره ومعصماه مقيدان لقضبان عالية جدا، مجبرة إياه أن يقف على رؤوس أصابعه، مع جرح مخيط طويل على رجله اليسرى، ترافقه صرخة تخرج من فمه المفتوح، بالإضافة إلى لوحة ثالثة تظهر سجينا يضرب رأسه على جدار.

 

وتعلق روزنبيرغ قائلة إن هذه هي الرسومات التي رسمها الأسير أبو زبيدة في غوانتانامو، التي تصور طرق التعذيب المختلفة التي تعرض لها خلال سنواته الأربع في السجون السرية "المواقع السوداء" التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية.

 

وتذكر الصحيفة أن هذه هي أول مرة تنشر فيها صور كهذه في صحيفة "نيويورك تايمز"، مشيرة إلى أنها رسومات قوية وتعكس تجربة شخصية، وتؤنسن ما كان يتم الحديث عنه في الثقافة الشائعة بشكل غير دقيق، فيوصف أحيانا بأنه الطرق المحسنة للتحقيق التي تستخدمها أمريكا في السجون السرية خلال حملة ملاحقة لأعضاء تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر2001.

 

ويفيد التقرير بأنه في كل رسم رسمه أبو زبيدة، الذي كان أول شخص يخضع لبرنامج التحقيق الذي وافقت عليه إدارة الرئيس جورج بوش الابن، صور أسلوبا للتعذيب استخدم عليه في موقع أسود لوكالة الاستخبارات المركزية في تايلاند في آب/ أغسطس 2002.

 

وتجد الكاتبة أن هذه الرسومات تبرهن على أنه بعد أكثر من عقد من تحريم إدارة أوباما للبرنامج -ثم قيامها برفع السرية جزئيا عن تحقيق مجلس الشيوخ الذي وجد أن وكالة الاستخبارات المركزية كذبت بخصوص فعالية ووحشية البرنامج- فإنه لا يزال هناك فصل أخير عن المواقع السوداء لم يكتب بعد.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن هذه الرسوم رسمها أبو زبيدة، البالغ من العمر 48 عاما، هذا العام في غوانتانامو، ليتم تضمينها في تقرير من 61 صفحة تحت عنوان: "كيف تقوم أمريكا بالتعذيب"، لمحاميه مارك دينبو، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة سيتون هول وبعض طلابه.

 

وينوه التقرير إلى أن هذا التقرير يستخدم روايات أولية، ومذكرات داخلية لإدارة بوش، ويوميات السجناء، وتقرير مجلس الشيوخ لعام 2014 لتحليل برنامج التحقيق، مشيرا إلى أنه تم تصميم البرنامج أصلا لأبي زبيدة، الذي ظن خطأ أنه أحد كبار ضباط تنظيم القاعدة.

 

وتشير روزنبيرغ إلى أنه تم اعتقاله خلال اشتباك في فيصل أباد في باكستان خلال آذار/ مارس 2002، حيث جرح جرحا بالغا في فخذه الأيسر، وتم إرساله إلى شبكة سجون وكالة الاستخبارات المركزية الخارجية.

 

وتكشف الصحيفة عن أنه بعد حوار داخلي حول ما إذا كان أبو زبيدة متجاوبا مع محققي مكتب التحقيقات الفيدرالية، استأجرت الوكالة عالمي نفس متعاقدين مع وكالة الاستخبارات المركزية لإنشاء البرنامج المحرم حاليا، الذي يستخدم العنف والعزل ومنع النوم على أكثر من 100 رجل في مواقع سرية، بعضها توصف بأنها مراكز محصنة عليها حراس سريون وموظفون طبيون.

 

وبحسب التقرير، فإنه بدأ وصف هذه الأساليب بالتسرب قبل أكثر من عقد، وعادة بتفاصيل مؤلمة، لكن أحيانا مع رسوم مبسطة (رسوم خطية) لما مر به السجناء، مستدركا بأن الرسوم التي تم نشرها في الفترة الأخيرة تمثل أساليب محددة لوكالة الاستخبارات المركزية، كانت تمت المصادقة عليها، وموصوفة ومصنفة في مذكرات أعدتها إدارة بوش، بالإضافة إلى أنها تظهر تلك الأساليب من منظور الشخص الذي وقع تحت التعذيب، أبي زبيدة، وهو فلسطيني واسمه الحقيقي زين العابدين محمد حسين.

 

وتؤكد الكاتبة أنه أول شخص جربت عليه وكالة الاستخبارات المركزية أسلوب الايهام بالغرق -الذي خضع له 83 مرة- وهو الشخص الأول الذي عرف أنه حصر في صندوق ضيق كجزء مما تصفه دراسة جامعة سيتون هول بـ"وابل دائر باستمرار" من الأساليب التي يهدف منها كسر ما اعتقد المحققون أنها المقاومة لديه.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن التحليلات الاستخباراتية اللاحقة أظهرت بأن أبا زبيدة كان جهاديا لكن لم تكن لديه أي معلومات سابقة عن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، ولم يكن عضوا في تنظيم القاعدة، ولم يتم توجيه أي تهمة له، وتظهر الوثائق الصادرة عن المحاكم بأنه ليست لدى المدعين العسكريين أي نية لفعل ذلك.

 

ويبين التقرير أن أبا زبيدة معتقل في أكثر سجون تنظيم القاعدة سرية (مخيم رقم 7)، حيث قام برسم هذه الرسومات ليس بصفتها عملا فنيا، ويمنع إطلاقها من غوانتانامو، بل بصفتها مادة قانونية تمت مراجعتها والمصادقة عليها -بعد أن تم حذف واحدة- للتضمين في الدراسة، وتم نشر صور أخرى رسمها لنفسه خلال سجنه في موقع بروبابليكا.

 

الإيهام بالغرق

 

وتفيد روزنبيرغ بأنه في هذه الصورة يصور السجين نفسه عاريا مربوطا على لوح، ورأسه مغطى، وقدمه اليمنى ملتوية من الألم، مشيرة إلى أن هذه الصورة مختلفة عن الصور التي شوهدت في الثقافة السائدة، فإحدى اللوحات المعروضة في متحف واشنطن مثلا تظهر حارسا يصب الماء على وجه سجين يلبس بزة سجن مرتبة. 

 

وتقول الصحيفة إن الصورة الشخصية تبدي تفصيلا تصميميا لم يوجد في الصور الأخرى، وهو فصالة تسمح بإمالة رأس السجين للخلف، وأحزمة تثبت فخذه المجروحة إلى اللوح.

 

وينوه التقرير إلى أن دراسة لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ لبرنامج وكالة الاستخبارات توصلت إلى أن الإيهام بالغرق وغيره من الأساليب كانت "وحشية وأسوأ بكثير مما وصفته الوكالة"، مشيرا إلى أن استخدام هذا الأسلوب أدى إلى تشنجات وتقيؤ، وجعل أبا زبيدة "غير مستجيب تماما مع صعود فقاعات من خلال فمه المملوء تماما (بالماء)".

 

وتبين الكاتبة أنه في وصف تم رفع السرية عنه الآن، كان قد قدمه لمحاميه عام 2008، وصف أبو زبيدة أول جلسة إيهام بالغرق من 83 جلسة بهذا الشكل: "ظلوا يصبون الماء ويركزون على أنفي وفمي حتى شعرت أنني أغرق، وكان صدري يريد أن ينفجر من قلة الأكسجين". 

 

أوضاع ضاغطة

 

وتقول الصحيفة إن روايات المعتقلين بشأن هذا الأسلوب وكيف تم استخدامه في المواقع السوداء اختلفت، ففي رسمه يظهر أبو زبيدة نفسه عاريا ومعصميه مربوطين إلى قضيب أعلى رأسه، حيث يضطر إلى الوقوف على أطراف أصابع قدميه. 

 

 

   

 

 

ويورد التقرير أنه بحسب روايته، كما نقلها محاميه، فإنه كان لا يزال يتعافى مما وصفته وكالة الاستخبارات المركزية بأنه جرح كبير في فخذه، وحاول أن يركز وزنه على الرجل الأخرى، وقال للمحامين: "مرت ساعات طويلة وأنا أقف بهذا الوضع.. ويداي مربوطتان إلى القضيب العلوي".

 

وتنقل روزنبيرغ عنه قوله إن بعض الحراس "لاحظوا لون يدي" فنقلوه إلى كرسي "واستمروا في التحقيق، والبرد والجوع وقلة النوم والتقيؤ، الذي لا أدري إن كان بسبب البرد أم (شراب إنشور) أم الضجة"، (وكانت وكالة الاستخبارات تغذي السجناء فقط بشراب حمية إنشور).

 

القيد القصير

 

وتشير الصحيفة إلى أن أبا زبيدة، الذي لم يعرف عنه أنه درس الفن، رسم نفسه وعلى رأسه كيس ومقيد على شكل جنين ومربوط بسلسلة إلى قضيب في الزنزانة للحد من حركته، وقال نائب المدعي العام السابق جي بايبي في مذكرة من 18 صفحة، في تاريخ 1 آب/ أغسطس 2002 لمنح وكالة الاستخبارات المركزية موافقة على استخدام أساليب شبيهة: "من خلال مشاهدتكم لأبي زبيدة في الأسر أشرتم إلى أنه مرن جدا بالرغم من جرحه"، وأشار في تلك المذكرة إلى أن الإذن أعطي بناء على تأكيد وكالة الاستخبارات بأن "هذه الأوضاع ليست مصممة للتسبب بالآلام المرتبطة بالتواء الجسد".

ضرب الرأس على الحائط

 

ويلفت التقرير إلى أن هذا الرسم خرج من غوانتانامو بعد أن تمت تغطية تصوير أبي زبيدة لوجه المحقق، الذي غطي بمربع أسود، وتظهر الصورة السجان وقد لف منشفة على رقبته، في الوقت الذي كان يضرب فيه رأسه على لوح خشب مثبت على جدار إسمنتي.

 

وتنقل الكاتبة عنه قوله عن تلك التجربة: "بقي يضرب رأسي على الجدار"، واصفا التجربة بأنها كانت تفقده البصر "لعدة لحظات"، ومع كل ضربة كان يقع على الأرض، ويتم جره بالمنشفة التي لف عليها شريط بلاستيكي، "التي تسببت بنزف في رقبتي"، ثم يتلقى صفعة على وجهه.

 

صندوق السجن الكبير

 

وتقول الصحيفة إنه في هذه الصورة يبدو أبو زبيدة حليقا وعاريا ومقيدا بشكل لا يستطيع معه الوقوف، وبحسب روايته، فإنه كان يجلس في سطل من المفروض أنه يستخدم حماما، وقال: "وجدت نفسي في ظلام دامس.. والمكان الوحيد الذي يمكنني الجلوس فيه فوق السطل؛ لأن المكان كان ضيقا جدا".

 

وبحسب التقرير، فإن أبا زبيدة يصف في روايته كيف كان يتم حصره في "صندوق خشبي كبير بدا كأنه تابوت"، وأول مرة رآه كان الحراس قد وضعوه بشكل قائم، وقال له رجل يلبس ثيابا سوداء وسترة عسكرية: "من الآن فصاعدا سيكون هذا هو بيتك"، مشيرا إلى أن أبا زبيدة رسم نفسه بعينيه الاثنتين، وتظهر صورة مبكرة له في غوانتانامو يلبس غطاء على عين بعد أن تم قلع عين مصابة.

 

صندوق السجن الصغير

 

وتقول روزنبيرغ إن الصندوق الصغير يشبه صندوقا معروضا في متحف الجاسوسية، الذي يقوم الأطفال خلال زيارتهم بالزحف داخله، مشيرة إلى أنه في روايته التي نشرت في تقرير جامعة سيتون هول، يصف ابو زبيدة الوقت الذي قضاه فيما يسميه "صندوق الكلب" بأنه "مؤلم جدا".

 

وتنقل الصحيفة عن أبي زبيدة، قوله: "بمجرد أن أغلقوا علي داخل الصندوق حاولت جهدي أن أقف، لكن دون جدوى لأن الصندوق قصير جدا، حاولت أخذ وضع المتكور لكن دون جدوى لأنه ضيق جدا"، وكان قد تم ربطه في وضع الجنين كما يصف "لساعات طويلة"، ما تسبب له بتشنجات عضلية، وقال: "كان الألم عظيما ما جعلني أصرخ دون وعي".

 

     


الحرمان من النوم

 

ويفيد التقرير بأن أبا زبيدة يتذكر أن السجانين استخدموا أسلوب "حرمان النوم الأفقي" بتقييده أفقيا على الأرض في وضع مؤلم لا يسمح له بالنوم، وقد بررت وكالة الاستخبارات المركزية الحرمان من النوم بالقول إنه "يركز ذهن المعتقل على وضعه الحالي بدلا من أهدافه الأيديولوجية"، وفي مصادقته على هذا الأسلوب في آب/ أغسطس 2002 قال بايبي بأن الوكالة قالت إنها لن تحرم أبا زبيدة من النوم "لأكثر من 11 يوما في المرة الواحدة".

 

وتنوه الكاتبة إلى أن أبا زبيدة يذكر في دراسة جامعة سيتون هول، أنه حرم من النوم "ربما لأسبوعين أو ثلاثة أو حتى أكثر".

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قوله: "شعرت أنها كانت إلى الأبد، إلى درجة أني وجدت نفسي أسهو بالرغم من إلقاء الحراس الماء علي"، وفي هذه الصورة، يرسم السجين نفسه لابسا ثيابا خفيفة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)