كتب

حرب الخليج الثانية والطريق إلى أوسلو.. وقائع وتداعيات

كاتب إسرائيلي: اتفاقية أوسلو كان مكتوباً عليها الفشل منذ البداية بسبب أوجه القصور الكامنة فيها (الأناضول)
كاتب إسرائيلي: اتفاقية أوسلو كان مكتوباً عليها الفشل منذ البداية بسبب أوجه القصور الكامنة فيها (الأناضول)

يواصل الكاتب والباحث الفلسطيني أحمد الدبش في الجزء الثاني من قراءته لكتاب "إسرائيل وفلسطين: إعادة تقييم وتنقيح وتفنيد"، للكاتب الإسرائيلي آفي شليم، استعراض الباب الثاني من الكتاب، المعنون، الطريق إلى أوسلو وما بعدها، الذي يتكون من عشرة فصول كما يلي: 

الفصل الحادي عشر: الوجه الذي أطلق ألف طائرة ميج
 
يحدثنا المؤلف عن السيرة الذاتية لجولدا مائير، ويري المؤلف: أن جولدا مائير "كانت تجمع بين الجهل والغرور بنفس القدر. وكانت أشهر العبارات التي قالتها، في عام 1969، أنه لا وجود للشعب الفلسطيني، وقد رد البروفيسور يشعياهو ليبوفيتز عليها قائلاً: إن هذه العجوز الشمطاء القبيحة ليست هي من تقرر ما إذا كان هناك شعب فلسطيني أم لا. وهناك قول أحمق آخر شبيه به تماماً يقول أن إسرائيل غير مسؤولة عن الحرب "لأن كل الحروب ضد إسرائيل لا تستطيع أن تفعل معها شيئاً". أما أحد أسوأ الأمثلة الدالة على تخريف مائير فهو زعمها أن "الإسرائيليين قد يغفرون للعرب يوماً ما قتلهم أبناء إسرائيل، ولكنهم لن يغفروا لها أبداً إجبار الإسرائيليين على قتل العرب"، (ص 198).

الفصل الثاني عشر: القومية العربية ومناوئوها

يستعرض المؤلف كتاب فؤاد عجمي "قصر الحلم العربي: ملحمة جيل، جولة فكرية ودراسة حميمة وثاقبة للعوامل الأدبية والثقافية والسياسية العربية". (ص 199). إن "الملحمة التي يشير إليها العنوان الفرعي هي رحلة أيديولوجية عبر المفكرين والشعراء الذين قدموا رؤية جديدة للثقافة العربية والتفكك التدريجي الذي حدث في النصف الثاني من القرن العشرين. ويتم رسم معركة الأفكار على خلفية من السياسة العربية. وتدب فيها الحياة من خلال سرد عجمي لمواجهاته مع أبطال روايته" (ص 200). 

يستهل مؤلف "قصر الحلم العربي" على نحو درامي ورمزي بكابوس انتحار ثم ترتيلة الموتى التي تتبعه. فقد قام الشاعر اللبناني الموهوب خليل حاوي بإنهاء حياته بيده في يوم السادس من حزيران (يونيو) 1982، في اليوم الذي قامت فيه إسرائيل بغزو لبنان(...) وتعكس أشعاره عذابات ومحن الحداثة العربية(...) يعتبر حاوي رمزاً لمد وجزر القومية العربية" (ص 200 ـ 203).

"لم يمر وقت طويل على موت حاوي، حتى قدم الشاعر الرومانسي نزار قباني والشاعر والناقد الأدبي أدونيس رؤيتهما الخاصة حول تلك القضية. ويرى كلاهما أن أزمة الكتابة هي ببساطة انعكاس للظروف السياسية. كانت هناك حالة من التنافر بين السياسة والشعر في العالم العربي" (ص 203).
 
الفصل الثالث عشر: اسرائيل والخليج   

يقول المؤلف: "في البداية، أدت ازمة الخليج (اجتياح العراق للكويت) إلى التغطية على الانتفاضة" (ص 215). فقد حولت "أنظار العالم بعيداً عن الانتفاضة" (ص 221). "وحينما قام العراق باجتياح الكويت، نصح الأمريكان الإسرائيليين بالبقاء بعيداً عن هذا الصراع(...) وأراد الأمريكان أن تبقي صامتة وأن تظل في الخطوط الخلفية وألا تعقد الأمور(...) وكان صدام حسين أول من صنع الرابطة بين أزمة الخليج والصراع العربي ـ الإسرائيلي من خلال اقتراح ما أطلق عليه ترتيبات جديدة بين العراق والكويت في مقابل انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة" (ص 221 ـ 222). 

 



"كان هناك شيء مؤكد وهو أنه في أعقابها سوف تجد إسرائيل نفسها واقعة تحت ضغوط هائلة من خلال تقديم مقترحات طازجة والتحرك الحقيقي لحل المشكلة الفلسطينية" (ص 226).

الفصل الرابع عشر: تبادل الأماكن: مؤتمر مدريد للسلام

يحلل المؤلف مغزى مؤتمر مدريد بالنسبة للمشاركين فيه وعملية السلام التي كانت تقودها أمريكا والتي انطلقت في أعماق حرب الخليج 1991 (ص 229). "إن ما ميز مؤتمر مدريد عن المؤتمرات العربية ـ الإسرائيلية السابقة هو أن الفلسطينيين قد تم تمثيلهم للمرة الأولى على قدم المساواة مع إسرائيل(...) كان على الفلسطينيين أن يدفعوا ثمناً باهظاً للحصول على بطاقة للدخول إلى المؤتمر" (ص 233). "كان التناقض بين خطاب شامير وخطاب الدكتور حيدر عبد الشافي، رئيس الوفد الفلسطيني، ظاهراً سواء في لهجته أو روحه أو جوهره" (ص  235). "كانت الرسالة الاساسية للدكتور حيدر عبد الشافي هي ان الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي، وأن الفلسطينيين لديهم حق تقرير المصير، وأنهم مصرون على السعي لانتزاع هذا الحق حتى يقيموا دولتهم" (ص 236).
 
الفصل الخامس عشر: التمهيد لاتفاق أوسلو الليكود والعمل والفلسطينيين

يتطرق المؤلف هنا إلى خلفية أتفاق أوسلو، من خلال المقارنة بين سياسات كتلة الليكود وحزب العمل إزاء مباحثات السلام التي كانت تجري في تشرين أول (أكتوبر) 1991 بمؤتمر مدريد.
 
يذهب المؤلف إلى أن هناك فروقا مهمة بين الليكود والعمل من حيث الأيديولوجية والسياسة العملية، (ص 248). تتلخص "أيديولوجية حزب الليكود في كلمتين: إسرائيل الكبرى، وتبعاً لهذه الأيديولوجيا فإن يهوذا والسامرة ـ الاسم العبري للضفة الغربية ـ هي جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل"، (ص 249). "فحزب الليكود يرفض التقسيم كأساس للتسوية مع الفلسطينيين أو الأردن، حيث يطالب بكل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، أما حزب العمل، على الجانب الآخر، فيقبل مبدأ التقسيم ـ مقولة الأرض مقابل السلام ـ كأساس للتسوية، ولكنه يفصل عادة الأردن على الفلسطينيين كشريك" (ص 250). 

وفي انتخابات 1992، أعاد جمهور الناخبين حزب العمل إلى السلطة، "قام رابين بتقديم برنامجه وحكومته عبر خطاب مطول في الكنيست في الثالث عشر من تموز (يوليو) 1992. وقد لخص الفروق بين الحكومة السابقة (الليكود) والحكومة الحالية (العمل) تحت ثلاثة عناوين رئيسية: الأولوية القومية، وعملية السلام ومكانه إسرائيل في العالم" (ص 258). 

منذ كانون ثاني (يناير) 1993 قد "أقام قناة سرية من أجل إجراء محادثات غير رسمية مع مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية(...) تم عقد 15 جلسة على مدى ثمانية أشهر حتى تم التوصل إلى اتفاق بشأن الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير، وحكم ذاتي فلسطيني في غزة وأريحا بالضفة الغربية"، (ص 268). "أن يتوصل رابين إلى اتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية ينفي المقولة، التي سادت طويلاً بين الفلسطينيين، والتي تقول بعدم وجود فرق بين حزب العمل وحزب الليكود" (ص 269).
 
الفصل السادس عشر: صعود وانهيار عملية أوسلو للسلام

يشير المؤلف إلى أن الشلل "الذي أصاب المحادثات الرسمية بعد مؤتمر مدريد تشرين أول (أكتوبر) 1991 أدى إلى دفع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى البحث عن قناة خلفية للتواصل(...) كان هناك ثلاثة مسؤولين عن هذا القرار: إسحاق رابين، رئيس الوزراء، وشيمون بيريز، وزير الخارجية، ويوسي بيلين، مساعد وزير الخارجية للشباب" (ص 271- 272). 

"انطلقت المحادثات السرية أواخر كانون ثاني (يناير) 1993 بتشجيع من بيلين، الذي أحاط بيريز علماً بكل ما يجري، وقد تم عقد 14 جلسة من المحادثات على مدى فترة زمنية قدرها ثمانية أشهر وذلك خلف ستار كثيف من السرية" (ص 272). "اخترع بيريز فكرة غزة أولاً" (ص 273). و"قدم عرفات عرضاً مضاداً يقول: غزة أريحا أولاً". (ص 274). وافق رابين على هذا المقترح، وتم التصديق "على البيان المشترك الخاص بإعلان المبادئ بشأن الحكم الذاتي الفلسطيني في غزة وأريحا، والاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، أصر رابين على وجوب تغيير الميثاق الوطني الفلسطيني كجزء لا يتجزأ من الاتفاق" (ص 275). 

"كان إعلان المبادئ الخاص بترتيبات الحكم الذاتي المؤقت في جوهره برنامجاً للمفاوضات التي يحكمها جدول زمني صارم، أكثر منه اتفاقا كامل الأوصاف"، (ص 276). "لم يحدد الاتفاق شكل التسوية القادمة في إعلان المبادئ ولكنه ترك للتفاوض بين الجانبين خلال المرحلة الثانية. كان إعلان المبادئ صامتاً تماماً بشأن قضايا حيوية مثل حق عودة لاجئي 1948، وحدود الكيان الفلسطيني، ومستقبل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وغزة، ووضع القدس" (ص 277). 

"كان اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل علامة هامة على طريق الاعتراف العربي بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها" (ص 280). "على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، أدت صفقة رابين ـ عرفات إلى توليد معارضة قوية وصاخبة" (ص 281). 

 



ويسرد المؤلف متاهات المفاوضات لتطبيق الاتفاق، حتى توقيع اتفاقية أوسلو2، في واشنطن، في أيلول (سبتمبر) 1995، والتي قسمت المناطق الفلسطينية إلى "ثلاث مناطق وهي(أ) ، (ب)، (س)، تخضع المنطقة (أ)  للسيطرة الفلسطينية الكاملة، وتخضع المنطقة (س) للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وفي المنطقة (ب) يمارس الفلسطينيون سلطة مدنية، بينما يحتفظ الإسرائيليون بمسؤولية الأمن" (ص 289).

"أدت عودة الليكود إلى السلطة بزعامة بنيامين نتنياهو إلى توجيه ضربة إلى عملية السلام(...) قضى نتنياهو عامين ونصف في السلطة يحاول خلالها بكل إخلاص وقف اتفاقيات أوسلو" (ص 291). 

وفي أيار (مايو) 1999، عاد حزب العمل للسلطة، بزعامة إيهود باراك، فقد "كانت تحفظاته بشأن اتفاقات أوسلو معروفة للجميع" (ص 293). وبدأت مفاوضات كامب ديفيد في 11 تموز (يوليو) 2000، واستمرت لمدة احدى عشر يوماً، و"مع انهيار قمة كامب ديفيد، بدأ العد التنازلي لاندلاع جولة جديدة من العنف(...) وفي ظل هذه الأجواء، قام آرييل شارون زعيم الليكود، بزيارته الشهيرة إلى الحرم الشريف فقد اندلعت انتفاضة شاملة أطلق عليها انتفاضة الأقصى" (ص 296). "ولم ير عرفات أي تعارض بين الانتفاضة والمفاوضات. على النقيض، لقد كان يحدوه الأمل في أن تمنحه الانتفاضة المزيد من القوة في التعامل مع الإسرائيليين" (ص 297). 

يتوصل المؤلف إلى أن انهيار عملية السلام بسبب "أن اتفاقية أوسلو كان مكتوباً عليها الفشل منذ البداية بسبب أوجه القصور الكامنة فيها وعلى وجه الخصوص لأنها لم تعالج أياً من القضايا الجوهرية للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين(...) واختلال ميزان القوى بين الجانبين" (ص 297- 298).
 
الفصل السابع عشر: سيدة العالم

يحدثنا المؤلف عن الدكتورة حنان عشراوي، المتحدثة باسم الوفد الفلسطيني في مدريد 1991. يقول المؤلف: "لم تصبح حنان عشراوي سياسية باختيارها، ولكن كانت السياسة بالنسبة لها مجال نشاطها الثاني، ومع ذلك، فإن خلفيتها الأدبية قد أثرت بالتأكيد على أسلوبها السياسي. وكان اتقانها للغة الإنجليزية سلاحاً ماضياً مكنها من عرض القضية الفلسطينية بكفاءة واقتدار" (ص 303). 

في عام 1989، "طلب عرفات بنفسه من عشراوي أن تلتقي مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية وأن تلتمس رفع مستوى الحوار بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية" (ص 304). "بعد حرب الخليج الأولى، قامت حنان عشراوي وحفنة من زعماء الداخل ـ بقيادة فيصل الحسيني، الشخصية البارزة في فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في الأراضي المحتلة ـ بالمشاركة في مباحثات تمهيدية مع وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، وقد أدى ذلك إلى المساهمة في انطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط" (ص 305). 

 



وفي مؤتمر مدريد، "كانت عشراوي صاحبة الفضل في إقناع المنظمة بأن خطاب الافتتاح يجب أن يلقى باللغة الإنجليزية وليس العربية، لأنه يستهدف بشكل مبدئي الشعب الأمريكي(...) كانت عشراوي دائماً محط الأنظار، حيث تدلي بالتصاريح الصحفية وتجري اللقاءات الشخصية" (ص 307). و"حينما حدث تقدم في مباحثات أوسلو السرية، بدأ عرفات في إصدار تعليمات مشددة لعشراوي ورفاقها من أجل عرقلة مباحثات واشنطن. وحينما أبلغ الحسيني وعشراوي أن يقوما بتقديم ورقة إلى كريستوفر ذات شروط تعتبر غير مقبولة. أطاعا تعليماته، ثم قاما بتقديم استقالتهما والتي لم يتم قبولها" (ص 311).

وعندما انكشف أمر مباحثات أوسلو، "شنت هجوماً ضارياً على أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في تونس، واتهمتهم بطعنها ورفاقها في الظهر" (ص 312). "عرض عرفات على عشراوي عدداً من المناصب في إدارته الجديدة، ولكنها رفضتها جميعاً، فقد كانت تتوقع أنها سوف تنهار قريباً" (ص 313). 

ينظر المؤلف بإعجاب إلى حنان عشراوي، فقد كانت "الشخص المناسب في الوقت المناسب الذي يقوم بالفعل المناسب" (ص 316). 

الفصل الثامن عشر: سياسة تجاوزتها الأحداث

يلقي المؤلف الضوء على الانقسامات العنيفة والمتأصلة بين الإسرائيليين بشأن العلاقات مع أكثر أعدائهم حميمية ـ الفلسطينيين. ويناقش كتاب "أعداء حميمين: اليهود والعرب في أرض مشتركة"، للمؤلف الإسرائيلي، ميرون بنفينستي. (ص 318). ويعرف بنفنستي الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني على أنه: "صراع بين تجمعين بشريين يكافحان من أجل الحصول على الموارد الطبيعية والبشرية ويتنافسان من أجل احتكار السيطرة على الأصول الرمزية، داخل وحدة إقليمية يعتبر كلاهما أنها وطنه. إنه صراع متعدد الوجوه والطبقات. فمن ناحية، هو صراع سياسي وقومي وعرقي على السيادة. ومن ناحية أخرى، فهو نموذج لمجتمعين منقسمين ويستمر طاقته من التوزيع غير العادل للموارد، والاعتماد الاقتصادي غير المتوازن، واحتكار سلطة الدولة الذي تمارسه جماعة ضد الأخرى. إن الصراعات الطائفية أصلية ومتوطنة، وهي حرب ليست لها نهاية. فالعنف قد يختفي تحت السطح، ولكن إمكانية اشتعاله من جديد تظل موجودة أبداً" (ص 320). 

وفي كتابه "أعداء حميمين" يقوم بنفنستي باختيار المضامين الكامنة في حدثين من أجل الصراع: المذبحة التي وقعت للفلسطينيين على يد الشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى في تشرين أول (أكتوبر) 1990، والمصافحة الشهيرة بين رابين وعرفات في حديقة البيت الأبيض في أيلول (سبتمبر) 1993 في حديقة البيت الأبيض، وفي هذا السياق، يقوم أيضاً بإلقاء الضوء على تصاعد الانتفاضة والعنف الطائفي المهلك، وحرب الخليج ومؤتمر مدريد للسلام واتفاقية أوسلو، والتي جرت جميعها في الثلاث سنوات الفاصلة بين المذبحة والمصافحة الشهيرة" (ص 321). 

ويقارن بنفنيستي "بين سلوك إسرائيل تجاه الأرض المحتلة من خلال جيشها عام 1967 وفكرة الحدود في التاريخ الأمريكي: باعتبارها منطقة حدودية خارج نطاق الحضارة، يقطنها سكان أصليون لا يشكلون مجتمعاً له حقوق سياسية، وغير قادرين على الالتصاق الروحي بالأرض"، (ص 325). ي

قدم بنفنستي تعليقاً أصيلاً حول المصافحة الشهيرة في البيت الأبيض 1993، حيث يقول: "كان عملاً بالغ الرمزية أدى إلى تحويل العداء الإسرائيلي ـ الفلسطيني من حرب متأصلة إلى صراع عقلاني قابل للحل. لقد أعاد تعريف العداء: حيث تحول الإسرائيليون والفلسطينيون من أعداء شياطين إلى أعداء شرعيين. وعلى ذلك، تم الوفاء بالشرط المسبق الخاص بأية مفاوضات ألا وهو الاعتراف بشرعية واستقلال وسلطة ممثلي الكيان الجمعي الآخر. لم يتم حل شيء، ولكن تم نصب السوق وتعرية إجراءات البيع والشراء" (ص 330).  

الفصل التاسع عشر: الليكود في السلطة: التاريخ للصهيونية التصحيحية

يناقش المؤلف كتاب كولين شندلر "إسرائيل والليكود والحكم الصهيوني"، يحاول شندلر شرح ظاهرة الليكود ككل(...) من أجل تفسير أسباب نفوذ الليكود يقوم شندلر باستكشاف،(...) تراث مؤسس الحركة الصهيونية التصحيحية زائيف فلاديميير جابوتنسكي"، (ص 331). "فور إعلان الاستقلال في أيار (مايو) 1948،(...) قام مناحيم بيغين بتكوين حزب حيروت (الحرية)" (ص 333). "تحول حزب حيروت إلى حزب جاهال نتيجة لاندماجه مع الحزب الليبرالي عام 1956، وتحول حزب جاهال، في المقابل إلى حزب الليكود عام 1973 نتيجة اندماج آخر مع ثلاث مجموعات قومية صغيرة منشقة" (ص 334). 

ويتطرق المؤلف باسهاب إلى الحديث عن شخصية مناحيم بيغين، وعن التزامه الأيديولوجي بأرض إسرائيل، حيث لم يكن إلا أيديولوجية تمشي على الأرض. كان هناك إيمان راسخ في أعماقه بقي معه طوال حياته بأن الشعب اليهودي لديه حق تاريخي في كل وطنه التوراتي. لم يعترف بيغن بمفهوم الشعب الفلسطيني، وكان تعريفه للفلسطينيين يطابق تماماً ذلك الخاص بجابوتنسكي. وكان دائم مقارنة العرب بالنازي. (ص 335 ـ 340). 

ويذهب المؤلف إلى أنه بعد "تولى شامير رئاسة الوزراء،  لم يدخر جهداً في تخريب مبادرات السلام" (ص 343). وقد "اعتبر شامير مبادرات السلام تهديداً وليست فرصة يجب استغلالها" (ص 345). وبحسب المؤلف "في المعركة المحتدمة لخلافة شامير كزعيم حزب، كان المنافسون الرئيسيون هم ديفيد ليف وإثنان من أمراء الليكود"، وهما بنيامين نتنياهو وبيني بيغين، ابن مناحيم بيغين(...) ويعكس كتابه (بيني بيغين) "الموقف الصهيوني"، الفكر السائد لحزب الليكود، (...) وتعتمد صهيونيته على دعامتين رئيسيتين هما: حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وحق الدولة اليهودية في الأمن القومي" (ص 347). و"على الرغم من التبديلات المختلفة التي شهدها منذ العشرينيات، ظل الليكود دائماً حزباً أيديولوجياً"، (ص 351).

الفصل العشرون: الحماقة الكبرى
 
بحسب المؤلف على "كل من يسعى إلى فهم قضية القدس في شكلها الحالي ليس عليه سوى أن يقرأ كتاب برنارد فيسرشتاين العميق والأنيق البعيد عن التحيز "القدس المنقسمة: الصراع على المدينة المقدسة". (ص 354). 

يشير فيسرشتاين إلى "حقيقة رأي أن من الواجب عليها ذكرها. فهو يقول بأنه في أواخر الإمبراطورية العثمانية، لم تكن هناك حالات عنف يعتد بها بين طوائف المدينة. وبينما كانت العلاقات بين المسلمين والمسيحيين واليهود في الغالب حادة ومتوترة، فقد كان محتواه في إطار القانون" (ص 355). 

يستطرد فيسرشتاين بالقول: "استمرار الحكم البريطاني لمدة ثلاثة عقود فقط غير ملامح المدينة ومهد الطريق لتقسيمها بعد ذلك(...) وفي التاسع والعشرون من تشرين ثاني (نوفمبر) عام 1947، قامت الأمم المتحدة بتمرير قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين إحداهما عربية والأخرى يهودية، ولكن مع خضوع القدس لإدارة دولية" (ص 356). و"بعد أن وضعت الحرب أوزارها، واصل الأردن حكم القدس الشرقية وواصلت إسرائيل حكم القدس الغربية، (...) وفي السابع من حزيران (يونيو) 1967، قامت القوات الإسرائيلية بالسيطرة على القدس الشرقية" (ص 357). و"في تموز (يوليو) من عام 1980، قام الكنيست بإصدار قانون القدس، الذي نص على أن "القدس، الكاملة والموحدة، هي عاصمة إسرائيل" (...) قام المفاوضون الإسرائيليون بتنحية قضية القدس جانباً. ولم يكن لدى إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في الثالث عشر من أيلول (سبتمبر) عام 1993 الكثير الذي يقال حولها. وتقرر ألا يكون لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني المؤقتة أية سلطة على القدس، وأن يستمر الأمر الواقع حتى يتم إجراء مفاوضات الوضع النهائي"، (ص 359).   

 

إقرأ أيضا: الصراع العربي ـ الإسرائيلي.. نشأته وجوهره

التعليقات (0)

خبر عاجل