ملفات وتقارير

المتظاهرون بالعراق يتعرضون لأساليب ترهيب جديدة (صورة)

متظاهر مصاب قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء- جيتي
متظاهر مصاب قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء- جيتي

منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في العراق مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يتعرض الناشطون إلى شتى أنواع الترهيب في محاولة لثنيهم عن الخروج في مظاهرات ضد الحكومة والقوى السياسية التي تدير الحكم منذ 16 عاما.

ومع حملات الاغتيالات والاعتقالات والتغييب القسري التي يتعرض لها الناشطون والمتظاهرون، برزت طرق جديدة من ترهيب المحتجين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد.

الطعن بالمشرط

فقد كشف ناشطون في حديث لـ"عربي21" عما يجري لهم وسط صمت حكومي، أو تواطؤ وتنسيق من أجهزة الدولة الأمنية مع "المندسين" الذين يحاولون تفريق المحتجين في ساحات المظاهرات ببغداد ومحافظات الوسط والجنوب.

وقالت الناشطة التي فضلت أن تتحدث لـ"عربي21" باسم "شيماء" أن إحدى صديقاتها تعرضت لهجوم مجهول في ساحة التحرير المكتظة بالمتظاهرين، وذلك عن طريق جرحها بمشرط (شفرة) كاد أن يتسبب بقطع أحد أصابع يدها.

وأوضحت أن حالة أخرى مماثلة تعرض لها ناشط آخر في ساحة التحرير، أدت إلى قطع أحد أصابع يده، من دون معرفة الجهات التي تقوم بهذه الأعمال التي وصفتها بـ"الإجرامية" بحق متظاهرين عزّل.

وأكدت "شيماء" التي زوّدت "عربي21" بصورة لإحدى الناشطات التي تعرضت للطعن، أن ساحة التحرير تشهد بشكل شبه بعد المغرب، اكتظاظا كبيرا يصل ربما في بعض الأحيان إلى مئات الآلاف، وأن حالات الطعن تجري في هذه الأثناء.

ونوهت الناشطة العراقية إلى أن هذه الأعمال ظهرت مؤخرا (أي قبل نحو أسبوعين) ولم تكن في السابق موجودة بتاتا، وهناك خشية في صفوف المحتجين من تفاقم هذه العملية.

ورأت "شيماء" أن العمليات هذه متعمّدة لترهيب المتظاهرين واقلاقهم وإيصال رسالة بأن المكان لم يعد آمنا وخصوصا للنساء والعائلات التي تتوافد إلى ساحة التحرير يوميا لأنها مطمئنة من عدم تعرضها لأية مضايقات.

تغييب وتعذيب

وفي الإطار ذاته، يروي الناشط "محمود" لـ"عربي21" عن حالات تغييب تعرضها لها عدد من زملائه الناشطين، بعد مراقبة وترصد من جهات بلباس مدني داخل ساحة التحرير.

وقال إن "أحد أصدقائه اختفى بعد خروجه من ساحة التحرير لمجة أربعة أيام، ولم ينفع البحث والسؤال في كل مكان ولدى القوات الأمنية في العثور على مكانه، لكن عاد بعد ذلك إلى منزله وآثار التعب والإرهاق بادية عليه".

وأوضح "محمود" أن صديقه تعرض إلى اعتقال من قوات مكافحة الشغب وجرى احتجازه في مكان قرب ساحة التحرير، وتعرض إلى تعذيب شديد، والسبب الوحيد هو لماذا تأتي إلى ساحة التحرير يوميا؟

وأشار الناشط العراقي إلى أن صديقه أصبح يخشى الوصول إلى أماكن المظاهرات بعد التعذيب الذي تعرض له وتهديده إذا عاود إلى ساحة التحرير، لأن الجهات ذاتها التي ترصدته- والتي لا يعرفها- لا شك أنها ماكثة في المكان ذاته.

وفي موقف آخر حصل معه، قال "محمود" إن "أحد رجال شرطة المرور، أوقف سيارتي ونصحني بإنزال العلم العراقي وأي مظهر يدل على أنني كنت في ساحة التحرير لأن مفرزة أمنية في الطريق تعتقل الشباب الذين تشك أنهم من المتظاهرين".

تقاعس أمني

وبخصوص التطور الأخير المتمثل بانفجار عبوة ناسفة كانت موضوعة داخل إحدى السيارات في ساحة التحرير وأوقعت 4 قتلى و12 جريحا، قال الناشط "كاظم" لـ"عربي21" إن "القوات الأمنية تتحمل هذا الخرق، لأنها لا تسعى إلى تأمين أماكن المظاهرات على عكس تصريحات المسؤولين.

وأوضح "كاظم" أن القوات الأمنية لا تقوم بواجبها المفترض في حماية أماكن المظاهرات، وإنما تسمح للسيارات وأي شيء بالدخول إلى ساحة التحرير من دون أي إجراء أمني وهو التفتيش.

ولفت إلى أن المتظاهرين أخذوا هذه المسؤولية على عاتقهم بعد انفجار، يوم الجمعة الماضي، إذ شكلوا لجانا معنية بتفتيش الداخلين إلى ساحة التحرير من جميع الاتجاهات.

وأكد "كاظم" أن اللجان التابعة لساحة التحرير معروفة من الناشطين المرابطين في ساحة التحرير منذ انطلاق المظاهرات، على الرغم من عدم امتلاكهم أية أدوات ومعدات لكشف الأسلحة، مثل الذي تمتلكه الأجهزة الأمنية. 

ترصد الناشطين

وتعليقا على ذلك، توقع الخبير السياسي العراقي الدكتور سعدون التكريتي في حديث لـ"عربي21" ازدياد حالات التغييب القسري والاعتقال والترهيب بحق المتظاهرين لأنهم أصبحوا يمثلون كابوسا حقيقا للأحزاب الحاكمة.

ورأى التكريتي، أن الحكومة العراقية لا شك أنها ملأت ساحة التحرير وبناية المطعم التركي "جبل أحد"، بالعيون الأمنية التي ترتدي الزي المدني لتترصد الناشطين ولا سيما الذين يحركون الاحتجاجات، وإلا كيف نفسر تغييب صبا المهداوي وعلي هاشم وغيرهم من الناشطين لأيام ثم يطلق سراحهم.

وأكد الخبير العراقي، أن الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية هي من تقف وراء تلك العمليات، وغايتها ترهيب المتظاهرين وجمع المعلومات عن المتظاهرات والعناصر الفاعلة فيها وكيف تدير الأوضاع داخل ساحة التحرير.

ويتعرض بين الحين والآخر عدد من الناشطين في ساحات التظاهرات في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب إلى الاختطاف والتغييب القسري والاغتيال في بعض الأحيان، ولعل آخرها اغتيال الناشط عدنان رستم، السبت، في منطقة الحرية ببغداد.

 



التعليقات (0)