صحافة دولية

الغارديان: لماذا يتجاهل حزب المحافظين الإسلاموفوبيا؟

الغارديان: عندما يتعلق الأمر بالإسلاموفوبيا فإن حزب المحافظين يكون غير مهتم- جيتي
الغارديان: عندما يتعلق الأمر بالإسلاموفوبيا فإن حزب المحافظين يكون غير مهتم- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة نسرين مالك، تقول فيه إن البطل الأسود في رواية رالف إليسون "الرجل الخفي" يناضل لأجل نشر العادات والمعتقدات الصحيحة في عالم هو غير مرئي فيه؛ لأن البيض يرفضون رؤيته.

وتشير مالك في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى قول البطل: "عندما يقتربون مني لا يرون سوى ما هو حولي، أو أنفسهم، أو ما يتخيلونه، وفي الواقع فإنهم يرون أي شيء وكل شيء إلا أنا"، لافتة إلى أن "المشكلة، بكلمات أخرى، ليست هي أن البيض ينظرون للسود بعين التمييز الواضحة، فهم كونوا ما يسميه (عيونا داخلية): تلك العيون هي التي ينظرون فيها من خلال عيونهم إلى الحقيقة".

 

وتقول الكاتبة إن "محاولة الكلام عن الإسلاموفوبيا في السياسة البريطانية اليوم -ناهيك عن محاسبة شخص ما- مهمة مرهونة أبدا بهذه الحالة من عدم الرؤية، وهذا أوضحه يوم السبت وزير الصحة مات هانكوك، الذي ظهر على برنامج Today ليشرح لماذا لم يقم حزب المحافظين بالتحقيق في الإسلاموفوبيا، وعندما سئل عن حملة سعيدة وارسي ضد الإسلاموفوبيا في حزبها (حزب المحافظين)، أجاب هانكوك قائلا: (أنا أحب سعيدة.. لكن هناك آخرون ينظرون بشكل أكثر اتزانا) إلى مسألة عظيمة الدقة، وذلك التحقيق الذي وعد به جونسون ذات مرة ألغي لتحل محله سياسة تشمل الجميع، فلن ينظر التحقيق في الإسلاموفوبيا بالتحديد، بل في (أشكال التعصب كلها)".  

 

وتجد مالك أن "من الواضح أن التعصب ضد المسلمين يصبح مشكلة لدى حزب المحافظين فقط عندما يكون هناك خطر بأن يؤثر على نتائجهم في صناديق الاقتراع، والآن هم ليسوا قلقين جدا بخصوص هذا الأمر، وما يراه هانكوك وحزب المحافظين عندما يواجهون بتقارير الكراهية ضد المسلمين، ليس المسلمين أنفسهم، لكنهم يرون هستيريا شخصية أو مبالغة في الكياسة السياسية، أو (هراء)، بحسب كلمات جونسون نفسه، فعيونهم الداخلية، كما كتب إليسون في روايته، تنظر متجاوزة الحقيقة، حتى أصبحت وارسي، عضو مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، التي عملت 30 عاما في مجال العلاقات الإثنية، المرأة الخفية في حزب المحافظين الذي يعاني من الإسلاموفوبيا".

 

وترى الكاتبة أنه "لم تعد هناك جدوى من استخدام الحقائق لإثبات أن لحزب المحافظين مشكلة مع المسلمين، والحقائق موجودة، فنشر أو الموافقة على المواد المعادية للمسلمين أمر شائع، وهناك حالات تعليق عضوية في الحزب بشكل مستمر، لكن قليلا ما يتبع ذلك طرد من الحزب، والمشكلة أن هذا لا يقود أبدا إلى التحقيق في سبب استمرار هذه الظاهرة، وهذا ربما لأن أعضاء حزب المحافظين -الذين اختاروا رئيس وزرائنا- لا يرون أن الإسلاموفوبيا شيء مخجل، وبحسب استطلاع على موقع YouGov في وقت سابق من هذا العام، أعرب ثلثا المستطلعة آراؤهم بأنهم يصدقون الأسطورة القائلة بأن أجزاء من المملكة المتحدة تحكم بقوانين الشريعة، وحوالي نصفهم قالوا إنهم لا يحبون أن يكون لديهم رئيس وزراء مسلم".

 

وتلفت مالك إلى أن "زعماء حزب المحافظين قرروا بأن النظر إلى أن حزب المحافظين لديهم مشكلة مع المسلمين -سواء كان ذلك حقيقة أم خيارا- هو أمر بإمكانهم التعايش معه، والقرار بإلغاء التحقيق في الإسلاموفوبيا لصالح تحقيق غامض ينظر إلى (أشكال التعصب كلها) ليس مؤشرا على أن الحزب لا يعتقد أن هذه المشكلة غير موجودة، لكنه مؤشر على أنهم يعتقدون أنها مشكلة يمكنهم تحمل ثمنها". 

 

وتؤكد الكاتبة أن "هذا الإدراك مخيف أكثر من حقيقة أن الحزب الحاكم متسامح مع التعصب أو منكر لوجوده؛ لأنه يمكن الاستنتاج بالتأكيد بأن البريطانيين لا يهتمون كثيرا بالمسلمين على أي حال حتى تتسبب لا مبالاة حزب المحافظين بهم بأي أضرار للحزب، وقد يكون الحزب في الواقع يواجه ما يشعر الكثير بأنه تصعيد مرحب به في الخطاب ضد المسلمين، بقيادة رئيس الوزراء نفسه، الذي لا يزال يرفض الاعتذار عن وصفه للمنقبات بأنهن يشبهن (صناديق البريد) و(لصوص البنوك)".

 

وتعتقد مالك أن "ما نشهده اليوم ليس فقط إهمالا للمشكلة، لكنه إعادة تموضع، فالعالم الأخلاقي الذي كانت تتم فيه مثل هذه النقاشات تم تدميره بالمواقف السياسية، فأي تصريحات حول العرق أو العنصرية يتم الحكم عليها حاليا بناء على من هو الجانب الذي يتحدث، وما هو الأثر السياسي الذي ستحدثه". 

 

وتقول الكاتبة: "هذا العالم الشجاع الجديد منحنا رؤية مشهد نك بولز، الذي استقال من رئاسة الانضباط في حزب المحافظين بسبب البريكسيت، فقال لوارسي إن الخطأ كان منها حيث لم تحدث (حملتها الرائعة) حول الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين أي تأثير، وقال لها إنها قد تكون أكثر نجاحا (إن قضيت وقتا أقل في مهاجمة حلفائك الطبيعيين؛ لأنهم لا يصلون إلى معيارك الدقيق في القداسة، لحسن الحظ لم يعد علي أن أتحمل الناس الذين يعانون من النرجسية مثلك)".

 

وتختم مالك مقالها بالقول إن "الحقيقة المرة هي أن العنصرية -خاصة الإسلاموفوبيا- تحمل ثمنا سياسيا فقط إن كان الضحايا يشغلون موقعا يعدون معه بشرا، كما رأينا ولو لفترة قصيرة في فضيحة Windrush، وبرفضهم المتكرر لحمل الإسلاموفوبيا محمل الجد فإن المحافظين يثبتون أنهم يفهمون هذه المشكلة بشكل جيد، وما دام المسلمون غير مرئيين، فلا حاجة لشيء أن يتغير".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)