مقالات مختارة

قراءة إسرائيلية جديدة للتأثير الروسي في المنطقة!

هاني حبيب
1300x600
1300x600

أأبدى عدد من المحللين الإسرائيليين استغرابهم من وقف القيادة الإسرائيلية لسياسة «الحرب ما بين الحروب» في المواجهة مع إيران على الأراضي السورية، دون أن تقدم بديلا عنها، وهي الحرب التي قادتها إسرائيل طوال السنوات الماضية بهدف منع نقل أسلحة إيرانية إلى حزب الله في لبنان، أو منع إيران وأتباعها من تعزيز قواتها على الأراضي السورية، ومنع نشاطات «إرهابية» معادية لها في المناطق الحدودية مع الجولان السوري المحتل، الأمر الذي أثار الجدل لدى أوساط الباحثين السياسيين في إسرائيل، عندما لاحظ هؤلاء أن هذه الحرب قد توقفت منذ أن التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو بالرئيس الروسي بوتين في الثالث والعشرين من آب الماضي في سوتشي، والربط بين هذا اللقاء ووقف سياسة الحرب بين الحروب، التي تقضي بقيام إسرائيل بضرب ما تدعي أنها قواعد أو مواقع عسكرية لإيران أو أتباعها على الأراضي السورية، بشكل منتظم بين وقت وآخر، على ضوء اتفاق مع روسيا التي تحتفظ بقوة عسكرية واسعة في الأراضي السورية. وقف هذه الحرب بنظر هؤلاء يعود إلى تفاهمات جديدة بين روسيا وإسرائيل تقضي بعودة موسكو عن سياسة الصمت عن هذه الحرب، مع استعداد روسي لوقف التمدد الإيراني على الأراضي السورية دون حاجة إلى إحراج روسيا بضرب إسرائيل لمواقع إيرانية على الأراضي السورية.


وقد لوحظ بالفعل، أننا لم نشهد منذ أكثر من شهرين، أي محاولة إسرائيلية لضرب أهداف إيرانية على الأراضي السورية، رغم أن إسرائيل عمدت إلى عدم الإعلان عن مسؤوليتها عن هذه الضربات، إلا في الأسابيع الأخيرة من هذه الحرب، عندما أعلن نتنياهو عن مسؤولية الاحتلال عن هذه الضربات، لدوافع انتخابية، بعد ذلك توقفت هذه الحرب التي سادت سياسة التعامل الإسرائيلية مع التمدد الإيراني على الأراضي السورية.


أصبحت روسيا، في وقت ما قادرةً على الانسحاب من تعهداتها بالصمت إزاء الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية، ويعود ذلك لأسباب عديدة، كلها تشير إلى ان روسيا باتت الأكثر تأثيرا نظرا للتراجع في التأثير الأمريكي في المنطقة، خاصةً في منطقتي الخليج وسوريا، كما نجحت روسيا في ملء الفراغ الناجم عن هذا التراجع، فرغم الاتفاق التركي مع أمريكا حول «المنطقة الآمنة» شمال سوريا، إلا أن هذا الاتفاق، رغم الخروقات لم يكن لينجح إلا بعد الاتفاق التركي مع روسيا في سوتشي، الأمر الذي أدى إلى تأكيد العديد من التحليلات حول عجز إدارة ترامب على الوفاء بالتزاماتها إزاء حلفائها، بينما روسيا الأكثر وفاء وصدقا في التعامل مع حلفائها وأصدقائها.


إلا أن الحديث من قبل عدد من الباحثين الإسرائيليين حول عدم وجود سياسة بديلة عن «الحرب ما بين الحروب» ليس دقيقا، إذ لاحظنا أن إسرائيل قامت مع بدء وقف هذه الحرب بسياسة بديلة تقضي بإثارة المزيد من التخويف من التمدد الإيراني في سوريا، بل في اليمن والعراق وحتى ليبيا، دون أن يلحظ أحد بالمقابل أن جملة التحركات الشعبية في لبنان والعراق، من شأنها تقييد التأثير الأمني والسياسي لطهران في هذه المنطقة الحساسة من العالم.

 

عن صحيفة الأيام الفلسطينية

0
التعليقات (0)