ملفات وتقارير

هل تؤثر أحداث لبنان والعراق على نفوذ إيران؟ مراقبون يجيبون

تساؤلات حول تأثر النفوذ الإيراني في لبنان والعراق بعد الاحتجاجات الشعبية- جيتي
تساؤلات حول تأثر النفوذ الإيراني في لبنان والعراق بعد الاحتجاجات الشعبية- جيتي

نزل اللبنانيون والعراقيون إلى الشوارع في احتجاجات شعبية ضد الفساد وتردي الخدمات، فضلا عن الحالة السياسية التي تنعكس سلبا على واقع البلدين، وتهدد سلمهما الاجتماعي.


وتجمع بين لبنان والعراق عوامل عدة حضرت في الاحتجاجات، أبرزها الحالة الطائفية، والحضور الكبير لتأثير أطراف خارجية على المشهد الداخلي، بكل تفاصيله.


وتزامن الحراك في البلدين مع ضغوط أمريكية كبيرة على إيران، اللاعب الإقليمي المهم في كل من هذين البلدين، بهدف الحد من دورها فيهما وفي المنطقة.


وفي هذا الإطار، تحدثت "عربي21" مع مجموعة من المراقبين والخبراء، حول ما إذا كان لموجات الغضب الشعبي في العراق ولبنان أي تأثير على نفوذ إيران في البلدين، والمنطقة عموما، وعن دور ذلك النفوذ بحد ذاته بخلق الأزمة.


محمود عثمان: الشعوب تعرف من يقف خلف الستار

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي، محمود عثمان، أن الشعوب العربية، ولا سيما في العراق ولبنان، "تعرف من يتحكم بالمشهد السياسي من خلف ستار"، في إشارة إلى أطراف محسوبة على طهران.


وأوضح "عثمان" أن جوهر الاحتجاجات في البلدين هو مناهضة "النموذج الإيراني"، مذكرا بأن طهران تمكنت من تحقيق نفوذ كبير في أربعة دول عربية، في إشارة إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، بتأثير كبير على كافة المستويات في كل منها.


وأضاف في حديثه ـ"عربي21" أن لبنان، كما العراق، يشهد قبضة قوية لذراع إيران(حزب الله)، مشيرا إلى أن تلك السيطرة تبلغ درجة التحكم بالقضاء والمؤسسات الأمنية والعسكرية، فضلا عن فرض الرأي على الحكومة.


وتابع أن النموذج الإيراني في النفوذ يشبه الاستعمار، ولكن بوجه وأدوات مختلفة، في إشارة إلى التحكم والسطوة وتجاوز مؤسسات الدولة وقوانينها في تمرير الأجندات. وفي المقابل، تطالب المظاهرات، بحسب عثمان، بتعزيز دولة القانون والمؤسسات، وهو ما يضر طهران وأذرعها بالضرورة.


عدنان زماني: التأثير لن يقتصر على إيران

 
بدوره، قال المختص بالشأن الإيراني، عدنان زماني، إن طهران "ستتأثر بكل تأكيد بما يجري في لبنان والعراق"، ولكن ذلك لن يقتصر عليها.

 

وأوضح "زماني" أن المعادلة السياسية في لبنان والعراق، والقائمة على أساس المحاصصة الفئوية، تعكس نفوذا كبيرا لجميع الأطراف الأساسية بالمنطقة، ومن ثم فإن تعرض تلك المعادلة لضربة ما يهدد مكتسبات جميع القوى الإقليمية بدون استثناء.


وقال لـ"عربي21": "أعتقد أن كثيرا من دول المنطقة، بما فيها إيران، قد تعيد حساباتها في التعاطي مع الأحداث الإقليمية، فالواضح أن المنطقة اليوم باتت تمر بمرحلة جديدة من التغيير والتحول، المُطالب بأنظمة وحكومات شعبية وطنية ديمقراطية".


وأضاف: "بعبارة أخرى قد تميل إيران ودول إقليمية إلى دعم مطالب الشعوب، والتقليص من تعويلها على الجماعات الموالية، بعد أن اتضح للجميع أن الشعوب لم تعد تنظر بإيجابية إلى كثير من الأطراف والتيارات المؤدلجة طائفيا ومذهبيا".


وتابع: "مع ذلك لا أعتقد أن هذه الأحداث سيكون لها تأثير سريع على نفوذ إيران في لبنان والعراق، لاسيما إذا تعاطت طهران بطريقة جديدة وذكية مع الأحداث،إذ إن حلفاءها في البلدين مؤثرون وأصحاب نفوذ قوي.. ولنكتفي بالحديث عن تأثير محدود، قد يؤدي إلى إعادة إيران والسعودية وغيرهما النظر في طرق التعامل مع الملفات الإقليمية".


محمد غازي الجمل: توظيف إيران للطائفية "مهدد"

 

أما الباحث والمحلل السياسي، محمد غازي الجمل، فيعتبر أن النفوذ الإيراني يتضرر بشدة جراء الاحتجاجات، موضحا أن السبب الأساسي يكمن في اعتماد ذلك النفوذ على الدعامة الطائفية، والتي باتت مهددة في العراق ولبنان.


وقال "الجمل" إن الطائفية تقسم المجتمعات عموديا، بينما تعيد الاحتجاجات تقسيم المجتمعات أفقيا، حيث يجتمع الفقراء والضعفاء والمحرومون والمقهورون، بشكل عابر للفئوية، ضد طبقة منتفعة تشكلت عبر استغلال الشعارات والعواطف.


وأضاف لـ"عربي21، في المقابل: "لا نتوهم أن النتائج قريبة، فلا شك أن الوصول لوعي كافٍ لإحداث تغيير حقيقي في مجتمعاتنا العربية يحتاج إلى الكثير من التجارب وإعادة بناء الثقة بين مختلف الفئات".


وتابع أن النفوذ الإيراني كان سلبيا على تلك المجتمعات، لأنه "يجند أقليات أو فئات لصالح مشروع توسعي، بعده الأساسي قومي، مع وجود بعد ديني، وهذا وضع غير صحي، فالمنطقة لها تاريخ مختلف وثقافتها الخاصة"، ميشيرا إلى أن ذلك لا يعني عدم وجود بعض الجوانب الإيجابية، من قبيل دعم طهران لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

صبحي ناظم توفيق: أمن قومي يمتد للبحر الأبيض المتوسط


الخبير الاستراتيجي العراقي، صبحي ناظم توفيق، يؤكد من جهته أن النفوذ الإيراني في البلدين كبير جدا، ولا يخف على أحد، مستشهدا بتصريحات المسؤولين الكبار في طهران، الذين يبررون ذلك بأن أمن البلاد القومي يمتد إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.


وأضاف أن ذلك الحرص على النفوذ يزداد كلما اقتربت الجغرافيا لحدود البلاد، في إشارة إلى العراق، ولدى وجود أقليات شيعية أو قلاقل استراتيجية كما حدث في حالتي الثورة السورية وظهور تنظيم الدولة، وهو ما نجحت طهران في التعاطي معه إلى حد كبير، بحسبه.


وتابع في حديثه لـ"عربي21" أن ذلك النفوذ يمكن رؤيته في العراق بشكل فاقع على مستويات مختلفة، مشيرا إلى أنه بلغ درجة فقدان بغداد سيطرتها على الحدود بين البلدين، بل إن قادة البلاد "يجرون زيارات إلى سفير طهران لدى بغداد في مسكنه، وهو ما لا يمكن رؤيته سوى في حالة التبعية للدول العظمى".


وأشار "توفيق" إلى أنه لا يمكن القول بأن إيران هي من تسببت بشكل مباشر في تدهور أوضاع البلدين، لا سيما العراق الذي يختزن الكثير من الثروات والقدرات البشرية، إلا أن الساسة الذي يتبعون طهران، هم من تسببوا بالمشهد الحالي، وهم من تطالب الاحتجاجات بسقوطهم، رغم كون أغلب المتظاهرين هم الآخرين من المكون الشيعي، وهو ما يعكس تعقد وتعمق الأزمة.


وأضاف أن تشكيل حكومات كفاءات وإنقاذ مصغرة، وتحصين القضاء لتمكينه من العمل على محاسبة الفاسدين، وتشكيل قوى أمنية مهنية، لا سيما في لبنان، فإن سطوة حزب الله ستتراجع، ومن ثم سيتأثر نفوذ إيران.


وتابع أن محاذير نشوب فوضى في العراق يتبعه تدخل دولي، كون البلاد ما تزال خاضعة للبند السادس، وتعمق الأزمة الاقتصادية في لبنان بما يدفع حزب الله إلى التراجع خطوات للوراء، يجعل طهران تحسب الأمور بحساسية أكبر، كونها تتعلق بأمنها القومي مباشرة.


طلال عتريسي: تراكم داخلي لا علاقة له بالخارج


في المقابل، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، طلال عتريسي، أن الأزمات الشعبية في العراق ولبنان تتشابه من حيث الاحتجاج على الفساد والبطالة وتردي الخدمات والهدر، لكن ذلك بعد داخلي ليس له علاقة بالخارج.

وأضاف لـ"عربي21": "بالنسبة للبنان تحديدا، يوجد تراكم للسياسات التي شكلت ضغوطا على الشارع، من قبيل زيادة الضرائب وخفض رواتب المتقاعدين، وفرض وزيادة تعرفات لخدمات مختلفة، وغياب مشروع لشركة كهرباء على مستوى البلاد، وهو تراكم ليس له علاقة مباشرة بنفوذ إيران أو السعودية أو الولايات المتحدة".


وتابع أن عاملا جديدا أضيف للمشهد، يتمثل بالضغوط المالية في إطار عقوبات واشنطن على طهران، ورغم ذلك فإن شعارات المتظاهرين في لبنان لم تتناول أي طرف خارجي. 


وأشار "عتريسي" إلى أن المشهد في العراق قد يكون مختلفا بعض الشيء، إذ أن أطرافا سياسية تعترض بشكل علني ومتكرر على العلاقة مع إيران، ما انعكس على الشعارات في الشارع، إلا أن البعد الداخلي ما يزال هو الأكثر حضورا".

التعليقات (1)
مواطن سوري
الثلاثاء، 22-10-2019 05:15 م
ايران منذ قيام ثورتها ضد الشاه وضعت هدفها تصدير الثورة إلى الدول العربية ورغم أنها بمسمى الإسلام إلا أن تعاملها مع الشعوب لايدل على تصرفات إسلامية بل على حقد نشأت عليه أجيال من منطلق طائفي بحت