صحافة دولية

بوليتيكو: هل يكافئ الناخبون ترامب على تحركاته في سوريا؟

بوليتيكو: 56% من الجمهوريين يدعمون قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا- جيتي
بوليتيكو: 56% من الجمهوريين يدعمون قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا- جيتي

نشرت مجلة "بوليتيكو" مقالا للكاتب ناحال توسي، يقول فيه إن الجمهوريين والديمقراطيين ينتقدون انسحاب الرئيس الأمريكي المتهور في سوريا، لكن الرئيس يراهن على أن أنصاره لن يهتموا بالأمر.

 

ويقول توسي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الرؤساء الأمريكيين عادة ما تمنوا تجاهل الشرق الأوسط ومشكلاته، إلا أن الرئيس دونالد ترامب تجاوز الأمنيات إلى توقع الناخبين لمكافأته على قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا، وهو القرار الذي خلق حالة فوضوية في شمال شرق سوريا، وأدى إلى شجب واسع له من أنصاره الجمهوريين وخصومه الديمقراطيين". 

 

ويجد الكاتب أن "مقامرة الرئيس ترامب تقوم على دعم أنصاره لنهجه القائم على (إلى الجحيم لهذه المنطقة المتقلبة من العالم)، وهو موقف فيه مخاطرة قد يأتي ليلاحق الرئيس في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، لكن الرئيس الذي يواجه فيضانا من الشجب قدم صورة عن رجل غير نادم على قراره". 

 

وينقل توسي عن ترامب، قوله في تغريدة: "البعض يريد القتال إلى جانب هذا الطرف أو ذاك، دعهم"، وقال: "نحن نراقب الوضع عن كثب، حروب لا نهائية". 

 

ويشير الكاتب إلى أن هذه التغريدات جاءت بعد أن أعطى ترامب الضوء الأخضر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مكالمة بينهما يوم السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، للهجوم على المناطق الكردية، ما دفع قوات الحماية الكردية لفتح الباب أمام قوات النظام السوري للدخول إلى البلدات التي تسيطر عليها، لافتا إلى أن هناك تقارير أشارت إلى هروب عدد من سجناء تنظيم الدولة من المعتقلات التي يديرها الأكراد

 

ويقول توسي إن الجمهوريين كانوا لاذعين في تقييمهم لما حدث من انحراف في السياسة الخارجية الأمريكية، ووصفوا هذا التحرك بأنه "مثير للمرض" و"كارثة"، فيما حذره المدافعون الأشداء عنه، مثل السيناتور عن نورث كارولينا ليندزي غراهام، وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، من أنه تنازل لتركيا، وخان الأكراد، وخلق فراغا في السلطة سارعت روسيا لملئه، وستحاول بقايا تنظيم الدولة الاستفادة منه أيضا. 

 

ويفيد الكاتب بأن في محاولة منه لتصحيح خطئه، فإنه قام يوم الاثنين بفرض عقوبات على تركيا؛ لردعها عن مواصلة عمليتها، والتأثير على المكاسب ضد تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن العقوبات استهدفت وزير الدفاع والطاقة والداخلية، وشملت على رفع قيمة التعرفة الجمركية على الفولاذ التركي.  

 

ويلفت توسي إلى أن ترامب يواجه وضعا في الشرق الأوسط يزداد فيه التوتر بين إيران والسعودية، وتعرضت فيه ناقلات النفط في الخليج لضربات، فيما تتواصل الحرب في اليمن، التي خلفت ما تقول الأمم المتحدة إنها أكبر كارثة إنسانية في العالم، مشيرا إلى أنه حتى إسرائيل، التي يتباهى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بعلاقته مع ترامب، باتت قلقة من سياسات الرئيس. 

 

وينوه الكاتب إلى أن "ترامب فشل في مفاوضاته مع حركة طالبان، وحل المسألة الأفغانية، فسياسة خارجية تقوم على فلسفة (دعهم) فيما يتعلق بالشرق الأوسط هي صورة عن التعلل بالأماني، لكنها مجرد تخلي عن المسؤولية بالنسبة لرئيس يواجه محاكمة في الكونغرس".

 

ويفيد توسي بأنه "عندما كان من سبقوه يترددون فإنهم يستسلمون ويضطرون للتعامل مع الشرق الأوسط، الذي يعد المصدر الرئيسي للنفط، الذي يعد المحرك للاقتصاد العالمي، وكذلك مصدر الإرهابيين الذين نفذوا هجمات 11/ 9، فقد وعد باراك أوباما من قبل بخروج القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وفاز في عام 2008 بناء على هذه البطاقة ليزيد عدد القوات بعد وصوله إلى البيت الأبيض". 

 

ويستدرك الكاتب بأن "ترامب ليس مهتما على ما يبدو بالتداعيات العالمية لقراراته، وهو ليس مستعدا على ما يبدو للالتزام بمفاهيم النخبة داخل الحزب الجمهوري، فتغريداته تعكس الكثير عن مواقفه وطريقته في إدارة الأمور، فقال في تغريدة له يوم الاثنين: (أي شخص يريد مساعدة سوريا في حماية الأكراد هذا أمر جيد بالنسبة لي، سواء كانت روسيا أم الصين أو حتى نابليون بونابرت)". 

 

ويعلق توسي قائلا إن "ترامب قد يكون محقا، فاستطلاع (بوليتيكو – مورنينغ كوسلت) يكشف عن أن 56% من الجمهوريين يدعمون قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، مقارنة مع نسبة 60% من الديمقراطيين الذين يعارضونه". 

 

وينقل الكاتب عن المحلل في شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا، والي ناصر، قوله: "هناك منطق عميق لرسالته.. لكن هذا المبرر مرعب لأنه يفعل الكثير من الأمور في وقت واحد". 

 

ويؤكد توسي أنه "سيكون لقرار ترامب الخروج من شمال شرق سوريا حضور في نقاشات الحزب الجمهوري، بالرغم من أن موقفه وجد صدى بين المرشحين المحتملين، مثل تولسي غابارد وإليزابيث وارن وبيرني ساندرز، ممن لا يريدون تورطا جديدا في نزاعات الشرق الأوسط".  

 

ويستدرك الكاتب بأن "ترامب لم يكن متوازنا في قراراته، فمع أنه ترك الجنود الأمريكيين يغادرون قواعدهم دون تنظيم من سوريا، فغنه كان يرسل آلافا آخرين لحماية السعودية من خطر إيران". 

 

ويقول توسي: "مثل غيره من الرؤساء، قد يجد ترامب سهولة للقول إنه أخرج القوات الأمريكية من حروب الشرق الأوسط السخيفة، لكنه سيضطر، مثل أوباما، للتدخل في حال أعاد تنظيم الدولة نفسه، وسيطر على مناطق جديدة". 

 

ويجد الكاتب أنه "في الوقت الذي هدد فيه تركيا بأنه سيعاقبها إن هددت أي مكسب ضد تنظيم الدولة، إلا أنه تباهى بالقول إن سجناء التنظيم أصبحوا الآن مسؤولية تركيا وأوروبا، بل أشار ترامب إلى أن الأكراد قد يحاولون إطلاق سراح بعض المقاتلين الذين يسهل على تركيا أو الدول الأوروبية القبض عليهم". 

 

ويقول توسي إنه "مع أن ترامب ليس قارئا جيدا للتاريخ، إلا أن حدسه يقوم على أسس جيدة، فالرؤساء الذين سبقوه تورطوا كلهم في الشرق الاوسط ولم يساعدهم هذا التورط سياسيا، فجيمي كارتر، الذي كان عراب اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، خسر الانتخابات بسبب المحاولة الفاشلة لإنقاذ الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، وواجه رونالد ريغان عملية المارينز في بيروت، وفضيحة إيران- كونترا، لكنه حصل على تقدير بسبب ضعف الاتحاد السوفييتي السابق، الذي أدى إلى صعود حركة طالبان وتنظيم القاعدة". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "جورج هيربرت بوش نال الثناء على إخراج صدام حسين من الكويت، إلا أن وضع القوات الأمريكية في السعودية أدى لاحقا إلى هجمات تنظيم القاعدة، ولم يساعده النصر على صدام للفوز مرة ثانية في الانتخابات، وحاول بيل كلينتون حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنه فشل، كما فشل في القبض على ابن لادن، واستنزف جورج دبليو بوش جهوده في محاربة تنظيم القاعدة، والحربين في أفغانستان والعراق". 

 

ويستدرك توسي بأن "باراك أوباما يعد مشابها لترامب عندما يتعلق بالخوف من الشرق الأوسط، فقد تعهد أوباما بوقف الحروب الغبية في الشرق الأوسط، وتفكيك العلاقة معه، والتركيز على الصين، لكنه غادر البيت الأبيض وهناك الآلاف من الجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان، ولم يكن أوباما منسجما أيضا، فقد تدخل في ليبيا، لكنه تردد في سوريا، حتى بعد استخدام نظام الأسد السلاح الكيماوي، الخط الأحمر الذي رسمه". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "في الوقت الحالي لا يوجد ما يشير إلى أن المقامرة في سوريا ستضعف موقف ترامب ودعمه بين الجمهوريين الذين يريدون حمايته من المحاكمة، ولم يهاجمه أعضاء الكونغرس بالاسم بسبب قراره، وقد يكون قراره مفيدا للديمقراطيين الذين يحاولون هزيمته، والشخص الوحيد الذي يعرف بسوريا هو جوزيف بايدن، نائب الرئيس أوباما، واكتفى بايدن وبقية المرشحين المحتملين باتهام ترامب بخيانة الأكراد".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)