اقتصاد عربي

متغيرات بأرامكو تثير مخاوف الأسواق.. هل تؤثر على الاكتتاب؟

خبراء: لجوء أرامكو للاقتراض ومضاعفة حصة الطرح مؤشر لحاجة المملكة الكبيرة إلى السيولة- جيتي
خبراء: لجوء أرامكو للاقتراض ومضاعفة حصة الطرح مؤشر لحاجة المملكة الكبيرة إلى السيولة- جيتي

كشفت مصادر سعودية، عن وجود متغيرات جديدة داخل شركة "أرامكو" السعودية، على خلفية الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها عملاق النفط السعودي في 14 أيلول/ سبتمبر الجاري، وتبنتها جماعة الحوثي في اليمن، ما تسبب بتعطيل صادرات النفط وإنتاجه.


وقالت المصادر لوكالة "رويترز"، إن شركة النفط الحكومية السعودية، تتجه إلى اقتراض أكثر من مليار دولار، وطلبت من عدة بنوك تقديم مقترحات بشأن القرض لتمويل مشروع.


ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن مصادر قولها إن المسؤولين السعوديين يناقشون حاليا زيادة الحصة المقرر طرحها من أسهم "أرامكو" للاكتتاب العام من 5 بالمئة إلى 10 بالمئة، وسط تساؤلات في الأوساط الاستثمارية عن انعكاس تلك المتغيرات داخل "أرامكو" على مستقبل الشركة ومصير عملية الطرح.

 

اقرأ أيضا: تراجع حاد لصادرات الخام السعودي بعد 10 أيام على هجوم أرامكو

ووصف المحلل المالي، عبد الله الخاطر، المتغيرات التي تشهدها شركة "أرامكو" بـ"السلبية"، مؤكدا أن هذه المتغيرات تدفع بعملاق النفط السعودي إلى مصير مجهول، خاصة في ظل طغيان الجانب السياسي على الجانب الاقتصادي والمالي داخل الشركة.


وقال الخاطر في حديث خاص لـ "عربي21"، إن "أرامكو" تسارع للحصول على القرض قبل توقعات بتخفيض جدارتها الائتمانية من قبل وكالات التصنيف الائتماني، على خلفية زيادة المخاطر وارتفاع تكلفة الاستدانة بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها الشركة.


"زيادة المخاطر"


وأضاف: "زيادة المخاطر في منطقة مياه الخليج عامة وأرامكو خاصة، دفعت العديد من المستثمرين إلى طرح تساؤلات كثيرة حول مصير الطرح الأولي لأرامكو، وهو ما قد يحد من جاذبية المستثمرين في الأسواق العالمية لعملية الطرح".


وكشف الخاطر عن وجود ضغوط من الحكومة السعودية على مستثمرين محللين من الداخل (رجال أعمال سعوديين)، لإجبارهم على شراء أسهم أرامكو عند طرح جزء منها في السوق المحلي، مشيرا إلى وجود تدن ملحوظ في إيرادات الشركة خلال الفترة الماضية، فضلا عن اتجاهها لشراء منتجات بترولية لتغطية العجز الناتج عن توقف الإنتاج، إلى جانب ارتفاع تكلفة الصيانة بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها.

 

والطرح العام الأولي لأرامكو، يعد أبرز "إصلاحات" ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفق تعبيره، وما يروج له، لا سيما أنه يروج لسعيه إلى تنويع موارد الاقتصاد بدلا من الاعتماد على النفط عبر جذب رأس المال الأجنبي.

 

اقرأ أيضا: فايننشال تايمز: محمد بن سلمان يخاطر بتدمير خططه الإصلاحية

 

وأكد المحلل المالي، أن ما يحدث من متغيرات داخل شركة "أرامكو" يخلق حالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين، وهو ما يؤثر سلبا على عملية الطرح، سواء ما يتعلق بإقبال المستثمرين أو على عملية تقييم الشركة والإيرادات المستهدفة من الطرح.


وأوضح أن رفع نسبة الطرح من 5 إلى 10 بالمئة، يعد مؤشرا لحاجة المملكة الكبيرة إلى السيولة لتغطية العجز الناتج عن المخاطر التي تتعرض لها الشركة، إلى جانب تغطية عجز الموازنة العامة للمملكة، فضلا عن أنه مؤشر أيضا على ضعف تقييم سعر الطرح، وهو ما دفعه إلى زيادة حصة الطرح لسد العجز.


وأردف: "مضاعفة الطرح الأولي قد يكون غير إيجابي لعملية الطرح، خاصة أن الظروف غير مواتية لنجاح طرح 5 بالمئة فكيف إذا تم رفع حصة الطرح إلى 10 بالمئة؟"، لافتا إلى أن "زيادة حصة الطرح تدفع باتجاه عدم الثقة، وكان الأولى أن يقيم حجم الإقبال وحجم الطلب على طرح الـ5 بالمئة، ثم يشرع في الزيادة لاحقا إذا نجح الطرح الأولي".


ولفت الخاطر إلى أن هذه الإجراءات والمتغيرات، في اللحظات الحرجة قبل عملية الطرح الأولي، تثير التساؤلات بين المستثمرين، وتفتح الباب أمام عملية الطرح إلى المجهول، فضلا عن أنها تضيف إلى المخاطر التي تتعرض لها الشركة، وتشعر المستثمر بوجود ضعف، وتراجع، واحتمالات سلبية، وهو ما قد يضعف الإقبال على الطرح الأولي.

 

اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي: فريق دولي سيقدم تقريرا بشأن الهجمات على أرامكو

"ضائقة مالية"


وأشار الخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها "أرامكو" للاقتراض من الخارج، لافتا إلى أن الشركة كانت قد استحوذت على 70 بالمائة من شركة "سابك" واضطرت للاقتراض من مصادر خارجية.


وقال إسماعيل، في تصريحات لـ"عربي21": "لكن من غير الواضح أن القرض الجديد هو فعلا لتمويل مشاريع جديدة أم للانفاق على تصليح وتأهيل المرافق النفطية التي تعرضت للضرر في البقيق والخريص بعد هجمات الحوثي، معتبرا أن اتجاه "أرامكو" يشير إلى أن الشركة تمر بضائقة مالية قد تكون "مؤقتة".


وأكد الخبير في شؤون النفط والطاقة أن "أرامكو" تعاني من نقص في الإيرادات بسبب تراجع الإنتاج والتصدير رغم التطمينات السعودية بأن الإنتاج سيعود خلال أيام أو بحلول نهاية الشهر الجاري، وهذا يتناقض مع تقارير "وول ستريت جورنال"، التي رجحت أن  تستمر عملية إعادة البناء وعودة الإنتاج لمستويات ما قبل استهداف المرافق النفطية ومجمعات المعالجة، عدة شهور.


وأوضح إسماعيل أن طرح 10 بالمئة من أسهم أرامكو في الأسواق العالمية، ليس أمرا سهلا بسبب الشروط القاسية المفروضة على طرح بهذا الحجم، خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي زعزعت أركان الشركة وضربت قلب الصناعة النفطية، وأدى إلى خسائر فادحة.


وأضاف: "من الصعب عدم الربط بين الهجمات الأخيرة، والمتغيرات التي تحدث داخل أرامكو سواء بالاتجاه نحو الاقتراض أو دراسة زيادة طرح الأسهم، لتعويض الخسائر وبناء منشآت بعيدة عن مدى الصواريخ والطائرات المسيرة".

 

إقرأ أيضا: إقالة وزير الطاقة السعودي وتعيين نجل الملك بدلا منه

 

"غضب ابن سلمان"

 

وفي وقت سابق، كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي21"، أن السبب الحقيقي وراء إقالة وزير الطاقة السعودي خالد الفالح من منصبه، هو تحذيره لاين سلمان من فكرة طرح أسهم "أرامكو" للاكتتاب.

وأشارت المصادر، إلى أن اللقاء والتحذير أثار غضب ولي العهد محمد بن سلمان، بسبب تجاوزه له، الأمر الذي دفعه للمسارعة إلى إقالته من منصبه.

وكان العاهل السعودي أصدر قرارا في السابع من أيلول/سبتمبر بإعفاء وزير الطاقة خالد الفالح من منصبه، وتعيين نجله الأمير عبدالعزيز بن سلمان بدلا منه.

وجاء إعفاء الفالح (59 عاما) من منصبه بعد أيام من تقليص صلاحياته عبر أمر ملكي آخر، استحدث وزارة جديدة باسم الصناعة والموارد المعدنية وفصلها عن وزارة الطاقة.

وأعلنت شركة أرامكو في حينه أن الفالح، لم يعد عضوا في مجلس إدارتها.

وكان الفالح -أحد مهندسي خطة تنويع الاقتصاد السعودي - يشرف على أكثر من نصف الاقتصاد السعودي من خلال وزارته الضخمة التي أُنشئت عام 2016 للمساعدة على تسهيل إصلاحات جديدة.

 

التعليقات (0)