ملفات وتقارير

توقعات بزيادة القمع والمواجهات مع عام جامعي مصري جديد

كان للجامعات المصرية في ثورة يناير دور رئيس وهام- تويتر
كان للجامعات المصرية في ثورة يناير دور رئيس وهام- تويتر

بدأ العام الدراسي في الجامعات المصرية السبت، وسط أزمات طلابية عديدة ومشاكل مزمنة، مع توقعات لزيادة حالة القمع والبطش الأمني، ومنع العمل والنشاط والحراك الطلابي، وتجريم التعبير عن الرأي.
 
وفي مصر 27 جامعة و8 كليات تكنولوجية و45 معهدا متوسطا حكوميا، وفضلا عن جامعة الأزهر، لديها 29 جامعة و167 معهدا عاليا وأكاديميات خاصة، و13 معهد متوسطا خاصا، ونحو ثلاثة ملايين طالبا، حسب تصريح لوزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، في حزيران/ يونيو 2019.

"تخضع الجامعات المصرية لسيطرة الأمن بداية من اختيارات العمداء ورؤساء الجامعات وحتى تنفيذ التوجيهات الأمنية وإلزام الإدارات بها"، وذلك وفق ما قاله أستاذ جامعي لـ"عربي21"، متوقعا أن يحمل العام الجديد تحديات ضخمة للطلاب والأساتذة مع النظام.

 

اقرأ أيضا: "انتفاضة سبتمبر".. الإفراج عن العشرات واحتجاز آخرين بمصر
 
وعلى الرغم من إقرار قانون انتخاب عمداء الجامعات إبان ثورة يناير 2011، أقر رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بعد أسبوعين من توليه السلطة عام 2014، قانون تعيين العمداء ورؤساء الجامعات بقرار منه.
 
وبداية كل عام دراسي تعلن وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات الحرب على العمل السياسي بالحرم الجامعي، وتتوالى التصريحات المحذرة للطلاب من الانخراط بهذا الأمر.
 
وبداية العام 2015، أصدر السيسي، قرارا بقانون يقر عزل أعضاء هيئة التدريس للمشاركة والتحريض على أعمال العنف والشغب بالجامعات.
 
كما أصدر قانونا يوقع عقوبة الفصل لكل طالب يرتكب أفعالا تخريبية تضر بالعملية التعليمية والمنشآت الجامعية، أو يدخل أسلحة وذخائر، أو يعطل الدراسة والامتحانات، أو يحرض الطلاب على العنف.
 
وأيضا، حظرت لائحة طلابية أقرها السيسي، سنة 2017، الشعارات الدينية والسياسية بالانتخابات الجامعية، ومنعت ترشيح الطلاب المنتمين للأحزاب السياسية والجماعات الإرهابية.
 
ماذا يقول الطلاب؟


وحول معاناتهم يقول "عاصم"، الطالب بجامعة الزقازيق: "لم نسمع بالأنشطة الطلابية؛ منذ دخلنا الجامعة عام 2016، ولم تكن هناك انتخابات لاتحادت الطلبة وعندما سمح بها الأمن كانت حكرا على من يختارهم، وحرمنا المشاركة بعد تهديدنا بالاعتقال".

وتساءل "بكر"، الطالب بجامعة الأزهر: "كيف أشارك بعمل طلابي وأعرض نفسي للاعتقال؟"، مشيرا إلى أنه نجا منه أثناء امتحانات نصف العام بشهر كانون الثاني/ يناير 2019، عندما اقتحم الأمن شقة يسكن بها وزملاؤه بالقاهرة، واعتقال 4 منهم، حكم عليهم بالسجن 3 سنوات بتهم التظاهر.

وأضاف: "قبل شهر اعتقل زميلي الطالب بكلية الهندسة معاذ، من منزله هو وأبوه، بدعوى تصويره قوات الأمن خلال صلاة العيد".

وأوضح أن "الحديث بالشأن العام وانتقاد النظام وإقامة فاعليات وأنشطة والحديث للطلاب بالحرم الجامعي؛ يعني الانتحار"، مؤكدا أنه "زمن انتهى من الجامعة وكي يعود يحتاج تضحيات كبيرة".

من جانبها، أشارت رحمة الطالبة بجامعة بنها، لسوء معاملة الأساتذة لهم والتي تصل ببعض الأحيان للسب والشتم والتهديد بالحرمان من درجات الأبحاث والعملي، بجانب عدم توفير الإمكانيات داخل الكليات وخاصة العملية، ما يدفع الطلاب للجوء إلى مراكز تعلم وأبحاث تكلفهم أموالا فوق طاقتهم.

"وعاء أمن لا معين علم"

من جانبه قال الأكاديمي المصري الدكتور أحمد رشاد، لـ"عربي21"، إن "القبضة الأمنية قوية جدا على طلاب الجامعة كونهم الأقوى تجمعا والأكثر همة وشجاعة"، مؤكدا أن "العملية التعليمية بمصر؛ وعاء أمن بامتياز وليس محضن تربية ومعين علم".

المدير العام الأسبق لكلية التربية جامعة "بني سويف"، أوضح أن "الأمن يرفض ترشح المخلصين للانتخابات الطلابية، والتحدث بالمسجد، والمدرجات، وتقديم المساعدات العلمية لزملائهم كالملازم المخفضة وشرح الدروس العملية بأقراص مدمجة".

 

اقرأ أيضا: حزب مصري يدعو للاحتشاد في ميدان التحرير الثلاثاء المقبل


وأكد رشاد، أن "الأمن يعلم أن صوت الطلاب مرتفع ويمتلكون مفاتيح التغيير؛ لذلك يحرمونهم من حقوقهم السياسية بالجامعة، ووصل الأمر لاعتقال الآلاف منهم"، مشيرا لـ"تجنيد معظم الطلاب على زملائهم ليراقبوا تحركاتهم ويبلغونها للأمن".

وعن معاناة عضو هيئة التدريس، قال الأكاديمي المصري: "يعلم الأساتذة أن أكثر من عين تراقب أفعاله وسكناته وأنفاسه؛ فلا يستطيع أن يتحدث إلا بما يملى عليه من الأمن، وإلا تعرض للوم ثم الإبعاد عن المناصب الإدارية مرورا بعدم ترقيته العلمية؛ وبالتالي يخرج جيل مهزوز مهزوم لا يعرف حقوقه".

إلى مزيد من القمع

وفي رؤيته لشكل العام الطلابي الجديد، يعتقد الحقوقي المصري محمد زارع، أنه "سيكون شبيها بدرجة كبيرة بالأعوام السابقة؛ فنفس النظام يحكم بنفس العقلية والبطش والكبت والسيطرة على الأوضاع بمزيد من الإجراءات".

وتوقع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي بحديثه لـ"عربي21"، أن يحدث "الحراك الشعبي الجديد انخراطا طلابيا وبالتالي مزيدا من العنف من قبل الدولة التي تدير بكيفية وطريقة نجحت بإبعاد الطلاب وإلهائهم بالمشاكل حتى لا يشاركوا بالعمل العام".

واستبعد رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن يكون لدى النظام "أفكار جديدة لتغيير المعاملة والاقتراب من الطلاب وفتح مساحات حوار"، مشيرا أيضا إلى أن "الحراك الشعبي سيدفع شباب الجامعات والمدارس للمشاركة بصناعة الأحداث".

ويتصور أن الحراك "سيدفع الشباب لاتخاذ موقف من النظام، ولكن على الضفة الثانية بما تمثله من أجهزة تعليمية وأمنية وإدارية ستحاول من اللحظة الأولى إلهاء الطلاب، ولكنهم لن يستطيعوا السيطرة عليهم جميعا بسهولة".

ويرى زارع، أن "كثيرين مقتنعون بضرورة تغير النظام الذي قد لا يحدث بالكامل لعدم وجود البديل الثوري وهو ما لن يرضي طموح الطلاب وسيزيد حالة الاستنفار لديهم"، متوقعا "تصاعد حدة المواجهات مع الإدارات الجامعية والأجهزة الأمنية".

وأكد أن هذا يسري أيضا على الأكاديميين وأساتذة الجامعات الذين لا يمارسون العمل العام والأنشطة الجامعية وسط الضغوط الأمنية ورصدهم ومتابعتهم، مبينا أن "العام الجديد سيحمل تحديات ضخمة للطلاب والأساتذة مع الإدارة والأمن".

التعليقات (0)