مقالات مختارة

الجنوب السوري ينتفض مجددا

أحمد موفق زيدان
1300x600
1300x600

أعادت الأحداث الأخيرة التي تفجّرت في الجنوب السوري الاهتمام لمهد الثورة درعا وما حولها، فبعد أن خال الاحتلال وذيله أن الجنوب خارج معادلة الثورة السورية، وبالتالي فهو قادر على التفرغ إلى الشمال المحرر، بل واستخدام بعض المتصالحين والمستسلمين من قادة الثورة السابقين، كوقود للعمليات العسكرية الجارية في الشمال بضمهم ودفعهم للقتال في صفوف النظام السوري، تعود الثورة ومعها التمرد من جديد للجنوب السوري المحرر، وهو ما أربك الحسابات الأسدية والروسية، خصوصا في ظل المعادلة الجنوبية المعقدة بين الروس والإيرانيين والنظام، ومن خلف ذلك كله الحسابات الإسرائيلية، حسابات قد تكون متناقضة فيما بينها، وبالتالي فثمة أكثر من رأس يقود العملية هناك، وربما في سوريا كلها، مما يفقدها الانسجام والتناغم.

كانت فكرة الروس أن يتم استسلام الشمال السوري مقابل تشكيل الفيلق الخامس من جنود المصالحات وقادة الثورة سابقا، على أن يكون هذا الجيش تابعا للروس، مع إبعاد النفوذ الإيراني عن المنطقة، ولكن الخلافات بين الطرفين، والتي انعكست على سعيهما لفرض رجالهما على قيادة العمل في الجنوب، دفع إلى تفجير الوضع بينهما، فألقى بظلاله على الوضع الأمني، خصوصا أن عرّاب التصالح والاستسلام، وهو الإمارات، لم يعد فاعلا وشريكا حقيقيا في المعادلة الجنوبية بعد انشغاله في مشاكله وقضاياه وانسحابه من اليمن.

لجوء الطرفين الروسي وحليفه بشكل خفي إلى تصفيات سياسية وعسكرية ربما ضد رجالهما في الجنوب، خلق وضعا مساندا لقوى ثورية جديدة، آثرت على نفسها رفض المعادلة الجنوبية القاضية باستسلام الثورة، فبدأت مبكرا العمليات العسكرية، مستهدفة اغتيال رجال المصالحات وكبارها، فضلا عن عمليات عسكرية ضد الأمن العسكري الذي استأنف مهماته في القبض على الثوريين السابقين، فأعمل فيهم التعذيب والقتل، ومات منهم الكثير تحت التعذيب، وهو ما أثار من جديد حوران التي كانت تنتظر عوضا عن ذلك إطلاق سراح أبنائها الذين وُعدوا بالإفراج عنهم أيام المصالحات، ولكن كانت النتيجة اعتقالات وموتا تحت التعذيب لثوار جدد، ومدنيين آخرين، فضلا عن جرّ الكثير من المستسلمين والمتصالحين إلى محرقة الشمال السوري، فمات منهم البعض دون رغبة بالقتال.

فشل الاستراتيجية الروسية الأخيرة في تشكيل الفيلق الخامس بالجنوب، مع إطالة الاستنزاف بحق الروس والنظام السوري في الشمال السوري المحرر قد يؤدي بنظر كثير من الدراسات العسكرية والاستراتيجية إلى خروج حوران عن السيطرة، وقد حذّرت دراسات غربية، وتحديدا أميركية، من ذلك، لا سيما في ظل الاستهداف شبه اليومي لمراكز الأمن وقادة المصالحات من قبل ثوار درعا، ترافق ذلك مع تحرك الحاضنة الاجتماعية عبر الكتابات على الجدران، ورفع الصوت ضد النظام الذي لم يقدم للمناطق الجنوبية المنكوبة أية خدمات تشعرهم بالفرق بين حياتهم السابقة واللاحقة، فعقلية وسياسة التعامل الفوقية لا تزال هي المسيطرة على النظام في التعاطي مع الأهالي.

عن صحيفة العرب القطرية

1
التعليقات (1)
درعاوي
الجمعة، 16-08-2019 10:46 ص
إذا انتفض الجنوب من دون استخلاص العبر من الانتفاضة السابقة فكأنك يا أبا زيد ما غزيت . أهم عبرة هي عدم التواصل مع تلك الدولة الكبرى التي كانت و لا تزال عدواً لدوداً لأمتنا فلقد رأى ثوار حوران و من قبلهم ثوار الغوطة الشرقية كيف تركتهم لمصيرهم عندما أتت روسيا و مليشيات إيران لتقوم بالعمل القذر نيابة عنها . العبرة الثانية أن قيادات ثوار المنطقتين ارتبطوا بأربع أنظمة عربية من دون إدراك أن هذه الأنظمة لها علاقات حميمة مع عصابة (و لا أقول نظام) بشار و لذلك لعبت هذه الأنظمة دوراً أساسياً في تسليم المنطقتين بكامل عتادهما و خاصة من خلال الخونة (خ.م) و (أ. ع) مع ضفادع آخرين. هذا العتاد ، الذي كان كافياً لتحرير دمشق و إزالة العصابة منها نهائياً ، يجري استعماله حالياً في ريفي إدلب و حماة ضد إخوتنا و أخواتنا المدنيين بشكل خاص . فيا ويل كل من خان و تخاذل و فرَط في يوم الحساب العظيم عند رب العالمين حيث من الواضح أن القاتل مدان و كذلك من أعطاه أداة القتل . إذا كانت الانتفاضة الثانية لحوران خالصة لوجه الله تعالى و في سبيل الذود عن المستضعفين ، كما أمر الله، فستكون منصورة بعون الله و لو تكالبت على الثوار كل خنازير و حثالات الدنيا.