ملفات وتقارير

ما دلالات الهجمات المتزايدة ضد "النظام " وروسيا بدرعا؟

كانت جهات عدة قد وجهت أصابع الاتهام إلى "المقاومة الشعبية" لكن الأخيرة نفت- جيتي
كانت جهات عدة قد وجهت أصابع الاتهام إلى "المقاومة الشعبية" لكن الأخيرة نفت- جيتي

تسبب تزايد العمليات الهجومية ضد قوات النظام السوري والشرطة العسكرية الروسية في محافظة درعا (جنوبا)، في إعلان حالة من الاستنفار الأمني والعسكري في المنطقة.

ولا تكاد تهدأ العمليات الهجومية التي تتم بالعبوات الناسفة غالبا، إلا لتعود من جديد، مستهدفة آليات وحواجز عسكرية تابعة للنظام، لتتصدر بذلك المشهد في الجنوب السوري.

وفي تفاصيل آخر عملية هجومية، أكدت مصادر إعلامية موالية للنظام، الأربعاء، مقتل العقيد نضال سليمان نبواني، وزوجته وابنه، جراء استهداف السيارة التي كانوا يستقلونها بعبوة ناسفة في ريف درعا الغربي بمنطقة "الشيخ سعد".

وقبلها بساعات قليلة، تعرضت حافلة عسكرية تابعة للنظام السوري، كانت تُقل عددا من الضباط والجنود، إلى هجوم آخر بعبوة ناسفة، قرب مدينة درعا.

وأسفرت العملية التي وقعت على طريق درعا الغربي بين بلدة المفطرة وبلدة اليادودة، عن مقتل 5 ضباط من "الفرقة الرابعة" التي يقودها ماهر شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، والمرتبطة بإيران.

المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد، الخميس ارتفاع  عدد القتلى جراء انفجار العبوة الناسفة التي استهدفت الحافلة العسكرية إلى 6 على الأقل، فضلا عن تسبب التفجير بسقوط أكثر من 15 جريحا بعضهم في حالات خطرة.

من جانبها اتهمت وكالة أنباء النظام السوري (سانا) من وصفتهم بـ"الإرهابيين" باستهداف الحافلة العسكرية في مدينة درعا.

بدوره، عدّ الناطق باسم "تجمع أحرار حوران"، أبو محمود الحوراني، أن الهجمات هذه تأتي في إطار الصراع الإيراني-الروسي على النفوذ في الجنوب السوري.

ولفت في حديثه لـ"عربي21" إلى استهداف دورية تابعة للشرطة العسكرية الروسية، كانت متوجهة نحو مدينة "بصرى الشام" معقل "الفيلق الخامس"، مطلع الأسبوع الحالي. 

 

اقرا أيضا : 5 قتلى للنظام السوري بتفجيرين في درعا


ومثل الحوراني، لم يستبعد الصحفي عقبة محمد، من درعا، خلال حديثه لـ"عربي21"، أن تكون روسيا وراء التفجيرات التي استهدفت الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد والمرتبطة بإيران، وذلك ردا على استهداف الدورية الروسية.

وبالمقابل، قال محمد: "قد يكون النظام هو من دبر هذا التفجير، وذلك لشرعنة دخول المناطق التي لم يدخلها للآن، بحجة أنها مناطق غير آمنة".

استهداف للروس

وبدأت وتيرة الهجمات الأخيرة تتصاعد منذ صبيحة يوم السبت 13حزيران/ يونيو الجاري، حيث استهدفت عبوة ناسفة من الحجم الكبير، زرعها مجهولون دورية للشرطة العسكرية الروسية، أثناء مرورها على الطريق الواصل بين بلدة "السهوة" و مدينة "بصرى الشام" من دون وجود معلومات عن مدى الخسائر التي لحقت بالدورية.

ورغم عدم تبني الهجوم الذي وقع في المنطقة التي تفصل مناطق سيطرة النظام السوري عن مناطق سيطرة "الفيلق الخامس" المُشكل روسيا ما بعد اتفاق الجنوب، من أي جهة، سارعت روسيا إلى اتهام مجموعات مسلحة بالمسؤولية، في رواية متطابقة مع تصريحات النظام السوري.

وعُدت الحادثة التي استهدفت جنودا روس، بالأولى من نوعها منذ توقيع اتفاق الجنوب السوري بين النظام السوري و "فصائل التسوية"، في تموز/ يوليو 2018.


اقرا أيضا :  روسيا تمدد مهلة التسوية بالجنوب السوري مجددا.. لصالح من؟


يذكر أنه وفق اتفاق الجنوب السوري الموقع في الصيف الماضي، تنقسم درعا أمنياً إلى قسمين، الأولى تلك التي سيطرت عليها قوات النظام بالقتال في ريف درعا الشرقي في بداية الحملة العسكرية في حزيران/ يونيو 2018.

 

وهذه المناطق جردتها قوات النظام من جميع أنواع الأسلحة، فيما تشكل المناطق التي عقدت اتفاقيات تسوية مع النظام برعاية روسية، القسم الثاني، وهذا القسم احتفظ بسلاحه الخفيف، من دون دخول النظام إلى مناطقه.

وكانت جهات عدة، قد وجهت أصابع الاتهام إلى "المقاومة الشعبية"، لكن الأخيرة نفت بعد ساعات من التفجير في بيان اطلعت عليه "عربي21" مسؤوليتها عن التفجير.

وأضافت: "نحن سعداء بقصف المدرعة الروسية على الطريق المؤدي إلى مدينة السهوة في درعا، لكن ننفي علاقتنا"، وتابعت: "أعداؤنا هم الروس مع الإيرانيين والنظام الإجرامي وكل من يدعمهم لكننا لا نقبل تبني العمل الذي لم نفعله".

وتابعت بيانها بالإشارة إلى حصولها على معلومات وصفتها بـ"الموثوقة"، تشير إلى وقوف أذرع إيران العسكرية المنتشرة في الجنوب السوري.

وفي معرض تعليقه على حادثة ودلالات استهداف الروس بدرعا، اعتبر المحلل السياسي فواز المفلح، أن الطرف المستفيد الأول من استهداف روسيا، هو إيران ومليشياتها.

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال إن "التفجير رسالة من طهران لموسكو التي تبدو منسجمة مع مطالب الاحتلال الإسرائيلي بإبعاد إيران من جنوب سوريا على الأقل".

وأضاف المفلح، أن "ما جرى في الاجتماع الأمني الثلاثي (الأمريكي، الروسي، الإسرائيلي) الذي عقد الشهر الماضي في القدس المحتلة، أقلق إيران وأزعجها، وهذا ما دفعها إلى أن توجه صفعة صغيرة لروسيا، بهدف القول إن على روسيا إن تدرك أن مهمة إخراجها من الجنوب السوري على وجه الخصوص، ومن سوريا عموما مستحيلة، وأن عليها أن تتحمل النتائج على كامل الجغرافيا السورية، في حال أقدمت فعلا على المضي في هذا المخطط"، كما قال.

ليس من أحد بمأمن

الناطق الرسمي باسم "تجمع أحرار حوران" أبو محمود الحوراني، قال إن "الجنوب السوري يشهد صراعا حقيقيا على النفوذ بين روسيا وإيران"، مضيفا أن "رسائل التفجير تؤكد أن ما من طرف في الجنوب السوري في مأمن".

وطبقا للحوراني، أجرى عدد من الضباط الروس اجتماعا عاجلا بعد حادثة التفجير، وقرروا رفع جاهزية للمليشيات المرتبطة بالقوات الروسية.

من جانب آخر، لم يغلق الحوراني الباب على احتمال وقوف جهات معارضة وراء الاستهداف، وعلّق بقوله: "لم تتوقف الانتهاكات من قبل أجهزة أمن النظام بحق أبناء درعا، ولدينا بعد مضي عام على اتفاق الجنوب ما يزيد على 700 معتقل، إلى جانب الانتهاكات الأخرى، علما بأن روسيا كانت الضامن للاتفاق".

انفجار شعبي بوجه الجميع

ووفق الحوراني، فإن كل هذه الانتهاكات ستؤدي بدون شك إلى انفجار المنطقة بوجه النظام وروسيا وإيران، مرجحاً في الآن ذاته أن تتزايد وتيرة هذه العمليات في الفترة المقبلة.

من جانبه، يبدو واضحا للصحفي عقبة محمد، من درعا، أن العمليات الهجومية ستزداد، مؤكدا أن "العمليات الهجومية مستمرة، ردا على انتهاكات النظام والمليشيات الإيرانية، وتحديدا الاعتقالات".

وأسهمت القبضة الأمنية التي يفرضها النظام في زيادة منسوب التوتر في درعا وريفها، حيث استغلت المليشيات الإيرانية غياب الدور الروسي الضامن لاتفاق الجنوب، لتكثف من حجم تواجدها عسكريا واجتماعيا واقتصاديا.

ومنذ آذار/ مارس الماضي، ومدينة درعا تشهد حالة من الغليان الشعبي، جراء إعادة نصب تمثال للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، في ذات المكان الذي تمت إزالته منه في بداية اندلاع الثورة السورية من قبل متظاهرين، الأمر الذي اعتبره الأهالي عملا استفزازيا، لتتجدد على إثر ذلك التظاهرات السلمية ضد نظام الأسد.

يذكر أن النظام السوري كان قد استعاد السيطرة على درعا في تموز/ يوليو 2018، إثر توقيع اتفاق الجنوب مع فصائل المعارضة برعاية روسية، لكن الاتفاق لا يسمح لقوات النظام بالانتشار في كل المناطق التي شملتها اتفاقات التسوية، باستثناء المؤسسات الحكومية التي عاودت عملها.

التعليقات (0)