فنون منوعة

"الجنة الفلسطينية" يتصدّر الأفلام العربية في مهرجان كان

مدينة كان الفرنسية تستضيف هذا المهرجان السنوي الذي يعقد بين 14 و25 أيار الحالي- جيتي
مدينة كان الفرنسية تستضيف هذا المهرجان السنوي الذي يعقد بين 14 و25 أيار الحالي- جيتي

لا تبدو المشاركة العربية كافية في مهرجان كان الذي افتُتِح الثلاثاء في دورته الـ 72 بعرض فيلم "الموتى لا يموتون" الأميركي المُرعب على طريقة الزومبي للمخرج جيم غارموش، بيد أن اللافت هذا العام، هو إدراج الفيلم الفلسطيني "حتماً إنها الجنة"، للمخرج إيليا سليمان، من بين الأفلام المُختارة للمنافسة على جائزة السعفة الذهبية.

وتستضيف مدينة كان الفرنسية هذا المهرجان السنوي الذي يعقد بين 14 و25 أيار الحالي، حيث تم اختيار 21 فيلماً روائياً طويلاً من أصل 1845 فيلماً، فيما اختير أحد عشر فيلماً قصيراً من بين 4,240 فيلماً، بينها أفلام عربية للعرض الخاص أو من ضمن عروض أخرى تحت عنوان "نظرة معينة" التي تترأس لجنة تحكيمها المخرجة اللبنانية نادين لبكي.


إشكالية الهوية

 
الفيلم العربي الذي استحق بجدارة ترشيحه للمنافسة هو "IT MUST BE HEAVEN"، إذ عوّدنا إيليا سليمان، إبن الناصرة، على أنماط روائية تحكي قصة الوجع الفلسطيني المُزمن بعيداً عن اللغة الحماسية الشعاراتية، وأحياناً بقالب كوميدي طريف.

 

تداعيات الاحتلال على الشخصية المنفصمة ما بين هويتها الأصلية وما بين رضوخها لأمر واقع تم فرضه عليها بالقوة تجعل بطل الفيلم يهرب من فلسطين بحثاً عن وطن بديل، ليجد أن فلسطين تلاحقه أينما حل، تتخطى آثاره، يتحول الوعد بحياة جديدة إلى مواقف ظاهرها قد يكون طريفاً لكن باطنها مؤلم يشبه انسلاخ الجسد الحي من جلده؛ انسلاخ قسري يلاحق سلمان أينما حل في أسفاره، من باريس إلى نيويورك.

 

وهناك شيء يذكره دائمًا بالمنزل، إنه سؤال الهوية والانتماء الذي يمكن أن نلاحظه في معظم أعمال هذا المخرج الحاصل على جوائز عديدة عن أفلامه السينمائية العديدة التي تنقل واقع الاحتلال والتشرد والصمود إلى الشاشة الكبيرة بكل هواجسه وهمومه وأوجاعه. لعل سؤاله الأساسي: "أين هو المكان الذي يمكن أن نسميه حقًا الوطن؟".


الفيلم العربي الآخر المُرشّح للمنافسة، هو "مكتوب محبوبي" للمخرج الفرنسي من أصل تونسي عبد اللطيف كشيش، الذي يتناول قصصا غرامية جريئة، ممزوجة بخيالات وهواجس شبقية.

 

أما فيلم "الفتى أحمد" (THE YOUNG AHMED) فهو فيلم بلجيكي وإن كان موضوعه متعلقا بالعرب والمسلمين. هو عبارة عن شريط روائي مدته 97 دقيقة أخرجه كل من لوك داردين وجان بيير داردين من بلجيكا.

 

ويتناول قصة أحمد الشاب اليافع (13 عاماً)، وأسلوب الحياة المُختلف بين هويته الدينية ونمط الحياة الغربي الذي نشأ في ربوعه. هنا يعيش الصبي ازدواجية ما يسمعه من الإمام في المسجد وما يشهده في الحياة من مغريات. لعل انتشار مصطلح الإسلاموفوبيا وما نتج عنه من تناحر الهويات يدفع الوالدة للخوف على ابنها من الوقوع في براثن المتطرفين.

ضجيج المخيم


فلسطين حاضرة أيضاً في سياق الأفلام المعروضة من خارج المُنافسة، مثل فيلم"AMBIANCE" القصير (45 دقيقة) للمخرج الفلسطيني وسام جعفري، والذي تم عرضه في آذار الماضي في مهرجان "سينما فلسطين" في مدينة تولوز الفرنسية. يحاول صديقان أن يسجلا مقطعاً موسيقيا لحّناه في أحد مخيمات الضفة الغربية، للاشتراك في إحدى المسابقات الفنية، لكن حياتهما في مخيم مكتظ باللاجئين تجعل مهمتهما صعبة، حيث تتداخل أصوات الموسيقى مع أصوات نقاشات العائلة والجيران.

 

بعد ذلك لجأا إلى صديقهما الحلاق لتسجيل اللحن، بيد أن أحد الصبية وهو جالس على كرسي الحلاقة، أسمعهما من جهازه الخلوي عزفاً مختلفاً ينقل كل الأصوات المُتداخلة في المخيم بين الباعة والأطفال والسيارات والعصافير، أي ضجيج المخيم بكافة تفاصيله. عندها يقرران إلغاء مشروعهما الأساسي وتسجيل هذه الضوضاء التي هربوا منها كعمل موسيقي واقعي للمشاركة في المسابقة.


الثورة السورية

 

من فلسطين الى سوريا حيث كان هناك نصيب للثورة وشرح لتفاصيل الحياة المُختفية خلف غبار البراميل المُتفجرة في فيلم "من أجل سما" للصحافية السورية وعد الخطيب (راجع في عدد عربي21 في 16 مايو 2019- تقريرا بعنوان "WP: هكذا ساعدت هذه الأم السورية بكشف جرائم الأسد").

 

توثق المخرجة يوميات الحرب في سوريا، وما تخفيه خلف الدمار من حياة وجمال وحب والكثير من الأحلام التي تم تدميرها. تعيش الأم التي استقبلت ابنتها الجديدة سما حالة قلق دائمة حول مصير هذه الطفلة المجهول، مؤكدة أن ما يجري في بلادها ليس حرباً أهلية، إنما هو ثورة لتغيير الحياة في ظل عدم مبالاة عالمية، هي قصة نضال الصحافية والمرأة والأم وسط حرب لا ترحم أحداً.


أفلام عديدة أخرى على برنامج العرض خلال مهرجان كان، مثل فيلم "آدم" للمخرجة المغربية مريم توزاني (إنتاج فرنسي-بلجيكي-ومغربي)، يحكي قصة عبلة التي تدير مخبزًا متواضعاً من منزلها في الدار البيضاء. سامية الأم العزباء الحامل الآتية من الريف لتربي طفلها، تحل ضيفة على عبلة الأرملة الشابة التي تكافح للعيش مع ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات. لقد فقدت طعم الحياة منذ وفاة زوجها.


في الفيلم الجزائري "بابيشا" لمونية مدور، (إنتاج مشترك فرنسي-جزائري-قطري-بلجيكي)، ترفض نجمة، البالغة من العمر 18 عاماً والمتحمسة لتصميم الأزياء، السماح للأحداث المأساوية في الحرب الأهلية الجزائرية بمنعها من العيش حياة طبيعية والخروج ليلاً مع صديقتها وسيلة. ونظراً لأن المناخ الاجتماعي يصبح أكثر محافظة، فإنها ترفض الحظر الجديد الذي حدده المتطرفون وتقرر الكفاح من أجل حريتها واستقلالها من خلال تقديم عرض للأزياء.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل