مقالات مختارة

التهدئة بين التثبيت.. والوعيد !

هاني حبيب
1300x600
1300x600

«تثبيت الهدوء مقابل تحسين الواقع الإنساني والاقتصادي في قطاع غزة»، هو العنوان الدائم لحراك الوفد الأمني المصري وجهوده المثابرة، التي كانت قد نجحت في لجم التهور الإسرائيلي، ومنعت العدوان من أن يتسع ليتدحرج إلى حرب رابعة إثر التصعيد الأخير بداية الشهر الجاري. يغادر الوفد الأمني المصري لكي يعود إلى غزة بعد اجتماعات مطوّلة مع الجانب الإسرائيلي، هذه المرة في سياق تنفيذ ما تم الاتفاق عليه حول تخفيف الحصار من ناحية، وتركيز كل الجهود لمنع أي تدهور محتمل إثر إحياء الفلسطينيين يوم النكبة في منتصف هذا الشهر، وبينما يرى بعض الأوساط الفلسطينية في قطاع غزة، أن معيار التقدم في تنفيذ التفاهمات يتعلق أولا وقبل كل شيء بسماح إسرائيل بإدخال الأموال القطرية إلى قطاع غزة، في حين ترى أوساط فصائل فلسطينية أن بنود التفاهمات كافة مجتمعة وكرزمة واحدة، هي المعيار لمدى انصياع إسرائيل لتنفيذ التزاماتها السابقة حول تخفيف الحصار «لا يتم هنا الحديث عن كسر الحصار بل تخفيفه».


يوم أمس، انتهت «الأعياد اليهودية» التي كانت مبررا لدولة الاحتلال لتأجيل تنفيذ التفاهمات المتفق عليها، ومن ثم، فإن اليوم الأحد، سيكون الحد الفاصل بين التلكُّؤ الإسرائيلي، والالتزام بما جاء في التفاهمات المعلنة على الأقل من قبل الفصائل الفلسطينية، لذلك كله يتنقل الوفد الأمني المصري، بين قطاع غزة وإسرائيل، لمراقبة مدى احترام الدولة العبرية لتعهداتها. الحراك الأمني المصري يأتي وكما هو الأمر في مرات سابقة، مع تدخل دولي من خلال المبعوث ملادينوف الذي من المفترض أن يصل إلى قطاع غزة، للهدف نفسه، تثبيت التهدئة والتزام إسرائيل بتنفيذ التفاهمات، في ظل التخوف من إشعال المواجهة من جديد في حال استمرار الدولة العبرية في التنصل أو التلكُّؤ في تنفيذ هذه التفاهمات.


إقدام نتنياهو على البدء بتنفيذ الالتزامات حول التفاهمات، باعتبار ذلك من وجهة نظره مصلحة إسرائيلية خالصة، نظرا لكونها أداة من أدوات تعزيز الانقسام الفلسطيني، وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية، وتأكيدا لمقولة «أن لا شريك فلسطينيا» من ناحية، وكذلك، فإن هذه الالتزامات من شأنها توفير الأمن لمستوطنات قطاع غزة، وتهيئة للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد، يمكن من خلالها إجراء مفاوضات مع حركة «حماس» حول إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين المعتقلين لديها.


إلا أن نتنياهو، بالرغم من هذه الرؤية التي تعبر عن سياسة إسرائيلية تجاه قطاع غزة، خلافا لكل ما يقال عن عدم وجود سياسة إسرائيلية تجاه القطاع، يواجه اعتراضات عديدة من داخل حزب «الليكود» الذي يتزعمه، كما من خارجه، خاصة أنه يسعى هذه الأيام لتشكيل حكومته الخامسة، حيث يواجه ابتزاز الأحزاب اليمينية الصغيرة، حول العديد من الملفات من بينها المطالبة باستخدام القوة المسلحة لإخضاع قطاع غزة، كل ذلك في سياق التقاطعات الإسرائيلية الداخلية التي تؤثر بالضرورة على كيفية تنفيذ نتنياهو سياسة حول قطاع غزة.


وزير الحرب السابق، ليبرمان، كان قد قال في أثناء تولّيه هذا المنصب، إن الحرب القادمة على قطاع غزة، ستبدأ من حيث انتهت الحرب الثالثة، ويقصد، قيام إسرائيل بتدمير الأبراج السكنية في القطاع قبل ساعات من نهاية الحرب، سرّب ليبرمان، بالأمس، أن قيام رئيس الأركان الحالي، كوخافي، بتدمير عدة أبراج سكنية في أثناء التصعيد الأخير، دلالة على التزام هذا الأخير بمقولة ليبرمان، الذي قال، أيضا، إنه تم تعيين كوخافي من قبله خلافا لرأي نتنياهو الذي كان قد رشح إيال زمير بديلا عنه، والمقصود هنا، وحسب ليبرمان الذي قال إنه تفاهم، أيضا، مع نتنياهو حول هذه المسألة، إن أية حرب قادمة، ستستهدف المباني والأبراج السكنية للمواطنين المدنيين الفلسطينيين، وقد يعني هذا التسريب أن على الفلسطينيين القبول بما تقدم عليه دولة الاحتلال من تسهيلات قليلة، وإلا فإن الحرب القادمة على الأبواب، وستوجه ضد المواطنين الفلسطينيين، مع إفلاس بنك الأهداف على الساحة الفلسطينية في قطاع غزة!

 

عن صحيفة الأيام الفلسطينية
0
التعليقات (0)