ملفات وتقارير

هل تنجح قوى السودان بتشكيل المجلس السيادي.. وما مهامه؟

عزل الجيش السوداني "عمر البشير" من الرئاسة بعد 3 عقود من حكمه البلاد- جيتي
عزل الجيش السوداني "عمر البشير" من الرئاسة بعد 3 عقود من حكمه البلاد- جيتي

رغم انتهاء الاجتماع بين المجلس العسكري الانتقالي وتجمع "قوى الحرية والتغيير" المعارض بالسودان مساء الاثنين، لتشكيل المجلس السيادي دون التوصل إلى اتفاق، إلا أن القوى السودانية أعلنت عن 24 ساعة إضافية لتقديم مقترحات.


ولا تزال المواقف متباينة في ظل اقتراح قوى "الحرية والتغيير" أن يتضمن المجلس السيادي 8 مدنيين و7 عسكريين، إلا أن الجيش السوداني يُصر على تمثيل المجلس بـ7 عسكريين و3 مدنيين فقط.


وكان مصدر في المعارضة السودانية كشف السبت الماضي، أن قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري اتفقا على تشكيل مجلس رئاسي سيادي لإدارة الفترة الانتقالية، لافتا إلى أن المجلس المقترح يتضمن عسكريين ومدنيين دون تفاصيل إضافية.


وفي وقت سابق السبت، أعلن ممثلون عن "العسكري الانتقالي" وقوى "الحرية والتغيير" تفاؤلهم بإمكانية الوصول إلى تقارب في وجهات النظر بشأن القضايا الخلافية، وأبرزها إشراك المدنيين في مجلس سيادي بالمرحلة المقبلة.

 

استعادة تاريخية


وأمام هذه التطورات، يتصدر تساؤلات عدة بهذا الشأن، أبرزها، ما مدى نجاح القوى السودانية في تشكيل المجلس السيادي؟ وكيف سيكون شكله؟ وهل يتمكن من إدارة المرحلة الانتقالية وصولا لانتخابات نزيهة؟  وما موقف المشاركين في الحراك والأحزاب والمكونات السياسية والمجتمعية من هذا المجلس؟


ويجيب الباحث السوداني أبو بكر حمدي على هذه التساؤلات بالقول إن "هذا التصور استعادة تاريخية لمجلس السيادة الذي تشكل في السودان عقب ثورة أكتوبر 1964، والتي أطاحت برئاسة الفريق عبود حينها، وأتت بإسماعيل الأزهري رئيسا مدنيا لمجلس السيادة".


ويعتقد حمدي في حديث لـ"عربي21" أن "هذا التكرار لنموذج تاريخي غير ملائم للمرحلة الحالية"، موضحا أن الأوضاع الداخلية بالسودان وبالإقليم المحيط، تواجه أزمات وتحديات أمنية تتطلب رئاسة المؤسسة العسكرية والأمنية للقرار السيادي"، وفق تقديره.


ويرى حمدي أن "المنظومة الأمنية ستحافظ على مواقعها في رئاسة المجلس السيادي، مع قبول بمشاركة القوى المدنية وبعض الشخصيات الوطنية المستقلة في عضوية المجلس ببعض المقاعد من باب إرضاء القوى المدنية وامتصاص الحالة الثورية الحالية".

 

اقرأ أيضا: انتهاء اجتماع "العسكري" وقوى معارضة سودانية دون اتفاق


وحول نجاح المجلس السيادي، يقول الباحث السوداني إنه "يتوقف بشكل أساسي على كفاءة الحكومة التنفيذية التي سيتم تشكيلها وقوة الفريق الوزاري والبرنامج الإسعافي"، مبينا أن "الحكومة التنفيذية ومجلس الوزراء هم من سيتعاملون مع الأعباء المورثة من عهد النظام السابق".


ويتابع حمدي قائلا: "الوقت والتشاور الذي بذل حتى الآن في تسمية الشخصيات لرئاسة الوزراء وأعضاء الحكومة التنفيذية، هو جهد يستحق ذلك الوقت المبذول"، مضيفا أن "نجاح المجلس السيادي مرتبط أيضا بمدى قدرته على تحقيق أهداف وشعارات الثورة، والمتمثلة في مكافحة الفساد، ورد الأموال العامة المنهوبة من أعمدة النظام السابق".


ويستكمل رأيه: "كذلك في مدى إمكانية تحقيق العدالة الانتقالية، والقدرة على طي ملف الحرب وإقامة السلام الشامل مع كافة الحركات المسلحة في البلاد، والتأسيس لمؤتمر دستوري جامع يضع الدستور الدائم للجمهورية الجديدة"، لافتا إلى أن "هذه المهام في تحقيق شعارات الثورة وأهدافها ستكون معيارا لقياس نجاح المجلس، مع حالة وعي عام عالية بين الشباب الذين يراقبون أداء كافة الأطراف ومستعدون للتدخل والتصحيح في أي لحظة أثناء عملية الانتقال".

 

المهدد الوحيد


ويشير حمدي إلى أن "المهدد الوحيد لنجاح المجلس السيادي في العبور لمرحلة الانتخابات، هي حالة الاستقطاب السياسي الحادة بين اليمين واليسار، وكذلك شعور إحدى المكونات أنه تم اقصاؤها أو تهميشها، وهو ما يحاول المجلس العسكري تجنبه من خلال اللقاءات التشاورية الموسعة التي يعقدها بشكل يومي مع كافة مكونات المجتمع"، بحسب رأيه.


وينوه إلى أن "هناك بوادر استقطاب ومحاولة اقصاء بعض التيارات ذات الخلفية الإسلامية، وضمها مع حزب المؤتمر الوطني المنحل في بوتقة واحدة، من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير"، مؤكدا أن "هذه القوى ذات الخلفية الإسلامية كانت مشاركة في الحراك الثوري منذ بداياته وقدمت الجرحى والشهداء طوال الأشهر السابقة".


ويستبعد حمدي أن تقبل محاولة اقصاءها أو تهميش دورها أو فرض أجندة لشكل دولة علمانية عليها، معتبرا أن "القوى الإسلامية تقدم تنازلات في سبيل المحافظة على الصف الوطني، في المقابل تعمل القوى اليسارية على تقديم خطاب اقصائي قد يصل لمراحل الاستفزاز وهو وضع مفهوم بعد سنوات من الكبت ومصادرة الحريات".

 

اقرأ أيضا: "تجمع المهنيين" يرد على اتهامات "حميدتي" ويهدد بمليونية


من جهته، يرى الخبير في الشؤون السودانية أسامة الأشقر أن "فرص نجاح الفترة الانتقالية تبدو أكثر من فرص فشلها، لاسيما مع تأكيدات المجلس العسكري الانتقالي على ضرورة نقل السلطة بسرعة إلى حكومة مدنية ورغبته في تقصير المرحلة الانتقالية التي أعلن عنها"، على حد قوله.


ويضيف الأشقر في ورقة بحثية وصلت "عربي21" أنه "في ظل نشاط وفاعلية قوى الحراك الثوري المجتمعي على الأرض، وانفتاح أفق الحوار والتوافق بين المجلس العسكري وقوى الحراك الثوري، وتوفر الاعتراف الدولي بالتغيير الذي جرى؛ فإننا أقرب للنجاح".


ويستدرك الأشقر بقوله: "يبقى الأمر مرهونا بقدرة الفترة الانتقالية على التعامل مع الواقع بروح انتقالية لا انتقامية تنحاز إلى قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، وترفض الإقصاء والعزل والاحتكار، وتنفتح على الجميع بدون تحفظات، وتؤجل الحسم في القضايا الخلافية المفصلية حتى يستعد الشعب ديمقراطيته".


ويتابع قائلا: "الأمر مرتبط أيضا بالنظر للمستقبل من منظار قانوني قيمي وليس من منظار سياسي فكري، لإفساح المجال للقانون ليمارس سلطته بقوة نحو مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وبسط هيبة القانون دون تدخلات سياسية، تحضيرا لانتخابات حرة نزيهة معبرة عن الشعب، لتقديم حلول سريعة للواقع الاقتصادي الصعب، مع إعادة التوازن بالعلاقات مع الأطراف الإقليمية والدولية دون انحيازات مضرة"، وفق تعبيره.


وفي 11 نيسان/ أبريل الجاري، عزل الجيش السوداني "عمر البشير" من الرئاسة، بعد 3 عقود من حكمه البلاد، على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.

التعليقات (2)
عبد الله
الأربعاء، 01-05-2019 09:12 ص
هل صدق الشعب السوداني نفسه أنه خلع البشير كل ما في الحكاية أن بعض القادة غدروا برئيسهم بالوكالة عن جهة ما باستغلال الشعب وعندما فكر الشعب أن يحول الأمر لثورة بحق وحقيقي ستظهر الصورة الحقيقية للحدث .
جويدة
الثلاثاء، 30-04-2019 06:09 م
الباحث ابو بكر حمدى. تشعر و كأنه متحدث باسم العسكر لذلك ارجو من ثوار السودان دراسة كل ما يسمعون و يقرأون بدقة قبل تكوين وجهة نظر ولكم في ثورة مصر وما تالاها خبر مثال . الله يوفقكم اللهم امين