فنون منوعة

"كود أخلاقي".. سلاح لتجميل وجه عسكر مصر بدراما رمضان

فنانون: محاولة التحكم في السوق بقبضة حديدية لا يناسب الأعمال الفنية التي تحتاج إلى الحرية- جيتي
فنانون: محاولة التحكم في السوق بقبضة حديدية لا يناسب الأعمال الفنية التي تحتاج إلى الحرية- جيتي

انتقد فنانون ونقاد وسياسيون مصريون فرض رقابة صارمة من نظام زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي على الأعمال الدرامية التي ستقدم في موسم رمضان المقبل، مؤكدين أن جميع هذه الأعمال "موجهة" بشكل يقتل الإبداع.

 

وقال السيناريست محمد سليمان عبد الملك إن دراما رمضان 2019 تحمل جميع أنواع القيود، مؤكدا أن تأسيس "المجلس الأعلى للإعلام" لجنة الدراما التابعة له في عام 2017 سيزيد من الرقابة على الإبداع.

وأكدت المطربة فيروز كراوية، مديرة مشروع "مرايات" (المعني برصد وتحليل الأعمال الدرامية التي عرضت في موسمي رمضان 2017 و2018)، أن الدولة تتجه إلى استعادة السيطرة الرسمية شبه المطلقة على الإعلام والإنتاج التلفزيوني، عبْر شركات مؤسسة بغرض الاستحواذ على معظم القنوات الفضائية المصرية، وهو ما يعد مؤشراً مقلقاً فيما يتعلق بحرية التعبير.

"كود أخلاقي"

وكانت لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام، قد أصدرت بيانا الثلاثاء الماضي طالبت فيه صناع الدراما في رمضان المقبل بالالتزام بـ "الكود الأخلاقي والمعايير المهنية والآداب العامة".

وتتضمن تلك المعايير عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة التي تشوه أخلاقيات المجتمع، والبعد عن تمجيد الجريمة أو الظواهر الاجتماعية السلبية، وتجنب مشاهد التدخين وتعاطي المخدرات والتوقف عن تجاهل ودهس القانون.

وتلزم المعايير صناع الدراما بالتوقف عن تناول موضوعات تكرس الخرافة والتطرف الديني وتغيب التفكير العلمي، في مقابل تناول موضوعات تمجد رجال المؤسسة العسكرية والشرطة وتعمق مشاعر الإنتماء الوطني.

 

اقرأ أيضا: ملامح دراما رمضان.. غياب الزعيم والشرطة ورانيا وحلا بالحجاب

وبجانب لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام، فما زال جهاز الرقابة على المصنفات الفنية يلعب دوراً مركزياً في السماح بعرض المسلسلات على التلفزيون من عدمه، حيث أصدر هو الآخر ضوابط ألزم صناع الدراما بتبنيها، وأوضح الجهاز أن هناك سبعة محاذير على صناع الدراما التليفزيونية في رمضان تجنبها، وهدد، على لسان رئيسه خالد عبد الجليل، بمنع عرض أي عمل يخالف هذه التعليمات.

وأوضح عبد الجليل، في تصريحات صحفية، أن المحظورات السبعة في الأعمال الدرامية هي: إظهار المناطق الشعبية بصورة عشوائية أو متدنية، ووجود الملاهي الليلية، وظهور رجال الجيش أو الشرطة في صورة سيئة، والترويج للمخدرات، والبلطجة، وتناول السياسة والجنس والدين، وأخيرا مشاهد العري والإثارة.

دراما العسكر

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد كشفت أن نظام السيسي يتجه للتحكم في المسلسلات الدرامية التي تعرض في شهر رمضان بعد أن نجح في إحكام سيطرته على وسائل الإعلام وقمع المعارضة في البلاد.

وأضافت الصحيفة، في تقرير لها قبل أسبوعين، أن عناصر أمنية أبلغوا المخرجين والمنتجين في مصر بضرورة أن تتضمن مسلسلاتهم إشادة بالجيش والشرطة، وتشويها لسمعة جماعة الإخوان المسلمين وتشجيع القيم العائلية ودعوة الشباب للاستماع لتوجيهات الكبار، وهددوا من يخالف تلك القواعد بعدم عرض مسلسله خلال رمضان المقبل. 

ونقلت "نيويورك تايمز" عن الكاتب والدبلوماسي السابق عزالدين شكري فشير، أن الحملة الأخيرة للسيسي على الدراما المصرية، تعكس صورة أخرى من صور الديكتاتورية التي وصلت إليها مصر تحت حكم العسكر. 

 

اقرأ أيضا: NYT: كيف امتدت قبضة السيسي الحديدية لبرامج رمضان؟

مصر ستدفع الثمن


وتعليقا على هذا الموضوع، قال الناقد الفني طارق الشناوي إن مصر ستدفع خلال السنوات المقبلة ثمن ما يحدث الآن في سوق، متوقعا أن تخسر البلاد أحد أهم عناصر قوتها الناعمة في المنطقة العربية.

وأضاف الشناوي في تصريحات لـ "عربي21"، أن محاولة التحكم في السوق بقبضة حديدية لا يناسب الأعمال الفنية التي تحتاج إلى الحرية لنرى إبداعا وفنا راقيا، مشددا على أن ما يعيشه سوق الفن المصري الآن هو احتكار واضح. 

وانتقد أن تكون هناك جهة واحدة تحتكر إنتاج وعرض الأعمال الدرامية، في إشارة لشركة "إعلام المصريين"، مشيرا إلى أن العالم كله يمنع احتكار الفن، وهذا ما حدث في هوليوود في ثلاثينيات القرن الماضي حينما قضت المحكمة العليا الأمريكية بمنع شركات الإنتاج من امتلاك دور العرض السينمائية حتى لا يكون هناك احتكار يدمر صناعة السينما التي تنقل الثقافة والفن الأمريكي للعالم كله.

البدائل كثيرة

واتفقت معه الناقدة الفنية ماجدة خير الله التي توقعت أن يكون موسم رمضان المقبل موسما صعبا، بسبب محاولة المسؤولين تقديم ما يسمونه "الدراما البيضاء" خالية من المحظورات، لكنها في النهاية ستكون دراما بلا طعم ولا لون، ولن يشاهدها أحد بالطبع، وفي النهاية سيلجأ المشاهد لليوتيوب أو القنوات العربية.

وأوضحت خيرالله، في تصريحات لـ "عربي21"، أن عدد الأعمال الدرامية المصرية في تناقص منذ ثلاث سنوات، ففي رمضان 2017 عُرض 30 مسلسلاً، وفي رمضان 2018 عُرض 26 مسلسلاً، أما هذا العام فمن المتوقع عرض 18 مسلسلا فقط، 15 منها من إنتاج شركة "سينيرجي" المملوكة لتامر مرسي رئيس شركة إعلام المصريين، وستعرض على شبكات القنوات الأربع التابعة لها، فيما تعرض قناتا "النهار" و"القاهرة والناس" 3 مسلسلات فقط، بينما توقفت باقي القنوات مثل دريم والمحور وغيرها عن عرض أي مسلسل جديد!

الخبير الإعلامي مجدي مكاوي قال إن شركة "إعلام المصريين" تحتكر القنوات الكبرى، وتتحكم في سوق عرض المسلسلات، لكن المشاهد ذكي ويستطيع التمييز بين الأعمال الصادقة والأعمال الموجهة، ولا يمكن إجباره على مشاهدة شيء لا يريده خاصة في ظل امتلاكه الكثير من البدائل.

وأوضح مكاوي، لـ "عربي21" أن المشاهد إذا شعر أن الدراما المصرية مصطنعة فيمكنه، بسهولة، التوجه إلى قنوات عربية منافسة أو متابعة الدراما التركية والهندية وغيرها، أو حتى مشاهدة ما يريد عبر فضاء الإنترنت اللانهائي.

التعليقات (0)